حملة (لنجعلها خضراء) تجني ثمارها.

خُلق الإنسان على محبة الخضرة التي تزين المكان ومنظر الأشجار ذات الظل الوارف بأغصانها المتصاعدة إلى عنان السماء، الأمر الذي جعل الإنسان منذ خلقه يحرص على الزراعة من أجل جني محاصيلها، ومن ثم زاد الاهتمام لما لاحظ من جمال رونقها الذي يبعث في النفوس الفرحة والابتهاج، ومع تطور أساليب الزراعة فقد بات الجميع يهتم في زيادة الرقعة الخضراء بعد أن شاهد ما ألحقه الإنسان من ضرر بالغ للأشجار، خاصةً التي يقوم بقطعها من أجل الانتفاع بأخشابها في صناعاته اليومية لتلبية احتياجاته المتزايدة، ومع مرور الوقت والقطع الجائر اختفت العديد من الأشجار بل العديد من الغابات حول العالم، مما جعل كافة الدول تسن قوانين من أجل حماية الأشجار والعمل على تعويض ما تم اقتطاعه بزرع ملايين الشتلات في كل عام من أجل تعويض ما فقد منها.
وفي مملكتنا الغالية التي يسود أجواؤها المناخ الصحراوي وتعاني معظم مناطقها من الجفاف، فإن الحاجة تستلزم الحفاظ على ما تبقى من أشجار طبيعية تبلغ أعمارها عشرات السنين، إذ يتطلب تعويض ما تم قطعه من أشجار سنوات عديدة، الأمر الذي جعل المسؤولين يقومون منذ عقود بالتوعية بأهمية الشجرة للمحافظة عليها وزيادة أعدادها بدلاً من الاحتطاب الجائر كل عام.

عند سؤالنا لأحد موظفي وزارة البيئة والمياه والزراعة الأستاذ حبيب خياط عن أهمية التشجير أجاب: أن المملكة العربية السعودية تقع في منطقة صحراوية شديدة الحرارة ولا توجد بها أنهار أو بحيرات، ومن أهداف رؤية 2030 تنمية وتطوير البلاد بإحياء الأرض بالزراعة. كما عبر الخياط عن الجمالية التي تكمن في تحويل شوارع المدن ومداخلها وميادينها وشواطئها التي تسر الناظرين خاصة عندما يأتي الزائر لأول مرة.
وأضاف المهندس الزراعي في بلدية أحد المهندس سلمان العطوي بقوله: أن التشجير أحد أهم المحاور في تنمية المدن وذلك لأهميته في تنقية الهواء الملوث من السيارات والمصانع، فالأشجار تقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين، بالإضافة لذلك تساعد الأشجار في خفض درجات الحرارة والبعض منها يعمل على صد الرياح القوية في بعض المناطق الجبيلة، وتوجد بعض أنواع الأشجار تقوم بدور هام في التوازن البيئي فتعمل على مكافحة الحشرات الضارة مثل شجر النيم.

وفي إطار أهداف مبادرة التشجير أجاب "العطوي": تهدف حملة لنجعلها خضراء لزراعة الأشجار والشجيرات المهددة بالانقراض بما يتناسب مع ظروف المملكة المناخية، فقد قامت وزارة البيئة والمياه والزراعة بإطلاق الحملة لزراعة ما يقارب عشرة ملايين شجرة موزعة على ١٦٥ موقعا في المملكة في الفترة من ١٠ أكتوبر إلى ٣٠ أبريل.

وهنا نتساءل عن الجهات التي شاركت في حملة لنجعلها خضراء والإجراءات المتخذة أجابنا الخياط: الجهات المشاركة عدة ما بين الحكومية والخاصة، وتحتاج الإجراءات لدراسة طبوغرافية للموقع وأيضا للتربة والمساحة المطلوب زراعتها وتحديد نوع الأشجار الملائمة للموقع وبيئة المكان.
بينما أجاب "العطوي" الجهات المشاركة هي وزارة البيئة والمياه والزراعة، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة التعليم، وزارة الداخلية متمثلة بإمارات المناطق، أيضا القطاع الخاص والفرق التطوعية، اما من ناحية الإجراءات فتتمثل في نوع الشجر ومدى ملائمته الظروف البيئية، نوع التربة، نوع مياه الري ونسبة الملوحة، طريقة الري (تقليدية، حديثة) ونوع التربة التي سوف يتم استصلاحها ومدى وملاءمتها للزراعة.

وفي إطار هذا الموضوع أضاف العطوي بأن أمانة منطقة المدينة قامت بزراعة ما يقارب 200 ألف شجرة وشجيرة موزعة في الحدائق
والميادين العامة، ونوع الشجر طلح ملحي ونيم وبزرميا وشجيرات مثل الفيكس والبونسيانا. فيما صرح الخياط بعدد الشتلات التي زرعت في إحدى محافظات المدينة المنورة فعلى سبيل المثال تم زراعة 5000 شتلة في محافظة مهد الذهب من نوع الطلح والسدر.

التعليم والتطوع
شاهدنا جميع مشاركات القطاعات ولكن وزارة التعليم كان لها مشاركة خاصة، ولمزيد من المعلومات طلبنا رأي إحدى الطالبات المتطوعات حول مبادرة التشجير فأجابت: ركزنا على مبدأ العمل الجماعي والتعاون وتنمية روح العطاء لدى الطالبات المتطوعات، حيث وزعنا عدد من النشرات التوعوية بتصاميم جذابة، وقمنا بتنسيق مكان الحدث من جميع التجهيزات لاستقبال المتطوعات من طالبات ومنسوبي وزارة التعليم ومنسوبي وزارة المياه الزراعة، وفي ظل الوضع الراهن ولتحقيق أقصى درجات الإجراءات الاحترازية جعلنا توزيع تلك النشرات عن طريق قراءة كود خاص لإظهار النشرة.

وفي الختام بكل فخر واعتزاز أقف صامتة على جهود هذه المملكة العظيمة في تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030 وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام (ما من مسلم يغرسُ غرساً إلا كان ما أُكل منهُ له صدقة، وما سُرق منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة).