• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

متعة الشعور الآنيّ

بواسطة الكاتبة : بشرى الأحمدي 04-08-2018 01:45 مساءً 567 زيارات
صوت المدينة - بشرى الأحمدي


أُلفّت العديد من المقالات و أُلقيت العديد من المحاضرات تمجيداً للحاضر و محاولة لإخبار من يملك حاضره أن يعيشه كما ينبغي. كتب كثيرة خُصصت لهذا الموضوع وحده مثل كتاب قوة الآن لأوبرا وينفري وكتاب (الهدية) الذي يتحدث من أول صفحة الى آخره عن الحاضر و هذه تورية عظيمة من الكاتب حيث أن الهدية باللغة الانجليزية تحمل معنى الحاضر كذلك، فكأنه يقول أن حاضرك هو كنزك العظيم.

إلا أنّ لا أحد منهم يخبرك بإسهاب يروي عطشك كقاريء وباحث عن السعادة عن الكيفية التي تعيش بها حاضرك، هل يعني ذلك نكران ماضيك وعدم التفكّر به أبداً وهل ينطوي على تجاهل المستقبل تماماً وعدم التخطيط له؟

ما يمكنني الجزم به هو أني لا أملك اجابة لذلك أيضاً، فلطالما كنتُ فاشلة في إخبار الآخرين ما يتوجب عليهم فعله، إنما أفعل ذلك من خلال اخبارهم عن شعوري تجاه الأشياء وهم بدورهم يتبعون حدسهم في وجوب تصديقي من عدمه.

كنتُ طوال حياتي أفعل ذلك بتلقائية دون أن أدرك قيامي بأمر جيّد سيقودني إلى صدف جميلة. كنتُ أقوم بما تتطلبه اللحظة بلا أدنى فكرة عما سيؤول إليه الأمر. أو كما يقول باولو كويلو في رائعته (الخيميائي): "إنني حيّ، عندما آكل، لا أفعل شيئاً آخر سوى الأكل. وعندما يحين وقت السير، أسير، هذا كل شيء"

لا يمكنك أن تفكر بكل شيء وكأن ترتيب الكون منوّط بما يعتمل عقلك من أفكار وخطط ثم تتوقع أن احجامك عن أمرٍ ما يعني أن تتقدم. حين تقف خوفاً من المستقبل فأنت لا تبارح مكانك، وحين تتردد حرصاً على ممتلكات الماضي فالكون كله يسبقك.

لقد رددتُ كثيرا أن الصدفة خدمتني كثيراً ، لكني الآن أدرك أن إقدامي الساذج خدمني أكثر، وأنا أصفه بالساذج لأنه لا يستند إلى أدلة ومعلومات و هو أيضاً غير واثق من قراره لكنه كان يتبع اللحظة. تماماً كما يقرر جسدك السير وسط حشد هائل من الناس ولا تملك أن تدفعه نحو الاتجاه الآخر، ببساطة لأن هذا ماتمليه عليك اللحظة.

تكون مدفوعاً بشيءٍ ما لاتعرف كنهته، قد يكون شعور الحماسة أو تحريض الفضول لمعرفة الخاتمة. لكن من المؤكد أنك تكون في أفضل حالاتك حينها، سعيداً راضياً و الأهم من ذلك كله مملوءاً بالحياة.

كيف ستكشف الحياة نفسها لك إذا كنت لا تطلب منها ذلك ؟

إن الحياة تحدث كل دقيقة، حتى إن تصورت أنت توقفها عن الحدوث عند حزنك أو إنتظارك أو انشغالك. لا شيء يجعل هذه الحقيقة أكثر وضوحاً سوى انتباهك الكامل و أعني بذلك ملاحظتك للأشياء أمامك حتى تلك التي اعتدت وجودها والطرق التي تحفظ تفاصيلها والأشخاص الذين تظنّ أنهم باقون معك للأبد. و مرة أخرى أستعين بالكاتب كويلو حين قال: "يمكن لحبة رملٍ واحدة أن تريك عظمة الخلق"

إن سرعة الأيام التي نشكو منها يمكن ابطاءها حين نتوقف عن النظر للأمور من علياء وكأنها صغار قطيع لا يهمّنا أمرها... حين نتواضع بإحساسنا لنتفقّدها حتى لو فقدنا خلال ذلك القطيع بأكمله و الخطّ الذي رسمناه له. إن مجرد الانبهار اللحظي والسعادة الآنيّة تستحق عناء ذلك.



إعتادت إحدى الفتيات اللتي جمعني بها مكان عمل أن توقف ضحكاتنا وحديثنا وتفرد يديها بطريقة مسرحية وهي مغمضة العينين وتقول: "دعونا نعيش اللحظة"

كنا نتندّر من عادتها تلك في البدء لكننا لاحقاً قدّرنا قيمة الالتفات إلى الأشياء التي تبدو عادية كتبادل الأحاديث والضحك مع الزميلات.

الآن كلما شاهدتُ إعلان لوحي الشوكولا الشهير الذي يقترح أن "توقف لحظة وتعيش الفرحة" ابتسمتُ ممتنة لتلك الزميلة التي علمتني ما لم تعلّمني إياه الكتب التي قرأتها؛ كيف يمكن للحياة أن تكون ملوّنة رغم الشحوب الذي اعتدناه.

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر