في جسدك "مضغة"
صوت المدينة - منى كنعان
خرجتُ في مهمةٍ عائليةٍ فإذا بي أصادف قطة، حسبتها نائمةً لولا أنها كانت تتباطأ بحركتها بطريقةٍ منهَكة ومريبة، لمحت بجانبها ساندويتش (برغر) مستهلك بدا لي أنها كانت تأكله .
وبسبب علاقتي المتوترة مع القطط خشيت الاقتراب أكثر، وقفتُ أشعر بضعفي وعجزي كما لم أشهده من قبل، انكمَشت أطرافي حينما حاولت التقدّم نحوها وركضتُ إلى السيارة مسرعة،
تمنيت لو أنّي بطلةً تتحدى الفوبيا لأنقذ ما يمكن إنقاذه لكني حقيقةً لم أكن قويةً بما يكفي لأكسر حاجز الخوف بيننا.
عدت من المهمّة بعد ساعتين تقريبًا فوجدتها على حالها ولكنها فارقت الحياة.
قسوة القلب قد تبدأ من قطة!
من حيوانٍ ضعيف يتعذّب أمامك ولا تملك تجاهه قدرة التصرّف،
عجبتُ لمن مرّ من ذات الطريق كيف رآها ومشى كأنه لم يلحظها أبدًا!
لربما كان جريئًا، أو تركها لمن سيأتي بعده،
ألا يوجد على هذا الرصيف من لا يخشى القطط؟
أم أن الناس قد اعتادوا على حوادثها سواءً بالدعس أو غيره.
اتّضح لي أخيرًا بأنّ دهشة العنف قد تبدأ بالاندفاع، وتنتهي بالاعتياد!
كمن اعتاد على رؤية فيديوهات الدم والتعذيب وتناقلها بدون أيّ وعي بأنّ من يُغرِق عينه بمظاهر الدماء يزدادُ قسوة ، وتلقائيًا يألف ما ليس عاديًا ولم يكن عاديًّا!
ما يؤكد لي قاعدة: " كل ما تكرّر تقرّر"
أي أنك كلما رأيت مالا يعجبك وتمعّنت به وتكرر لابدّ وأن يستقر في قلبك حتى يصبح بالنسبة لك طبيعيًا.
وها نحن نرى جمود أهل الأرض أمام هدر الدم،
والضحك وتبادل الأحاديث في العزاء، وصلابة الإنسان تجاه دموع الآخرين وبكائهم،
وهذا ما نخشاه، أن يغدو القلب عضوًا فقط لا مركزًا أساسيًا لكل عاطفة!
فهل ما زالت إنسانيّتنا حيةً تتنفس ؟
خرجتُ في مهمةٍ عائليةٍ فإذا بي أصادف قطة، حسبتها نائمةً لولا أنها كانت تتباطأ بحركتها بطريقةٍ منهَكة ومريبة، لمحت بجانبها ساندويتش (برغر) مستهلك بدا لي أنها كانت تأكله .
وبسبب علاقتي المتوترة مع القطط خشيت الاقتراب أكثر، وقفتُ أشعر بضعفي وعجزي كما لم أشهده من قبل، انكمَشت أطرافي حينما حاولت التقدّم نحوها وركضتُ إلى السيارة مسرعة،
تمنيت لو أنّي بطلةً تتحدى الفوبيا لأنقذ ما يمكن إنقاذه لكني حقيقةً لم أكن قويةً بما يكفي لأكسر حاجز الخوف بيننا.
عدت من المهمّة بعد ساعتين تقريبًا فوجدتها على حالها ولكنها فارقت الحياة.
قسوة القلب قد تبدأ من قطة!
من حيوانٍ ضعيف يتعذّب أمامك ولا تملك تجاهه قدرة التصرّف،
عجبتُ لمن مرّ من ذات الطريق كيف رآها ومشى كأنه لم يلحظها أبدًا!
لربما كان جريئًا، أو تركها لمن سيأتي بعده،
ألا يوجد على هذا الرصيف من لا يخشى القطط؟
أم أن الناس قد اعتادوا على حوادثها سواءً بالدعس أو غيره.
اتّضح لي أخيرًا بأنّ دهشة العنف قد تبدأ بالاندفاع، وتنتهي بالاعتياد!
كمن اعتاد على رؤية فيديوهات الدم والتعذيب وتناقلها بدون أيّ وعي بأنّ من يُغرِق عينه بمظاهر الدماء يزدادُ قسوة ، وتلقائيًا يألف ما ليس عاديًا ولم يكن عاديًّا!
ما يؤكد لي قاعدة: " كل ما تكرّر تقرّر"
أي أنك كلما رأيت مالا يعجبك وتمعّنت به وتكرر لابدّ وأن يستقر في قلبك حتى يصبح بالنسبة لك طبيعيًا.
وها نحن نرى جمود أهل الأرض أمام هدر الدم،
والضحك وتبادل الأحاديث في العزاء، وصلابة الإنسان تجاه دموع الآخرين وبكائهم،
وهذا ما نخشاه، أن يغدو القلب عضوًا فقط لا مركزًا أساسيًا لكل عاطفة!
فهل ما زالت إنسانيّتنا حيةً تتنفس ؟