في ندوة حملت تساؤلات عن فاعلية المحتوى الإبداعي العربي على مواقع التواصل الاجتماعي
انتقاد لحضور الأدب العربي في الفضاء الرقمي
أفرزت الأوراق المطروحة في ندوة "الإبداع في مواقع التواصل الاجتماعي" التي أدارها الأستاذ محمد الحرز بصرامة لا تخلو من نقد لم يسلم منه الباحثون، أفرزت تساؤلات عن فاعلية المحتوى الأدبي العربي على مواقع التواصل الاجتماعي ومدى تأثيرها في المتلقي مقارنة بالمحتوى الأدبي بلغات عالمية أخرى.
وفيما ركزت بعض الأوراق على سلبيات النشر الأدبي في مواقع التواصل الاجتماعي، حاولت أوراق أخرى إبراز إيجابيات هذا النشر وتأثيره في المجتمع وقدرته على إيصال النص الإبداعي إلى فضاءات أوسع.
وفي ورقة الأستاذ فهد الخليوي تناول الخواص التي يحظى بها الفضاء الرقمي واصفاً إياها بالمتطورة التي أتاحت للمبدع أيا كان أن يحظى بالحرية على نطاق واسع، كما أحدثت موجة من التغيير في البنية الكتابية خصوصاً، مضيفاً أنه منذ فترة ظهر نتاج أدبي جديد يطرأ على الشاشة ومن خصائصه أن المبدع يدمج عدّة خصائص في بنية النصّ من صوت وصورة فيما يسمى بالأدب التفاعلي، وهي مميزات جعلت الأدب يختلف عن الأدب التقليدي.
وأشار الخليوي إلى أن الثورة الرقمية استطاعت أن تحوّل النتاج الأدبي من الحيز الجغرافي الصغير إلى الحيز العالمي الواسع وخرجت من مجتمع الكاتب إلى مجتمعات أخرى، كما حولت مراحل الصبر الطويلة قبل النشر إلى ساعات معدودة ليرى الكاتب نتاجه الأدبيّ بكافة خصائصه على الإنترنت بدون تدخل رقيب خارجي، ولم تعد هناك عقبات من البحث عن دار النشر ومراحل الإنتاج والاشتغال بجمع الآراء بعد النشر.
فلا يلبث الأديب أن يكتب القصة أو القصيدة حتى يجد صداها إما بالنقد أو الإعجاب أو التساؤلات التي تثري النص وتكشف أغواره، معتبراً أن النصوص كائنات حيّة تتنفّس وتنتعش بالتحليل والنقاش وتموت بموته، والنص المطبوع تظل حركته محدودة وبطيئة، وقال إن مواقع التواصل الاجتماعي أدّت إلى انتشار الأدب انتشاراً كونيًّا لا نهاية له ومنحت المجال للتعريف بالأدب العربي عالميًّا، حيث أصبح العالم وحدة صغيرة من خلال شاشة هي عبارة عن تجمُّع عالميّ يجتمع فيها البشر فيُبدعون ويتحاورون، فهناك خليط لثقافات متعددة ومستويات ثقافية مختلفة وفئات عمرية متباينة، معتبراً هذه المواقع منبراً حرًّا لكل الناس ولكل أديب وفنان.
وعبّر الخليوي عن أسفه لاحتواء بعض صفحات المواقع أفكاراً شريرة تروّج لها مخلوقات قال إنها ضربت بالنزاهة عرض الحائط، وأصبحت تنشر ثقافة الظلام وتحرّض على تأجيج الفتن الطائفية.
وفي ورقة الباحث سعد الثقفي، قسّم الإبداع في مواقع التواصل الاجتماعي إلى إبداع مكتوب وإبداع بصري، متحدثاً عن مميزات وسلبيات كل نوع ومدى علاقة الإبداع بهما في مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الثقفي إن على المبدع في النصوص المكتوبة إذا أراد أن يستفيد من مواقع التواصل أن يكتب الورقة بكيفية جيدة ويستفيد من الإمكانات وأن يلمّ بالحد الأدنى من الوسائط التي تساعده على إخراج ورقته بشكل جيد، وهذه الطريقة هي التي جرت عليها العادة ولكن لها مميزات وسلبيات، ملخصاً مميزاتها في المباشرة ونقل الإبداع إلى ورشة إبداعية يمكن من خلالها لمس أثر القراء والمشاركين، مستدركاً أن بعض هذه المشاركات الإبداعية قد يأتي بأخطاء قد لا توجد في الكتابة الورقية وقد يكون على مستوى سيئ، كما أن من مشكلات النشر الإلكتروني استخدام اللغة العربية فقط مما يحجب المبدع عن كثير من المتلقين ويبقى الإبداع محصوراً في العربية ما قد يُبرز الحاجة للترجمة.
وفي حديثه عن الإبداع البصري أكد الثقفي أنه لم يخضع لعيوب النص المكتوب لأنه سينقل مباشرة إلى المواقع كما هو فلا إشكالية في نشره فسيحصل على ميزات كبيرة دون أن يكون هناك عيوب في نقله، مضيفاً أن الإشكالية تكمن دائماً في المبدع في القسم الأول لأن عليه أن يكون دائماً ملماً بالكتابة ووسائط النشر.
وعن مواقع التواصل الاجتماعي قال الثقفي إنها تصل إلى 40 موقعاً أشهرها تويتر وفيس بوك وجوجل بلس، وقد سحبت البساط من المدونات والمواقع الأخرى كالمنتديات واستطاعت أن تجمع خصائص المدونات والمنتديات، والطريف في الأمر أن تلك المواقع أنشئت من أجل التواصل الاجتماعي والحصول على الإعلانات ولكن ذلك جر فعلاً حسناً على الإبداع والمبدعين، منبّهاً على أن العرب على العادة بما فيهم المبدعون يدخلون هذه الخدمات من باب الترفيه لكنه وجد أن هناك فرصة لتجربة إبداعه الكتابي في هذه المواقع.
وانتقد الثقفي عدم الجدية في النشر قائلاً إنها تقلل دائماً من الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي، مقارناً بين نشر إبداع باللغة الإنجليزية في الفيس بوك وآخر باللغة العربية حيث بلغ التفاعل في الأول حسب عملية إحصائية أجراها 99% بينما لم يتجاوز في نظيره العربي إلى 0.6%، مرجعاً ذلك إلى اقتصار التفاعل العربي على المجاملات الخالية من الجدّية، كما أن عدم اتجاه أساتذة الجامعة إلى حث الطلاب على الاستفادة من الإنترنت في البحث العلمي، وختم ورقته بالدعوة إلى سن قوانين تنظم علاقة البحث العلمي بمواقع التواصل الاجتماعي.
واختتم الباحث محمد الفوز الندوة بورقة حول "الوعي بالكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي"، قال فيها إن الدخول إلى عتبة الإنترنت أقل حدة من الواقع وأكثر انطلاقاً حيث أن الأفكار مجنحة وذات حرية تجعلك تتجرد من وعيك القديم وأحكامك المسبقة، وأضاف: أن تكون كاتباً لا يعني أن تكون حرا فالحرية التي تتمخض عبر ممارسة وتجربة ستصبح أفقاً لحياة غير هامشية لحياة منجزة وشغوفة بالواقع الذي يتشكل عبر منظومة قيم وأفكار تنمو من خلال السلوك إلى أن تتجسد بوعي كما في نظرية بياجيه حول النمو المعرفي.
وحول المحتوى العربي مقارنة بالمحتوى العالمي في مواقع التواصل الاجتماعي انتقد الفوز غياب تأثير الحضارات العربية التي أُسست أهم وأقدم الجامعات في التاريخ ليس لها ممارسة في الفضاء الاجتماعي مثل جامعة القرويين وجامعة الأزهر، ومع أن اللغة العربية تصل إلى المستوى الخامس في العالم من حيث المحتوى إلا أن الأثر العربي في الإنترنت محدود جداً، فالفضاء الرقمي يمثل مصدراً من مصادر فهو القوة الناعمة في مقابل القوة الخشنة، والحضور العربي لا يمثل مستوى شغف العربي بالتقنية بقدر تحولها إلى هوس، مؤكداً أن دخولنا إلى الجمهورية الرقمية يأتي من باب الترف إلى حد ما.
وقال إن أثر التقنية في مصادر المعلومات تكاد تكون معدومة، وعلاقة العربي بالتكنولوجيا تأتي من مسوغ الترف واللعب، لا الاستخدام الثقافي.
المداخلات:
وفي المداخلة التي شهدتها الجلسة من القاعتين قال مدير الجلسة محمد الحرز إن هناك مسافة فاصلة بين الأدب الرقمي العالمي المتطور والأدب العربي، كما تمنى أن تركز الأوراق على الوعي الكتابي وعلاقته بالنص الرقمي.
وتحفّظ الدكتور عبدالحق هقي على وصف العالم الإلكتروني بأنه افتراضي داعياً إلى إعادة النظر في المفهوم، مضيفاً: لا أنظر إلى الحراك العربي بهذه السلبية التي ذهب إليها الباحث سعد الثقفي في ورقته، والمجاملة لا تعني دائماً عدم الجدية بل هو من المسايرة.
وأكدت سلمى الشيخ أن هناك تضارباً في الحقائق والمعلومات في المحتوى الإلكتروني يواجهه المثقفون والناشئة، فكيف لنا أن نتأكد من صحة وموثوقية ذلك المحتوى الإبداعي.
