فلسطين ذلك البلد الحزين
صوت المدينة - باسم القليطي
ولازالت فلسطين تنزف وتتألم, ولازلنا منها نعتذر ونتعلم, كم أخجلونا بنضالهم, وكم أحرجونا بمقاومتهم, فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم, بل يشاركهم فيها كل المسلمين, لكنهم يقاتلون نيابةً عنا, فمنهم تعلمنا كيف يكون الكفاح, وعلى أيديهم تتلمذنا كيف تكون التضحية والفداء, هم أساتذة في الشرف والكرامة, حتى صارت لهم ميزةً وعلامة, صغاراً وكباراً, رجالاً ونساء, بإيمانهم أقوياء, وبابتسامة النصر أغاظوا الأعداء, سلاحهم فقط حجارة, لكنها أرعبت وأوجعت, وأثبتت أن الفلسطيني شجاع, ولا يبالي بهؤلاء الرِعاع, الذين حملوا البنادق, واختبئوا في الخنادق, لأنهم خونة جبناء, محتلين أشقياء, ماذا لو كان الفلسطيني يملك سلاحاً, ماذا لو كان هذا السلاح مجرد سكين.
فلسطين هذه الأرض المُقدّسة المُباركة مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وموضع عروجه للسماء, قال الله عز وجل في أول سورة الإسراء : )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ : المسجدِ الحَرامِ، ومسجدِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومسجدِ الأقصى) وهذا دليل على استحباب زيارة المسجد الأقصى للعبادة, وقد ورد في الأحاديث النبويّة أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة, والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة, والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة. وثاني مسجد وُضع في الأرض بعد المسجد الحرام هو المسجد الأقصى, وبينهما أربعون عاماً, وقد كان المسجد الأقصى قِبلة المسلمين الأولى قبل تحويلها إلى مسجد الله الحرام, كما روى البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال : صلينا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نحو بيتِ المقدسِ ستةَ عشرَ شهرًا أو سبعةَ عشرَ شهرًا. ثم صُرِفنا نحو الكعبةِ.
في عام 15 هجري في عهد الفاروق (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه, فتح المسلمون القدس بقيادة (أبو عبيدة عامر بن الجراح) رضي الله عنه, وبعد حصار دام قرابة أربعة أشهر ومفاوضات مع قائد النصارى وافق على الصُلح واشترط ألا يدخل القدس أحد قبل أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه, وعندما علم الفاروق بذلك تحرك فوراً إلى فلسطين هو وغلامه على بعير واحد, فكان يتناوب الركوب هو والغلام طوال الطريق, ولما وصلا إلى القدس كان دور الغلام في الركوب على البعير, وأراد الغلام أن يتنازل عن دوره لكي يدخل الفاروق القدس وهو راكب, لكنه أبى, ودخل القدس ماشياً ممسكاً بزمام البعير والغلام راكب, ولما رآه المسلمون كبروا وهلّلوا , ولما رآه النصارى تعجّبوا واستغربوا, هل يُعقل أن هذا الرجل الماشي على قدميه, المتواضع الثياب, هو قائد كل هؤلاء الأبطال. وجاء الرد أسرع مما يتوقعون فبعد أن عاهدهم رضي الله عنه بمعاهدة عُرفت بــ ( العُهدة العُمرية) والتي لازالت محفوظة في كنيسة القيامة, ومن يقرأها يجد فيها الرحمة والعدل والإحسان, وعندما كان الفاروق يتجول في القدس ومعه قائد النصارى, فإذا هم قد وصلوا إلى كنيسة القيامة فأذن المؤذن وهو فيها, فقال له البطريرك: صلِّ. فقال الفاروق مقولته المتسامحة العادلة: أما أني لو صليت هنا لأخذها منكم المسلمون فيما بعد ويقولون : صلّى عمر هنا.
واستمرت القدس تحت حكم المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين والعهد الأموي والعباسي حتى جاء عام 492 هجري فسقطت القدس بيد النصارى فيما يُعرف بـ (الحملة الصليبيّة) بعد خيانة الفاطميين للمسلمين, وتم قتل المسلمين في مجزرة دموية تم فيها قتل النساء والأطفال والشيوخ والعجائز حتى أن الدم وصل إلى الركب, تأمل فتّح المسلمين للقدس كيف كان, وتأمل مجازر النصارى في نفس المكان, وحاول المسلمون محاولات يائسة لاسترداد القدس ولكنها لم تكن قويّة لضعفهم وتفرقهم, وبسبب خيانات الفاطميين, واغتيالات الحشّاشين, إلى أن جاء البطل (عماد الدين زنكي) وتبعه من بعده ابنه الشجاع (نور الدين زنكي) الذي كان قائداً عظيماً تُكتب سيرته بماء الذهب, فقاتل الصليبين وأوجعهم, لكنه لم يسترد القدس, ووافته المنيّة وهو لم يحقق حلمه, ثم جاء القائد العظيم (صلاح الدين الأيوبي) الذي أكرمه الله عز وجل بفتح القدس مرةً أخرى, بعد أن انتصر على النصارى في معركة (حطين) عام 583 هجري فسقطت أمامه الحصون, وفُتحت له المدن, ثم جاء دور القدس فحاصرها وقصفها بالمنجنيق ورماها بالسهام حتى استسلموا له وعقدوا معه الصلح على أن يخرجوا من القدس بأموالهم وأمتعتهم ولكن دون سلاح, وعلى أن يدفع كل واحد منهم يريد الخروج ديناراً أو يبقى أسيراً, وجاءه بعض كبار السن والعجائز يقولون: لا نملك ما ندفع لك. فقال لهم : اخرجوا بأمان. كان (صلاح الدين) عظيم التسامح والرحمة مع من لا يستحقون, لأن كثيراً منهم عادوا بعد ذلك ليقاتلوه. ولم ينسى هذا القائد العظيم صاحب الوفاء أن يجلب للمسجد الأقصى منبراً كان قد بناه (نور الدين زنكي) قبل 20 سنة ليخطب عليه في المسجد الأقصى لكن الله لم يكتب له ذلك, وكان هذا المنبر موجود حتى عام 1960 م عندما أحرقه صهيوني لعين.
واستمرت القدس تُسلب وتُسترد, بين ضعفٍ وقوة, وخيانةٍ وأمانة, و فُرقة واتحاد, وصراعات وممانعات, ومكائد ومؤامرات, وهزائم وانتصارات, واخفاقات وبطولات, ومن بين تلك المواقف, موقف عظيم سجله التاريخ للخليفة العثماني السلطان (عبدالحميد الثاني) الذي رفض التخلّي عن فلسطين مقابل اغراءات كبيرة, حتى أن اليهود كانوا السبب في سقوطه ونفّيه, لأنه وقف في وجه مشروعهم وهو تأسيس دولة إسرائيل والتي تم الإعلان عن قيامها في عام 1948م , وتبعها الكثير من الجرائم والمجازر الصهيونية, وتوالت حروبنا مع اليهود عام 1967م و 1973م وكانت للملك (فيصل بن عبدالعزيز) رحمه الله مواقف مُشرِّفة ومُشرقة, وفي عام 1982م حدثت مجزرة (صبرا وشاتيلا) وهي مخيمات فلسطينية في لبنان, وكانت تلك المجازر بقيادة المجرم الهالك (شارون), وتوالت الجرائم والانتهاكات حتى قامت (الانتفاضة الأولى) عام 1987م وكانت انتفاضة شعبيّة شملت الكبار والصغار حتى أن الأطفال كانوا يواجهون الدبابات بالحجارة بكل شجاعة وإيمان, فظهر جيل تربى على العزّة والكرامة, على التضحية والمقاومة, واستمرت هذه الانتفاضة لعام 1995م , ثم عادت مرةً أُخرى في عام 2000م عندما قام الهالك (شارون) بالدخول للمسجد الأقصى تحت حماية جنوده مستفزاً مشاعر الفلسطينيين الذين (انتفضوا للمرة الثانية), وخلال هذه المواجهات سقط الطفل الشهيد (محمد الدّرة) وهو أعزل يحتمي فقط بكتف والده, ورصاص القناصة يحاصره, حتى سقط شهيداً