رسالة إلى سعادة المدير
صوت المدينة - فوزية الشيخي
في مجتمعاتنا العربية تحديداً هناك بعض الأمور التي تحدث من قبل بعض الأفراد الذين يتقلدون مناصب إدارية في بعض المنشئات، تحتاج إلى تقويم وتعديل من قبل الأشخاص المعنين أنفسهم. وهنا أرصد من قراءاتي وتجربتي في بداية عملي في أماكن مختلفة بعض الممارسات التي تعزز فرص نجاح اي مدير جديد، والتوجه الغالب عليها هي بناء علاقات وثيقة وتجنب المطبّات بسبب التعجل في اتخاذ القرار قبل فهم بيئة العمل.
أصعب موقف تتعرض له في مسيرتك الوظيفية قد يكون تسلم مهام منصب المدير؛ وذلك لأن أداءك وتصرفاتك كمدير في أيامك الأوائل تحدد نجاحك على المدى الطويل، ويكون ذلك أصعب عندما تكون هذه أول تجربة لك في الإدارة. المدير الناجح هو من ينجح في بداية عمله كمدير من كسب ولاء وحب الموظفين معه، ويكون ذلك من خلال كسر حاجز الخوف معهم، الإدارة في وقتنا الحالي تعتمد على العلاقات الإنسانية اضافة إلى الطرق العلمية والنظريات، حتى يستطيع أن يدير كل الأمور المتعلقة بالمنشأة التي يرأسها بحنكة وحزم محبب له وللآخرين الذين يعملون تحت إدارته.
أيضا حيثما يوجد مدير يوجد منافق، وحيثما يوجد رئيس يوجد متملق ومتسلق، هكذا أصبح واقع الحال والغريب أن مثل هؤلاء باتوا يصنفون من قبل المدراء أنهم متعاونون في العمل، وحريصون على مصلحة المنشأة أو المؤسسة وهم أبعد ما يكونوا عن ذلك، وهذه النوعية المريضة من الأشخاص باتت لا تكترث إلا بالوصول إلى ما تصبوا إليه مهما كان الثمن ومهما كلفها الأمر.
وصفة التملق هي امتداد طبيعي للغدر والخيانة والنفاق، فالشخص الذي يوجد معك بالساعات بوجه الزميل الصديق وفي نفس الوقت يحاول أن ينتهز أول سانحة ليطعنك في ظهرك، لا شك أنه يجمع بين كل هذه الصفات؛ تبقى لنا أن نعلم أن المتملق له استعداد غير طبيعي في أن يتلقى المهانة والشتائم من رؤسائه في العمل دون أن يشعره هذا بالامتهان، بل تجده يبتسم وهو يتلقى أقسى العبارات، وربما تكون عبارات جارحة جداً وعلى مشهد من الناس لكنه لا يحرك ساكناً في سبيل ألا يغضب عليه مديره، وقد تمتد به التنازلات لخدمة المدير خارج العمل في أمور خاصة.
وجود فئة مثل هذه داخل أغلب المنشئات يهدد الأمن الوظيفي لكثير من الموظفين الشرفاء، الذين يضعون العمل نصب أعينهم دون ارضاءات رخيصة لشخص بعينه، وفي نفس الوقت نجد أن هذه المجهودات المضنية في العمل التي يقومون بها، يمكن وبكل بساطة أن تنسب إلى غيرهم وتسرق منهم دون أن يشعروا بذلك؛ لأن هذه الفئة من المتملقين لها مهارات منقطعة النظير في تضخيم أعمالها والاستعراض أمام الرؤساء بجهودهم الزائفة، بمعنى أن هؤلاء لديهم المقدرة على تسويق أنفسهم بشكل قد يدهشك وقد يجعلك في حيرة من هذه التمثيليات المحبوكة بمهارة عالية، وليس بالغريب على هؤلاء أن يصلوا إلى قلوب الرؤساء، بأن يتخذوا من الآخرين معبراً لهم حتى لو كلفهم الأمر العبورعلى أنقاض زملائهم بعد أن يمزقوهم بالوشايات والأحاديث الملفقة وحياكة المؤامرات في وضح النهار، المهم فقط هو الوصول والعمل بمبدأ أنا ومن بعدي الطوفان.