فيما قال الدكتور سعد العجمي في عالم الإبداع الرقمي تغيب الحقوق الفكرية، كما أن انشغال المبدع في مواقع التواصل الاجتماعي يأخذه بعيداً عن الحالة الإبداعية.
وفيما ركزت بعض الأوراق على سلبيات النشر الأدبي في مواقع التواصل الاجتماعي، حاولت أوراق أخرى إبراز إيجابيات هذا النشر وتأثيره في المجتمع وقدرته على إيصال النص الإبداعي إلى فضاءات أوسع.
وفي ورقة الأستاذ فهد الخليوي تناول الخواص التي يحظى بها الفضاء الرقمي واصفاً إياها بالمتطورة التي أتاحت للمبدع أيا كان أن يحظى بالحرية على نطاق واسع، كما أحدثت موجة من التغيير في البنية الكتابية خصوصاً، مضيفاً أنه منذ فترة ظهر نتاج أدبي جديد يطرأ على الشاشة ومن خصائصه أن المبدع يدمج عدّة خصائص في بنية النصّ من صوت وصورة فيما يسمى بالأدب التفاعلي، وهي مميزات جعلت الأدب يختلف عن الأدب التقليدي.
وأشار الخليوي إلى أن الثورة الرقمية استطاعت أن تحوّل النتاج الأدبي من الحيز الجغرافي الصغير إلى الحيز العالمي الواسع وخرجت من مجتمع الكاتب إلى مجتمعات أخرى، كما حولت مراحل الصبر الطويلة قبل النشر إلى ساعات معدودة ليرى الكاتب نتاجه الأدبيّ بكافة خصائصه على الإنترنت بدون تدخل رقيب خارجي، ولم تعد هناك عقبات من البحث عن دار النشر ومراحل الإنتاج والاشتغال بجمع الآراء بعد النشر.
فلا يلبث الأديب أن يكتب القصة أو القصيدة حتى يجد صداها إما بالنقد أو الإعجاب أو التساؤلات التي تثري النص وتكشف أغواره، معتبراً أن النصوص كائنات حيّة تتنفّس وتنتعش بالتحليل والنقاش وتموت بموته، والنص المطبوع تظل حركته محدودة وبطيئة، وقال إن مواقع التواصل الاجتماعي أدّت إلى انتشار الأدب انتشاراً كونيًّا لا نهاية له ومنحت المجال للتعريف بالأدب العربي عالميًّا، حيث أصبح العالم وحدة صغيرة من خلال شاشة هي عبارة عن تجمُّع عالميّ يجتمع فيها البشر فيُبدعون ويتحاورون، فهناك خليط لثقافات متعددة ومستويات ثقافية مختلفة وفئات عمرية متباينة، معتبراً هذه المواقع منبراً حرًّا لكل الناس ولكل أديب وفنان.
وعبّر الخليوي عن أسفه لاحتواء بعض صفحات المواقع أفكاراً شريرة تروّج لها مخلوقات قال إنها ضربت بالنزاهة عرض الحائط، وأصبحت تنشر ثقافة الظلام وتحرّض على تأجيج الفتن الطائفية.
وفي ورقة الباحث سعد الثقفي، قسّم الإبداع في مواقع التواصل الاجتماعي إلى إبداع مكتوب وإبداع بصري، متحدثاً عن مميزات وسلبيات كل نوع ومدى علاقة الإبداع بهما في مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الثقفي إن على المبدع في النصوص المكتوبة إذا أراد أن يستفيد من مواقع التواصل أن يكتب الورقة بكيفية جيدة ويستفيد من الإمكانات وأن يلمّ بالحد الأدنى من الوسائط التي تساعده على إخراج ورقته بشكل جيد، وهذه الطريقة هي التي جرت عليها العادة ولكن لها مميزات وسلبيات، ملخصاً مميزاتها في المباشرة ونقل الإبداع إلى ورشة إبداعية يمكن من خلالها لمس أثر القراء والمشاركين، مستدركاً أن بعض هذه المشاركات الإبداعية قد يأتي بأخطاء قد لا توجد في الكتابة الورقية وقد يكون على مستوى سيئ، كما أن من مشكلات النشر الإلكتروني استخدام اللغة العربية فقط مما يحجب المبدع عن كثير من المتلقين ويبقى الإبداع محصوراً في العربية ما قد يُبرز الحاجة للترجمة.
وفي حديثه عن الإبداع البصري أكد الثقفي أنه لم يخضع لعيوب النص المكتوب لأنه سينقل مباشرة إلى المواقع كما هو فلا إشكالية في نشره فسيحصل على ميزات كبيرة دون أن يكون هناك عيوب في نقله، مضيفاً أن الإشكالية تكمن دائماً في المبدع في القسم الأول لأن عليه أن يكون دائماً ملماً بالكتابة ووسائط النشر.
وعن مواقع التواصل الاجتماعي قال الثقفي إنها تصل إلى 40 موقعاً أشهرها تويتر وفيس بوك وجوجل بلس، وقد سحبت البساط من المدونات والمواقع الأخرى كالمنتديات واستطاعت أن تجمع خصائص المدونات والمنتديات، والطريف في الأمر أن تلك المواقع أنشئت من أجل التواصل الاجتماعي والحصول على الإعلانات ولكن ذلك جر فعلاً حسناً على الإبداع والمبدعين، منبّهاً على أن العرب على العادة بما فيهم المبدعون يدخلون هذه الخدمات من باب الترفيه لكنه وجد أن هناك فرصة لتجربة إبداعه الكتابي في هذه المواقع.
وانتقد الثقفي عدم الجدية في النشر قائلاً إنها تقلل دائماً من الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي، مقارناً بين نشر إبداع باللغة الإنجليزية في الفيس بوك وآخر باللغة العربية حيث بلغ التفاعل في الأول حسب عملية إحصائية أجراها 99% بينما لم يتجاوز في نظيره العربي إلى 0.6%، مرجعاً ذلك إلى اقتصار التفاعل العربي على المجاملات الخالية من الجدّية، كما أن عدم اتجاه أساتذة الجامعة إلى حث الطلاب على الاستفادة من الإنترنت في البحث العلمي، وختم ورقته بالدعوة إلى سن قوانين تنظم علاقة البحث العلمي بمواقع التواصل الاجتماعي.
واختتم الباحث محمد الفوز الندوة بورقة حول "الوعي بالكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي"، قال فيها إن الدخول إلى عتبة الإنترنت أقل حدة من الواقع وأكثر انطلاقاً حيث أن الأفكار مجنحة وذات حرية تجعلك تتجرد من وعيك القديم وأحكامك المسبقة، وأضاف: أن تكون كاتباً لا يعني أن تكون حرا فالحرية التي تتمخض عبر ممارسة وتجربة ستصبح أفقاً لحياة غير هامشية لحياة منجزة وشغوفة بالواقع الذي يتشكل عبر منظومة قيم وأفكار تنمو من خلال السلوك إلى أن تتجسد بوعي كما في نظرية بياجيه حول النمو المعرفي.
وحول المحتوى العربي مقارنة بالمحتوى العالمي في مواقع التواصل الاجتماعي انتقد الفوز غياب تأثير الحضارات العربية التي أُسست أهم وأقدم الجامعات في التاريخ ليس لها ممارسة في الفضاء الاجتماعي مثل جامعة القرويين وجامعة الأزهر، ومع أن اللغة العربية تصل إلى المستوى الخامس في العالم من حيث المحتوى إلا أن الأثر العربي في الإنترنت محدود جداً، فالفضاء الرقمي يمثل مصدراً من مصادر فهو القوة الناعمة في مقابل القوة الخشنة، والحضور العربي لا يمثل مستوى شغف العربي بالتقنية بقدر تحولها إلى هوس، مؤكداً أن دخولنا إلى الجمهورية الرقمية يأتي من باب الترف إلى حد ما.
وقال إن أثر التقنية في مصادر المعلومات تكاد تكون معدومة، وعلاقة العربي بالتكنولوجيا تأتي من مسوغ الترف واللعب، لا الاستخدام الثقافي.
المداخلات:
وفي المداخلة التي شهدتها الجلسة من القاعتين قال مدير الجلسة محمد الحرز إن هناك مسافة فاصلة بين الأدب الرقمي العالمي المتطور والأدب العربي، كما تمنى أن تركز الأوراق على الوعي الكتابي وعلاقته بالنص الرقمي.
وتحفّظ الدكتور عبدالحق هقي على وصف العالم الإلكتروني بأنه افتراضي داعياً إلى إعادة النظر في المفهوم، مضيفاً: لا أنظر إلى الحراك العربي بهذه السلبية التي ذهب إليها الباحث سعد الثقفي في ورقته، والمجاملة لا تعني دائماً عدم الجدية بل هو من المسايرة.
وأكدت سلمى الشيخ أن هناك تضارباً في الحقائق والمعلومات في المحتوى الإلكتروني يواجهه المثقفون والناشئة، فكيف لنا أن نتأكد من صحة وموثوقية ذلك المحتوى الإبداعي.
فيما قال الدكتور سعد العجمي في عالم الإبداع الرقمي تغيب الحقوق الفكرية، كما أن انشغال المبدع في مواقع التواصل الاجتماعي يأخذه بعيداً عن الحالة الإبداعية.