أمام عدسات التلفاز, وقد شاهده العالم أجمع, وفي عام 2002 م قام اليهود بمجزرة (جنين), وكانت أمريكا هي الداعم الأكبر لدولة اسرائيل خلال تلك الجرائم والمجازر, حيث أنها اعترفت بالقدس عاصمةً لإسرائيل في نفس العام. وفي نهاية العام 2015م كانت الانتفاضة الثالثة (ثورة السكاكين), فتخيّل اليد التي كانت تُمسك بالحجارة فتُرعب, كيف حالُها وهي مُمسكة بسكّين, فتطعن المجرمين, وتدافع عن المساكين. وفي أيامنا هذه يُغلق العدو الصهيوني المسجد الأقصى في وجوه المصلين المسلمين لأول مره منذ خمسين عاماً, وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا تاريخ فلسطين والفلسطينيين, وهذه قضيةُ جميع المسلمين, فمن كان غافلاً تابعاً لهواه, ومن كان جاهلاً والتطبيع أنساه, فهذه الحقائق تُروى بالوثائق, لا اختلاف على صاحب الحق فيها, ولا مجال للتشكيك حولها, لا ننتظر من العالم الغربي الذي يقف متفرجاً حيال هذا العدوان والظُلم أن يُناصر قضيتنا, فأقصى ما يفعلوه للأقصى, الشجب والاستنكار, هذا إن فعلوا, ونحن المسلمين بالتأكيد مُقصّرين, لكننا سنكتب ونتكلم, ونُعلّم ونتعلم, لأن ضمير الأمة لازال فيه عرّقٌ بالدماء ينبض, ولأن وعيها لازال يقاوم الاحتلال ويرفض.
فلسّطيني يا فلسّطيني دمّك دمّي وديـنك ديني, جروحك أنزف ودموعك تبكّيني, تاريخ تسطَر ودروس تعطيني, ينصرك ربـي وتفداك عيني.
ولازالت فلسطين تنزف وتتألم, ولازلنا منها نعتذر ونتعلم, كم أخجلونا بنضالهم, وكم أحرجونا بمقاومتهم, فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم, بل يشاركهم فيها كل المسلمين, لكنهم يقاتلون نيابةً عنا, فمنهم تعلمنا كيف يكون الكفاح, وعلى أيديهم تتلمذنا كيف تكون التضحية والفداء, هم أساتذة في الشرف والكرامة, حتى صارت لهم ميزةً وعلامة, صغاراً وكباراً, رجالاً ونساء, بإيمانهم أقوياء, وبابتسامة النصر أغاظوا الأعداء, سلاحهم فقط حجارة, لكنها أرعبت وأوجعت, وأثبتت أن الفلسطيني شجاع, ولا يبالي بهؤلاء الرِعاع, الذين حملوا البنادق, واختبئوا في الخنادق, لأنهم خونة جبناء, محتلين أشقياء, ماذا لو كان الفلسطيني يملك سلاحاً, ماذا لو كان هذا السلاح مجرد سكين.
فلسطين هذه الأرض المُقدّسة المُباركة مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وموضع عروجه للسماء, قال الله عز وجل في أول سورة الإسراء : )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ : المسجدِ الحَرامِ، ومسجدِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومسجدِ الأقصى) وهذا دليل على استحباب زيارة المسجد الأقصى للعبادة, وقد ورد في الأحاديث النبويّة أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة, والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة, والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة. وثاني مسجد وُضع في الأرض بعد المسجد الحرام هو المسجد الأقصى, وبينهما أربعون عاماً, وقد كان المسجد الأقصى قِبلة المسلمين الأولى قبل تحويلها إلى مسجد الله الحرام, كما روى البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال : صلينا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نحو بيتِ المقدسِ ستةَ عشرَ شهرًا أو سبعةَ عشرَ شهرًا. ثم صُرِفنا نحو الكعبةِ.
في عام 15 هجري في عهد الفاروق (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه, فتح المسلمون القدس بقيادة (أبو عبيدة عامر بن الجراح) رضي الله عنه, وبعد حصار دام قرابة أربعة أشهر ومفاوضات مع قائد النصارى وافق على الصُلح واشترط ألا يدخل القدس أحد قبل أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه, وعندما علم الفاروق بذلك تحرك فوراً إلى فلسطين هو وغلامه على بعير واحد, فكان يتناوب الركوب هو والغلام طوال الطريق, ولما وصلا إلى القدس كان دور الغلام في الركوب على البعير, وأراد الغلام أن يتنازل عن دوره لكي يدخل الفاروق القدس وهو راكب, لكنه أبى, ودخل القدس ماشياً ممسكاً بزمام البعير والغلام راكب, ولما رآه المسلمون كبروا وهلّلوا , ولما رآه النصارى تعجّبوا واستغربوا, هل يُعقل أن هذا الرجل الماشي على قدميه, المتواضع الثياب, هو قائد كل هؤلاء الأبطال. وجاء الرد أسرع مما يتوقعون فبعد أن عاهدهم رضي الله عنه بمعاهدة عُرفت بــ ( العُهدة العُمرية) والتي لازالت محفوظة في كنيسة القيامة, ومن يقرأها يجد فيها الرحمة والعدل والإحسان, وعندما كان الفاروق يتجول في القدس ومعه قائد النصارى, فإذا هم قد وصلوا إلى كنيسة القيامة فأذن المؤذن وهو فيها, فقال له البطريرك: صلِّ. فقال الفاروق مقولته المتسامحة العادلة: أما أني لو صليت هنا لأخذها منكم المسلمون فيما بعد ويقولون : صلّى عمر هنا.
واستمرت القدس تحت حكم المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين والعهد الأموي والعباسي حتى جاء عام 492 هجري فسقطت القدس بيد النصارى فيما يُعرف بـ (الحملة الصليبيّة) بعد خيانة الفاطميين للمسلمين, وتم قتل المسلمين في مجزرة دموية تم فيها قتل النساء والأطفال والشيوخ والعجائز حتى أن الدم وصل إلى الركب, تأمل فتّح المسلمين للقدس كيف كان, وتأمل مجازر النصارى في نفس المكان, وحاول المسلمون محاولات يائسة لاسترداد القدس ولكنها لم تكن قويّة لضعفهم وتفرقهم, وبسبب خيانات الفاطميين, واغتيالات الحشّاشين, إلى أن جاء البطل (عماد الدين زنكي) وتبعه من بعده ابنه الشجاع (نور الدين زنكي) الذي كان قائداً عظيماً تُكتب سيرته بماء الذهب, فقاتل الصليبين وأوجعهم, لكنه لم يسترد القدس, ووافته المنيّة وهو لم يحقق حلمه, ثم جاء القائد العظيم (صلاح الدين الأيوبي) الذي أكرمه الله عز وجل بفتح القدس مرةً أخرى, بعد أن انتصر على النصارى في معركة (حطين) عام 583 هجري فسقطت أمامه الحصون, وفُتحت له المدن, ثم جاء دور القدس فحاصرها وقصفها بالمنجنيق ورماها بالسهام حتى استسلموا له وعقدوا معه الصلح على أن يخرجوا من القدس بأموالهم وأمتعتهم ولكن دون سلاح, وعلى أن يدفع كل واحد منهم يريد الخروج ديناراً أو يبقى أسيراً, وجاءه بعض كبار السن والعجائز يقولون: لا نملك ما ندفع لك. فقال لهم : اخرجوا بأمان. كان (صلاح الدين) عظيم التسامح والرحمة مع من لا يستحقون, لأن كثيراً منهم عادوا بعد ذلك ليقاتلوه. ولم ينسى هذا القائد العظيم صاحب الوفاء أن يجلب للمسجد الأقصى منبراً كان قد بناه (نور الدين زنكي) قبل 20 سنة ليخطب عليه في المسجد الأقصى لكن الله لم يكتب له ذلك, وكان هذا المنبر موجود حتى عام 1960 م عندما أحرقه صهيوني لعين.
واستمرت القدس تُسلب وتُسترد, بين ضعفٍ وقوة, وخيانةٍ وأمانة, و فُرقة واتحاد, وصراعات وممانعات, ومكائد ومؤامرات, وهزائم وانتصارات, واخفاقات وبطولات, ومن بين تلك المواقف, موقف عظيم سجله التاريخ للخليفة العثماني السلطان (عبدالحميد الثاني) الذي رفض التخلّي عن فلسطين مقابل اغراءات كبيرة, حتى أن اليهود كانوا السبب في سقوطه ونفّيه, لأنه وقف في وجه مشروعهم وهو تأسيس دولة إسرائيل والتي تم الإعلان عن قيامها في عام 1948م , وتبعها الكثير من الجرائم والمجازر الصهيونية, وتوالت حروبنا مع اليهود عام 1967م و 1973م وكانت للملك (فيصل بن عبدالعزيز) رحمه الله مواقف مُشرِّفة ومُشرقة, وفي عام 1982م حدثت مجزرة (صبرا وشاتيلا) وهي مخيمات فلسطينية في لبنان, وكانت تلك المجازر بقيادة المجرم الهالك (شارون), وتوالت الجرائم والانتهاكات حتى قامت (الانتفاضة الأولى) عام 1987م وكانت انتفاضة شعبيّة شملت الكبار والصغار حتى أن الأطفال كانوا يواجهون الدبابات بالحجارة بكل شجاعة وإيمان, فظهر جيل تربى على العزّة والكرامة, على التضحية والمقاومة, واستمرت هذه الانتفاضة لعام 1995م , ثم عادت مرةً أُخرى في عام 2000م عندما قام الهالك (شارون) بالدخول للمسجد الأقصى تحت حماية جنوده مستفزاً مشاعر الفلسطينيين الذين (انتفضوا للمرة الثانية), وخلال هذه المواجهات سقط الطفل الشهيد (محمد الدّرة) وهو أعزل يحتمي فقط بكتف والده, ورصاص القناصة يحاصره, حتى سقط شهيداً أمام عدسات التلفاز, وقد شاهده العالم أجمع, وفي عام 2002 م قام اليهود بمجزرة (جنين), وكانت أمريكا هي الداعم الأكبر لدولة اسرائيل خلال تلك الجرائم والمجازر, حيث أنها اعترفت بالقدس عاصمةً لإسرائيل في نفس العام. وفي نهاية العام 2015م كانت الانتفاضة الثالثة (ثورة السكاكين), فتخيّل اليد التي كانت تُمسك بالحجارة فتُرعب, كيف حالُها وهي مُمسكة بسكّين, فتطعن المجرمين, وتدافع عن المساكين. وفي أيامنا هذه يُغلق العدو الصهيوني المسجد الأقصى في وجوه المصلين المسلمين لأول مره منذ خمسين عاماً, وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا تاريخ فلسطين والفلسطينيين, وهذه قضيةُ جميع المسلمين, فمن كان غافلاً تابعاً لهواه, ومن كان جاهلاً والتطبيع أنساه, فهذه الحقائق تُروى بالوثائق, لا اختلاف على صاحب الحق فيها, ولا مجال للتشكيك حولها, لا ننتظر من العالم الغربي الذي يقف متفرجاً حيال هذا العدوان والظُلم أن يُناصر قضيتنا, فأقصى ما يفعلوه للأقصى, الشجب والاستنكار, هذا إن فعلوا, ونحن المسلمين بالتأكيد مُقصّرين, لكننا سنكتب ونتكلم, ونُعلّم ونتعلم, لأن ضمير الأمة لازال فيه عرّقٌ بالدماء ينبض, ولأن وعيها لازال يقاوم الاحتلال ويرفض.
فلسّطيني يا فلسّطيني دمّك دمّي وديـنك ديني, جروحك أنزف ودموعك تبكّيني, تاريخ تسطَر ودروس تعطيني, ينصرك ربـي وتفداك عيني.
هكذا تبقى فلسطين حية في ضمير العالم. طالما فيها من هو مثلكم استاذ باسم
بارككم الله ونصر اهلنا في فلسطين ورزقنا صلاة في الاقصى المبارك عاجلا غير آجل