عبودية الوظيفة.. حرر نفسك مبكرا!
هشام محمد الحميد - صوت المدينة
حياة بائسة تلك التي ترتعد فيها فرائصك لآلة المنبه صباحًا، حيث تلزمك للاستيقاظ والذهاب إلى المكتب أو العمل؛ إنه روتين قاتل، يجعلك أسيرًا لدى رئيس عملك، ومقيدًا بأدوات وظيفتك. جمود الأموات يخيم على أفكارك وأنشطتك وحياتك!
ويمضي بك العمر أيها المسكين وأنت رهين مكتب وديع مسجون في زنازين لا تراها؛ لا حظ لك من عيش الحياة العظيمة الرائعة ولا اقتناص الفرص الضائعة !
لا شيء جديد يدخل إلى حياتك، حتى كلماتك معتادة ومحفوظة. برنامجك لا يتغير، وثمّة أوراق مكتظة على طاولة مكتبك، ورئيس يتفقدك كل الوقت، وزملاء غرقى في عبودية الوظيفة المقيتة، يهنئ بعضهم بعضا بحصول أحدهم على عطلة رسمية أو ترقية؛ رق عظمه وشاب رأسه ليستحقها!
أهذه هي الحياة التي تتمناها لنفسك؟ أسأل نفسك!
لأول مرة التقيت فيها معالي وزير الثقافة و الإعلام السعودي الأسبق، الدكتور محمد عبده يماني -قدس الله روحه ورحمه الله تعالى- قبل بضع سنوات في مصر، كانت أول نصيحة أتلقاها منه: "لا ترهن نفسك إلى وظيفة ما لسنوات طويلة من العمر فإن الرزق ليس حصرا في الوظيفة ثمة ما هو أكثر قيمة".
مهلًا أيها القراء الأعزاء، فلست أدعو الناس لترك وظائفهم، وإنما أدعوهم للتأمل والتفكر فيما هم فيه وما هم مقبلون عليه! ومن حزين الأقدار أن نكون أسارى الوظيفة أحيانا رغما عن قناعاتنا وذلك لأمور المال والإلتزامات.
أيها القارئ: اصنع مشروعا وإن كان صغيرا يغنيك ويكفيك وعش حرا، وعزز مفهوم القناعة في قلبك وعقلك. سافر كثيرا.. تعرف على ثقافات البشر الآخرين.. لا تضع عمرك في وظائف "الأداء" التي لا تكون فيها مبدعا أو مفكرا كالوظائف الحكومية وغيرها.
لقد كنت في وظيفة حكومية مرموقة، قبل مجيئي إلى المملكة، فما أشد فرحي بالتخلص منها وما أعظم سعادتي بالتنصل من قيودها. كانت عبئًا عظيمًا.. حياة روتينية.. مكتب مليء بالخطابات والملفات، واجتماعات لا تنتهي، ونقاشات لا تنقضي.. أفكار مقيدة، ووقت ثمين يمضي.
وقد صدق فلاسفة اليونان حين قالوا في غير موضع: "إن العادة السيئة موت معجّل" ومن اعتاد روتين الوظيفة سوف يعي ما أذكره جيّدًا .
إن شباب الغرب يصنع بيده المستقبل، فيبادر لعمل حر، وإن كثيرًا ممن التقيتهم يرفضون العمل في الوظيفة التقليدية الروتينية، وذلك لتحقيق أهدافهم الأخرى في الحياة .
و ما أسفي وحزني إلا على أبناء جيلنا الجديد، من الطلاب الذين يجعلون الوظيفة الغاية العظمى، والهدف الأقصى لآمالهم، وإن من الحكايات المضحكة أن ترى شابا سعوديا، دخل إلى مطعم صغير، بعد عناء مناوبة عمل شاقة في فندق ما، وبراتب لا يتجاوز الأربعة آلاف، فيراه الناس رائع الهندام، طويل القامة، وعلى جيبه الأمامي قلم من شركة باركر الفرنسية، وحذاء أسود من غوتشي الإيطالية، وبيده جهاز آيفون اكس اس ماكس ذهبي، وعطر بلو دو شانيل، لا يكاد أنفك يخطئ رائحته حيثما يضعه هذا الشاب.. لقد جاء إلى المطعم ليطلب وجبة سريعة، وحين رحل مزهوًا بهندامه ومظهره، همس في أذني بابتسامة عميقة صاحب المطعم الذي جاء من بلاد بعيدة بل من أقاصي جنوب آسيا قائلا:" انظر إلى هذا الشاب ينتظر راتبا يأتيه لا يتجاوز الأربعة آلاف كل شهر وما ينتصف الشهر في مطعمي إلا وقد ربحت ضعف ما يأخذه ثلاث مرات "
كان ذلك موقفا عجيبا، فكم نظلم أنفسنا وقدراتنا ومهاراتنا وحياتنا حين نرتهن لوظيفة ما ونضع كل أمنياتنا فيها؟ كم نضيع من الوقت دونما فائدة إلا السعي وراء الرزق المضمون الذي هو شربة ماء في آخر الشهر لا تروي الحاجات ولا تقطع ظمأ الإلتزامات؟!
كلما تحررت من رق الوظيفة مبكرا، كانت فرصتك أكبر في الحصول على حياة أسعد، وكنت كنت أقرب لأمنياتك.. لأهدافك.. لحياتك الطبيعية .
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.
حياة بائسة تلك التي ترتعد فيها فرائصك لآلة المنبه صباحًا، حيث تلزمك للاستيقاظ والذهاب إلى المكتب أو العمل؛ إنه روتين قاتل، يجعلك أسيرًا لدى رئيس عملك، ومقيدًا بأدوات وظيفتك. جمود الأموات يخيم على أفكارك وأنشطتك وحياتك!
ويمضي بك العمر أيها المسكين وأنت رهين مكتب وديع مسجون في زنازين لا تراها؛ لا حظ لك من عيش الحياة العظيمة الرائعة ولا اقتناص الفرص الضائعة !
لا شيء جديد يدخل إلى حياتك، حتى كلماتك معتادة ومحفوظة. برنامجك لا يتغير، وثمّة أوراق مكتظة على طاولة مكتبك، ورئيس يتفقدك كل الوقت، وزملاء غرقى في عبودية الوظيفة المقيتة، يهنئ بعضهم بعضا بحصول أحدهم على عطلة رسمية أو ترقية؛ رق عظمه وشاب رأسه ليستحقها!
أهذه هي الحياة التي تتمناها لنفسك؟ أسأل نفسك!
لأول مرة التقيت فيها معالي وزير الثقافة و الإعلام السعودي الأسبق، الدكتور محمد عبده يماني -قدس الله روحه ورحمه الله تعالى- قبل بضع سنوات في مصر، كانت أول نصيحة أتلقاها منه: "لا ترهن نفسك إلى وظيفة ما لسنوات طويلة من العمر فإن الرزق ليس حصرا في الوظيفة ثمة ما هو أكثر قيمة".
مهلًا أيها القراء الأعزاء، فلست أدعو الناس لترك وظائفهم، وإنما أدعوهم للتأمل والتفكر فيما هم فيه وما هم مقبلون عليه! ومن حزين الأقدار أن نكون أسارى الوظيفة أحيانا رغما عن قناعاتنا وذلك لأمور المال والإلتزامات.
أيها القارئ: اصنع مشروعا وإن كان صغيرا يغنيك ويكفيك وعش حرا، وعزز مفهوم القناعة في قلبك وعقلك. سافر كثيرا.. تعرف على ثقافات البشر الآخرين.. لا تضع عمرك في وظائف "الأداء" التي لا تكون فيها مبدعا أو مفكرا كالوظائف الحكومية وغيرها.
لقد كنت في وظيفة حكومية مرموقة، قبل مجيئي إلى المملكة، فما أشد فرحي بالتخلص منها وما أعظم سعادتي بالتنصل من قيودها. كانت عبئًا عظيمًا.. حياة روتينية.. مكتب مليء بالخطابات والملفات، واجتماعات لا تنتهي، ونقاشات لا تنقضي.. أفكار مقيدة، ووقت ثمين يمضي.
وقد صدق فلاسفة اليونان حين قالوا في غير موضع: "إن العادة السيئة موت معجّل" ومن اعتاد روتين الوظيفة سوف يعي ما أذكره جيّدًا .
إن شباب الغرب يصنع بيده المستقبل، فيبادر لعمل حر، وإن كثيرًا ممن التقيتهم يرفضون العمل في الوظيفة التقليدية الروتينية، وذلك لتحقيق أهدافهم الأخرى في الحياة .
و ما أسفي وحزني إلا على أبناء جيلنا الجديد، من الطلاب الذين يجعلون الوظيفة الغاية العظمى، والهدف الأقصى لآمالهم، وإن من الحكايات المضحكة أن ترى شابا سعوديا، دخل إلى مطعم صغير، بعد عناء مناوبة عمل شاقة في فندق ما، وبراتب لا يتجاوز الأربعة آلاف، فيراه الناس رائع الهندام، طويل القامة، وعلى جيبه الأمامي قلم من شركة باركر الفرنسية، وحذاء أسود من غوتشي الإيطالية، وبيده جهاز آيفون اكس اس ماكس ذهبي، وعطر بلو دو شانيل، لا يكاد أنفك يخطئ رائحته حيثما يضعه هذا الشاب.. لقد جاء إلى المطعم ليطلب وجبة سريعة، وحين رحل مزهوًا بهندامه ومظهره، همس في أذني بابتسامة عميقة صاحب المطعم الذي جاء من بلاد بعيدة بل من أقاصي جنوب آسيا قائلا:" انظر إلى هذا الشاب ينتظر راتبا يأتيه لا يتجاوز الأربعة آلاف كل شهر وما ينتصف الشهر في مطعمي إلا وقد ربحت ضعف ما يأخذه ثلاث مرات "
كان ذلك موقفا عجيبا، فكم نظلم أنفسنا وقدراتنا ومهاراتنا وحياتنا حين نرتهن لوظيفة ما ونضع كل أمنياتنا فيها؟ كم نضيع من الوقت دونما فائدة إلا السعي وراء الرزق المضمون الذي هو شربة ماء في آخر الشهر لا تروي الحاجات ولا تقطع ظمأ الإلتزامات؟!
كلما تحررت من رق الوظيفة مبكرا، كانت فرصتك أكبر في الحصول على حياة أسعد، وكنت كنت أقرب لأمنياتك.. لأهدافك.. لحياتك الطبيعية .
ألقاكم الثلاثاء المقبل في ذات اليوم والتوقيت.