قرة العين في الغربة
صوت المدينة / أبرار حامد البار
كانت العبارة الضخمة تمخر مياه المحيط الهادي شاقةً طريقها وسط مناظرٍ تأسر الألباب بين جُزرٍ صغيرةٍ تناثرت هنا وهناك، كنتٌ عليها مع ماريا ابنتي ومعلمتها وباقي طلاب الفصل عائدين لفانكوفر بعدما أنهينا يوماً كاملاً في رحلة مدرسيةٍ لعاصمة المقاطعة فكتوريا، وقد بدأت الشمس بالمغيب عندما كنت أسير داخل السفينة باحثةً مع ابنتي عن مكانٍ مناسب لآداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً، لنقابل أثناء سيرنا قبطان السفينة، انتهزت الفرصة لأسأله إن كان بمقدوره إرشادنا غير أننا فوجئنا بشيء من التهكم والسخرية وهو يجيبنا بأنه لا يعرف وليس مهتماً بمساعدتنا، تركناه خلفنا وأكملنا الصعود لأعلى السفينة وفي الهواء الطلق أخذنا نصلي وما كدنا ننهي الصلاة إلا وجدنا خلفنا فتاةً من طاقم البحارة أتتنا مسرعة بالكاد تلتقط أنفاسها وهي تقول: لقد كنت أبحث عنكما في كل مكان، جئت أعتذر بالنيابة عن أسلوب ورد القبطان القاسي، هو فظّ اللسان مع الجميع لكنه طيب القلب، وأنتما لكما كامل الحق في آداء العبادة، بالطريقة التي تناسبكما.
عن محبة الله والصلاة
ذلك الموقف كان مادةً للحديث مع ابنتي عن الصلاة وأهميتها ومعانيها في الليالي التي كنت فيها أصعد لغرفتها ليلاً نتسامر معاً ونحكي عن علاقتنا بالله والكون والناس حولنا، قلت لماريا ذات ليلة:
إن أجمل حبٍ عرفته ودخل قلبي هو حب الله تعالى خالق الدنيا، وأنا أجاهد يومياً لأبقي جذوة هذا الحب متقدة داخل ظلمات نفسي لتُنير دوماً، الله الذي أحببته وأشعر كم هو عظيمٌ وكبيرٌ حينما أتأمل السماء الكبيرة الممتدة فوقي، وأحس برحمته في تأمل الحيوانات والكائنات حولي، وأدرك كم أنا بحاجة لأكون قريبةً منه في صلواتي، والصلاة يا ماريا هي حبل الصلة القوي الممتد بيننا وبين الله تعالى، مهما أخذتنا دوامات الحياة وملاهيها فلا يصح مطلقاً أن ينقطع هذا الحبل، إذ هو يحوطنا بالرعاية والعناية فلا نسقط، وإن سقطنا فلا نصل للقاع ونحن متمسكون به!
أجد وألمس يا ابنتي بركة الصلاة والصلة بالله في سائر يومي؛ في أخلاق جارتي التي تأتي لتنقذني في وقتٍ عصيب، في أعمال البيت والمطبخ أنهيها في وقتٍ قصير، في الحادث والعارض الذي كاد يوقف سيري ثم وجدته سريعاً اختفى..!
الصلاة صلة بالله ملك الملوك الذي أقف بين يديه أحكي له عما يقلقني، ويزعجني، وما أريده وأتمناه في دنيتي وآخرتي، فإن لم أحظ منه بما سألت عاجلا؛ فيكفيني راحة القلب وشعور الثقة التي تملأ قلبي بوجوده وقربه.
بكرمه يرسل لنا أحياناً يقول: "صلاتكم تصلني" كما حصل معنا يا ماريا ذلك اليوم في السفينة! هذا ما كنت أحكيه لابنتي عن الصلاة خلال غربتي، آملة وداعية الله تعالى أن يملأ قلبها بمحبة الصلاة ومحبته.
قد تتعبنا المحافظة على الصلاة أحياناً في يومنا، لكن نلمس بركتها في يومنا وقلبنا وروحنا.
حقا هي قرة العين ...
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي
كانت العبارة الضخمة تمخر مياه المحيط الهادي شاقةً طريقها وسط مناظرٍ تأسر الألباب بين جُزرٍ صغيرةٍ تناثرت هنا وهناك، كنتٌ عليها مع ماريا ابنتي ومعلمتها وباقي طلاب الفصل عائدين لفانكوفر بعدما أنهينا يوماً كاملاً في رحلة مدرسيةٍ لعاصمة المقاطعة فكتوريا، وقد بدأت الشمس بالمغيب عندما كنت أسير داخل السفينة باحثةً مع ابنتي عن مكانٍ مناسب لآداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً، لنقابل أثناء سيرنا قبطان السفينة، انتهزت الفرصة لأسأله إن كان بمقدوره إرشادنا غير أننا فوجئنا بشيء من التهكم والسخرية وهو يجيبنا بأنه لا يعرف وليس مهتماً بمساعدتنا، تركناه خلفنا وأكملنا الصعود لأعلى السفينة وفي الهواء الطلق أخذنا نصلي وما كدنا ننهي الصلاة إلا وجدنا خلفنا فتاةً من طاقم البحارة أتتنا مسرعة بالكاد تلتقط أنفاسها وهي تقول: لقد كنت أبحث عنكما في كل مكان، جئت أعتذر بالنيابة عن أسلوب ورد القبطان القاسي، هو فظّ اللسان مع الجميع لكنه طيب القلب، وأنتما لكما كامل الحق في آداء العبادة، بالطريقة التي تناسبكما.
عن محبة الله والصلاة
ذلك الموقف كان مادةً للحديث مع ابنتي عن الصلاة وأهميتها ومعانيها في الليالي التي كنت فيها أصعد لغرفتها ليلاً نتسامر معاً ونحكي عن علاقتنا بالله والكون والناس حولنا، قلت لماريا ذات ليلة:
إن أجمل حبٍ عرفته ودخل قلبي هو حب الله تعالى خالق الدنيا، وأنا أجاهد يومياً لأبقي جذوة هذا الحب متقدة داخل ظلمات نفسي لتُنير دوماً، الله الذي أحببته وأشعر كم هو عظيمٌ وكبيرٌ حينما أتأمل السماء الكبيرة الممتدة فوقي، وأحس برحمته في تأمل الحيوانات والكائنات حولي، وأدرك كم أنا بحاجة لأكون قريبةً منه في صلواتي، والصلاة يا ماريا هي حبل الصلة القوي الممتد بيننا وبين الله تعالى، مهما أخذتنا دوامات الحياة وملاهيها فلا يصح مطلقاً أن ينقطع هذا الحبل، إذ هو يحوطنا بالرعاية والعناية فلا نسقط، وإن سقطنا فلا نصل للقاع ونحن متمسكون به!
أجد وألمس يا ابنتي بركة الصلاة والصلة بالله في سائر يومي؛ في أخلاق جارتي التي تأتي لتنقذني في وقتٍ عصيب، في أعمال البيت والمطبخ أنهيها في وقتٍ قصير، في الحادث والعارض الذي كاد يوقف سيري ثم وجدته سريعاً اختفى..!
الصلاة صلة بالله ملك الملوك الذي أقف بين يديه أحكي له عما يقلقني، ويزعجني، وما أريده وأتمناه في دنيتي وآخرتي، فإن لم أحظ منه بما سألت عاجلا؛ فيكفيني راحة القلب وشعور الثقة التي تملأ قلبي بوجوده وقربه.
بكرمه يرسل لنا أحياناً يقول: "صلاتكم تصلني" كما حصل معنا يا ماريا ذلك اليوم في السفينة! هذا ما كنت أحكيه لابنتي عن الصلاة خلال غربتي، آملة وداعية الله تعالى أن يملأ قلبها بمحبة الصلاة ومحبته.
قد تتعبنا المحافظة على الصلاة أحياناً في يومنا، لكن نلمس بركتها في يومنا وقلبنا وروحنا.
حقا هي قرة العين ...
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي