السعودية للسعوديين
السعودية للسعوديين
انتهج ترامب سياسة مناسبة للولايات المتحدة الامريكية ، بدءًا من محاولة إعادة اقتصاد امريكا إلى الاقتصاد الصناعي ، وخلق فرص عمل أكثر ، مما يؤدي إلى خفض في معدل البطالة ، وذلك بفرض ضرائب عالية على الواردات الصناعية كما رأينا في حالة تيوتا مثلًا ، والتي أعلنت بعد ذلك برغبتها في انشاء مصنع لها داخل الأراضي الامريكية ، ثم محاولة إحلال الأمريكيين محل المكسيكيين في الوظائف المستخدمة الأمريكية وغيرها ، كل ذلك كان مغلفاً بدعوى قومية متطرفه عنوانها "امريكا للأمريكين".
وهي سياسة اقتصادية جيدة للولايات المتحدة -بصرف النظر عن قومية الدعوى وتطرفها- تحمي منتجاتها وتخلق فائضاً أكبر في ميزانها التجاري ، وتخفض نسبة البطالة لديها ، وذلك لعدة أسباب ، سأذكر بعضاً منها كما يلي :
1. يعتبر اقتصاد أمريكا إقتصاد رأسمالي وضعي ، ويعتمد في معاييره على معيار المعاوضة ، أو ما يسمى بقوى السوق.
2. تعتبر مخرجات التعليم الأمريكي من أفضل المخرجات التي تواكب متطلبات سوق العمل الأمريكي.
3. تؤمن النظم الاقتصادية الوضعية بمحدودية الموارد.
4. تعتمد النظم الاقتصادية الوضعية في وسائلها لتوزيع الثروة على الوسائل المتغيرة فقط ، مثل الضرائب.
وقياساً على ما سبق فإن المطالبة بإستبعاد المكسيكيين وغيرهم من الوافدين على امريكا وإحلال الأمريكين محلهم هي مطالبة صحيحة وسليمة اقتصادياً ، بصرف النظر عن عنصريتها أو قوميتها المتطرفة مجدداً.
ولكن أن يدعونا هذا إلى الإعجاب بترامب ، والمطالبة بمثل ما طالب به ، ناهجين نفس النهج القومي المتطرف ، مطلقين نفس الدعوى النتنة ومن اقتصاديين كبار ، فهذا مايدعونا حقاْ للعجب والإستغراب .
لن أتحدث عن مدى عنصرية ونتانة هذه الدعوى القومية المتطرفة ، ولن أتحدث عن التبعية والخنوع في هذا المسلك ، بل سأتحدث بلغة اقتصادية بحته مطلقاً عدة تساؤلات:
1. هل وصل اقتصادنا لمرحلة النضج الاقتصادي الحر؟
2. هل مخرجات التعليم لدينا قادرة على مواكبة متطلبات سوق العمل؟
3. هل ثقافة العمل والثقافة العمالية لدينا هي ثقافة عالية؟
4. هل البيئة الاستثمارية لدينا وتحديداً الصناعية منها مهيئة ومكتملة؟
لا أعتقد أن الجواب المنطقي والواقعي لأياً من الأسئلة الماضية سيكون بنعم.
لذلك فإن المطالبة بمثل هذه المطالبات ، وإطلاق مثل تلك الدعوى البغيضة ستخلق أضراراً اقتصادية أكبر من خلقها للمنافع ، وستحدث فجوة كبيرة في سوق العمل لن نستطيع ملؤها بسهولة ، مما سينعكس سلبياً على اداء المنشآت التجارية ، وبالتالي انخفاضاً أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.
فمخرجات التعليم لدينا مازالت غير قادرة على مواكبة متطلبات سوق العمل ، والثقافة العمالية وثقافة العمل مازالت أيضًا تنتقص الوظائف الدنيا وتنظر لها بعين الإحتقار ، وياللعجب حين ننظر بعين الإحتقار لشاب يكدح ليأكل من عرق جبينه ولا ننظر بنفس العين لشاب يعيش متسولاً على ذويه.
كل هذا بالإضافة للبيروقراطية المفرطة والقرارات المفاجئة التي لم نتجاوزها بعد ، يجعل من بيئتنا الصناعية غير محفزة للشركات لإقامة مصانعها لدينا ، والحديث في ذلك يطول ويتشعب.
لذا فإن كان و لابد للمجتمع أن يطلق دعوة ، إذن فليطلق دعوة للحث على العمل ، وتغيير الثقافة ، وغربلة التعليم ، فقلتها سابقاً وأكررها الآن بعدم وجود بطالة حقيقة لدينا ، بل هي بطالة اختيارية يختارها المرء بملء إرادته ليفضلها على الوظائف البسيطة ، متجاهلاً أو جاهلاً بأن للعمل سلم وظيفي يجب ارتقاؤه من الدرجة الأولى.
وأخيرًا ما يصح لأمريكا ليس بالضرورة أن يصح لغيرها.
