الفكر والجرأة
صوت المدينة - فواز خريشي
تغريني فكرة أن الارض تدور لسبب ما, وتغريني أكثر فكرة أن الشمس حين تصل مستقر لها ستختفي كل النجوم والمجرات من سمائنا, أنا مقتنع تمامًا أن كل شيء خلق لنا, فإن لم يفيدنا ظاهريًا فلابد أنه يفيدًا لنستمر بالتفكر ورغم كل هذا أنا لا أتحدث بأفكاري "غالبًا" لأحد.
أريد أن أخبرك عن نفسك قليلًا, ربما أنت من ثمانين في المائة من البشر فحين تضع رأسك على وسادتك أخر اليوم تأتيك أفكار قد يكون بعضها متشائم و "مقرف" وقد يكون بعضها يتجاوز حدود الواقع ويجد تفاسير لمختلف الاشياء حوله, ربما أنت تفهم لماذا زميلك في العمل قال لك تلك الكلمة, ربما أنت تجد تفسير لآية كنت تقرأها كثيرًا في صلاتك, أو ربما أنت تجد فهم أخر لنظرية الأكوان المتوازية أو تجد اختراع يدفع البشرية للوصول للقمر في أقل من نصف يوم.
وربما أنت حين تستيقظ لا تخبر أحد بهذا أو حتى تتناساه الى أن يغيب عن ذهنك, كثير منا هكذا, وفي الحقيقة هكذا نحن البشر, عقولنا أقوى ما نملك, هيا حتى أقوى من أجسادنا وأشجع منها ايضًا هيا تستطيع أن تأخذك في جولات لا يقوى على خوضها العديد من البشر ولكن متى ما زاد عندك الامر وقررت أن تكتب تلك الافكار مهما رأيتها مستحيلة حينها ربما تغير البشرية كلها بقلم وأنت لم ترفع رأسك عن الوسادة.
أظن أينشتاين ليس أول من فكر بتفسير الفضاء ولكنه قد يكون أول من تجرأ وكتبها ثم أعلن عنها وهو أول من سار بهذا الطريق, ربما معزوفة بتهوفن عزفها رجل انجليزي فقير في قرية في الريف ولم يعيدها مرة أخر بل أنشغل بالمحصول وانتظار موسم الامطار.
ما اريد ايصاله أن أغرب الافكار تحتاج الجرأة والخطاب حتى تخرج الى النور فالفكرة ليست مملوكة لأحد هيا تتنقل من رأس لآخر في هذا الكوكب حتى تصل لرجل يملك ذلك الشيء المسمى بالجرأة فيأخذها ويخرجها من رأسه ويضع عليها اجمل الثياب ثم يخرجها لناس والذين لا محالة سيخافون ويهربون منها, ثم سيقتربون كما اقترب أول البشر من النار بمهل ولما يصل لها ويجد دفئها ونورها سيبقى حولها الى أن يموت, فأخرج افكارك أكتبها أو اصرخ بها ولا تخجل منها فأنت لا تعلم أي منها ستكون للعالمين نورًا يدرون حولها الى أن تصل الشمس لمستقر لها.