الطِّيَبَةُ سرٌ في طَيبة
صوت المدينة / خالد القليطي
يُدرك الجميع بأن لله حِكم وأسرار في خلقه، وألأرض جزء من هذا النسيج الرباني، فهي بذلك تحتضن بين تُرابها وهوائها العديد من الخفاياوالأسرار، لاسيما وأن من المسلمات العلمية الحديثة هو أن الأرض تعد عامل مهماً في تشكيل شخصية من يسكنها، وكيف هو الحال أذا ما كانت هذه الأرض ذات قداسة من رب السماء.
يظهر ذلك بجلاء في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتي حظيت بمزايا خاصة تختلف عن سائر بقاع الارض، ويتجلى ذلك الأمر في أهل هذه المدينة، والذين جُبلوا على بعض الخصال الحميدة كحُسن الخلق(الطِّيِبةُ)، وفن التعامل مع الآخر،كالتسامح والبشاشة والكرم والتي أصبحت من سجاياهم، يتحدث عنها القاصي والداني.
وعند محاولتي لمعرفة هذا السر الخفي، ومن خلال تتبع ما ذكره أهل السِيرعن تاريخ المدينة وجدت مما ذُكر، أن تُبعاً الحِميرى لما كان يقاتل الأوس والخزرج ومن معهم من الأنصار والأعوان يقاتلونه فى النهار وإذا جاء الليل أرسلوا له التمر والماء العذب، فيقول تُبع: والله إن قومنا لكرام، وهذه شهادة أعدائهم لهم.
كما أن الأوس والخزرج استطاعوا أن يتعايشوامع اليهود متحالفين معهم، حتى وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة مهاجر اليهمسالما معززاً ومكرماً وسط ترحيب أهالي المدينة وحفاوتهم به، سند ودعم للدعوة الإسلامية حيث أرسى دعائم الدولة الإسلامية الناشئة.
ومنذ أن وطئت قدمه الشريف هذه الأرض الطيبة، إزدادت شرفاً ومكانة، ونالت ما لم تنله غيرها من الدعاء لها ولأهلها بالبركة كما ورد أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنَ الْمَدِينَةِ شِعْبٌ وَلَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حَتَّى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا"،صحيح مسلم
والحفظ من كل سوء ومكروه، كما ورد أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةَ بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاء" صحيح البخاري
فهي بذلك بلغت ذروة الشرف والمجد بأن تصبح أول عاصمة لدولة الإسلام، ومنارة للعلم ومنطلق للفتوحات الإسلامية، ومما لا شك فيه أن تلك الحقبة الزاهرة، وما صاحبها من إنجازات للإسلام والمسلمين قد ارتبط بهذه البقعة المباركة، وما تحمله من فضائل وتراث يحمل عبق الماضي الجميل، الذي فرض نفسه رغم مرور مئات السنين، ولازالت نفوس المسلمين تتوق الى الوقوف على تلك المواقع والآثار الاسلامية العتيقة.
بل تجاوز ذلك الحب من الحجر الى البشر، حيث نجد الترحيب والتودد بأهل المدينة له مزية خاصة من قبل الزوار من كافة اصقاع المعمورة، فهم بذلك يضعون أهالي المدينة موضع أحفاد الصحابة رضوان الله عليهم.
ومن هنا يجدر بنا نحن أبناء هذه البلد الطيب بأن نكون على قدر الأمانة والمسئولية التي كُلفنا بها، فهذا الوسام الذي توشحناه لمجرد أننا من أبناء طيبة الطيبة يتطلب منا الكثر والكثير، فنحن قدوات في نظر كل زائر، كما أنني ادرك بأننا بشرو لسنا بملائكة ، نُخطئ ونُصيب، إلا أن قدرنا يحتم علينا أن نكون قدوات في سلوكنا وتعاملنا، وأن نتمثل بأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم في التواصل مع تلك الوفود، وأن نكون شامة بارزة في جبين شباب الأمة، ومثالاً ونبراس يُحتذا به،
وليس ثمة عقبات تحول دون ذلك الأمر، سيما وأن أهل طيبة قد جبلوا على الطيبة ، وليس بجديد إن قلت لك أن هذه الشهادة والتزكية قد مُنحت لأهل المدينة من جُل من عاشر وخالط وتعامل مع أهل طيبة الطيبة، فهم توارثوا هذه الخصلة الحميد منذ الازل، وجذورها ضاربة في عمق التاريخ.
لذلك كان لزاماً علينا الحفاظ على تلك المكتسبات التي ظلت وساماً على صدور سكان هذه المدينة المباركة، ولا يتأتى ذلك إلا بالعودة إلى الإستشعاربقدسية وطُهر المكان في نفوس المسلمين، فهم يتأثرون بنا سلباً وإيجاباً.
فيا من يسكن هذه البقعة الطاهرة المباركة، هلا أدركت بأن المدينة تنفي خبثها،
كما ورد عند البخاري "أن من أحدث فيها أو آوى محدث فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"صحيح البخاري.
وتأكد بأن ملايين المسلمين يتمنون ما أنت فيه من نعمة، فبركت المكان ودعوات الرسول لأهلها جعلت من المجتمع المديني فسيفساء يندر مثيلها في باقي المدن بالمملكة، فهي مأوى أفئدة جميع المسلمين عطفاً على سكان مملكتنا الحبيبة من شمالها لجنوبها وشرقها الى غربها، ويتضح ذلك جلياً من خلال التوسع السكاني الكبير في السنوات الأخيرة.
وهذه التحولات الديموغرافية تجعلنا نتأمل في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم "أن الإيمان يأرز في المدينة كما تأرز الحية الى جحرهاً. صحيح البخاري
فطوبي لمن وفقه الله بسكناها، ونال من الفضائل أشرفها، ودفن بعد الموت تحت ثراها.
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي
يُدرك الجميع بأن لله حِكم وأسرار في خلقه، وألأرض جزء من هذا النسيج الرباني، فهي بذلك تحتضن بين تُرابها وهوائها العديد من الخفاياوالأسرار، لاسيما وأن من المسلمات العلمية الحديثة هو أن الأرض تعد عامل مهماً في تشكيل شخصية من يسكنها، وكيف هو الحال أذا ما كانت هذه الأرض ذات قداسة من رب السماء.
يظهر ذلك بجلاء في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتي حظيت بمزايا خاصة تختلف عن سائر بقاع الارض، ويتجلى ذلك الأمر في أهل هذه المدينة، والذين جُبلوا على بعض الخصال الحميدة كحُسن الخلق(الطِّيِبةُ)، وفن التعامل مع الآخر،كالتسامح والبشاشة والكرم والتي أصبحت من سجاياهم، يتحدث عنها القاصي والداني.
وعند محاولتي لمعرفة هذا السر الخفي، ومن خلال تتبع ما ذكره أهل السِيرعن تاريخ المدينة وجدت مما ذُكر، أن تُبعاً الحِميرى لما كان يقاتل الأوس والخزرج ومن معهم من الأنصار والأعوان يقاتلونه فى النهار وإذا جاء الليل أرسلوا له التمر والماء العذب، فيقول تُبع: والله إن قومنا لكرام، وهذه شهادة أعدائهم لهم.
كما أن الأوس والخزرج استطاعوا أن يتعايشوامع اليهود متحالفين معهم، حتى وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة مهاجر اليهمسالما معززاً ومكرماً وسط ترحيب أهالي المدينة وحفاوتهم به، سند ودعم للدعوة الإسلامية حيث أرسى دعائم الدولة الإسلامية الناشئة.
