• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

( مَوْتُهُ أَحْيَانِي )

بواسطة جويرية الغضية 04-09-2016 06:03 مساءً 12092 زيارات
صوت المدينة / جويرية الغضية

تأملت وجهه الشاحب ، وملامحه التي تبدو وقوره ،هادئ كمومياء بلونه وشكله .

كنت أُطيل النظر إلى صدره العاري إلا من أجهزة تتابع أنفاسه، ونبض قلبه المناضل من أجل الحياة .

زال حتى اللحم ولم يبقى الا جلد على العظم .

جار عليه الزمان، وبانت التجاعيد على جسده المتهالك ،
ولا يقطع صمت تأملي الا تأوهات المرضى المجاورين، أو صوت أبي الذي يطلب مني غلق الستارة رحمة بقلبي .

هذا كان وردي اليومي منذ أتيت مع والدي العظيم للمستشفى، وهذا الكهل لا يفارق عيناي .

بناته وأولاده يتناوبون لتلاوة القران له والدعاء وتلقينه الشهادة ،كأنهم يساعدون روحه ان تفارق جسده ،صوتها لايزال يرن في اذني وهي تتوسل الله ان يريح والدها .

وفي منتصف ثالث ليلة وكعادتي سرحت في عوالمي بهذا الرجل ولكن الوضع يختلف اليوم.

كنت أتابع بذهول أقدامه التي وضعها على بعضها ،و شعرت فعلاً أن احداً يجتذب شيء من صدره حتى وصل لحلقه وزادت الحشرجة .

عيناه محملقتان في أمر كان أمامه وكأنه يرجوه ان يتركه ، لكن النزع يزداد ، وبلا هواده .

الاطباء حوله وابنه معهم لم يخففوا عنه وطء الاحتضار واكتفى ابنه بمسح رأسه والبكاء عليه .

بعد دقائق هدأت الأجهزة ومن شدتها ظننتها نيفاً من السنون .

أغلق الطبيب عينيه التي الى اخر لحظة كان ينظر الى ذلك المجهول حتى اختفى سوادها ولم يظهر منها الا البياض .

بدأت بروتوكلات العزاء من بكاء الابناء وتجهيزه ..الخ ،في تلك الاثناء التفت على والدي واخبرته وبكل برود :مات الرجل .

لا اخفيكم شعرت اني فقدت الكلام وقتهاولم يعد لي رغبة في الكتابة عشرين عاماًوفي العام السبعين قررت ان اكتب ، انتهت القصة وبدأت من جديد .

هذا الموقف أحيا بداخلي أملاً كبيراً ورغبةً في الحياة .

او تستحق الهموم التلبث بها ونهايتنا احتضار ؟
ربما يظن البعض اني مجنونة لما سأقوله الان .

مشهد الموت هذا أحيا بداخلي حياة !
كنت أفكر كثيراً هل عاش كما ينبغي ؟
وأعطى الله ونفسه ومن حوله ؟
هل كان يوماً هو واخوته يتحلقون حول امهم ؟
ويسابقون الريح لعناق والدهم ؟
هل جرب ان يقسم البرتقالة ويضعها في افواه صغاره كما الطيور تتسابق اللقم !
تزاحم مفردات وتساؤلات ليس لها حد في رأسي .

أتوقع ملاحقة الزمان ، والسباق مع الوقت ، وركوب عجلة الحياة بطريقة مختلفة ، تجربة تستحق التجربة .

لا أقول كلاماً مكرراً أو من غير جدوى .
لو جربنا ان نعيش كل لحظة بلحظتها .
نعيش الحزن ونبكي ونصرخ ونخبر الجميع بحزننا .
وبعدها نذهب لأغلى مكان لبيع الشوكلاتة ونشتري اغلى قطعة تناسب ذائقتنا .

ولو حصل لك امر يفرحك ، اقفز وسابق الهواء اصرخ بصوت عالي ليسمع كل من في العالم صوت فرحتك .

اعزم الاصدقاء على كوب شاي بهذه المناسبة واجعل سكره وحلاه سعادتك ، ستختلف الحياة بأعيننا !

اجعل من أوراق الجرجير طوقاً ناعماً او من اغصان الازهار اقلاماً او اركب الأمواج وارتدي الزلاجات أو أي أمر غريب عليك .

نحتاج للضحك الذي نفقد فيه سلوى المكان وتدمع اعيننا منهونحتاج لاحتضان العالم اجمع فلنجرب !

اقتل جو العادة واصنع الجديد لنفسك ،اختلق نغماً أخراً غير الذي اعتدت عليه .

لاشيء يستحق الانتظار أو التسويف فالعمر يهرول والوقت يداهم والعمل لن ينتهي .

بل يجب ان نستغل كل ثانية في الحياة لأجل انفسنا ،نحب ونعطي ونحترم من حولنا ونقدم الخير ونسعد الجميع ونمارس جنون العاقلين .

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • عزيز وهبى
    04-09-2016 07:46 مساءً
    أسأل المولى عز وجل أن يطيل عمر والدك وأن يسبل عليه الستر والعافية وأن يجعلك قرة عين له. المشهد اللذى وصفتيه بدقة متناهية مشهد مهيب فهو صراع بين الرغبة والعجز *.رغبة الأبناء فى شفاء والدهم وعجزهم عن تحقيق ذلك وإن كان موته أحياك واستثار فيك *. الأسئله فموته وهب ابناؤه الفقد وسلبهم الصحبه*
  • أمجد
    04-09-2016 10:10 مساءً
    نعم،
    اطلب الموت توهب لك الحياة !!!
    ما قلتيه في المقالة صحيح، نحن فقط نخاف أن نعيش حياتنا إلى أن يأتينا الموت، نحن فقط جبناء أمام الحياة !!!
أكثر