• ×
السبت 23 أغسطس 2025

حزينٌ في عمر العشرين!

بواسطة الكاتب : هشام محمد الحميد 12-05-2018 02:10 مساءً 946 زيارات
صاحبنا كئيب، لا يضحك كثيرًا، وابتسامته متجهمة، وعند الجلوس معه تراه قد ابتعد بفكره عنك، فلا يتحدث ولا يشارك، قد حمل هموم دنياه وآخرته في آن واحد!
إن صاحبنا مهمته خلق المشكلات وبناء الأوهام والتصورات الخاطئة؛ فلا يمكنه العيش دون التفكير بأنه في مشكلة، ولا بد من إيجاد مشكلة ما لتجعله متيقظا للكآبة والحزن.
لا يفرح ولا يزهو ولا يمرح، قد ختم الهم المزعوم والغم المصنوع على قلبه فأفسده، فلا يرى السكر إلا ملحا، والعافية إلا مرضا، حتى الجمال عنده ما هو إلا حسد وعين!

لقد أصبح من كبار صناع الغم والهم.. لا القليل يعجبه، ولا الكثير يقنعه، ولا أُنس الحياة يُسعده..
إنه كائن لا تستطيع مرافقته ولا السفر معه ولا البقاء إلى جانبه.
مملٌّ، متململ، غاضب، منفعل، غير متخلق، مستفز، متأفف، وهلما جرى..
وفي حياتنا هذه قد نلتقي بمثله، فما أسوأ حظوظنا وما أصعب فرصنا معه وما أتعس اللحظات!

والمقصود من جميع ذلك أن أنفسنا قد جبلها الرب على أشياء كثيرة، وعلينا أن نحرص على التقييم الدائم لأفعالنا وأقوالنا، كي تتسق والحياة التي نعيشها.

إن كان ثمة ما يدعونا للحزن والتفكير فإن ما يدعونا للتأمل والسعادة كثير لا حصر له، وأينما تلمست السعادة وجدتها، فقد تكون في فنجان قهوتك مع والدتك، أو سفر مع زوجتك أو ابنك، أو لقاء أصدقائك، ولقد خلقنا الله وهيّأنا بنفسه لمختلف الظروف، كي نقاومها ونتعامل معها، وعليك أن تتذكر أن كل شيء سيمضي وسيرحل، وما كنت تتصوره همًّا عظيما كئيبا؛ ستضحك صبيحة الغد على ضعف بصيرتك وسذاجة رؤيتك أن جعلته همًّا.

ما من إنسان إلا وقد يعرض له شيء من متطلبات الحياة وأحزانها، غير أن الذي فهم الحياة يختلف في تعاطيه مع واقعه، ومن البشر من يصمد لألف مشكلة، ومنهم من يسقط في الدرجة الأولى والصدمة الأولى، وبين هذا وذاك نرجو الله ونسأله دوام العافية والسلامة.

إنّ جمال الحياة فيما ظهر لي يتوقف على شيء عزيز جدًّا، وهو القناعة الصادرة عن علم وفهم وعدم الفضول الواسع، فمن اكتسب ذلك كان من رواد أسرار الحياة ومفاتيح السلام، وما من سعادة مطلقة في الدنيا، وفي ظني أن كل شيء دنيوي هو نسبي، وعلى هذا يقع الكثير منا إذ تختلف الأفهام.

على الشاب الذي في العشرين من عمره وهو حزين كئيب أن لا يحمل نفسه ما لا يطيق، وليعش واقعه ولا يرتحل لواقع أناس آخرين فيرى نِعمَ القديرِ عليه نِقمًا، وإني قد سافرتُ كثيرًا وارتحلت وزرت بلدان كثيرة، فما رأيت سعادة ولا نعمة ولا لطفا أعز وأعظم من صحة البدن وراحة البال وطمأنينة القلب، حتى وإن كان المرء فقير اليد والبنان.

جديد المقالات

أصبح الذكاء الاصطناعي في مقدمة التحولات التقنية التي أعادت رسم ملامح العصر الرقمي، حيث يقدّم...

‎ ‎"من الإدارة إلى القيادة: كيف تطور أسلوبك لتنجح في إدارة الفريق؟" ‎في عالم الأعمال والمؤسسات،...

في عالم الإدارة، تتباين الأساليب وتختلف المدارس، لكنّ ما يجمع عليه الخبراء أن القيادة الناجحة هي...

الأخلاق.. السلاح الأول وقيمة الإنسان العليا الأخلاق هي السلاح الأول الذي نتعامل به مع القريب...

بمناسبة معرض الكتاب بالمدينة المنورة " افتحوا الأبواب ، فقد حضر الكتاب " يا حامل الأقلام...

أكثر