يبدو جلياً أن القائمين على أمر الموظفين من رؤساء باتوا لا يميزون بين أولئك الأنقياء أصحاب المبدأ والعطاء والإخلاص في العمل، وبين أصحاب الابتسامات الصفراء الذين يحملون سيف الغدر ليمزّقون به أحشاء كل من يحول بينهم وبين الوصول، أولئك الذين تسربت سموم التملق إلى دمائهم وجرت في عروقهم وزينت لهم طريق الخداع والرياء فأفسدت ضمائرهم، وهذا مردّه إلى أن معظم المدراء يهتمون فقط بالقالب الذى يقدم فيه العمل دون التقصي والاهتمام بجوهر العمل، والسعي للوقوف على كل التفاصيل، كما أن البعض من المدراء يستمعون باهتمام إلى كل ما يأتي إليهم من وشايات في مكاتبهم المكيفة المفروشة بأفخر أنواع السجاد، دون أن يكلفوا أنفسهم سماع الطرف الآخر، كما أنهم يتعاملون مع الموظفين البسطاء بسياسة التجاهل وعدم الالتفات إلى ما يبدونه من آراء ولا يدخرون وسعاً في العمل بمبدأ (فرِّق تسُد)، بتقريب عصبة من الموظفين إليهم، وزرعهم بين أقرانهم كي يتحاشوا تحالفهم عند ضياع الحقوق، ولا يفوت علينا أن هناك بعض المدراء مصابون بأمراض النرجسية وحب الذات، فالتطبيل والاهتمام والانكسار الذي يجدونه من المتملق يجد هوى في أنفسهم، فيدعمون المتملق وهم يعلمون تمام اليقين أنه لا يصلح للعمل، ومع ذلك يكون مقربًا إليهم.
إذا كنت صاحب مبدأ وقيم فأنت بالتأكيد ستكون محاطاً بكثير من المؤامرات والدسائس، وربما تخسر الكثير في سبيل الحفاظ على هذه القيم والمبادئ، لكن لا سبيل لك غير المقاومة والصمود، وأعلم أن الرزق لا يتسع بتقديم التنازلات، وحتماً ستجد بانتظارك أبواب أخرى كلما أغلقت في وجهك أبواب، وإن كنت من زمرة المتملقين فستصل الى أعلى المراتب وستتخلص من الذين جعلتهم خصومك ببراعة تحسد عليها، وستنجح فيما تصبو إليه من مخططاتك الانتهازية وستحصد كثيراً من الأموال وتجلس على ذلك الكرسي الذي طالما حلمت به، لكنك ستجد بانتظارك دعوة مظلوم وانتقام جبار ولو بعد حين.
فيا عزيزي المدير إن أجمل ما في الحياة قلب يرق فيرحم، ويساند ويخفف ويتواضع لله فيرفعه، فإن فعل العكس فلينتظر يوماً تستجاب فيه دعوة المظلوم، فيذله الله ويخضعه رغماً عنه، فيصبح أعزلاً مقهوراً بعد أن كان قوياً وجيهاً ميسوراً، اتقي دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب كما قال الحبيب ﷺ، ولا يظن كل منا أنه «هو المظلوم» وغيره دائماً هم الظالمون فتضيع القضية، وحاسب نفسك قبل أن تُحاسب.
في مجتمعاتنا العربية تحديداً هناك بعض الأمور التي تحدث من قبل بعض الأفراد الذين يتقلدون مناصب إدارية في بعض المنشئات، تحتاج إلى تقويم وتعديل من قبل الأشخاص المعنين أنفسهم. وهنا أرصد من قراءاتي وتجربتي في بداية عملي في أماكن مختلفة بعض الممارسات التي تعزز فرص نجاح اي مدير جديد، والتوجه الغالب عليها هي بناء علاقات وثيقة وتجنب المطبّات بسبب التعجل في اتخاذ القرار قبل فهم بيئة العمل.
أصعب موقف تتعرض له في مسيرتك الوظيفية قد يكون تسلم مهام منصب المدير؛ وذلك لأن أداءك وتصرفاتك كمدير في أيامك الأوائل تحدد نجاحك على المدى الطويل، ويكون ذلك أصعب عندما تكون هذه أول تجربة لك في الإدارة. المدير الناجح هو من ينجح في بداية عمله كمدير من كسب ولاء وحب الموظفين معه، ويكون ذلك من خلال كسر حاجز الخوف معهم، الإدارة في وقتنا الحالي تعتمد على العلاقات الإنسانية اضافة إلى الطرق العلمية والنظريات، حتى يستطيع أن يدير كل الأمور المتعلقة بالمنشأة التي يرأسها بحنكة وحزم محبب له وللآخرين الذين يعملون تحت إدارته.
أيضا حيثما يوجد مدير يوجد منافق، وحيثما يوجد رئيس يوجد متملق ومتسلق، هكذا أصبح واقع الحال والغريب أن مثل هؤلاء باتوا يصنفون من قبل المدراء أنهم متعاونون في العمل، وحريصون على مصلحة المنشأة أو المؤسسة وهم أبعد ما يكونوا عن ذلك، وهذه النوعية المريضة من الأشخاص باتت لا تكترث إلا بالوصول إلى ما تصبوا إليه مهما كان الثمن ومهما كلفها الأمر.
وصفة التملق هي امتداد طبيعي للغدر والخيانة والنفاق، فالشخص الذي يوجد معك بالساعات بوجه الزميل الصديق وفي نفس الوقت يحاول أن ينتهز أول سانحة ليطعنك في ظهرك، لا شك أنه يجمع بين كل هذه الصفات؛ تبقى لنا أن نعلم أن المتملق له استعداد غير طبيعي في أن يتلقى المهانة والشتائم من رؤسائه في العمل دون أن يشعره هذا بالامتهان، بل تجده يبتسم وهو يتلقى أقسى العبارات، وربما تكون عبارات جارحة جداً وعلى مشهد من الناس لكنه لا يحرك ساكناً في سبيل ألا يغضب عليه مديره، وقد تمتد به التنازلات لخدمة المدير خارج العمل في أمور خاصة.
وجود فئة مثل هذه داخل أغلب المنشئات يهدد الأمن الوظيفي لكثير من الموظفين الشرفاء، الذين يضعون العمل نصب أعينهم دون ارضاءات رخيصة لشخص بعينه، وفي نفس الوقت نجد أن هذه المجهودات المضنية في العمل التي يقومون بها، يمكن وبكل بساطة أن تنسب إلى غيرهم وتسرق منهم دون أن يشعروا بذلك؛ لأن هذه الفئة من المتملقين لها مهارات منقطعة النظير في تضخيم أعمالها والاستعراض أمام الرؤساء بجهودهم الزائفة، بمعنى أن هؤلاء لديهم المقدرة على تسويق أنفسهم بشكل قد يدهشك وقد يجعلك في حيرة من هذه التمثيليات المحبوكة بمهارة عالية، وليس بالغريب على هؤلاء أن يصلوا إلى قلوب الرؤساء، بأن يتخذوا من الآخرين معبراً لهم حتى لو كلفهم الأمر العبورعلى أنقاض زملائهم بعد أن يمزقوهم بالوشايات والأحاديث الملفقة وحياكة المؤامرات في وضح النهار، المهم فقط هو الوصول والعمل بمبدأ أنا ومن بعدي الطوفان.
يبدو جلياً أن القائمين على أمر الموظفين من رؤساء باتوا لا يميزون بين أولئك الأنقياء أصحاب المبدأ والعطاء والإخلاص في العمل، وبين أصحاب الابتسامات الصفراء الذين يحملون سيف الغدر ليمزّقون به أحشاء كل من يحول بينهم وبين الوصول، أولئك الذين تسربت سموم التملق إلى دمائهم وجرت في عروقهم وزينت لهم طريق الخداع والرياء فأفسدت ضمائرهم، وهذا مردّه إلى أن معظم المدراء يهتمون فقط بالقالب الذى يقدم فيه العمل دون التقصي والاهتمام بجوهر العمل، والسعي للوقوف على كل التفاصيل، كما أن البعض من المدراء يستمعون باهتمام إلى كل ما يأتي إليهم من وشايات في مكاتبهم المكيفة المفروشة بأفخر أنواع السجاد، دون أن يكلفوا أنفسهم سماع الطرف الآخر، كما أنهم يتعاملون مع الموظفين البسطاء بسياسة التجاهل وعدم الالتفات إلى ما يبدونه من آراء ولا يدخرون وسعاً في العمل بمبدأ (فرِّق تسُد)، بتقريب عصبة من الموظفين إليهم، وزرعهم بين أقرانهم كي يتحاشوا تحالفهم عند ضياع الحقوق، ولا يفوت علينا أن هناك بعض المدراء مصابون بأمراض النرجسية وحب الذات، فالتطبيل والاهتمام والانكسار الذي يجدونه من المتملق يجد هوى في أنفسهم، فيدعمون المتملق وهم يعلمون تمام اليقين أنه لا يصلح للعمل، ومع ذلك يكون مقربًا إليهم.
إذا كنت صاحب مبدأ وقيم فأنت بالتأكيد ستكون محاطاً بكثير من المؤامرات والدسائس، وربما تخسر الكثير في سبيل الحفاظ على هذه القيم والمبادئ، لكن لا سبيل لك غير المقاومة والصمود، وأعلم أن الرزق لا يتسع بتقديم التنازلات، وحتماً ستجد بانتظارك أبواب أخرى كلما أغلقت في وجهك أبواب، وإن كنت من زمرة المتملقين فستصل الى أعلى المراتب وستتخلص من الذين جعلتهم خصومك ببراعة تحسد عليها، وستنجح فيما تصبو إليه من مخططاتك الانتهازية وستحصد كثيراً من الأموال وتجلس على ذلك الكرسي الذي طالما حلمت به، لكنك ستجد بانتظارك دعوة مظلوم وانتقام جبار ولو بعد حين.
فيا عزيزي المدير إن أجمل ما في الحياة قلب يرق فيرحم، ويساند ويخفف ويتواضع لله فيرفعه، فإن فعل العكس فلينتظر يوماً تستجاب فيه دعوة المظلوم، فيذله الله ويخضعه رغماً عنه، فيصبح أعزلاً مقهوراً بعد أن كان قوياً وجيهاً ميسوراً، اتقي دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب كما قال الحبيب ﷺ، ولا يظن كل منا أنه «هو المظلوم» وغيره دائماً هم الظالمون فتضيع القضية، وحاسب نفسك قبل أن تُحاسب.