حاسبة الأيام ، لا تعرف لغة الأرقام ...
هناك الكثير من الأوقات التي نقضيها في الاستعداد لأمر ما ، والتهيئة له ، حرصا على إنجاحه ...
وأوقات أخرى نقضيها في الراحة ، واستجماع القوى ، بعد إنهاء أمر ما ، فرحا بإنجازه ...
وأوقات تمضي ونحن نبحث عن أمر ما ، لننشغل به ، أو نتعلمه ، رغبة في إتقانه ..
وأوقات تمُّر وتنتهي ، ونحن لم ننجز بها شيئا ، ولم نفعل بها أمرا ، فضاعت ، حتى أنّا لن نجد لها ذكرا ، ولم نلق لها أثرا ، فلا مخبورا لها ، ولا خبرا ، وكأنما ضاقت بنا صبرا ...
ومع كل تلك الاختلافات في تصنيف الأوقات ، إلا أنها تجتمع معا لتعطي لصورتنا الملامح ، فتبرز جمال كل ناجح ، وتنشر عن الفاشلين الفضائح ، ولمن بينهما يبدو بالأمر تراوح ، ولكل هؤلاء تنهال النصائح ...
فنحن بأوقاتنا نتحكم ، وهي عنّا ستتكلم ، ونحن منها سنتعلم ، كيف نتقدم ، وهي منا تتألم إن كنا لها نعدم ، ولأنفسنا بها نظلم ، ولن يخدعنا أنها لا تتكلم ، فحديثها يترجمه ضياعها ، وأنينها يطرق في أذن من أضاعها ، فكما كان حسن استغلالها يصنعنا ، فنحن بالحقيقة صُنّاعها ، فهي كنزٌ لمن اشتراها ، وأعظم الخسائر لمن باعها ...
وها هي ساعة الزمن تدق في ذهن كُلّ منّا ، وهي بأصواتها تحكي للآخرين عنّا ، ونحن من نكتب محتواها ، ونرفع أو نخفض صوت صداها ، بما نملأها به من أفعال تزيد شذاها ، وتكسر حدود مداها ، وتتفوق بظلها على ما عداها ..
فالدقيقة التي نقضيها فيما ينفع ، تعادل ساعة مما يضيع ...
والساعة التي نضيعها ، صوتها لا يُسمع ، ولن نجد فيها صنيع ..
والأيام التي نخسرها ، غداً عليها سندمع ، فعلنا فيها شنيع ...
والسنين بحكمها ، بين الضياع وبينها خيط رفيع ...
هي طوع أمرك ، إن أردت بقاءها ، خضعت كما الطفل الرضيع ..
وإن شرعت بقتلها ، لتهيأت في نعشها حتى تشيع ..
وَعُدْت بعد فراقها ، مثل النعام بلا قطيع ... مثل الغمام بلا رجيع ، مثل الظلام بلا هزيع ، مثل الكلام بلا سميع ، مثل النيام بلا هجيع ، تشعر بضيق في المكان ، وإن بدا جدا وسيع ..
فاجمعوا أفكاركم ، وارفعوا لمكانكم ، واجبروا ما فاتكم ، فالحياة حياتكم ، قدرها بحسابكم ، إن قضت أوقاتكم ، حلّ القضاء بداركم ، معلنة لوفاتكم ، فتنفسوا إخفاقكم ، وتجرعوا إهمالكم ، وافتحوا بقلوبكم مصراعكم ، وافسحوا لعزائكم ...
واستعدوا للسؤال ، كيف انقضت أوقاتكم ..
وتخيروا من قائمة ملأى ببعض جوابكم ..
في الملاهي إن غدت عنوانكم ...
في المعاصي إن بدت منوالكم ...
في التوافه إن سمت بخيالكم ...
وبعضكم نال المنى ، وأمامكم ...
حَسُنَ الجواب ، فقد غدا إلهامكم ...
وبعضه مهما يقل فوزنه كالضعف في ميزانكم ..
وقدره يوم الحساب يفوق في مثقالكم ..
من قال وقتي شاهدي ، في بعض علمٍ نالكم ، أو خير فعل طالكم ، أو صدق قول جاءكم ...
في عبادة أو عمل ، أو زيادة في السنن ، أو بطاعة ، أو قناعة ، كلها معقودة بلسانكم ، محكومة بفعالكم ...
فقد تكون لكم إن رافقت إحسانكم ..
فكبيركم في فعله ، لا سِنِّه ، فربما تأتي السيادة من فعال صغاركم ...
وربما كانت عليكم ، إن لقت إهمالكم ، فبعضكم من جرمه في وقته ، صار ميتا بيننا ، وإن بقت أنفاسه في ساحكم ...
فقضية الأعمار وطريقة حسابها ، ما زالت قائمة ، ولم ينطق الحكم بها ..
بين إقرار و إنكار ، قد يطول غيابها ، ولكنها دائمة ، وقد يفرق النظر لها ...
فحاسبة الأعوام و الأيام ، لا تعرف لغة الأرقام ، فهي بالنسبة لها مجرد أوهام ..
وتلك حقيقة ولا تخفى على العوام ..
والاعتراف بها أمر، لا نحتاج أدلة كي نؤكد أنه هام ...
فذاك الطفل أصبح كبيرا بقدره ، لما حفظ - رغم صغره - القرآن ..
وذاك الفتى صار رجلا بِفِكْرِه ، لما روّض نفسه على العقل و الاتزان ...
وذاك الشيخ غدا مراهقا ، لما عرّض بنفسه في مواطن الجهل والافتتان ..
فعمرك بيدك ، أكبر بفعلك أو أصغر في الهوان ...
وهو طوع أمرك ، أرق بنفسك ، قبل أن يَفُتِ الأوان ...
فالعمر لا يرتبط بزمان ، وليس له حدود في المكان ...
وهذا أمر واقع ، ولا يختلف عليه اثنان ..
وأوقات أخرى نقضيها في الراحة ، واستجماع القوى ، بعد إنهاء أمر ما ، فرحا بإنجازه ...
وأوقات تمضي ونحن نبحث عن أمر ما ، لننشغل به ، أو نتعلمه ، رغبة في إتقانه ..
وأوقات تمُّر وتنتهي ، ونحن لم ننجز بها شيئا ، ولم نفعل بها أمرا ، فضاعت ، حتى أنّا لن نجد لها ذكرا ، ولم نلق لها أثرا ، فلا مخبورا لها ، ولا خبرا ، وكأنما ضاقت بنا صبرا ...
ومع كل تلك الاختلافات في تصنيف الأوقات ، إلا أنها تجتمع معا لتعطي لصورتنا الملامح ، فتبرز جمال كل ناجح ، وتنشر عن الفاشلين الفضائح ، ولمن بينهما يبدو بالأمر تراوح ، ولكل هؤلاء تنهال النصائح ...
فنحن بأوقاتنا نتحكم ، وهي عنّا ستتكلم ، ونحن منها سنتعلم ، كيف نتقدم ، وهي منا تتألم إن كنا لها نعدم ، ولأنفسنا بها نظلم ، ولن يخدعنا أنها لا تتكلم ، فحديثها يترجمه ضياعها ، وأنينها يطرق في أذن من أضاعها ، فكما كان حسن استغلالها يصنعنا ، فنحن بالحقيقة صُنّاعها ، فهي كنزٌ لمن اشتراها ، وأعظم الخسائر لمن باعها ...
وها هي ساعة الزمن تدق في ذهن كُلّ منّا ، وهي بأصواتها تحكي للآخرين عنّا ، ونحن من نكتب محتواها ، ونرفع أو نخفض صوت صداها ، بما نملأها به من أفعال تزيد شذاها ، وتكسر حدود مداها ، وتتفوق بظلها على ما عداها ..
