باب ما جاء في الصدقات على الطلاب والطالبات!
في آخر القاعة طالب جامعي ما رأيته يوما إلا متأخرا... إنه يحضر للحضور وكفى، وما ثمة شيء يدفعه للمشاركة أو الاستزادة من العلم، وإذا تيقن من انشغال الأستاذ الذي تتجاذبه الأفكار راح يبعثر هاتفه، ويرى آخر مراسلاته، وإن كان الأستاذ ممن يؤمن جانبه فإن الطالب سينام دونما احترام.
وفي الجامعة يظهر تفاعل من نوع جديد بين الأستاذ وطلابه. إنه لا يذكرني سوى بإيماءات مختص مساج دافئ في بانكوك التايلاندية أغسطس الماضي، حين تقف لغته حائلا أمام تواصلك معه، حيث ترى الطلاب يهزون الرؤوس جملة واحدة، عوضا عن التحدث إيحاء بالفهم.
إنهم لا يسألون ولا يريدون ذلك، وأظن أنهم لا يحبون، وحتى لا أكون مثار غضب فإن القليل منهم يفعل .
وإن من البلايا الكبرى والمصائب العظمى أن يكون تعامل الطلاب مع الأساتذة عبر مجموعات "الواتساب" حيث تنام ولا ينام هاتفك؛ فطالب قد أحياه الله إلى ساعة متأخرة من النوم يسأل الطلاب أو الأستاذ عن شيء ما! وإن كثيرا مما يضحكني ويغذي الوقت الضائع، ذلك الطالب الذي يسأل زملاءه عبر مجموعة واتساب هل حضر الأستاذ؟ والأستاذ قد أشرف على إنهاء محاضرته! وما يضحكني إلا أن يجيبه أحدهم نعم إنه حضر!
والأستاذ يسابق الزمن لإنهاء منهج المقرر، وأمامه وضع الامتحانات، وإيصال المعلومات، ومراقبة الحضور، ورصد الملاحظات، وعضوية لجان، وتنسيق نشاطات وإرشاد أكاديمي وما إلى ذلك، وكل عام يتم تحميله ما لا يطاق مما تشكر الرب القدير أنك لست بأستاذ جامعي .
ويضحكني طالب يرفع يده ليستأذن لقضاء حاجته الفسيولوجية التي في الواقع لا ينبغي الاستئذان لأجلها!
والطالب طيلة الفصل في الجامعة ولكنه "سائح"... إنه يشجع السياحة الداخلية فتجده حول "الكافتريات"، والمقاهي الداخلية، وإذا ما حان وقت المحاضرة دخل وخلد إلى الراحة والنوم إلا قليلا.
وإذا ما انتصف الفصل الدراسي وشارف على النهاية = راح عديد الطلاب يستغيثون ويولولون... يطلبون التحسينات، والصدقات الأكاديمية، فالأقسام مليئة، وإدارات الكليات تغص بالسائلين، فاللهم ارحم من رحم الطلاب!
ولست بعالم دين غير أنني لا أرى في الصدقات الأكاديمية شيئًا؛ فإن مستقبل التعليم قد تغير في الغرب وأميركا نحو التركيز على بناء المهارات لا حشد المعلومات، بغض النظر عن الآليات التقليدية! وقد رافقني في الدراسة زميل كان من أفشل الطلاب وأضعفهم درجات وعلامات، حتى صار مشهورا في الدراسة بالكسل والضعف، وها هو اليوم يعمل في مكتب الأمين العام للأمم المتحدة! فالعلامات والدرجات الضعيفة لم تضعه.
ويا أخي الطالب إني لا أدعوك للضعف والتراخي، بل عليك بالاجتهاد قدر استطاعتك، غير أن ما تدرسه ربما لا تراه في الواقع!
إن الواقع هو الذي يبنيك والمعرفة المستمرة هي التي تجعلك حيا، وما الرزق بالدرجات ولا الشهادة، فلا تقلق، فالجاحظ قال في كتابه البيان والتبيين شيئا عميقا في مسألة الرزق إذ قال :"إن الله وكل الحرمان بالعقل والرزق بالجهل لكي يعلم العاقل أن ليس له من أمر الرزق شيء"
ومن واقعك ترى معالم ذلك فتجد جاهلا سفيها لا يستطيع بناء كلمة واحدة قد آتاه الله ما لا يحصى من الأموال والأرزاق، وقد ترى إماما عالما من أفضل الخلق يعيش حياة الكفاف! وعليك بالاجتهاد وفعل الأسباب، فلا تقلق ولا تخف ؛ والله تعالى يقول مقسما لك :"وفي السماء رزقكم وما توعدون* فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.
