سيكولوجية أساتذة الجامعات!
دعوني أقدم اعتذاري أولا، لأولئك الذين أرسلوا مشكورين، متسائلين عن مصير المقال الأسبوعي للأسبوع الفارط، أود الاعتذار لكم؛ ذلك أني كنت أقضي عطلة خاصة .
في الجامعة، أستاذ وقع الاجتماع عليه، محبوب، مرغوب، لطيف، رائع، خلوق، ميسر، سهل، أديب، محاور، يتسابق الطلاب للظفر بالتسجيل في مقرراته، ويستبشرون بلقائه كل مرة، وهو الذي إذا التقاهم ما عدهم إلا أبناءه وإخوانه. يقبل العذر المعتبر، ويشيح بنظره عن زلل الطالب، يجلس مع طلابه بصفة المتعلم لا الأستاذ، فتراك في درسه مستمعا ومناقشا ومعلما، رغم أنك طالب! إنه يرى نفسه متعلما، فيرفع الطلاب أيديهم للمشاركة معه. إنهم يتفاعلون بطريقة مفعمة، وإذا ما قال الطالب رأيا وافقه الأستاذ أو ناقشه، وإن اختلف معه اعتبره واحترمه، فتجد عديد الطلاب يعيشون الزهو والسعادة في حصة هذا الأستاذ!
إنه لا يثرب على طالب مسكين لا يملك سيارة قد تأخر عن حصته، بل يرحب به ويتخذ الأعذار من أجله. يجمع بين الجد والهزل في محاضرته لسلب الانتباه وإيقاظ الأفكار. يضرب الأمثلة مثنى وثلاث ورباع، دون كلل وملل، ويمنح الطالب فرصة كبيرة للتعاطي مع معلوماته.
وإذا سأله طالب على باب تخرجه - يشغل فكره أن يتخرج بمعدل عال - إذا سأله عن الدرجات والعلامات بشّ وهشّ، ولان و رقّ، وابتسم وقال بخلق قرآني: لا تخف إنك من الآمنين، الأهم أن تتعلم شيئا جديدا... أن تفهم ما تقرأ، وإذا فهمت فإن الدرجات والعلامات لن تعجزك، بل ستنال ما تريد!
وهذا الأستاذ قلبه مفتوح لطلابه، فهو مشفق عليهم، يحب لهم التعلم والخير. إنه ينميهم كما يربي الأب ابنه، يعطيهم الأمل في الحياة ويشجعهم، فهو قد اشتمل على جميع الأخلاق الفاضلة.
وما من علم دون أخلاق! وإني أتذكر تماما أنني قد اضطررت حين كنت أدرس خارج المملكة للانسحاب من مقرر مهم، ذلك أن أستاذ المقرر كان سيء الخلق بشكل مقزز .
والنبي الأعظم صلى الله عليه و آله وسلم قال لمعاذ قبل أن يعلمه ويوصيه ويفهمه: "يا معاذ والله إني لأحبك ثم أوصيك......إلخ "، والبشر مخلوقات عاطفية لا يمكنك التعامل معها بمعزل عن الأخلاق وحسن المعاملة .
وبسيكولوجية هذا الأستاذ، الزم عزيزي الطالب وعضّ عليه بالنواجذ حتى تنال حريتك من وهم الحصول على شهادة جامعية.
وثمة أستاذ من سيكولوجية مختلفة، سيء السمعة، مكروه، منبوذ، متعجرف، يرى كل الخليقة جهلاء عداه! وإذا ما دخل القاعة غشت الكآبة طلابه، وإن بالغت قلت: إنه يحبس الأنفاس ولكأنّك في مأتم!
يتحدث طيلة حصته، ولا يسمح لأحد بمقاطعته، أو مشاركته أو معارضته أو استفهامه. إنه يرى أن الطالب محض نكرة، وأن عليه تعريف هذه النكرة.
وإذا ما رفعت يدك لتسأله، سألك عن اسمك ليضعك في قائمة سوداء. إنه يشعر بالنقص، ولا يغذي نقصه سوى عنجهيته على ثلة من طلابه المساكين.
يمنحك معلومة الخمس دقائق في ساعة كاملة بالمط المتصل، ويا لهف قلبي على الطلاب الذين ابتلاهم الله به، فإن في الجامعة ابتلاءات!
وفي الدرجات والعلامات إجحاف وسوء تدبير، فهو غير مفهوم حتى في تكليفاته وأبحاثه؛ وإذا ما ناقشته حول درجتك أو علامتك تجهم وجهه ولم تنل سوى الخيبة منه.
ممل، وكل محاضراته واحدة! يجلس على كرسيه، فيتحدث إليك بلغة أفلاطون وأرسطو وقد خوى من أخلاقهما العظيمة. مثل هذا مكانه في سلك العمل الإداري، أو التقاعد المبكر، أو إعادة التأهيل من جديد.
وعن هذا الأستاذ، عزيزي الطالب عليك بالصلاة للرب كل يوم أن يبعده عن مسيرة دراستك، وإذا ما سقطت بيده، فاهرب منه واحذف مقرره دون رأي أو مشاورة.
وفي الجامعة أستاذ هو بين بين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، قد أمسك بالعصا من وسطها، فهو ليس بالسهل وما هو بالصعب، وهذا يمكنك التعامل معه بحذر.
وأما على الصعيد النفسي فثم الكثير من الأمزجة المتنوعة، وما على الطالب سوى اظهار الاحترام والانضباط في شتى الأحوال.
وكم يشمئز قلبي من ذلك الأستاذ الذي يعيش في عليائه غير مكترث لطلابه، فهو يطالبهم بالتكليف خلف التكليف وشراء الكتب والمراجع الباهظة، وما يدري أن طلابا كثر يقترضون أجر إيصالهم للجامعة!
وفي سيكولوجية أساتذة الجامعات حديث لم ينتهي بعد، غير أن زاوية المقال تؤزني أزًّا لختمه.
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.
للتواصل: اتركوا رسالة على العناوين التالية:
جوال: 966556053319*
البريد الإلكتروني:
hichambinmohammed@gmail.com
في الجامعة، أستاذ وقع الاجتماع عليه، محبوب، مرغوب، لطيف، رائع، خلوق، ميسر، سهل، أديب، محاور، يتسابق الطلاب للظفر بالتسجيل في مقرراته، ويستبشرون بلقائه كل مرة، وهو الذي إذا التقاهم ما عدهم إلا أبناءه وإخوانه. يقبل العذر المعتبر، ويشيح بنظره عن زلل الطالب، يجلس مع طلابه بصفة المتعلم لا الأستاذ، فتراك في درسه مستمعا ومناقشا ومعلما، رغم أنك طالب! إنه يرى نفسه متعلما، فيرفع الطلاب أيديهم للمشاركة معه. إنهم يتفاعلون بطريقة مفعمة، وإذا ما قال الطالب رأيا وافقه الأستاذ أو ناقشه، وإن اختلف معه اعتبره واحترمه، فتجد عديد الطلاب يعيشون الزهو والسعادة في حصة هذا الأستاذ!
إنه لا يثرب على طالب مسكين لا يملك سيارة قد تأخر عن حصته، بل يرحب به ويتخذ الأعذار من أجله. يجمع بين الجد والهزل في محاضرته لسلب الانتباه وإيقاظ الأفكار. يضرب الأمثلة مثنى وثلاث ورباع، دون كلل وملل، ويمنح الطالب فرصة كبيرة للتعاطي مع معلوماته.
وإذا سأله طالب على باب تخرجه - يشغل فكره أن يتخرج بمعدل عال - إذا سأله عن الدرجات والعلامات بشّ وهشّ، ولان و رقّ، وابتسم وقال بخلق قرآني: لا تخف إنك من الآمنين، الأهم أن تتعلم شيئا جديدا... أن تفهم ما تقرأ، وإذا فهمت فإن الدرجات والعلامات لن تعجزك، بل ستنال ما تريد!
وهذا الأستاذ قلبه مفتوح لطلابه، فهو مشفق عليهم، يحب لهم التعلم والخير. إنه ينميهم كما يربي الأب ابنه، يعطيهم الأمل في الحياة ويشجعهم، فهو قد اشتمل على جميع الأخلاق الفاضلة.
وما من علم دون أخلاق! وإني أتذكر تماما أنني قد اضطررت حين كنت أدرس خارج المملكة للانسحاب من مقرر مهم، ذلك أن أستاذ المقرر كان سيء الخلق بشكل مقزز .
والنبي الأعظم صلى الله عليه و آله وسلم قال لمعاذ قبل أن يعلمه ويوصيه ويفهمه: "يا معاذ والله إني لأحبك ثم أوصيك......إلخ "، والبشر مخلوقات عاطفية لا يمكنك التعامل معها بمعزل عن الأخلاق وحسن المعاملة .
وبسيكولوجية هذا الأستاذ، الزم عزيزي الطالب وعضّ عليه بالنواجذ حتى تنال حريتك من وهم الحصول على شهادة جامعية.
وثمة أستاذ من سيكولوجية مختلفة، سيء السمعة، مكروه، منبوذ، متعجرف، يرى كل الخليقة جهلاء عداه! وإذا ما دخل القاعة غشت الكآبة طلابه، وإن بالغت قلت: إنه يحبس الأنفاس ولكأنّك في مأتم!
يتحدث طيلة حصته، ولا يسمح لأحد بمقاطعته، أو مشاركته أو معارضته أو استفهامه. إنه يرى أن الطالب محض نكرة، وأن عليه تعريف هذه النكرة.
وإذا ما رفعت يدك لتسأله، سألك عن اسمك ليضعك في قائمة سوداء. إنه يشعر بالنقص، ولا يغذي نقصه سوى عنجهيته على ثلة من طلابه المساكين.
يمنحك معلومة الخمس دقائق في ساعة كاملة بالمط المتصل، ويا لهف قلبي على الطلاب الذين ابتلاهم الله به، فإن في الجامعة ابتلاءات!
وفي الدرجات والعلامات إجحاف وسوء تدبير، فهو غير مفهوم حتى في تكليفاته وأبحاثه؛ وإذا ما ناقشته حول درجتك أو علامتك تجهم وجهه ولم تنل سوى الخيبة منه.
ممل، وكل محاضراته واحدة! يجلس على كرسيه، فيتحدث إليك بلغة أفلاطون وأرسطو وقد خوى من أخلاقهما العظيمة. مثل هذا مكانه في سلك العمل الإداري، أو التقاعد المبكر، أو إعادة التأهيل من جديد.
وعن هذا الأستاذ، عزيزي الطالب عليك بالصلاة للرب كل يوم أن يبعده عن مسيرة دراستك، وإذا ما سقطت بيده، فاهرب منه واحذف مقرره دون رأي أو مشاورة.
وفي الجامعة أستاذ هو بين بين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، قد أمسك بالعصا من وسطها، فهو ليس بالسهل وما هو بالصعب، وهذا يمكنك التعامل معه بحذر.
وأما على الصعيد النفسي فثم الكثير من الأمزجة المتنوعة، وما على الطالب سوى اظهار الاحترام والانضباط في شتى الأحوال.
وكم يشمئز قلبي من ذلك الأستاذ الذي يعيش في عليائه غير مكترث لطلابه، فهو يطالبهم بالتكليف خلف التكليف وشراء الكتب والمراجع الباهظة، وما يدري أن طلابا كثر يقترضون أجر إيصالهم للجامعة!
وفي سيكولوجية أساتذة الجامعات حديث لم ينتهي بعد، غير أن زاوية المقال تؤزني أزًّا لختمه.
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.
للتواصل: اتركوا رسالة على العناوين التالية:
جوال: 966556053319*
البريد الإلكتروني:
hichambinmohammed@gmail.com