قلمٌ محارب ، أهو طريد أم شهيد ؟؟
تَعَوَّد قلمي على أن يشارك بكل قضية تشغل تفكيري ، وأن يترجم موقفي حولها حسب تفسيري ، وأن ينزف حبره على ورقي فيكون سيله محكوما بتحريري ، فهو صوتي الذي يُسمِعُ العالمين أثيري ، وحرفه يعكس ظلّه وفق تأثيري ، فأنا مالكته ، ومَلِكَته ، وهو في الطاعة أميري ، وأنا بتكليفي له أَسُودُه ، فهو في الواقع أجيري ، وإن كان قراره بيدي ، فذاك لأنه في رحلتي تابعي وأسيري ، وأنا أرعاه بمهجتي ، وأعينه بما يوضح فكرتي ، ولا أثقل كاهله بتحديد مصيري ، فإرهاقه يتعبني فهو في الحقيقة صغيري...
ولكني في الآونة الأخيرة ...
أصبحت أرى خطوطه مُقَطَّعة ، وكلماته ليست مقنعة ، وحروفه لم تعد تدرك المعنى لتجمعه ، وكأن صوتي غدا همسا ، لم يعد يسمعه ، ورأيي بنظره صار ثقيلا عجز أن يرفعه ، وكأن حبره جفَّ بداخله فلم يعد ينفعه ، والأمر له بات حِملا ليدفعه ، وكأن تكليفه بالكتابة كفّا به أصفعه ، فلم يعد كما كان ، ولا أعرف كيف لي أن أُرجِعه ...
وما ذاك لضعف في قلمي ، أو نفور ، ولا لخوف من المواجهة والظهور ، ولا لعجز عن رسم الحروف على السطور ، ولا لعدم الأحقية في المرور ، فهو مناضل وجسور ، وهو سيفٌ أضاع غمده ، فهو في كل حياته مشهور ، ينتصر للحق ضد الشرور ، ويدافع عن رأيه باختياره ليس في ذاك مكره أو مجبور ، راضيا وهو مسرور ...
ولكن ...
كيف أفعل في أمور لم أعد أميّزها ، وأفعال لم أعرف مبرّرها ، وسلوكيات عجزت عن تصوّرها ، وأفكار لم أستطع أن أحوّرها ، فضعيفها جامد كيف لي أن أطوّرها ، وضوابطها حبيسة فمن يُحرّرها ، وأحكامها متداخلة ما عدت أحصرها ، بالخوض فيها ربما أخسرها ، في الوقت الذي أسعى لأن أظهرها ، وأعيد لها حقها ، إذ جئت أنصرها ...
وهل لقلمي أن يبت في أمر عجز عقلي عن إدراكه ، وأن يشارك في قضية وقد يهينه إشراكه ، فالوقاية خير من علاج آثار عراكه ، والتنحي خير بداية لانطلاق حِراكه ...
فقد امتلأ زمانه بالمتناقضات فلم يعد يجد نفسه ، وكثرت به المتغيرات فصار بنفسه يعود لحبسه ، وعَلَت المنكرات على الفضائل فانفصل يومه عن أمسه ، وخَبَتَ صوت الحق فلم يعد يسمع إلا همسه ، فرأيت في إبعاده عن الساحة سلامة له ، وهو خير له من إقحامه فيها وغمسه ..
فتنحى وتنحيت ، ولكننا لن نبتعد ...
فهو صمت مؤقت ، وبعده كل الحروف سترتعد ...
ونحن دوما متأهبين لخوض حربنا ، قل للقضايا تستعد ...
فالعاقل من ينحني حتى تمر العاصفة ، ولا يقف بوجهها حتى لا تحمله ...
وهو من يعود خطوة للوراء قبل بدء السباق ، ثم ينطلق ويعجز الكل أن يتبعه ...
وهو من يسكت حتى يسمع من الجميع ، فيكون ممسكا بالخيوط بمجمعه ...
فإذا قال أقنع ...
وإذا نطق أمتع ...
وإذا مال يرجع ...
ولما تفرق منه عاد يجمع ...
فترك ما يضره ، وعاد بالذي ينفع ...
ورجع كما بدأ ، صوته يصدح والكل يسمع ...
وزال عنه الصدأ ، فموته أرجح إن ظل في كهفه يقبع ...
فهو موجود لينقل مافي جعبتي من رسائل ..
فإن جفّ حبره ، وقلّ جهده ، وملّ دوره ، فهو عن يدي راحل ، ومن غدي زائل ، وبه أقبل التعازي ، فلم يعد معي في الكتيبة غازي ...
وهو في نهايته بين أمرين :
طريد درب ، أو شهيد حرب ...
وهو في ذاكرتي له حالتين :
منافق ومخادع ، فهو بالنسيان أولى ...
صادق و مدافع ، مكانه بالقلب أعلى ، وهو مثل الكنز بل والله أغلى ...
تلك هي أنا ، وذاك هو قلمي ...
هناك أو هنا ، هو سيفي ، أوقد به ناري ، في رأسه علمي ...
به أصبح الحلم مُنالا ، وبه شُفي الجرح وزالا ...
وهو الجواب لكل ما كان بالأمس سؤالا ...
ولأنه قلمي : " صغت له من الكلام مقالا " ...
ولكني في الآونة الأخيرة ...
أصبحت أرى خطوطه مُقَطَّعة ، وكلماته ليست مقنعة ، وحروفه لم تعد تدرك المعنى لتجمعه ، وكأن صوتي غدا همسا ، لم يعد يسمعه ، ورأيي بنظره صار ثقيلا عجز أن يرفعه ، وكأن حبره جفَّ بداخله فلم يعد ينفعه ، والأمر له بات حِملا ليدفعه ، وكأن تكليفه بالكتابة كفّا به أصفعه ، فلم يعد كما كان ، ولا أعرف كيف لي أن أُرجِعه ...
وما ذاك لضعف في قلمي ، أو نفور ، ولا لخوف من المواجهة والظهور ، ولا لعجز عن رسم الحروف على السطور ، ولا لعدم الأحقية في المرور ، فهو مناضل وجسور ، وهو سيفٌ أضاع غمده ، فهو في كل حياته مشهور ، ينتصر للحق ضد الشرور ، ويدافع عن رأيه باختياره ليس في ذاك مكره أو مجبور ، راضيا وهو مسرور ...
ولكن ...
كيف أفعل في أمور لم أعد أميّزها ، وأفعال لم أعرف مبرّرها ، وسلوكيات عجزت عن تصوّرها ، وأفكار لم أستطع أن أحوّرها ، فضعيفها جامد كيف لي أن أطوّرها ، وضوابطها حبيسة فمن يُحرّرها ، وأحكامها متداخلة ما عدت أحصرها ، بالخوض فيها ربما أخسرها ، في الوقت الذي أسعى لأن أظهرها ، وأعيد لها حقها ، إذ جئت أنصرها ...
وهل لقلمي أن يبت في أمر عجز عقلي عن إدراكه ، وأن يشارك في قضية وقد يهينه إشراكه ، فالوقاية خير من علاج آثار عراكه ، والتنحي خير بداية لانطلاق حِراكه ...
فقد امتلأ زمانه بالمتناقضات فلم يعد يجد نفسه ، وكثرت به المتغيرات فصار بنفسه يعود لحبسه ، وعَلَت المنكرات على الفضائل فانفصل يومه عن أمسه ، وخَبَتَ صوت الحق فلم يعد يسمع إلا همسه ، فرأيت في إبعاده عن الساحة سلامة له ، وهو خير له من إقحامه فيها وغمسه ..
فتنحى وتنحيت ، ولكننا لن نبتعد ...
فهو صمت مؤقت ، وبعده كل الحروف سترتعد ...
ونحن دوما متأهبين لخوض حربنا ، قل للقضايا تستعد ...
فالعاقل من ينحني حتى تمر العاصفة ، ولا يقف بوجهها حتى لا تحمله ...
وهو من يعود خطوة للوراء قبل بدء السباق ، ثم ينطلق ويعجز الكل أن يتبعه ...
وهو من يسكت حتى يسمع من الجميع ، فيكون ممسكا بالخيوط بمجمعه ...
فإذا قال أقنع ...
وإذا نطق أمتع ...
وإذا مال يرجع ...
ولما تفرق منه عاد يجمع ...
فترك ما يضره ، وعاد بالذي ينفع ...
ورجع كما بدأ ، صوته يصدح والكل يسمع ...
وزال عنه الصدأ ، فموته أرجح إن ظل في كهفه يقبع ...
فهو موجود لينقل مافي جعبتي من رسائل ..
فإن جفّ حبره ، وقلّ جهده ، وملّ دوره ، فهو عن يدي راحل ، ومن غدي زائل ، وبه أقبل التعازي ، فلم يعد معي في الكتيبة غازي ...
وهو في نهايته بين أمرين :
طريد درب ، أو شهيد حرب ...
وهو في ذاكرتي له حالتين :
منافق ومخادع ، فهو بالنسيان أولى ...
صادق و مدافع ، مكانه بالقلب أعلى ، وهو مثل الكنز بل والله أغلى ...
تلك هي أنا ، وذاك هو قلمي ...
هناك أو هنا ، هو سيفي ، أوقد به ناري ، في رأسه علمي ...
به أصبح الحلم مُنالا ، وبه شُفي الجرح وزالا ...
وهو الجواب لكل ما كان بالأمس سؤالا ...
ولأنه قلمي : " صغت له من الكلام مقالا " ...