سياحة أم استباحة !
صوت المدينة / باسـم القليطي
عند اقتراب أي إجازة يكون السؤال المُلحّ بين الأُسر : أين سنسافر هذه الإجازة ؟ وأي دولةٍ أو مدينةٍ سنقصدها ؟ بالتأكيد ستختلف الأجوبة باختلاف الوضع المادي للأسر، فهناك أُسر يسمحُ وضعها المادي بخياراتٍ كثيرة جميعها خارج حدود الوطن ، وهناك أُسر خياراتها معدودة ومحدودة في بعض المدن ، وهناك بعض الأسر يُعتبرُ مجردُ طرح السؤال بينها نوعٌ من الترف المُغلّف بالمرارة والحُزن .
وسأقتصر الحديث هنا عن الطبقة المتوسطة التي ينتمي إليها أغلبُ الناس وأنا منهم ، فأعرف ظروفها ومدخولها ومصروفها ، فنحن أصحابُ هذه الطبقة إذا أردنا السفر إلى الخارج أعددنا العُدّة قبلها بمدّة ، ومع ذلك عندما يحين موعدُ السفر قد نضطر للأسف للاستدانة والسلف ، أما إذا أردنا السياحة الداخلية ورغبنا مثلاً التمتع بالشاليهات البحرية ، فقد تصيبنا صدمةٌ عصبيّة من هول الأسعار الخياليّة ، والمشكلة أنه لا يوجد بديلٌ ثاني ولا خيارٌ آخر ، وكأن لسان حالهم يقول : إذا أردت أن تتمتع بالهواء العليل وبمنظر البحر ، فما ستدفعه قليل وليس لك إلا الصبر ، وإذا رفضت وقلت : لا أريدكم وأسعاركم هذه لن أدفع ، يأتيك ردهُم مُستفزاً: سيأتينا كثيرٌ غيرك وأسعارنا سنرفع .
ما نعرفه عن السياحة أنها أصبحت صناعة ومصدرُ دخلٍ لكثيرٍ من الدول حول العالم ، وما تجربةُ دبي ببعيدةٍ عنا لا من حيث المكان ولا من حيث الزمان ، فهي من سنوات ليست بالبعيدة كانت مدينةً عاديّةُ جداً وليست معروفة ، لكن مع التخطيط والعمل والإبداع والاحتراف أصبحت عاصمة التسوّق في العالم ، وصارت مقصداً للسُيّاح من شتى بقاع الأرض ، حتى يُخيّل إليك أن الناس فيها من شدةِ الزحام صار بعضهم فوق بعض ، والأسعار عندهم بمتناول اليد وتتفاوت بحسب الدرجة الفندقيّة والخدمة المُقدمة إليك .
أسكن في المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم, وعندما أشتاقُ للبحر فخياراتي إما عروس البحر جدة أو مدينة ينبع التي تمتاز بالهدوء وجمال بحرها وقربها من المدينة ، وقد ذهبت إليها قريباً للتمتع ببحرها واستنشاق هوائها، وسكنت في شاليه قيمته أيام الأسبوع 1100 ريال وفي يومي الجمعة والسبت 1400 ريال ، وهذا في غير أوقات الإجازة ، ألا تتفقون معي أنهم بالغوا في أسعارها مع العلم أن الشاليه يتكون من غرفة وصالة ومطبخ صغير وحمام واحد ، المشكلة أنك لا تكاد تجدُ شاليهاً خالياً كلها مستأجره أو محجوزة ، ونحن كسيّاح نُسّتغل بصورةٍ فجّة لذا أصبحت ثقتنا بالسياحة الداخلية مهزوزة ، لأن السياحة صارت وكأنها تعني الاستباحة ، استباحة الجيوب واستغلال حاجتنا للترويح والنقاهة ، ولا تقولوا هذه الأسعار طبيعية ومستحقة ، فلقد سافرنا وسافر غيرنا لدول كثيرة حول العالم في الشرق وفي الغرب ، ورأينا الفرق الكبير في الخدمة والأسعار ، ونحن هنا لا خدمة ممتازة ولا أسعار مناسبة ، وإن اشتكينا وتحدثنا لن يتعرضوا للمُحاسبة والمُعاقبة .
نشهدُ في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً ومشكوراً في الجانب السياحي ، لكن مالفائدة إذا كانت الأسعار فيها مبالغة, فالناس قد ملّوا غلاء الأسعار واستغلال التجّار ، وفي كل عام تخسر السياحة الداخليّة مقابل السياحة الخارجيّة, لأننا نريد سياحة لا استباحة .
يقول رالف والدو إمرسون : نسافر حول العالم لنعثر على الجمال، لكن إن لم نحمله بداخلنا لن نجده . وأنا أقول : نحن لا نحتاج أن نسافر لنبحث عن الجمال فداخلنا له عنوان إذن فلنتمتّع بالجمال ، ونستغني عن السفر والترحال .
عند اقتراب أي إجازة يكون السؤال المُلحّ بين الأُسر : أين سنسافر هذه الإجازة ؟ وأي دولةٍ أو مدينةٍ سنقصدها ؟ بالتأكيد ستختلف الأجوبة باختلاف الوضع المادي للأسر، فهناك أُسر يسمحُ وضعها المادي بخياراتٍ كثيرة جميعها خارج حدود الوطن ، وهناك أُسر خياراتها معدودة ومحدودة في بعض المدن ، وهناك بعض الأسر يُعتبرُ مجردُ طرح السؤال بينها نوعٌ من الترف المُغلّف بالمرارة والحُزن .
وسأقتصر الحديث هنا عن الطبقة المتوسطة التي ينتمي إليها أغلبُ الناس وأنا منهم ، فأعرف ظروفها ومدخولها ومصروفها ، فنحن أصحابُ هذه الطبقة إذا أردنا السفر إلى الخارج أعددنا العُدّة قبلها بمدّة ، ومع ذلك عندما يحين موعدُ السفر قد نضطر للأسف للاستدانة والسلف ، أما إذا أردنا السياحة الداخلية ورغبنا مثلاً التمتع بالشاليهات البحرية ، فقد تصيبنا صدمةٌ عصبيّة من هول الأسعار الخياليّة ، والمشكلة أنه لا يوجد بديلٌ ثاني ولا خيارٌ آخر ، وكأن لسان حالهم يقول : إذا أردت أن تتمتع بالهواء العليل وبمنظر البحر ، فما ستدفعه قليل وليس لك إلا الصبر ، وإذا رفضت وقلت : لا أريدكم وأسعاركم هذه لن أدفع ، يأتيك ردهُم مُستفزاً: سيأتينا كثيرٌ غيرك وأسعارنا سنرفع .
ما نعرفه عن السياحة أنها أصبحت صناعة ومصدرُ دخلٍ لكثيرٍ من الدول حول العالم ، وما تجربةُ دبي ببعيدةٍ عنا لا من حيث المكان ولا من حيث الزمان ، فهي من سنوات ليست بالبعيدة كانت مدينةً عاديّةُ جداً وليست معروفة ، لكن مع التخطيط والعمل والإبداع والاحتراف أصبحت عاصمة التسوّق في العالم ، وصارت مقصداً للسُيّاح من شتى بقاع الأرض ، حتى يُخيّل إليك أن الناس فيها من شدةِ الزحام صار بعضهم فوق بعض ، والأسعار عندهم بمتناول اليد وتتفاوت بحسب الدرجة الفندقيّة والخدمة المُقدمة إليك .
أسكن في المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم, وعندما أشتاقُ للبحر فخياراتي إما عروس البحر جدة أو مدينة ينبع التي تمتاز بالهدوء وجمال بحرها وقربها من المدينة ، وقد ذهبت إليها قريباً للتمتع ببحرها واستنشاق هوائها، وسكنت في شاليه قيمته أيام الأسبوع 1100 ريال وفي يومي الجمعة والسبت 1400 ريال ، وهذا في غير أوقات الإجازة ، ألا تتفقون معي أنهم بالغوا في أسعارها مع العلم أن الشاليه يتكون من غرفة وصالة ومطبخ صغير وحمام واحد ، المشكلة أنك لا تكاد تجدُ شاليهاً خالياً كلها مستأجره أو محجوزة ، ونحن كسيّاح نُسّتغل بصورةٍ فجّة لذا أصبحت ثقتنا بالسياحة الداخلية مهزوزة ، لأن السياحة صارت وكأنها تعني الاستباحة ، استباحة الجيوب واستغلال حاجتنا للترويح والنقاهة ، ولا تقولوا هذه الأسعار طبيعية ومستحقة ، فلقد سافرنا وسافر غيرنا لدول كثيرة حول العالم في الشرق وفي الغرب ، ورأينا الفرق الكبير في الخدمة والأسعار ، ونحن هنا لا خدمة ممتازة ولا أسعار مناسبة ، وإن اشتكينا وتحدثنا لن يتعرضوا للمُحاسبة والمُعاقبة .
نشهدُ في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً ومشكوراً في الجانب السياحي ، لكن مالفائدة إذا كانت الأسعار فيها مبالغة, فالناس قد ملّوا غلاء الأسعار واستغلال التجّار ، وفي كل عام تخسر السياحة الداخليّة مقابل السياحة الخارجيّة, لأننا نريد سياحة لا استباحة .
يقول رالف والدو إمرسون : نسافر حول العالم لنعثر على الجمال، لكن إن لم نحمله بداخلنا لن نجده . وأنا أقول : نحن لا نحتاج أن نسافر لنبحث عن الجمال فداخلنا له عنوان إذن فلنتمتّع بالجمال ، ونستغني عن السفر والترحال .