• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

قلمٌ محارب ، أهو طريد أم شهيد ؟؟

بواسطة إيمان الحماد 07-19-2024 09:21 مساءً 21 زيارات
تَعَوَّد قلمي على أن يشارك بكل قضية تشغل تفكيري ، وأن يترجم موقفي حولها حسب تفسيري ، وأن ينزف حبره على ورقي فيكون سيله محكوما بتحريري ، فهو صوتي الذي يُسمِعُ العالمين أثيري ، وحرفه يعكس ظلّه وفق تأثيري ، فأنا مالكته ، ومَلِكَته ، وهو في الطاعة أميري ، وأنا بتكليفي له أَسُودُه ، فهو في الواقع أجيري ، وإن كان قراره بيدي ، فذاك لأنه في رحلتي تابعي وأسيري ، وأنا أرعاه بمهجتي ، وأعينه بما يوضح فكرتي ، ولا أثقل كاهله بتحديد مصيري ، فإرهاقه يتعبني فهو في الحقيقة صغيري...

ولكني في الآونة الأخيرة ...
أصبحت أرى خطوطه مُقَطَّعة ، وكلماته ليست مقنعة ، وحروفه لم تعد تدرك المعنى لتجمعه ، وكأن صوتي غدا همسا ، لم يعد يسمعه ، ورأيي بنظره صار ثقيلا عجز أن يرفعه ، وكأن حبره جفَّ بداخله فلم يعد ينفعه ، والأمر له بات حِملا ليدفعه ، وكأن تكليفه بالكتابة كفّا به أصفعه ، فلم يعد كما كان ، ولا أعرف كيف لي أن أُرجِعه ...

وما ذاك لضعف في قلمي ، أو نفور ، ولا لخوف من المواجهة والظهور ، ولا لعجز عن رسم الحروف على السطور ، ولا لعدم الأحقية في المرور ، فهو مناضل وجسور ، وهو سيفٌ أضاع غمده ، فهو في كل حياته مشهور ، ينتصر للحق ضد الشرور ، ويدافع عن رأيه باختياره ليس في ذاك مكره أو مجبور ، راضيا وهو مسرور ...

ولكن ...
كيف أفعل في أمور لم أعد أميّزها ، وأفعال لم أعرف مبرّرها ، وسلوكيات عجزت عن تصوّرها ، وأفكار لم أستطع أن أحوّرها ، فضعيفها جامد كيف لي أن أطوّرها ، وضوابطها حبيسة فمن يُحرّرها ، وأحكامها متداخلة ما عدت أحصرها ، بالخوض فيها ربما أخسرها ، في الوقت الذي أسعى لأن أظهرها ، وأعيد لها حقها ، إذ جئت أنصرها ...
وهل لقلمي أن يبت في أمر عجز عقلي عن إدراكه ، وأن يشارك في قضية وقد يهينه إشراكه ، فالوقاية خير من علاج آثار عراكه ، والتنحي خير بداية لانطلاق حِراكه ...

فقد امتلأ زمانه بالمتناقضات فلم يعد يجد نفسه ، وكثرت به المتغيرات فصار بنفسه يعود لحبسه ، وعَلَت المنكرات على الفضائل فانفصل يومه عن أمسه ، وخَبَتَ صوت الحق فلم يعد يسمع إلا همسه ، فرأيت في إبعاده عن الساحة سلامة له ، وهو خير له من إقحامه فيها وغمسه ..

فتنحى وتنحيت ، ولكننا لن نبتعد ...
فهو صمت مؤقت ، وبعده كل الحروف سترتعد ...
ونحن دوما متأهبين لخوض حربنا ، قل للقضايا تستعد ...
فالعاقل من ينحني حتى تمر العاصفة ، ولا يقف بوجهها حتى لا تحمله ...
وهو من يعود خطوة للوراء قبل بدء السباق ، ثم ينطلق ويعجز الكل أن يتبعه ...
وهو من يسكت حتى يسمع من الجميع ، فيكون ممسكا بالخيوط بمجمعه ...
فإذا قال أقنع ...
وإذا نطق أمتع ...
وإذا مال يرجع ...
ولما تفرق منه عاد يجمع ...
فترك ما يضره ، وعاد بالذي ينفع ...
ورجع كما بدأ ، صوته يصدح والكل يسمع ...
وزال عنه الصدأ ، فموته أرجح إن ظل في كهفه يقبع ...
فهو موجود لينقل مافي جعبتي من رسائل ..
فإن جفّ حبره ، وقلّ جهده ، وملّ دوره ، فهو عن يدي راحل ، ومن غدي زائل ، وبه أقبل التعازي ، فلم يعد معي في الكتيبة غازي ...
وهو في نهايته بين أمرين :
طريد درب ، أو شهيد حرب ...
وهو في ذاكرتي له حالتين :
منافق ومخادع ، فهو بالنسيان أولى ...
صادق و مدافع ، مكانه بالقلب أعلى ، وهو مثل الكنز بل والله أغلى ...
تلك هي أنا ، وذاك هو قلمي ...
هناك أو هنا ، هو سيفي ، أوقد به ناري ، في رأسه علمي ...
به أصبح الحلم مُنالا ، وبه شُفي الجرح وزالا ...
وهو الجواب لكل ما كان بالأمس سؤالا ...
ولأنه قلمي : " صغت له من الكلام مقالا " ...

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر