• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

كيف يصبح الظالم أظلم؟

بواسطة الكاتبة : بشرى الأحمدي 05-29-2017 03:12 مساءً 4773 زيارات
صوت المدينة - بشرى الأحمدي


تابعتُ مثل الملايين غيري زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض برفقة ابنته ايڤانكا التي أثارت جدلاً كبيراً.
أدرك أن حضور فتاة جميلة بصفة سياسية دون عباءة او حجاب يُعدّ حدثاً غريباً بالنسبة للسعوديين وأدرك أنه كان لابد أن يثير زوبعة من التعليقات والنكات و "الطقطقة"، لكن أن يصل الأمر الى حدّ اعتبارها نموذجاً للأنوثة الغير مسبوقة ورمزاً للكفاح والسلطة وكأن العالم خلا الا منها فهذا مايثير السخرية والحنق على حدٍ سواء.

فما بين شعراء يطلبون منها الزواج بقصائد باذخة الغزل والارتماء ورجل يسمّي ابنته تيمناً بها ومابين هاشتاق يقارن بينها وبين النساء السعوديات والعربيات وطلبات للفستان الذي ارتدته وكأن النساء قبلها لا يعلمن ماذا يرتدين، وسط كل ذلك تعززّ لدى العالم أجمع أننا دولة من العالم الثالث حقاً ولو لم نكن كذلك لاعتززنا بما لدينا مع عدم ممانعة ابداء اعجاب بسيط بفتاة غنية مدللة جاءت مع والدها لزيارة بلدنا.

إنك حين تمجّد الآخرين باسفاف ومغالاة تعترف ضمناً بدونيتك عنهم وان لم تكن. حتى وان كان الطرف الآخر يكنّ لك قليل احترام واعتراف بالتفوّق، فإن ذلك سيتلاشى تماماً عند ركوعك له.

قبل عدة سنوات حضرتُ اجتماعاً يضمّ نسوة من مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية. غالبهنّ كنّ ربات منزل أو موظفات حكوميات. كان الوضع اعتيادياً، قليل من المجاملات والابتسامات اللطيفة والأحاديث الوديّة حتى دخلت سيدة تعارض تواضعها الجليّ مع تملّق الأخريات لها. ركضت السيدات يحضرن لها كرسياً ويجاملنها بالقهوة والحلوى. بل أنها حين شاركتهنّ الحديث، كنّ يوافقن على كل ماتقول دون نقاش. شعرت بالحرج البالغ من تصرفاتهنّ كما أعتقد أنها هي لم تشعر بالراحة من هذا "التأليه" الغير مبرر سوى أنها حاصلة على درجة الدكتوراة! . كلهنّ سيدات فاضلات لديهنّ نجاحاتهنّ الخاصة وآرائهنّ التي تستند على خبرة عريضة و رؤية عميقة فلمَ سلبن أنفسهنّ الحق في الاعتراف بمزاياهنّ واقررنّ بكامل التميّز لها وحدها؟

هذا المشهد يتكرر كثيراً بأشكال مختلفة بالذات في عصرنا الذي يلمّع الكثيرون فيه حياتهم ومواقفهم فينخدع البسطاء ويظنّون بأن الله كتب الحياة الكاملة لغيرهم واختصّهم بالبؤس والصراعات وقلّة الحظ في المال والجمال والوظيفة والمناصب.

ان اعترافك للآخرين بتفوقهم لايعني تقزّم ذاتك. يمكنك انزال الناس منازلهم بحسب أعمارهم ومستواهم الأكاديمي وعلاقتك الشخصية بهم دون الاضرار بنظرتك لنفسك ونظرة الآخرين لك.

احترم بلدك مهما كان متخماً بالعيوب، اعتزّ بهويتك وآمن أن لكلّ شعب وأمّة معتقدات وعادات تضاهي غرابة وخصوصية معتقداتك وعاداتك، قدّر الجمال الذي حولك وتعلّم ان اعتيادك عليه لايعني أنه أقلّ من غيره. فكما تبهرك العيون الملوّنة والشعر الأشقر، هناك من تفتنه العيون السوداء والشعر الداكن، قف قليلاً وتأمّل انتصاراتك الشخصية التي تعتقد أنها بديهية وهي على غيرك صعبة شاقّة، فكما تدهشك قدرة البروفسور على تحليل المعادلات الرياضية وحلّها، هناك من تبهره قدرتك على ادارة منزل والاعتناء بكل فرد فيه من مأكل وملبس وترفيه وحنان.

يقول مالك بن نبي "كل قصة استعمار سبقتها قصة شعب قابل للاستعمار"

الشعوب التي تعادي هويتها ويضعف لديها الفخر بذاتها تصبح فريسة سهلة للاستعمار الفكري بل وحتى الاستعمار الكامل. وماينطبق على الجماعات ينطبق على الفرد. شعورك بالدونيّة يحفّز الآخر لاتخاذك ضحية ويصبح الظالم -معك- أظلم.

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر