المبتعثون ورمضان

أقبل رمضان ولم يتبقى الكثير، رمضان شهر له قيمة إسلامية كبيرة في نفوس أبناء الأمة الإسلامية جميعاً، ولا شك أن له ولتعظيمه أهمية كبيرة أيضاً لدى غيرهم من الأمم الأخرى وإن كانوا لا يشاركوننا الشعيره.

ما إن يهل رمضان علينا إلا وتحل البهجة والروحانية في نفوسنا استبشاراً وطمأنينة، في بلاد الإسلام يستشعر الجميع هذه الأحاسيس. فتنتفض البيوت استهلالاً وتكبيراً، وتضج المآذن وتكتظ المساجد بالمصلين، المساجد عامرة بالقرآن ولساعات طويله، والمسلمين تتهذب نفوسهم وتخضع جوارحهم وتستسلم قلوبهم بطهر لتعاليم خالقها وتوجيهات نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.

منازلنا في رمضان عامرة بالزيارات والتواصل والسؤال، في رمضان تسقط الضغائن وتتصافى الأرواح، شهر الخير يجمع المسلمين بأهلهم وأحبابهم، لرمضان نكهة خاصه وروحانية منفرده عن باقي الأشهر، هو بمثابة الشفاء والتعافي من جميع العلل البدنية أو النفسية أو حتى الروحية، يحل علينا رمضان فيغسل ذنوباً أثقلت كواهلنا طيلة عام انصرم.

أكثر سؤال يتبادله المبتعثون هذه الفتره هل ستصوم رمضان هنا؟؟!!
المبتعثون في رمضان كحال باقي المسلمين في جميع الأصقاع، يستبشرون ويهللوون، وكثير منهم يخطط لإجازته السنويه ليقضي رمضان بين أهله وأحبابه، وفي روحانية بلاد المسلمين.
لكن القليل منهم يضطر للبقاء وقضاء رمضان في بلاد الغرب وبين أهل الكتاب. لأسباب دراسية تخرج عن سيطرته.


قضيت رمضان بين الإنجليز أكثر من سنة، ولا شك أني في أول سنة لم أكن أتخيل أني سأستطيع أن أتحمل البعد عن السعوديه، فلا شيء يماثل جمال رمضان في بلاد الحرمين بين أصوات المآذن وتكبيرات المصلين وبسمات الإخوة والأحبة، وجمعتهم وقت الإفطار وتذوق التعب وتحمل عناء الصيام ومشاركة الإحساس، كانت كل هذه التساؤلات تراودني.
ولكني أتذكر أول يوم في رمضان 2009عندما اضطررت لقضائه هنا. كان أول يوم هو الأصعب فطول ساعات النهار والوحدة وعدم سماع الأذان ولا قرآءة التراويح، أدمعت عيني كثيراً، ولكن لم ألبث أن تعودت عليها وتأقلمت فمتابعة القنوات الفضائية الإسلامية ونقل صلاة التراويح في كثير من القنوات خفف شيء من حنيني.
كما أن استشعار قيمة الصيام والطمأنينة الربانية التي تنزل على قلوب المسلمين هذا الشهر العظيم تتجاوز حدود الأماكن.


رمضان يهل بعد أيام فاستبشروا أيها المسلمون في كل أنحاء الأرض هو شهر روحاني بالدرجة الأولى شهر كريم من رب عظيم، يتجاوز كرمه حدود الأوطان والأهل والأحباب، زوروا المساجد في بلاد الغرب واجتمعوا بإخوانكم المسلمين من كل أقطار الأرض، اصنعوا الطعام وأقيموا حلق الذكر، اخلقوا لأنفسكم أجواء أسرية، المسلمين في بريطانيا كثير تجاوز عددهم مليونين حسب آخر الإحصائيات، وهاهم الإنجليزية استشعروا قيمة وأهمية هذا الشهر للمسلمين وبادرت إحدى قنواتهم بنقل أذان الفجر حياً كل يوم من شهر رمضان هذا العام.

هنيئاً لنا بقدومك يا شهر الرحمة والتآلف والخير، وهنيئا لكل مسلم نوى صيامه وقيامه واستشعار عظمته، هنيئاً لكل نفس نوت الأوبة لخالقها، والتوبة من ذنوبها، وهنيئاً لكل شخص عزم على تهذيب شخصه وترويض نفسه على الطاعات، اللهم بلغنا رمضان ونحن بصحة وعافية وأمان، اللهم وارزقنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه.



بقلم نحاء السبيعي - أكاديمية مبتعثة

@N1H11