ومنذ أن وطئت قدمه الشريف هذه الأرض الطيبة، إزدادت شرفاً ومكانة، ونالت ما لم تنله غيرها من الدعاء لها ولأهلها بالبركة كما ورد أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنَ الْمَدِينَةِ شِعْبٌ وَلَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حَتَّى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا"،صحيح مسلم
والحفظ من كل سوء ومكروه، كما ورد أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةَ بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاء" صحيح البخاري
فهي بذلك بلغت ذروة الشرف والمجد بأن تصبح أول عاصمة لدولة الإسلام، ومنارة للعلم ومنطلق للفتوحات الإسلامية، ومما لا شك فيه أن تلك الحقبة الزاهرة، وما صاحبها من إنجازات للإسلام والمسلمين قد ارتبط بهذه البقعة المباركة، وما تحمله من فضائل وتراث يحمل عبق الماضي الجميل، الذي فرض نفسه رغم مرور مئات السنين، ولازالت نفوس المسلمين تتوق الى الوقوف على تلك المواقع والآثار الاسلامية العتيقة.
بل تجاوز ذلك الحب من الحجر الى البشر، حيث نجد الترحيب والتودد بأهل المدينة له مزية خاصة من قبل الزوار من كافة اصقاع المعمورة، فهم بذلك يضعون أهالي المدينة موضع أحفاد الصحابة رضوان الله عليهم.
ومن هنا يجدر بنا نحن أبناء هذه البلد الطيب بأن نكون على قدر الأمانة والمسئولية التي كُلفنا بها، فهذا الوسام الذي توشحناه لمجرد أننا من أبناء طيبة الطيبة يتطلب منا الكثر والكثير، فنحن قدوات في نظر كل زائر، كما أنني ادرك بأننا بشرو لسنا بملائكة ، نُخطئ ونُصيب، إلا أن قدرنا يحتم علينا أن نكون قدوات في سلوكنا وتعاملنا، وأن نتمثل بأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم في التواصل مع تلك الوفود، وأن نكون شامة بارزة في جبين شباب الأمة، ومثالاً ونبراس يُحتذا به،
وليس ثمة عقبات تحول دون ذلك الأمر، سيما وأن أهل طيبة قد جبلوا على الطيبة ، وليس بجديد إن قلت لك أن هذه الشهادة والتزكية قد مُنحت لأهل المدينة من جُل من عاشر وخالط وتعامل مع أهل طيبة الطيبة، فهم توارثوا هذه الخصلة الحميد منذ الازل، وجذورها ضاربة في عمق التاريخ.
لذلك كان لزاماً علينا الحفاظ على تلك المكتسبات التي ظلت وساماً على صدور سكان هذه المدينة المباركة، ولا يتأتى ذلك إلا بالعودة إلى الإستشعاربقدسية وطُهر المكان في نفوس المسلمين، فهم يتأثرون بنا سلباً وإيجاباً.
فيا من يسكن هذه البقعة الطاهرة المباركة، هلا أدركت بأن المدينة تنفي خبثها،
كما ورد عند البخاري "أن من أحدث فيها أو آوى محدث فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"صحيح البخاري.
وتأكد بأن ملايين المسلمين يتمنون ما أنت فيه من نعمة، فبركت المكان ودعوات الرسول لأهلها جعلت من المجتمع المديني فسيفساء يندر مثيلها في باقي المدن بالمملكة، فهي مأوى أفئدة جميع المسلمين عطفاً على سكان مملكتنا الحبيبة من شمالها لجنوبها وشرقها الى غربها، ويتضح ذلك جلياً من خلال التوسع السكاني الكبير في السنوات الأخيرة.
وهذه التحولات الديموغرافية تجعلنا نتأمل في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم "أن الإيمان يأرز في المدينة كما تأرز الحية الى جحرهاً. صحيح البخاري
فطوبي لمن وفقه الله بسكناها، ونال من الفضائل أشرفها، ودفن بعد الموت تحت ثراها.
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي