هل المجتمع السعودي مُستعّد لاستقبال السُيّاح العالميين؟
الناس في كل مكان أزورهُ في العالم، يسألونني عن المملكة العربية السعودية، وخاصة بعد التحولاّت المتتالية والمتسارعة على كافة الأصعدة، تلك التي أحدثها سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان.
إنّهم في انجذاب نحو التعرّف على البلد الذي ظلّ لعقود يفرضُ قيوداً على السياحة الأجنبية غير الدينية، وفي محركّات البحث الإنجليزية تجد الأسئلة الأولى التي تدورُ في أذهان السائح العالمي حول السعودية :
هل السُيّاح مرحب بهم في المملكة العربية السعودية؟
هل من الآمن زيارة المملكة العربية السعودية؟
هل المملكة العربية السعودية بلد آمن؟
هل يستطيع الأمريكيون زيارة المملكة العربية السعودية؟
*
نتحدّث اليوم عن السياحة والسفر باعتبارها واحدة من أكبر القطاعات الاقتصادية في العالم، حيث
خلق الوظائف، وتحريك الصادرات، وتوليد الرخاء الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل.
ويتزايد الطلب الواسع على قطاع السفر والسياحة، فهي صناعة متجددة لا تنتهي، لأنها مرتبطة بالرغبات البشرية التي لا حدود لها! وقد أظهر القطاع نموًّا ديناميكيًا، حيث يساهم قطاع الخدمات، - خصوصًا السياحة منه - في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 10.4% بقدرة توظيف بشرية هائلة بلغت 313 مليونً وظيفة، بما يعادل 10% من إجمالي العمالة العالمية، وذلك في عام 2017 بحسب إحصائية لمجلس السفر والسياحة العالمي*“WTTC”.
*
وفي إحصائيات قطاع السياحة بالمملكة، فإنه قد بلغ إجمالي مساهمة السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي 240.9 مليار ريال سعودي (64.2 مليار دولار أمريكي)، بنسبة 9.4 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017.
وتمنحنا منظمة السفر والسياحة العالمية توقّعًا مرتفعًا بشأن المملكة، إذ رأت ارتفاعًا في مساهمة القطاع بالناتج المحلي، بقيمة 106.5 مليار دولار، وبإسهام 10.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2028.
*
إننا نتفّهم أن الكثير من هذه الأرقام نَتاج السياحة الدينية "الحج والعمرة" فماذا لو كثّفت حكومة المملكة جهودها نحو فتح باب السياحة العامة والعلاجية والترفيهية والتاريخية على مصراعيه؟ خاصة وأن المملكة تزخر بكثير من الأماكن المُلهمة.
يكرّر سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان في أحاديث كثيرة، سعيه لتحويل المملكة إلى اقتصاد معرفي، متعدد الدخل، لا يُشكّل النفط مستقبله، وثمّة فرص واعدة، وكبيرة للغاية، في قطاع السياحة والخدمات بشكل عام.
قامت الحكومة بمبادرات ومشاريع بهذا الصدد، غير أنها بطيئة التطبيق وفقًا لمتابعاتي، أمّا الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والمعنيّة بتطوير القطاع وفتح آفاقه فكانت موجودة مع وقف التنفيذ! فقد كان أبرز أدوارها التي أحسنت فيها، ضبط مسائل التنظيم والتوطين لمنشآت القطاع، وما عدا ذلك فإن استراتيجتها تُصيبك بالشتات الذهني! ليس ثَمّة وضوح... رجائي وأملي أن يمنح معالي رئيسها الجديد؛ الحياة من جديد لهذه المؤسسة الهامة والمؤثّرة.
*
ثمة سؤال كبير مطروح هو: هل المجتمع السعودي مُستعّد لاستقبال السُيّاح العالميين؟
يتميّز الشعب السعودي عن بقية شعوب المنطقة بالترحيب الشديد للضيف، وعلى الأخص الأجنبي الزائر ، مُبتسم، ومُتعاون، ومُتفهّم، بيدَ أن ثمّة شريحة من المجتمع ترفض فتح باب السياحة الأجنبية الداخلية لغير أغراض المشاعر المقدسة، وباعثُ الرفض لدى هؤلاء قلقُ ديني – اجتماعي.
إنهم يدّعون تأثير السياحة على طبيعة المجتمع، والتأثيرات السلبية للثقافات الوافدة على الفرد والمجتمع، ذلك أن أحد متطلبات السياحة الترفيهية الخمور والجنس وما إلى ذلك، ولهؤلاء وآرائهم فائق الاحترام والتقدير، غير أن المملكة يجب أن تمضي بسرعة مدروسة لتسهيل فتح باب السياحة الداخلية الأجنبية، فإنّ إيجابيات هذه الصناعة تكتسح سلبياتها القليلة، والتي ستحرص الحكومة على ضبط إيقاعها.
إن اندماج ثقافات عديدة داخل المجتمع السعودي سيُعجّل بتحقيق رؤية وفكر الأمير محمد بن سلمان، بضرورة ارتقاء أنماط العيش والتفكير والثقافة وجودة الحياة، إلى مستويات ومقاييس عالمية، وسوف يصنع سُمعة دولية للمملكة كأحد أهم بلدان الجذب السياحي.
*
أطرح هنا أمورًا لا يُمكن نجاح القطاع السياحي دونها مهما كانت الاهتمامات:
- إطلاق بوابة "مرحباً" السعودية الإلكترونية للتأشيرات السياحية لجميع الجنسيات ومنح موافقات فورية دون تعقيدات.
- منح المرونة الكاملة في استقطاب شتى الجنسيات، بما يتلاءم وقواعد العمل الأمني ومسائل الهجرة العالمية.
- التسريع في إنجاز مشاريع البنى التحتية المتعلقة باستقبال السياح، كالمطارات والنقل العام .
- إخضاعُ موظفي "الانطباع الأول" في الصفوف الامامية بالمطارات والمنافذ البرية والبحرية لدورات مُلزمة، للتعامل مع السُياح الأجانب والزوار بشكل عام، واستبدالهم بشكل دوري؛ للتأكّد من خلق "انطباع أولي" يُظهر السعودية بشكلها الحقيقي.
- تدشين أضخم حملة إعلامية وإعلانية عالمية، لاختيار المملكة كوجهة عالمية سياحية جديدة للسياحة الأجنبية بتسهيلات استثنائية.
*
*
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.
للتواصل: اتركوا رسالة على العناوين التالية:
جوال: 966556053319*
البريد الإلكتروني:
hichambinmohammed@gmail.com
إنّهم في انجذاب نحو التعرّف على البلد الذي ظلّ لعقود يفرضُ قيوداً على السياحة الأجنبية غير الدينية، وفي محركّات البحث الإنجليزية تجد الأسئلة الأولى التي تدورُ في أذهان السائح العالمي حول السعودية :
هل السُيّاح مرحب بهم في المملكة العربية السعودية؟
هل من الآمن زيارة المملكة العربية السعودية؟
هل المملكة العربية السعودية بلد آمن؟
هل يستطيع الأمريكيون زيارة المملكة العربية السعودية؟
*
نتحدّث اليوم عن السياحة والسفر باعتبارها واحدة من أكبر القطاعات الاقتصادية في العالم، حيث
خلق الوظائف، وتحريك الصادرات، وتوليد الرخاء الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل.
ويتزايد الطلب الواسع على قطاع السفر والسياحة، فهي صناعة متجددة لا تنتهي، لأنها مرتبطة بالرغبات البشرية التي لا حدود لها! وقد أظهر القطاع نموًّا ديناميكيًا، حيث يساهم قطاع الخدمات، - خصوصًا السياحة منه - في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 10.4% بقدرة توظيف بشرية هائلة بلغت 313 مليونً وظيفة، بما يعادل 10% من إجمالي العمالة العالمية، وذلك في عام 2017 بحسب إحصائية لمجلس السفر والسياحة العالمي*“WTTC”.
*
وفي إحصائيات قطاع السياحة بالمملكة، فإنه قد بلغ إجمالي مساهمة السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي 240.9 مليار ريال سعودي (64.2 مليار دولار أمريكي)، بنسبة 9.4 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017.
وتمنحنا منظمة السفر والسياحة العالمية توقّعًا مرتفعًا بشأن المملكة، إذ رأت ارتفاعًا في مساهمة القطاع بالناتج المحلي، بقيمة 106.5 مليار دولار، وبإسهام 10.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2028.
*
إننا نتفّهم أن الكثير من هذه الأرقام نَتاج السياحة الدينية "الحج والعمرة" فماذا لو كثّفت حكومة المملكة جهودها نحو فتح باب السياحة العامة والعلاجية والترفيهية والتاريخية على مصراعيه؟ خاصة وأن المملكة تزخر بكثير من الأماكن المُلهمة.
يكرّر سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان في أحاديث كثيرة، سعيه لتحويل المملكة إلى اقتصاد معرفي، متعدد الدخل، لا يُشكّل النفط مستقبله، وثمّة فرص واعدة، وكبيرة للغاية، في قطاع السياحة والخدمات بشكل عام.
قامت الحكومة بمبادرات ومشاريع بهذا الصدد، غير أنها بطيئة التطبيق وفقًا لمتابعاتي، أمّا الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والمعنيّة بتطوير القطاع وفتح آفاقه فكانت موجودة مع وقف التنفيذ! فقد كان أبرز أدوارها التي أحسنت فيها، ضبط مسائل التنظيم والتوطين لمنشآت القطاع، وما عدا ذلك فإن استراتيجتها تُصيبك بالشتات الذهني! ليس ثَمّة وضوح... رجائي وأملي أن يمنح معالي رئيسها الجديد؛ الحياة من جديد لهذه المؤسسة الهامة والمؤثّرة.
*
ثمة سؤال كبير مطروح هو: هل المجتمع السعودي مُستعّد لاستقبال السُيّاح العالميين؟
يتميّز الشعب السعودي عن بقية شعوب المنطقة بالترحيب الشديد للضيف، وعلى الأخص الأجنبي الزائر ، مُبتسم، ومُتعاون، ومُتفهّم، بيدَ أن ثمّة شريحة من المجتمع ترفض فتح باب السياحة الأجنبية الداخلية لغير أغراض المشاعر المقدسة، وباعثُ الرفض لدى هؤلاء قلقُ ديني – اجتماعي.
إنهم يدّعون تأثير السياحة على طبيعة المجتمع، والتأثيرات السلبية للثقافات الوافدة على الفرد والمجتمع، ذلك أن أحد متطلبات السياحة الترفيهية الخمور والجنس وما إلى ذلك، ولهؤلاء وآرائهم فائق الاحترام والتقدير، غير أن المملكة يجب أن تمضي بسرعة مدروسة لتسهيل فتح باب السياحة الداخلية الأجنبية، فإنّ إيجابيات هذه الصناعة تكتسح سلبياتها القليلة، والتي ستحرص الحكومة على ضبط إيقاعها.
إن اندماج ثقافات عديدة داخل المجتمع السعودي سيُعجّل بتحقيق رؤية وفكر الأمير محمد بن سلمان، بضرورة ارتقاء أنماط العيش والتفكير والثقافة وجودة الحياة، إلى مستويات ومقاييس عالمية، وسوف يصنع سُمعة دولية للمملكة كأحد أهم بلدان الجذب السياحي.
*
أطرح هنا أمورًا لا يُمكن نجاح القطاع السياحي دونها مهما كانت الاهتمامات:
- إطلاق بوابة "مرحباً" السعودية الإلكترونية للتأشيرات السياحية لجميع الجنسيات ومنح موافقات فورية دون تعقيدات.
- منح المرونة الكاملة في استقطاب شتى الجنسيات، بما يتلاءم وقواعد العمل الأمني ومسائل الهجرة العالمية.
- التسريع في إنجاز مشاريع البنى التحتية المتعلقة باستقبال السياح، كالمطارات والنقل العام .
- إخضاعُ موظفي "الانطباع الأول" في الصفوف الامامية بالمطارات والمنافذ البرية والبحرية لدورات مُلزمة، للتعامل مع السُياح الأجانب والزوار بشكل عام، واستبدالهم بشكل دوري؛ للتأكّد من خلق "انطباع أولي" يُظهر السعودية بشكلها الحقيقي.
- تدشين أضخم حملة إعلامية وإعلانية عالمية، لاختيار المملكة كوجهة عالمية سياحية جديدة للسياحة الأجنبية بتسهيلات استثنائية.
*
*
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.
للتواصل: اتركوا رسالة على العناوين التالية:
جوال: 966556053319*
البريد الإلكتروني:
hichambinmohammed@gmail.com