سلوكيات الوعظ وعجزه عن التغيير
صوت المدينة / فواز ناصـر
أول ما تفتح وعينا كان على واقع وعظي شديد التطرف ، فلا تكاد تجد منبر إلا والوعظ يشكل تمظهراته ؛ فالمسجد يضج بالوعظ الأخلاقي ، والبيت يتنفس الوعظ ، وتذهب للمدرسة على أمل أن تجد بيئة مغايرة ، فإذا بها مكائن لإستنبات الوعظ وتكريسه في عقول النشء.
والكل يوحي لك بأن ليس ثمت طريق غير هذا الطريق ، فلا خيار لك إلا أن تعيش وتتعايش مع هذا الكم الوعظي الهائل الفارغ.
الدنيا هي هكذا ، على هذا النحو ، تنتشر أقوال التقوى والورع بين عامة الناس ، تجدهم في حالة نُصح مستمرة تكاد لا تقف ، حتى خُيل لنا بأننا الوحيدين الذين يملكون قيم الفضيلة ومعايير الإنسانية وبأن الآخرين لا شيء عند مقارنتهم بما نملك !
بل أنك حينما تشاهد السيل الجارف من الوعظ - وبالذات يوم الجمعة - هذا اليوم الذي أصبح يوم الوعظ السعودي !
تعتقد بأن الناس أصبحوا ملائكة تتزاحم على نشر الفضيلة !
لقد أوهم هذا الوعظ الناس بأنه يمتلك الحلول السحرية للخروج من مأزق الإنهيار على كافة مستوياته. أصبح الناس كقطع الشطرنج يحركهم هذا الوعظ ، ويرسم لهم المسارات ، ويخلق لهم الانطباعات ، ويصوغ لهم الروئ ، على كافة مستويات الوعي واللاوعي .
لقد كثف هذا الوعظ دعواته التي ليس لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بواقعه ؛ حتى أغرقوا بها الوجدان العام.
كل المحاولات الوعظية لمعالجة ظواهر القصور داخل المجتمع ، لم تكن سوى معالجات سطحية وتجميلية ، وبالتالي لم تعط مثل تلك المحاولات أي نتائج فعلية أو علمية يمكن أن تغير على أرض الواقع أسلوب التفكير أو العمل والإنتاج داخل مجتمعنا المتأخر علمياً.
وأما على الصعيد الشخصي ، فكنت أشعر حيال هذا الوعظ بشكٍ يستفحل أمره يوماً بعد يوم ، والحق أنني كنت أراه وسيلة للإغواء والتضليل .
لقد إنهار الإيمان بالوعظ لدي ، فلم أعد أؤمن بالفراغ والعته والجنون ، نعم فما يُمارس جنون وليس أي جنون !
لقد نأت بنفسها هذه الدعوات الوعظية عن أرضية الواقع وعن متطلبات النفس البشرية ، وعن فهمها فأصبحت عاجزة عن تغيير واقعها نحو الأفضل ، فتشوهت فكانت قناعاً ونفاقاً ورياءً ، مرضاً وعائقاً وسماً زعاف.
إن الدعوات لتحدث تغييراً في مجتمعٍ ما ، عليها أن تتعدد في دعوتها ، وأن تشمل كافة جوانب الحياة ، كونها تحاول تغيير المجتمع لما هو أكثر إتزاناً مع ما يحيط به.
لا أن تهمل التوصيات الإنسانية الكبرى ، التي تستطيع تغيير ما جريات الحياة الإنسانية كلها؛ فيما لو تم الإنفعال بها كما هو حادث في سياق تلقى الدعوات الوعظية ، لكنها للأسف تبقى مجرد أشياء عابرة على هامش دعواتها ، لا تحظى بأي اهتمام ، وبعيدة كل البعد عن الإهتمام الفكري بها ، فضلا عن التنفيذ والتفعيل.
ولو أمعنا النظر في سلوكيات هذه المواعظ لوجدناها : تكرس الشعور بالذنب ، قبل معرفته ، فضلاً عن إرتكابه.
وليس لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بواقعها . كما أنها لا تجاهد لإنهاء الرذائل الكبرى من المجتمع ، وتحاول تحسين حياة الناس ، بل ما يهمها ويشغل بالها هو ما يحدث للناس بعد الموت.
تنشر ثقافة الموت ، وتقلقها ألوان البهجة. لم تمنع فساداً ولم تُحدث تغييراً.
إذن فالكلام المنمق والمنثور ، والمثالية الإيجابية المبتذلة ، لا تصنع حياةً ، ولا تخلق فكراً ، ولا تنتج رغيف العدل !
لن يتأثر أحداً هكذا ، ويتحول بمجرد الوعظ والكلمة ، ولن تتغير أخلاق الناس وسلوكياتهم بمجرد الإنضمام لعقيدة ما ، أو دين ، أو أيديولوجيا.
لابد أن تلامس هذه المواعظ النفس البشرية ، وأن تتعمق داخلها ، وأن تمنح المجتمع البعد الديني القائم على الوازع الأخلاقي والقانوني على حدٍ سواء ؛ ما يضمن السير نحو التجانس والإنسجام .
أول ما تفتح وعينا كان على واقع وعظي شديد التطرف ، فلا تكاد تجد منبر إلا والوعظ يشكل تمظهراته ؛ فالمسجد يضج بالوعظ الأخلاقي ، والبيت يتنفس الوعظ ، وتذهب للمدرسة على أمل أن تجد بيئة مغايرة ، فإذا بها مكائن لإستنبات الوعظ وتكريسه في عقول النشء.
والكل يوحي لك بأن ليس ثمت طريق غير هذا الطريق ، فلا خيار لك إلا أن تعيش وتتعايش مع هذا الكم الوعظي الهائل الفارغ.
الدنيا هي هكذا ، على هذا النحو ، تنتشر أقوال التقوى والورع بين عامة الناس ، تجدهم في حالة نُصح مستمرة تكاد لا تقف ، حتى خُيل لنا بأننا الوحيدين الذين يملكون قيم الفضيلة ومعايير الإنسانية وبأن الآخرين لا شيء عند مقارنتهم بما نملك !
بل أنك حينما تشاهد السيل الجارف من الوعظ - وبالذات يوم الجمعة - هذا اليوم الذي أصبح يوم الوعظ السعودي !
تعتقد بأن الناس أصبحوا ملائكة تتزاحم على نشر الفضيلة !
لقد أوهم هذا الوعظ الناس بأنه يمتلك الحلول السحرية للخروج من مأزق الإنهيار على كافة مستوياته. أصبح الناس كقطع الشطرنج يحركهم هذا الوعظ ، ويرسم لهم المسارات ، ويخلق لهم الانطباعات ، ويصوغ لهم الروئ ، على كافة مستويات الوعي واللاوعي .
لقد كثف هذا الوعظ دعواته التي ليس لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بواقعه ؛ حتى أغرقوا بها الوجدان العام.
كل المحاولات الوعظية لمعالجة ظواهر القصور داخل المجتمع ، لم تكن سوى معالجات سطحية وتجميلية ، وبالتالي لم تعط مثل تلك المحاولات أي نتائج فعلية أو علمية يمكن أن تغير على أرض الواقع أسلوب التفكير أو العمل والإنتاج داخل مجتمعنا المتأخر علمياً.
وأما على الصعيد الشخصي ، فكنت أشعر حيال هذا الوعظ بشكٍ يستفحل أمره يوماً بعد يوم ، والحق أنني كنت أراه وسيلة للإغواء والتضليل .
لقد إنهار الإيمان بالوعظ لدي ، فلم أعد أؤمن بالفراغ والعته والجنون ، نعم فما يُمارس جنون وليس أي جنون !
لقد نأت بنفسها هذه الدعوات الوعظية عن أرضية الواقع وعن متطلبات النفس البشرية ، وعن فهمها فأصبحت عاجزة عن تغيير واقعها نحو الأفضل ، فتشوهت فكانت قناعاً ونفاقاً ورياءً ، مرضاً وعائقاً وسماً زعاف.
إن الدعوات لتحدث تغييراً في مجتمعٍ ما ، عليها أن تتعدد في دعوتها ، وأن تشمل كافة جوانب الحياة ، كونها تحاول تغيير المجتمع لما هو أكثر إتزاناً مع ما يحيط به.
لا أن تهمل التوصيات الإنسانية الكبرى ، التي تستطيع تغيير ما جريات الحياة الإنسانية كلها؛ فيما لو تم الإنفعال بها كما هو حادث في سياق تلقى الدعوات الوعظية ، لكنها للأسف تبقى مجرد أشياء عابرة على هامش دعواتها ، لا تحظى بأي اهتمام ، وبعيدة كل البعد عن الإهتمام الفكري بها ، فضلا عن التنفيذ والتفعيل.
ولو أمعنا النظر في سلوكيات هذه المواعظ لوجدناها : تكرس الشعور بالذنب ، قبل معرفته ، فضلاً عن إرتكابه.
وليس لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بواقعها . كما أنها لا تجاهد لإنهاء الرذائل الكبرى من المجتمع ، وتحاول تحسين حياة الناس ، بل ما يهمها ويشغل بالها هو ما يحدث للناس بعد الموت.
تنشر ثقافة الموت ، وتقلقها ألوان البهجة. لم تمنع فساداً ولم تُحدث تغييراً.
إذن فالكلام المنمق والمنثور ، والمثالية الإيجابية المبتذلة ، لا تصنع حياةً ، ولا تخلق فكراً ، ولا تنتج رغيف العدل !
لن يتأثر أحداً هكذا ، ويتحول بمجرد الوعظ والكلمة ، ولن تتغير أخلاق الناس وسلوكياتهم بمجرد الإنضمام لعقيدة ما ، أو دين ، أو أيديولوجيا.
لابد أن تلامس هذه المواعظ النفس البشرية ، وأن تتعمق داخلها ، وأن تمنح المجتمع البعد الديني القائم على الوازع الأخلاقي والقانوني على حدٍ سواء ؛ ما يضمن السير نحو التجانس والإنسجام .
مع أن هذا الدين السمح لا يهديك سوى العيش الهانئ المطمئن، والنهاية الآمنة التي يتبعها خلود في الجنة.
تحيتي لك ولقلمك،،،
وأعتذر عن عدم الإنتباه لمداخلتك القيمة ..
*الإلحاد أمره عظيم .. وأسباب تضخمه في المجتمع السعودي المحافظ ( أو الذي كانَ محافظاً ) كانت خامدة ؛ وعند تلاقح الأفكار العالمية مع مجتمع متقوقع على بعضه ؛ بدأ الإنفجار فظهر جلياً وواضحاً ، وكان التعامل معاه في منتهي الغباء !!
وهذا ما حذر منه المفكر د.بكار في أحد كتبه !
*