بقلم : بندر الغامدي
انتهج ترامب سياسة مناسبة للولايات المتحدة الامريكية ، بدءًا من محاولة إعادة اقتصاد امريكا إلى الاقتصاد الصناعي ، وخلق فرص عمل أكثر ، مما يؤدي إلى خفض في معدل البطالة ، وذلك بفرض ضرائب عالية على الواردات الصناعية كما رأينا في حالة تيوتا مثلًا ، والتي أعلنت بعد ذلك برغبتها في انشاء مصنع لها داخل الأراضي الامريكية ، ثم محاولة إحلال الأمريكيين محل المكسيكيين في الوظائف المستخدمة الأمريكية وغيرها ، كل ذلك كان مغلفاً بدعوى قومية متطرفه عنوانها "امريكا للأمريكين".
وهي سياسة اقتصادية جيدة للولايات المتحدة -بصرف النظر عن قومية الدعوى وتطرفها- تحمي منتجاتها وتخلق فائضاً أكبر في ميزانها التجاري ، وتخفض نسبة البطالة لديها ، وذلك لعدة أسباب ، سأذكر بعضاً منها كما يلي :
1. يعتبر اقتصاد أمريكا إقتصاد رأسمالي وضعي ، ويعتمد في معاييره على معيار المعاوضة ، أو ما يسمى بقوى السوق.
2. تعتبر مخرجات التعليم الأمريكي من أفضل المخرجات التي تواكب متطلبات سوق العمل الأمريكي.
3. تؤمن النظم الاقتصادية الوضعية بمحدودية الموارد.
4. تعتمد النظم الاقتصادية الوضعية في وسائلها لتوزيع الثروة على الوسائل المتغيرة فقط ، مثل الضرائب.
وقياساً على ما سبق فإن المطالبة بإستبعاد المكسيكيين وغيرهم من الوافدين على امريكا وإحلال الأمريكين محلهم هي مطالبة صحيحة وسليمة اقتصادياً ، بصرف النظر عن عنصريتها أو قوميتها المتطرفة مجدداً.
ولكن أن يدعونا هذا إلى الإعجاب بترامب ، والمطالبة بمثل ما طالب به ، ناهجين نفس النهج القومي المتطرف ، مطلقين نفس الدعوى النتنة ومن اقتصاديين كبار ، فهذا مايدعونا حقاْ للعجب والإستغراب .
لن أتحدث عن مدى عنصرية ونتانة هذه الدعوى القومية المتطرفة ، ولن أتحدث عن التبعية والخنوع في هذا المسلك ، بل سأتحدث بلغة اقتصادية بحته مطلقاً عدة تساؤلات:
1. هل وصل اقتصادنا لمرحلة النضج الاقتصادي الحر؟
2. هل مخرجات التعليم لدينا قادرة على مواكبة متطلبات سوق العمل؟
3. هل ثقافة العمل والثقافة العمالية لدينا هي ثقافة عالية؟
4. هل البيئة الاستثمارية لدينا وتحديداً الصناعية منها مهيئة ومكتملة؟
لا أعتقد أن الجواب المنطقي والواقعي لأياً من الأسئلة الماضية سيكون بنعم.
لذلك فإن المطالبة بمثل هذه المطالبات ، وإطلاق مثل تلك الدعوى البغيضة ستخلق أضراراً اقتصادية أكبر من خلقها للمنافع ، وستحدث فجوة كبيرة في سوق العمل لن نستطيع ملؤها بسهولة ، مما سينعكس سلبياً على اداء المنشآت التجارية ، وبالتالي انخفاضاً أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.
فمخرجات التعليم لدينا مازالت غير قادرة على مواكبة متطلبات سوق العمل ، والثقافة العمالية وثقافة العمل مازالت أيضًا تنتقص الوظائف الدنيا وتنظر لها بعين الإحتقار ، وياللعجب حين ننظر بعين الإحتقار لشاب يكدح ليأكل من عرق جبينه ولا ننظر بنفس العين لشاب يعيش متسولاً على ذويه.
كل هذا بالإضافة للبيروقراطية المفرطة والقرارات المفاجئة التي لم نتجاوزها بعد ، يجعل من بيئتنا الصناعية غير محفزة للشركات لإقامة مصانعها لدينا ، والحديث في ذلك يطول ويتشعب.
لذا فإن كان و لابد للمجتمع أن يطلق دعوة ، إذن فليطلق دعوة للحث على العمل ، وتغيير الثقافة ، وغربلة التعليم ، فقلتها سابقاً وأكررها الآن بعدم وجود بطالة حقيقة لدينا ، بل هي بطالة اختيارية يختارها المرء بملء إرادته ليفضلها على الوظائف البسيطة ، متجاهلاً أو جاهلاً بأن للعمل سلم وظيفي يجب ارتقاؤه من الدرجة الأولى.
وأخيرًا ما يصح لأمريكا ليس بالضرورة أن يصح لغيرها.
بقلم : بندر الغامدي