الحزن ضرورة فطرية أم رفاهية؟
صوت المدينة - بشرى الأحمدي
الحزن صغر أم كبر هو شعور فطري و غريزي يمرّ به الشخص يومياً أكثر من مرة. منذ الصباح حتى موعد النوم توجعك أشياء، ذكريات ، أمور لم تتوقع حدوثها ، خطط لم تسِر كما أردت لها فتشعر بهذا الاحساس السلبي المقيت بدرجات مختلفة تعتمد على حجم المصاب ثم على درجة تحكمك بأعصابك و تضخيمك للأمور.
إن الشعوب التي تحارب الفقر والمجاعة و الأمراض القاتلة كالملاريا لديها من الهموم مايكفيها لتحزن. هم لا يلتفتون لصغار الأمور كفوات موعد رحلة سياحية إلى أوروبا مثلاً. لديهم ألف سبب للحزن ومع ذلك يوفّرون خلايا الاحساس به ويوجهونها الى أمور أكبر و أهم.
لو سألت رجلاً من النيجر عن عدد المرات التي شعر فيها بالأسى خلال الشهر المنصرم لقال بأنها مرتين فقط؛ حين ضاعت الشاة التي يعوّل عليها كطعام لأولاده و حين قالوا له في المستشفى بأن ابنته مصابة بمرض سوء التغذية.
في الطرف الآخر من العالم ، يحزن رجل يمتلك المال والمسكن والطعام والماء بوفرة بنفس المقدار تماماً و ربما أكثر. انه يحزن لأن فريقه المفضل خسر مباراة في كرة القدم أو لأن الشركة التي تصنّع نوع السجائر الذي يحبه توقفّت عن تصديرها لبلاده.
نحن المترفون الذين لا نقتتل لأجل لقمة أو ماء، نحن الذين يقينا سقف فخم وتسندنا جدران مزخرفة نختلق الحزن لأننا نحتاجه .. نحزن على ظفرٍ انكسر أو شخص مشهور اعتزل مهنته.
هذا الاحتياج الفطري لشعور خلقه الله وأوجده في أنفسنا يبدو رفاهية حين لا يكون هناك داعٍ حقيقي له. حين يكون مجرّد رغبة لنحسّ بإنسانيتنا التي نعتقد أننا فقدناها في مكانٍ ما وسط هذا الزخم من النعم.
اكتملنا حدّ النقص. الكمال الذي يُشعرك بأنه لابد وأن يكون هناك شيئٌ ينقصنا، لايمكن لكل هذا الرخاء أن يكون حقيقياً ، إما أن هناك عيوباً نختلقها ونبحث عنها أو أنه محض زيف.
هذا التفكير يدفعنا للبكاء على فيلم أو استحضار ذكرى موجعة قديمة دون سبب لذلك. يجعلنا نفتّش بين أكوام السعادة عن فتات وجع نواري بها سوأة ترفنا الفاضح.
كما أن الحزن يكون ضرورة بشرية حين يغسل أرواحنا ويعيد اتصالنا بفكرة الكون الأولى "التعب والكفاح". نبكي و نقلق و نكتئب رغم مرور الأيام بسلاسة لأننا ندرك عميقاً في قلوبنا أن الاعتلال هو سنة الحياة و أننا أضعف من كل شيئ يحدث حولنا، أضعف من التعليقات الجارحة وان كانت بسيطة ، و من الخسارات المتكررة وان كانت ضياع نظارة شمسيّة ، و من اللحظات الغير مكتملة وان كانت نسيان اجابة واحدة في اختبار.
كل ذلك يتمكّن منّا أخيراً و يفرض الحزن نفسه علينا.. نصبح نحن و ضحايا الحروب في منزلة واحدة من الأسى ولا نخجل ان فاقت دموعنا دموعهم. فالألم ليس على قدر الجرح بل على قدر الاعتياد.
الحزن صغر أم كبر هو شعور فطري و غريزي يمرّ به الشخص يومياً أكثر من مرة. منذ الصباح حتى موعد النوم توجعك أشياء، ذكريات ، أمور لم تتوقع حدوثها ، خطط لم تسِر كما أردت لها فتشعر بهذا الاحساس السلبي المقيت بدرجات مختلفة تعتمد على حجم المصاب ثم على درجة تحكمك بأعصابك و تضخيمك للأمور.
إن الشعوب التي تحارب الفقر والمجاعة و الأمراض القاتلة كالملاريا لديها من الهموم مايكفيها لتحزن. هم لا يلتفتون لصغار الأمور كفوات موعد رحلة سياحية إلى أوروبا مثلاً. لديهم ألف سبب للحزن ومع ذلك يوفّرون خلايا الاحساس به ويوجهونها الى أمور أكبر و أهم.
لو سألت رجلاً من النيجر عن عدد المرات التي شعر فيها بالأسى خلال الشهر المنصرم لقال بأنها مرتين فقط؛ حين ضاعت الشاة التي يعوّل عليها كطعام لأولاده و حين قالوا له في المستشفى بأن ابنته مصابة بمرض سوء التغذية.
في الطرف الآخر من العالم ، يحزن رجل يمتلك المال والمسكن والطعام والماء بوفرة بنفس المقدار تماماً و ربما أكثر. انه يحزن لأن فريقه المفضل خسر مباراة في كرة القدم أو لأن الشركة التي تصنّع نوع السجائر الذي يحبه توقفّت عن تصديرها لبلاده.
نحن المترفون الذين لا نقتتل لأجل لقمة أو ماء، نحن الذين يقينا سقف فخم وتسندنا جدران مزخرفة نختلق الحزن لأننا نحتاجه .. نحزن على ظفرٍ انكسر أو شخص مشهور اعتزل مهنته.
هذا الاحتياج الفطري لشعور خلقه الله وأوجده في أنفسنا يبدو رفاهية حين لا يكون هناك داعٍ حقيقي له. حين يكون مجرّد رغبة لنحسّ بإنسانيتنا التي نعتقد أننا فقدناها في مكانٍ ما وسط هذا الزخم من النعم.
اكتملنا حدّ النقص. الكمال الذي يُشعرك بأنه لابد وأن يكون هناك شيئٌ ينقصنا، لايمكن لكل هذا الرخاء أن يكون حقيقياً ، إما أن هناك عيوباً نختلقها ونبحث عنها أو أنه محض زيف.
هذا التفكير يدفعنا للبكاء على فيلم أو استحضار ذكرى موجعة قديمة دون سبب لذلك. يجعلنا نفتّش بين أكوام السعادة عن فتات وجع نواري بها سوأة ترفنا الفاضح.
كما أن الحزن يكون ضرورة بشرية حين يغسل أرواحنا ويعيد اتصالنا بفكرة الكون الأولى "التعب والكفاح". نبكي و نقلق و نكتئب رغم مرور الأيام بسلاسة لأننا ندرك عميقاً في قلوبنا أن الاعتلال هو سنة الحياة و أننا أضعف من كل شيئ يحدث حولنا، أضعف من التعليقات الجارحة وان كانت بسيطة ، و من الخسارات المتكررة وان كانت ضياع نظارة شمسيّة ، و من اللحظات الغير مكتملة وان كانت نسيان اجابة واحدة في اختبار.
كل ذلك يتمكّن منّا أخيراً و يفرض الحزن نفسه علينا.. نصبح نحن و ضحايا الحروب في منزلة واحدة من الأسى ولا نخجل ان فاقت دموعنا دموعهم. فالألم ليس على قدر الجرح بل على قدر الاعتياد.