فالدقيقة التي نقضيها فيما ينفع ، تعادل ساعة مما يضيع ...
والساعة التي نضيعها ، صوتها لا يُسمع ، ولن نجد فيها صنيع ..
والأيام التي نخسرها ، غداً عليها سندمع ، فعلنا فيها شنيع ...
والسنين بحكمها ، بين الضياع وبينها خيط رفيع ...
هي طوع أمرك ، إن أردت بقاءها ، خضعت كما الطفل الرضيع ..
وإن شرعت بقتلها ، لتهيأت في نعشها حتى تشيع ..
وَعُدْت بعد فراقها ، مثل النعام بلا قطيع ... مثل الغمام بلا رجيع ، مثل الظلام بلا هزيع ، مثل الكلام بلا سميع ، مثل النيام بلا هجيع ، تشعر بضيق في المكان ، وإن بدا جدا وسيع ..
فاجمعوا أفكاركم ، وارفعوا لمكانكم ، واجبروا ما فاتكم ، فالحياة حياتكم ، قدرها بحسابكم ، إن قضت أوقاتكم ، حلّ القضاء بداركم ، معلنة لوفاتكم ، فتنفسوا إخفاقكم ، وتجرعوا إهمالكم ، وافتحوا بقلوبكم مصراعكم ، وافسحوا لعزائكم ...
واستعدوا للسؤال ، كيف انقضت أوقاتكم ..
وتخيروا من قائمة ملأى ببعض جوابكم ..
في الملاهي إن غدت عنوانكم ...
في المعاصي إن بدت منوالكم ...
في التوافه إن سمت بخيالكم ...
وبعضكم نال المنى ، وأمامكم ...
حَسُنَ الجواب ، فقد غدا إلهامكم ...
وبعضه مهما يقل فوزنه كالضعف في ميزانكم ..
وقدره يوم الحساب يفوق في مثقالكم ..
من قال وقتي شاهدي ، في بعض علمٍ نالكم ، أو خير فعل طالكم ، أو صدق قول جاءكم ...
في عبادة أو عمل ، أو زيادة في السنن ، أو بطاعة ، أو قناعة ، كلها معقودة بلسانكم ، محكومة بفعالكم ...
فقد تكون لكم إن رافقت إحسانكم ..
فكبيركم في فعله ، لا سِنِّه ، فربما تأتي السيادة من فعال صغاركم ...
وربما كانت عليكم ، إن لقت إهمالكم ، فبعضكم من جرمه في وقته ، صار ميتا بيننا ، وإن بقت أنفاسه في ساحكم ...
فقضية الأعمار وطريقة حسابها ، ما زالت قائمة ، ولم ينطق الحكم بها ..
بين إقرار و إنكار ، قد يطول غيابها ، ولكنها دائمة ، وقد يفرق النظر لها ...
فحاسبة الأعوام و الأيام ، لا تعرف لغة الأرقام ، فهي بالنسبة لها مجرد أوهام ..
وتلك حقيقة ولا تخفى على العوام ..
والاعتراف بها أمر، لا نحتاج أدلة كي نؤكد أنه هام ...
فذاك الطفل أصبح كبيرا بقدره ، لما حفظ - رغم صغره - القرآن ..
وذاك الفتى صار رجلا بِفِكْرِه ، لما روّض نفسه على العقل و الاتزان ...
وذاك الشيخ غدا مراهقا ، لما عرّض بنفسه في مواطن الجهل والافتتان ..
فعمرك بيدك ، أكبر بفعلك أو أصغر في الهوان ...
وهو طوع أمرك ، أرق بنفسك ، قبل أن يَفُتِ الأوان ...
فالعمر لا يرتبط بزمان ، وليس له حدود في المكان ...
وهذا أمر واقع ، ولا يختلف عليه اثنان ..