دورات في دورة
صوت المدينة / طيبة حسين
في زمننا هذا كثير ما نسمع إقامة الدورات المختلفة في الشكل وفي المضمون وفي الزمان والمكان كلها تعمل مرة على تطوير الذات وحينا تدعونا للتأقلم مع المجتمع بكل مستجداته , وجميعها أو جلها تستقطب العقول والجيوب , وليس ذلك بخطأ فكلنا نسعى إلى تحقيق أهداف تظل تعج في ضمائرنا حتى نحققها أو نعيد تأهيلها في نفوسنا لتقبلها أو رفضها .
وكل ونيته وهدفه يسعى ويرضى وفي النهاية قد يحصل المبتغى .
وفي رمضان تكاد تجتمع هذه الدورات ولكنها متحدة في الشكل ومتوافقة في المضمون ومحددة في الزمان وربما يشاركها المكان .
نعم شهر رمضان شهر إقامة الدورات بمختلف أنواعها وبنودها , فهي دورات في الذكاء الذاتي والعمل على تطوير النفس و تحسين الأداء , وهي دورة اقتصادية في فن إدارة الوقت والجهد والمال .
ولاتزال أنواع الذكاءات المختلفة تتجلى في هذا الشهر العظيم فمنها :
الذكاء اللغوي في رمضان يتناول الفرد القرآن قراءة وتدبرا ليلا ونهارا , فتصيب الحروف قلبه , وتلامس المفردات عقله , ويتحير فيها وفي عظمة كل حرف , وجلال كل كلمة , وربما يتسآل لماذا لم يستبدل حرف مكان حرف , أو تقدم كلمة مكان كلمة , وربما أتخذ آيات القرآن لغة يتخاطب بها مع الآخرين في مواطنها الصحيحة , وربما تفتح له المغاليق مع كثرة الصحبة والتأمل فيهذب لفظه وينتقي كلماته .
ورمضان موسم الذكاء العاطفي فيتأثر بما يقرأ من القرآن تلاوة واستماعا , فتهطل عينه بقطرات من الخشوع والانابة , فيرق قلبه ويظهر عطفه مع الآخرين شفقة ورحمة , فيخرج صدقته تذللا , وزكاته تعبدا , فينمو لديه حسه العاطفي بذاته وبمن حوله , فيعمل على إسعاد نفسه بإسعاد غيره .
يشعر بأقاربه ويتفقد حالهم ف (كما قال صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة : أرى أن تجعلها في الأقربين ) رواه البخاري , من أقارب فقراء وغيرهم , ويشفق , ويؤثر, فينتقل بذكائه العاطفي إلى نمو ذكائه الاجتماعي فيبادر بالزيارة , والسؤال , وجبر العثرات , والتغافل عن الزلات , والتسامح , والعفو فيكثر (( اللهم إنك عفوا تحب العفو فاعف عني )) صححه الألباني , ولكي يعفو الله عنك لابد أن تعفو عن غيرك , وتعيش بحسن الظن بالله ثم حسن الظن بالناس , فتسعد وتستقر روحك .
ولرمضان وقفات أيضا مع ذكاءك الحركي فتتعاون القدرات العقلية ابتغاء الأجر والثواب مع حركاتك الجسدية , فتطيل الركوع والسجود بحب , وتمشي المسافات الطوال إلى المسجد لأنه بذكائك الحركي تدرك أهميته لروحك وعقلك وجسدك , فتسرع , وتعدد النوايا في العمل الواحد , أجر وثواب , وتمارين رياضية , وتكامل للجسم ولياقة , وتخسيس بلا ضرر وهي قبل كل ما تقدم دورة تعبدية ترتقي بالعبد لنيل رضا الرب سبحانه وتعالى .
أرأيتم اجتماع دورات في دورة ... إنها دورة شهر رمضان المعظم , وكلها تسير جنبا إلى جنب , وكل دورة تكمل الأخرى وتعضدها من أجل : ( ارتقاء النفس ) .
المشرف على هذه الدورات كتاب واحد يجمعنا : إنه القرآن .
بنود الدورات وضعها ديننا الحنيف بكتابه وسنته المطهرة .
وتكلفتها مدفوعة مقدمة ( راحة وسكينة ) ومؤجلة ( وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) , آل عمران 133 .
والنتيجة شبه مؤكدة : النجاح , وكل حسب نيته , فالنية تسبق العمل .
والآن ما رأيك بدورة يدخلها الانسان بكل شوق بل وينتظرها بلا ملل ؟
ما رأيك بدورة متوقع الفوز فيها , ولو بأقل الأجور( فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) هود 115 , ولكنه مع ذلك يسعى وهو يحتقر عمله يظن أنه لم يقبل ويستزيد ويزيد لعل الله يقبل .
ما رأيك بدورة يدخلها وهو لا يغرم فيها مغرما , ولا يدفع فلسا واحدا , والنتيجة شهادة نهاية الشهر يوم تقسم الجوائز للفائزين الرضا والسرور لإنجازه , وكريم صنعه , والسرور مكسب لتقبل الذات.
وأخيرا ما رأيك بدورة يبقى أثرها لشهور و سنوات , ويتمنى تكرارها , وكلما أنجز منها شيئا انبعثت السعادة في أرجائه, بل هناك أمر آخر أنه يبقى أثرها حتى بعد الممات : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .متفق عليه . وجاء في الحديث القدسي : ( الصوم لي وأنا أجزي به ), متفق عليه .فتخيل عظيم ثواب الله , وهو الذي يجازي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف , فما بالك برمضان وقد تكفل بالجزاء .
لذلك حوّل رمضان لعدة دورات وليس دورة واحدة وتأمل النتيجة .
لا أظنك خاسر وأنت تحسن الظن بالله بل رابح .. رابح .. رابح .
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي
في زمننا هذا كثير ما نسمع إقامة الدورات المختلفة في الشكل وفي المضمون وفي الزمان والمكان كلها تعمل مرة على تطوير الذات وحينا تدعونا للتأقلم مع المجتمع بكل مستجداته , وجميعها أو جلها تستقطب العقول والجيوب , وليس ذلك بخطأ فكلنا نسعى إلى تحقيق أهداف تظل تعج في ضمائرنا حتى نحققها أو نعيد تأهيلها في نفوسنا لتقبلها أو رفضها .
وكل ونيته وهدفه يسعى ويرضى وفي النهاية قد يحصل المبتغى .
وفي رمضان تكاد تجتمع هذه الدورات ولكنها متحدة في الشكل ومتوافقة في المضمون ومحددة في الزمان وربما يشاركها المكان .
نعم شهر رمضان شهر إقامة الدورات بمختلف أنواعها وبنودها , فهي دورات في الذكاء الذاتي والعمل على تطوير النفس و تحسين الأداء , وهي دورة اقتصادية في فن إدارة الوقت والجهد والمال .
ولاتزال أنواع الذكاءات المختلفة تتجلى في هذا الشهر العظيم فمنها :
الذكاء اللغوي في رمضان يتناول الفرد القرآن قراءة وتدبرا ليلا ونهارا , فتصيب الحروف قلبه , وتلامس المفردات عقله , ويتحير فيها وفي عظمة كل حرف , وجلال كل كلمة , وربما يتسآل لماذا لم يستبدل حرف مكان حرف , أو تقدم كلمة مكان كلمة , وربما أتخذ آيات القرآن لغة يتخاطب بها مع الآخرين في مواطنها الصحيحة , وربما تفتح له المغاليق مع كثرة الصحبة والتأمل فيهذب لفظه وينتقي كلماته .
ورمضان موسم الذكاء العاطفي فيتأثر بما يقرأ من القرآن تلاوة واستماعا , فتهطل عينه بقطرات من الخشوع والانابة , فيرق قلبه ويظهر عطفه مع الآخرين شفقة ورحمة , فيخرج صدقته تذللا , وزكاته تعبدا , فينمو لديه حسه العاطفي بذاته وبمن حوله , فيعمل على إسعاد نفسه بإسعاد غيره .
يشعر بأقاربه ويتفقد حالهم ف (كما قال صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة : أرى أن تجعلها في الأقربين ) رواه البخاري , من أقارب فقراء وغيرهم , ويشفق , ويؤثر, فينتقل بذكائه العاطفي إلى نمو ذكائه الاجتماعي فيبادر بالزيارة , والسؤال , وجبر العثرات , والتغافل عن الزلات , والتسامح , والعفو فيكثر (( اللهم إنك عفوا تحب العفو فاعف عني )) صححه الألباني , ولكي يعفو الله عنك لابد أن تعفو عن غيرك , وتعيش بحسن الظن بالله ثم حسن الظن بالناس , فتسعد وتستقر روحك .
ولرمضان وقفات أيضا مع ذكاءك الحركي فتتعاون القدرات العقلية ابتغاء الأجر والثواب مع حركاتك الجسدية , فتطيل الركوع والسجود بحب , وتمشي المسافات الطوال إلى المسجد لأنه بذكائك الحركي تدرك أهميته لروحك وعقلك وجسدك , فتسرع , وتعدد النوايا في العمل الواحد , أجر وثواب , وتمارين رياضية , وتكامل للجسم ولياقة , وتخسيس بلا ضرر وهي قبل كل ما تقدم دورة تعبدية ترتقي بالعبد لنيل رضا الرب سبحانه وتعالى .
أرأيتم اجتماع دورات في دورة ... إنها دورة شهر رمضان المعظم , وكلها تسير جنبا إلى جنب , وكل دورة تكمل الأخرى وتعضدها من أجل : ( ارتقاء النفس ) .
المشرف على هذه الدورات كتاب واحد يجمعنا : إنه القرآن .
بنود الدورات وضعها ديننا الحنيف بكتابه وسنته المطهرة .
وتكلفتها مدفوعة مقدمة ( راحة وسكينة ) ومؤجلة ( وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) , آل عمران 133 .
والنتيجة شبه مؤكدة : النجاح , وكل حسب نيته , فالنية تسبق العمل .
والآن ما رأيك بدورة يدخلها الانسان بكل شوق بل وينتظرها بلا ملل ؟
ما رأيك بدورة متوقع الفوز فيها , ولو بأقل الأجور( فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) هود 115 , ولكنه مع ذلك يسعى وهو يحتقر عمله يظن أنه لم يقبل ويستزيد ويزيد لعل الله يقبل .
ما رأيك بدورة يدخلها وهو لا يغرم فيها مغرما , ولا يدفع فلسا واحدا , والنتيجة شهادة نهاية الشهر يوم تقسم الجوائز للفائزين الرضا والسرور لإنجازه , وكريم صنعه , والسرور مكسب لتقبل الذات.
وأخيرا ما رأيك بدورة يبقى أثرها لشهور و سنوات , ويتمنى تكرارها , وكلما أنجز منها شيئا انبعثت السعادة في أرجائه, بل هناك أمر آخر أنه يبقى أثرها حتى بعد الممات : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .متفق عليه . وجاء في الحديث القدسي : ( الصوم لي وأنا أجزي به ), متفق عليه .فتخيل عظيم ثواب الله , وهو الذي يجازي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف , فما بالك برمضان وقد تكفل بالجزاء .
لذلك حوّل رمضان لعدة دورات وليس دورة واحدة وتأمل النتيجة .
لا أظنك خاسر وأنت تحسن الظن بالله بل رابح .. رابح .. رابح .
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي