• ×
الإثنين 7 يوليو 2025

من العشوائية إلى الريادة… بخطى استراتيجية

بواسطة هاني الفل 07-07-2025 06:25 مساءً 5 زيارات
في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في شتى المجالات الاقتصادية والتقنية والإدارية، أصبح من الضروري أن تنتقل المؤسسات من إدارة يوميات العمل إلى قيادة المستقبل، وهذا لا يتحقق إلا من خلال الرؤية الاستراتيجية. إنها البوصلة التي توجه المؤسسة نحو أهدافها الكبرى، وتمنح العاملين الإحساس بالهدف والمعنى، وتساعد على اتخاذ قرارات رشيدة.

الرؤية ليست مجرد عبارة جميلة تُعلّق على جدران المكاتب، بل هي تصور طموح يعكس ما تطمح المؤسسة إلى تحقيقه خلال السنوات القادمة.
هي بمثابة “الحلم الواقعي” الذي ترتكز عليه خطط العمل، وتتوحد حوله الجهود، وتُبنى عليه ثقافة المؤسسة.

إن المؤسسات التي لا تمتلك رؤية استراتيجية واضحة تشبه السفن التي تبحر بلا خريطة، وقد تُستهلك مواردها في مهام متفرقة دون تحقيق إنجاز ملموس أو نمو مستدام.

إن إدارة المنظمة برؤية استراتيجية تتطلب تكاملاً بين الفكرة والواقع، بين الحلم والإنجاز.
ويمكن تلخيص ذلك في النقاط التالية:
1. صياغة رؤية ملهمة وواضحة

الرؤية الجيدة يجب أن تكون:
• واضحة لجميع المستويات الإدارية
• طموحة لكنها واقعية
• قابلة للقياس على المدى البعيد
• منبثقة من هوية المؤسسة وقيمها الجوهرية

ولعل من أبرز النماذج في هذا المجال ما قامت به كبرى الشركات العالمية مثل Google وTesla، حيث لم تكتفِ بتحقيق الربحية، بل صاغت رؤى تتعلق بتغيير نمط حياة الإنسان، وتوجيه الابتكار نحو خدمة البشرية.

2. الربط بين الرؤية والخطط التنفيذية

الرؤية تحتاج إلى ترجمة عملية من خلال:
• أهداف استراتيجية واضحة
• خطط تشغيلية محددة زمنياً
• مؤشرات أداء رئيسية (KPIs)
• أدوات تخطيط مثل: تحليل SWOT، وبطاقة الأداء المتوازن

بدون هذا الربط، ستظل الرؤية في خانة الأمنيات، ولن تتحول إلى واقع ملموس.

3. بناء ثقافة تنظيمية مؤمنة بالرؤية

الرؤية لا تنجح ما لم تتحول إلى ثقافة مشتركة، ولذلك ينبغي:
• إشراك الموظفين في وضع الرؤية ومناقشتها
• ربط تقييم الأداء بها
• ترسيخها في القيم الداخلية، والتدريب، وأساليب التحفيز

4. المراجعة المستمرة وتحديث الرؤية

الرؤية ليست ثابتة للأبد. العالم يتغير، والأسواق تتبدل، لذلك يجب:
• مراجعة الرؤية كل 3-5 سنوات
• تقييم مدى ملاءمتها للمتغيرات
• تعديلها دون الإخلال بجوهرها الأساسي

لماذا تُعد الإدارة بالرؤية الاستراتيجية ضرورة في عصرنا؟

في بيئة تتسم بالتنافسية والاضطراب، الرؤية تُحقق ما يلي:
• توحيد الجهود: حين يفهم الجميع الهدف، تتقلص الفوضى وتتعزز الإنتاجية.
• تحفيز العاملين: الموظف الذي يعمل من أجل هدف أكبر يشعر بالانتماء.
• وضوح في اتخاذ القرار: تساعد الرؤية على تحديد الأولويات وتوجيه الموارد.
• المرونة والتكيف: الرؤية تجعل المؤسسة أكثر استعداداً للاستجابة للتغيرات بدلاً من مقاومتها.

منظمات بلا رؤية… إلى أين؟

تخيل مؤسسات تدير أعمالها يوماً بيوم، بلا أهداف بعيدة المدى، بلا تصورات عن المستقبل، ولا خطط متكاملة… مثل هذه المؤسسات لا تنمو، بل تكرر نفسها حتى تخرج من المنافسة.
الفرق بين منظمة ناجحة ومنظمة منهكة، غالباً ما يكمن في وجود رؤية يقودها تفكير استراتيجي واعٍ.

الإدارة بالرؤية الاستراتيجية لم تعد ترفاً تنظيمياً، بل أصبحت من أدوات البقاء والنمو في عالم مضطرب.
و القادة الذين يديرون بمنظور استراتيجي هم الذين يحققون الاستدامة، ويبنون مؤسسات تترك أثراً وتتجاوز حدود الزمان والمكان.

افتح أبواب المستقبل اليوم، وابدأ من رؤية واضحة… ترسم الطريق، وتوحد الصف، وتبني الأثر.

جديد المقالات

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في شتى المجالات الاقتصادية والتقنية والإدارية، أصبح...

في بيئة العمل الحديثة، لم تعد الرواتب وحدها كافية لتحفيز الموظفين، بل أصبح التقدير الوظيفي… مفتاح...

في بيئات العمل الحديثة، لم يعد الثبات في نفس المنصب أو الوظيفة لسنوات طويلة هو النموذج الأمثل...

رُبا العامودي الثابت الوحيد في هذه الحياة هو التغيير ، طبيعة الحياة لا تسير على وتيرة واحدة...

عيد الأضحى … تقاليد عامرة بالبركة والتواصل عيد الأضحى العيد الذي تنتظره القلوب بفرح وبهجة....

أكثر