لعبٌ ..ولهو ..وتفاخر..
صوت المدينة / خليل العواوده
قبل أن أقف على أبواب الثلاثين كُنت بريئاً ، أو ربما بعضُ بريء ، لم أكن أعرف الجوانب المظلمة هذه كلها بالناس ، و التي من المؤكد أنني أملكها بداخلي أيضاً ، ما كُنت أدري أنني علي أن أنكسر كثيراً ، وأن تقف خساراتي كطابور نازحين يمشي بين وادٍ سحيقٍ ووادٍ سحيق ، لأحصل بعد ذلك على حقيقةِ أنني لم أفهم أي حقيقة .
أذكر يا صديقي حينَ كُنت صغيراً ، حوالي في الثانية عشرة من عمري ، أنني ما تخيلتُ النساء كما أعرفهن الآن ، ما كنت أدري حينها أن الجنون كُل الجنون هو محاولة فهم كُل خيوط الحياة ، ومحاولة مسايرة أهواء النساء ، ما كُنت في ذلك العُمر الصغير أملك القدرة على تمييز الأصدقاء وانتقاء المناسب منهم ، كُنا نركض بالحيّ جميعاً بنفس الطريقة ، بنفس الملابس المهترئة عند الركبة ، كُنّا كُلنا نطلق على بعضنا البعض ألقاباً مضحكة ، كُنا حين تمر امرأةً بالشارع أثناء لعبنا الكرة ، نتوقف بخشوع وباحترامٍ لا يشبهه احترامنا للمارة الرجال ، كُنا يا صديقي نعتقد بأن النساء جنسٌ كاملٌ علينا أن نركض طوال حياتنا خلفهن ليرضين عنّا ، ولم أكن أعرف يا صديقي بأني حين أكبر سأفهم ما فهمته حين وقفت على أبواب الثلاثين .
أذكر أنني ظننت أني سأبقى مُدللاً ، ستظل أمي تعد لي طعامي وتضعه أمامي ، وبأني حين أمزق طرف قميصي ستقوم برتقه لي ، وبأني حين أعود من عند " الحلاق " ستعاين أمي قصة شعري وتعيدني إليه إذا لم تعجبها ، أذكر الكثير عن أني سأظل أشكو لها احتياجاتي وتلبيها هي بخفّة فتاة العشرين .
لم أفهم أنني يا صديقي علي بعد فترة من الزمن أن أعمل ، وأن أكسب قوت يومي ، وأن أضع بيد والدي أكثر مما كان يضع هو حين كُنت صغيراً ، كُنت بريئاً جداً ، لدرجة أني كُنت أرى والدي أقوى مخلوقٍ على الأرض ، يردّ عني كُل ما يضايقني إلى الأبد .
مالي يا صديقي أراها هكذا , على الرغم من أنها
( لعبٌ ولهوٌ وتفاخر )
قبل أن أقف على أبواب الثلاثين كُنت بريئاً ، أو ربما بعضُ بريء ، لم أكن أعرف الجوانب المظلمة هذه كلها بالناس ، و التي من المؤكد أنني أملكها بداخلي أيضاً ، ما كُنت أدري أنني علي أن أنكسر كثيراً ، وأن تقف خساراتي كطابور نازحين يمشي بين وادٍ سحيقٍ ووادٍ سحيق ، لأحصل بعد ذلك على حقيقةِ أنني لم أفهم أي حقيقة .
أذكر يا صديقي حينَ كُنت صغيراً ، حوالي في الثانية عشرة من عمري ، أنني ما تخيلتُ النساء كما أعرفهن الآن ، ما كنت أدري حينها أن الجنون كُل الجنون هو محاولة فهم كُل خيوط الحياة ، ومحاولة مسايرة أهواء النساء ، ما كُنت في ذلك العُمر الصغير أملك القدرة على تمييز الأصدقاء وانتقاء المناسب منهم ، كُنا نركض بالحيّ جميعاً بنفس الطريقة ، بنفس الملابس المهترئة عند الركبة ، كُنّا كُلنا نطلق على بعضنا البعض ألقاباً مضحكة ، كُنا حين تمر امرأةً بالشارع أثناء لعبنا الكرة ، نتوقف بخشوع وباحترامٍ لا يشبهه احترامنا للمارة الرجال ، كُنا يا صديقي نعتقد بأن النساء جنسٌ كاملٌ علينا أن نركض طوال حياتنا خلفهن ليرضين عنّا ، ولم أكن أعرف يا صديقي بأني حين أكبر سأفهم ما فهمته حين وقفت على أبواب الثلاثين .
أذكر أنني ظننت أني سأبقى مُدللاً ، ستظل أمي تعد لي طعامي وتضعه أمامي ، وبأني حين أمزق طرف قميصي ستقوم برتقه لي ، وبأني حين أعود من عند " الحلاق " ستعاين أمي قصة شعري وتعيدني إليه إذا لم تعجبها ، أذكر الكثير عن أني سأظل أشكو لها احتياجاتي وتلبيها هي بخفّة فتاة العشرين .
لم أفهم أنني يا صديقي علي بعد فترة من الزمن أن أعمل ، وأن أكسب قوت يومي ، وأن أضع بيد والدي أكثر مما كان يضع هو حين كُنت صغيراً ، كُنت بريئاً جداً ، لدرجة أني كُنت أرى والدي أقوى مخلوقٍ على الأرض ، يردّ عني كُل ما يضايقني إلى الأبد .
مالي يا صديقي أراها هكذا , على الرغم من أنها
( لعبٌ ولهوٌ وتفاخر )