*
للتواصل : اتركوا رسالة على العناوين التالية:
موبايل: 966556053319
البريد الإلكتروني:
hichambinmohammed@gmail.com
وفي الجامعة يظهر تفاعل من نوع جديد بين الأستاذ وطلابه. إنه لا يذكرني سوى بإيماءات مختص مساج دافئ في بانكوك التايلاندية أغسطس الماضي، حين تقف لغته حائلا أمام تواصلك معه، حيث ترى الطلاب يهزون الرؤوس جملة واحدة، عوضا عن التحدث إيحاء بالفهم.
إنهم لا يسألون ولا يريدون ذلك، وأظن أنهم لا يحبون، وحتى لا أكون مثار غضب فإن القليل منهم يفعل .
وإن من البلايا الكبرى والمصائب العظمى أن يكون تعامل الطلاب مع الأساتذة عبر مجموعات "الواتساب" حيث تنام ولا ينام هاتفك؛ فطالب قد أحياه الله إلى ساعة متأخرة من النوم يسأل الطلاب أو الأستاذ عن شيء ما! وإن كثيرا مما يضحكني ويغذي الوقت الضائع، ذلك الطالب الذي يسأل زملاءه عبر مجموعة واتساب هل حضر الأستاذ؟ والأستاذ قد أشرف على إنهاء محاضرته! وما يضحكني إلا أن يجيبه أحدهم نعم إنه حضر!
والأستاذ يسابق الزمن لإنهاء منهج المقرر، وأمامه وضع الامتحانات، وإيصال المعلومات، ومراقبة الحضور، ورصد الملاحظات، وعضوية لجان، وتنسيق نشاطات وإرشاد أكاديمي وما إلى ذلك، وكل عام يتم تحميله ما لا يطاق مما تشكر الرب القدير أنك لست بأستاذ جامعي .
ويضحكني طالب يرفع يده ليستأذن لقضاء حاجته الفسيولوجية التي في الواقع لا ينبغي الاستئذان لأجلها!
والطالب طيلة الفصل في الجامعة ولكنه "سائح"... إنه يشجع السياحة الداخلية فتجده حول "الكافتريات"، والمقاهي الداخلية، وإذا ما حان وقت المحاضرة دخل وخلد إلى الراحة والنوم إلا قليلا.
وإذا ما انتصف الفصل الدراسي وشارف على النهاية = راح عديد الطلاب يستغيثون ويولولون... يطلبون التحسينات، والصدقات الأكاديمية، فالأقسام مليئة، وإدارات الكليات تغص بالسائلين، فاللهم ارحم من رحم الطلاب!
ولست بعالم دين غير أنني لا أرى في الصدقات الأكاديمية شيئًا؛ فإن مستقبل التعليم قد تغير في الغرب وأميركا نحو التركيز على بناء المهارات لا حشد المعلومات، بغض النظر عن الآليات التقليدية! وقد رافقني في الدراسة زميل كان من أفشل الطلاب وأضعفهم درجات وعلامات، حتى صار مشهورا في الدراسة بالكسل والضعف، وها هو اليوم يعمل في مكتب الأمين العام للأمم المتحدة! فالعلامات والدرجات الضعيفة لم تضعه.
ويا أخي الطالب إني لا أدعوك للضعف والتراخي، بل عليك بالاجتهاد قدر استطاعتك، غير أن ما تدرسه ربما لا تراه في الواقع!
إن الواقع هو الذي يبنيك والمعرفة المستمرة هي التي تجعلك حيا، وما الرزق بالدرجات ولا الشهادة، فلا تقلق، فالجاحظ قال في كتابه البيان والتبيين شيئا عميقا في مسألة الرزق إذ قال :"إن الله وكل الحرمان بالعقل والرزق بالجهل لكي يعلم العاقل أن ليس له من أمر الرزق شيء"
ومن واقعك ترى معالم ذلك فتجد جاهلا سفيها لا يستطيع بناء كلمة واحدة قد آتاه الله ما لا يحصى من الأموال والأرزاق، وقد ترى إماما عالما من أفضل الخلق يعيش حياة الكفاف! وعليك بالاجتهاد وفعل الأسباب، فلا تقلق ولا تخف ؛ والله تعالى يقول مقسما لك :"وفي السماء رزقكم وما توعدون* فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.
*
للتواصل : اتركوا رسالة على العناوين التالية:
موبايل: 966556053319
البريد الإلكتروني:
hichambinmohammed@gmail.com