حكايات جدتي علمتني أن الثقافة ليست المستوى العلمي
صوت المدينة / عبدالمنعم السايح
في كل العصور والأزمنة يتعلم الاطفال والكبار من حكايات من سبقوهم في تلك الأزمنة ، سواء كانت حكايات تروى للأطفال ليتعلمون الفضائل ويبعدون عن الرذائل أو للكبار ليتعلمون منها القيم ويفهمون كيف كان التاريخ.
فمنا من يسمع الحكايات ويستمتع باستعمال خياله لرسم الشخصيات , ومنا من أخذ منها مثل أعلا وقدوة مثل الشاطر حسن، ومنا من تعلم أن فى الاتحاد قوة مثل حكاية حزمة الحطب ومنا من تعلم قيمة النشاط والعمل مثل حكاية الأرنب والسلحفاة.
نشأت في أسرة ممتدة ، وكان لوجود جدتي أثر كبير في تطور وصقل خيالي الأدبي من خلال حديثها عن التجارب التي خاضتها والعقبات والمواقف الصعبة التي تعرضت لها في حياتها أو تعرض لها من سبقوها من بشر، وتعتبر الحكايات التي ترويها منهل يستمد منه السامع قوة الوعي والتحليل والتدقيق في التفاصيل المغيبة عن فكره فينسجها خياله على حسب إستوعابهللأحداث، فهذه الحكايات الممزوجة بالخيال والمغامرة والأسطورة والخرافة أدت إلى توسيع نطاق خيالي الأدبي من ناحية طول نفس السرد وانسجام الأحداث والتحكم في مشهدية الحكاية أو الرواية وأعطتني طول نفس في العملية السردية ، فهذا الموروث الشعبي –حكايات الجدة- نموذج فريد ونوعي للتعبير عن حياة الناس البسطاء ولكنها باطنيًا تمتلئ بمجموعة من القيم والأخلاقيات التي تضخ بداخلنا الصفات النبيلة ،و من هذا المنطلق بدأت أصنع عالمي الروائي الخاص بيبالتغلغل في واقع حياة الناس بمختلف طبقاتهم وتحويلهم إلى أناس من ورق لإيصال فكرةٍ ما نسجها خيالي ولكل شخصية من هذه الشخصيات رسالة تؤديها كذالك كما هو الحال في أبطال حكايات الجدة .
زد إلى هذا فقد كانت تلك الحكايات التي ترويها الجدة هى السبب لحب الكثير منا للقراءة ( القراءة )؛فذالك العالم الافتراضي الذى يصنعه العقل ويجعلك تنفصل عن واقعية عالمك مهما كان يحمل ذالك العالم من سخافات ،و نسافر في بُعدِ أماكن نجهلها ونعرف شخصيات ونتعلم خبرات، وتعلمنا أيضًا أن الكتاب هو خير صديق ورفيق فى كل مكان وذالك بعد إدماننا على مجارات أحداث الحكايات، فشخصيًا لفرط حبي لسماع حكايات الجدة أصبحت مدمن لمجارات القصص والروايات لذالك أصبحتُ كثير القراءة والتصفح ومنه أصبح لدي موسوعة ذاتية مكنتني من الكتابة وسرد أحداث أي قصة يؤلفها خيالي .
فحكايات جدتى علمتنى أن الثقافة ليست المستوى العلمى الذى يصل الية الفرد وأنما سلوكه.. وما الثقافة إلا مجموعة مبادئ وفضائل وأخلاق حميدة ينشأ علية الانسان فيصبح بالاتباعية فرد صالح فى المجتمع. ومن هنا أطرح سؤال كيف تستقيم المجتمعات بدون الاخلاق وتربية يكون اساسها نشوء الأطفال على الفضائل وليس الرذائل.. فكيف يصبح شكل المجتمع بعد أن أصبح البلطجى وتاجر المخدرات واللص هم قدوة هذا الجيل بدل الشاطر حسن والأمير الشجاع وسندباد. فكيف لمجتمع يستقيم وهو يسمع اغانى المهرجانات بدل الموسيقى الراقية ويرى أن التحرش جدعنة والمخدرات حلال والصدق هبل والسلاح الأبيض من مكملات الرجولة.. وكيف لتلك المجتمع أن يطفو من قاعه شخصًا سويا يعلم فضل القراءة ويقدر قيمة الكتاب وهو بالأساس لم يتعلم أهم قيم الحياة. كيف لمجتمع ان ينتج أفراد صالحين والتلفيزيون هو المربى والأم مشغولة بالعمل وطلبات المنزل والأب يكدح ليوفى متطلبات الاسرة. كيف يستقيم المجتمع واغلب أفراده ثقافتهم مسموعة فقط وغير مدعمة بأى قراءة.
ﻻ أنكر ان التقدم التكنولوجي قدم الكثير لتلك العالم وجعله بالفعل قرية صغيرة ولكن ما فائدة قرية صغيرة أغلب سكانها على جهل. ولكن لو نتخيل ان القرية تحوله لبلدة كبيرة مترامية الأطراف وكل سكانها أو معظمهم عل قدر من العلم والثقافة فما هو المفيد اكثر قرية متقاربة جاهلة أم بلدة كبيرة به مجتمع يدعم بعضة البعض ويتبادل المعلومات بدل ان يتشاركون فى تبادل الأفكار الممنوعة والإباحية. ﻻ شعب بلا تراث وﻻ تراث بلا تاريخ وﻻ تاريخ بلا مؤرخ وراوي ...و ﻻ تكتمل الحلقة بلا فرد يقرأ ثم يبحث ثم يتأكد من صدق ذالك التاريخ... ومن ثم ﻻ مجتمع سوى بلا جدة.. كانت فى الماضى تحكى له الحكاية .
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي
في كل العصور والأزمنة يتعلم الاطفال والكبار من حكايات من سبقوهم في تلك الأزمنة ، سواء كانت حكايات تروى للأطفال ليتعلمون الفضائل ويبعدون عن الرذائل أو للكبار ليتعلمون منها القيم ويفهمون كيف كان التاريخ.
فمنا من يسمع الحكايات ويستمتع باستعمال خياله لرسم الشخصيات , ومنا من أخذ منها مثل أعلا وقدوة مثل الشاطر حسن، ومنا من تعلم أن فى الاتحاد قوة مثل حكاية حزمة الحطب ومنا من تعلم قيمة النشاط والعمل مثل حكاية الأرنب والسلحفاة.
نشأت في أسرة ممتدة ، وكان لوجود جدتي أثر كبير في تطور وصقل خيالي الأدبي من خلال حديثها عن التجارب التي خاضتها والعقبات والمواقف الصعبة التي تعرضت لها في حياتها أو تعرض لها من سبقوها من بشر، وتعتبر الحكايات التي ترويها منهل يستمد منه السامع قوة الوعي والتحليل والتدقيق في التفاصيل المغيبة عن فكره فينسجها خياله على حسب إستوعابهللأحداث، فهذه الحكايات الممزوجة بالخيال والمغامرة والأسطورة والخرافة أدت إلى توسيع نطاق خيالي الأدبي من ناحية طول نفس السرد وانسجام الأحداث والتحكم في مشهدية الحكاية أو الرواية وأعطتني طول نفس في العملية السردية ، فهذا الموروث الشعبي –حكايات الجدة- نموذج فريد ونوعي للتعبير عن حياة الناس البسطاء ولكنها باطنيًا تمتلئ بمجموعة من القيم والأخلاقيات التي تضخ بداخلنا الصفات النبيلة ،و من هذا المنطلق بدأت أصنع عالمي الروائي الخاص بيبالتغلغل في واقع حياة الناس بمختلف طبقاتهم وتحويلهم إلى أناس من ورق لإيصال فكرةٍ ما نسجها خيالي ولكل شخصية من هذه الشخصيات رسالة تؤديها كذالك كما هو الحال في أبطال حكايات الجدة .
زد إلى هذا فقد كانت تلك الحكايات التي ترويها الجدة هى السبب لحب الكثير منا للقراءة ( القراءة )؛فذالك العالم الافتراضي الذى يصنعه العقل ويجعلك تنفصل عن واقعية عالمك مهما كان يحمل ذالك العالم من سخافات ،و نسافر في بُعدِ أماكن نجهلها ونعرف شخصيات ونتعلم خبرات، وتعلمنا أيضًا أن الكتاب هو خير صديق ورفيق فى كل مكان وذالك بعد إدماننا على مجارات أحداث الحكايات، فشخصيًا لفرط حبي لسماع حكايات الجدة أصبحت مدمن لمجارات القصص والروايات لذالك أصبحتُ كثير القراءة والتصفح ومنه أصبح لدي موسوعة ذاتية مكنتني من الكتابة وسرد أحداث أي قصة يؤلفها خيالي .
فحكايات جدتى علمتنى أن الثقافة ليست المستوى العلمى الذى يصل الية الفرد وأنما سلوكه.. وما الثقافة إلا مجموعة مبادئ وفضائل وأخلاق حميدة ينشأ علية الانسان فيصبح بالاتباعية فرد صالح فى المجتمع. ومن هنا أطرح سؤال كيف تستقيم المجتمعات بدون الاخلاق وتربية يكون اساسها نشوء الأطفال على الفضائل وليس الرذائل.. فكيف يصبح شكل المجتمع بعد أن أصبح البلطجى وتاجر المخدرات واللص هم قدوة هذا الجيل بدل الشاطر حسن والأمير الشجاع وسندباد. فكيف لمجتمع يستقيم وهو يسمع اغانى المهرجانات بدل الموسيقى الراقية ويرى أن التحرش جدعنة والمخدرات حلال والصدق هبل والسلاح الأبيض من مكملات الرجولة.. وكيف لتلك المجتمع أن يطفو من قاعه شخصًا سويا يعلم فضل القراءة ويقدر قيمة الكتاب وهو بالأساس لم يتعلم أهم قيم الحياة. كيف لمجتمع ان ينتج أفراد صالحين والتلفيزيون هو المربى والأم مشغولة بالعمل وطلبات المنزل والأب يكدح ليوفى متطلبات الاسرة. كيف يستقيم المجتمع واغلب أفراده ثقافتهم مسموعة فقط وغير مدعمة بأى قراءة.
ﻻ أنكر ان التقدم التكنولوجي قدم الكثير لتلك العالم وجعله بالفعل قرية صغيرة ولكن ما فائدة قرية صغيرة أغلب سكانها على جهل. ولكن لو نتخيل ان القرية تحوله لبلدة كبيرة مترامية الأطراف وكل سكانها أو معظمهم عل قدر من العلم والثقافة فما هو المفيد اكثر قرية متقاربة جاهلة أم بلدة كبيرة به مجتمع يدعم بعضة البعض ويتبادل المعلومات بدل ان يتشاركون فى تبادل الأفكار الممنوعة والإباحية. ﻻ شعب بلا تراث وﻻ تراث بلا تاريخ وﻻ تاريخ بلا مؤرخ وراوي ...و ﻻ تكتمل الحلقة بلا فرد يقرأ ثم يبحث ثم يتأكد من صدق ذالك التاريخ... ومن ثم ﻻ مجتمع سوى بلا جدة.. كانت فى الماضى تحكى له الحكاية .
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي