• ×
الأحد 21 سبتمبر 2025

التعليم مابين الأمس واليوم

بواسطة ليلى العوفي 09-21-2025 10:33 صباحاً 21 زيارات
قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
تبيّن الآية الكريمة مكانة العلم وعلو شأنه منذ أن خلق الله الإنسان.
فالعلم هو الركيزة الأساسية في بناء الأمم والحضارات ونهضتها، وهو المرآة التي تعكس وعي المجتمع.

وإذا ألقينا نظرة متأنية على التعليم بين الأمس واليوم، نجد أننا أمام لوحة متباينة الألوان، فلكل زمن ملامحه وسماته.
التعليم بالأمس كان بسيطًا في مدخلاته لكنه قويٌّ في مخرجاته، عميق الأثر، بُني على أسس صحيحة وقوية. كان المعلم هو المصدر الأساسي للمعرفة، ويقوم الطالب على الجهد والمثابرة والصبر، مما أخرج لنا جيلاً قويًا متمكنًا في العلم والحياة.

أما اليوم، فهناك وفرة في المدخلات، لكن المخرجات قلّت وضعفت. هذه الوفرة لا تنعكس بالضرورة على جودة التعليم، وربما أضعفتها، وتشتت الطالب بين مصادر متعددة بعضها نافع وأكثرها يبعثر جهده ويشتت أفكاره ووقته، مما أدّى إلى قلّة الإبداع الحقيقي لديه.
لم يعد الطالب يبحث عن المعرفة بقدر ما يبحث عن النجاح السريع دون الفهم والإدراك.

ومن هنا تتضح المقارنة الكبيرة بين تعليم الأمس واليوم؛ فبالأمس كان التعليم يصنع جيلاً متمكنًا بالمعرفة رغم قلة الإمكانات، وكان للمعلم هيبته العلمية وحضوره الفكري والثقافي، لأنه يدرك جيدًا أنه يؤدي رسالة مهمة وحقيقية لصناعة مستقبل جيل قوي وناجح، له دور أساسي وكبير في نهضة بلاده ووطنه.
أما اليوم، فنجد التعليم ـ مع كثرة المصادر والوسائل التعليمية الحديثة ـ يعاني من ضعف في المخرجات وتراجع في مستوى الإبداع.

فلم يعد المعلم هو الركيزة الأساسية للمعرفة، فقد سُلبت منه جزءًا كبيرًا من مكانته العلمية لكثرة مصادر المعرفة.
كثرة المهام على المعلم أفقدت التعليم جودته، فأصبح المعلم مشتتًا بكثرة الاستراتيجيات والمهارات المطلوب تنفيذها، مما أهدَر وقته وجهده، فانعكس ذلك على جودة العملية التعليمية وأضعف الأثر الحقيقي للمعرفة.
وتكدست المناهج بالمعلومات وتراجعت القيم التربوية، فأصبح الاهتمام بالكم أكثر من الكيف، وبالتالي قلّت جودة التعليم.

كل هذه التحولات تستدعي وقفة تأمل من الجميع: ما الذي تغيّر؟ وأين تكمن المشكلة؟ وكيف يمكننا استعادة القيم الحقيقية للتعليم ليعود كما كان مصدرًا للإلهام والوعي والبناء؟

لقد تراجع إبداع الطالب بشكل ملحوظ، وأصبح أكثر سطحية لاعتماده على كثرة مصادر المعرفة، مما قلّل لديه قيمة البحث العميق والابتكار.
إن مقارنة التعليم بين الأمس واليوم تكشف لنا أن المشكلة الحقيقية ليست في كثرة مصادر المعرفة والإمكانات أو قلتها، بل في كيفية استثمارها بما يخدم بناء العقول في المجتمع وصناعة جيل مبدع قادر على مواجهة تحديات العصر.

فالتعليم الحقيقي لا يقاس بعدد الوسائل المتاحة ولا بكم المعلومات المقدمة، بل في قدرة الطالب على التفكير والإبداع والابتكار وتطبيق ما تعلمه في حياته.
التعليم الحقيقي أيضًا يُقاس بوعي المعلم وقدرته على إيصال المادة العلمية بطريقة جاذبة تؤثر على الطالب، فيبدع ويُخرج كل ما لديه من مهارات، فكل طالب له احتياجات اجتماعية ونفسية.
فالطالب اليوم هو محور العملية التعليمية وليس مجرد متلقٍ.

التعليم اليوم يواجه الكثير من التحديات، وإذا وُظِّفت الأدوات الحديثة بشكل صحيح وارتبطت بالقيم التربوية الأصيلة، يمكن أن يعود التعليم منارة للوعي وبوابة للنهوض بالمجتمع كما كان في الماضي، بل وأقوى

جديد المقالات

في عالم الإدارة، يعتبر الوقت والموارد رأس المال الحقيقي لأي مؤسسة أو مشروع. فالوقت إذا مضى لا...

أثر التقنية على سوق العمل: وظائف تختفي وأخرى تولد في زمن تسارع فيه الابتكارات بوتيرة غير...

أصبح الذكاء الاصطناعي في مقدمة التحولات التقنية التي أعادت رسم ملامح العصر الرقمي، حيث يقدّم...

‎ ‎"من الإدارة إلى القيادة: كيف تطور أسلوبك لتنجح في إدارة الفريق؟" ‎في عالم الأعمال والمؤسسات،...

في عالم الإدارة، تتباين الأساليب وتختلف المدارس، لكنّ ما يجمع عليه الخبراء أن القيادة الناجحة هي...

أكثر