• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

ظلال الكلمات ، وضلالها ..

بواسطة إيمان الحماد 04-11-2024 05:53 مساءً 47 زيارات
استوقفتني كثيرا بعض العبارات التي يصف بها الأشخاص في تعليقاتهم على تلك الفترة التي تمثل فترة الانتقال من شهر رمضان لغيره ، وتخرجهم من طقوسه ، بعد أن خبت ضوؤه ، وغابت شمسه ، وأطفأ سراجه ، وأظلم ناموسه ، ودق جرس العيد ناقوسه ، فأيقظنا من حلم جميل ، ونحن بجهلنا ، وبتلك العبارات صورناه وكأنه كابوسا ، ( وأنا وللأسف منهم ) ، وذلك حين نجيب عمن يسألنا عن حالنا بالعيد بقولنا ، " وعدنا للحياة " ، أو " الان يستقر الوضع " ، أو "مرّ بسلام " ، وكأنه كان أزمة نترصد منها شرا ، ونتوقع ضرا ...
وليس ذاك مصيبا ، وهو في حقيقة الأمر لوصف رمضان معيبا ، بأن صوروه كئيبا ، وهو الحبيب من النفوس قريبا ...

فنحن والله معه كمن كان برحلة في صحراء الحياة ، وما زال يعاني من قسوتها ، ويشتكي شدتها ، ولا يداني صعوباتها ، ويطمع دوما برحمتها ، وها هو يمرُّ بواحة خضراء ، بها ظلٌّ وماء ، ونسيم عليل وصافي الهواء ، فيستظل بها من حر الهجير ، ويروي ظمأه ليقوَ على المسير ، ويجبر جسده الكسير ، ويتزود منه بما يعينه على ما كان ، وما له سيصير ، وهكذا هي الحياة ، وهكذا هو رمضان بها ، فمرورنا به وكأنها حنّت عليه ، واغتنامنا إياه خير انتصار بعد أن سلمتنا إليه ...

أو كمن كان برحلة في خضّم البحر مسارها ، فتارة تستقيم السفينة ، وأخرى تخرج عن مسارها ، وتتلاعب بها أمواج الحياة ، حتى تزعزع أركانها ، ويخور كيانها ، ويُكسر منارها ، فلا يعد يهتدي ربّانها ، ويعجز عن تحديد مكانها ، أو ضمان أمانها ، فجاء رمضان ، فهدأت تلك الرياح ، واستقرت السفينة على بحرٍ بَراح ، وهنأ راكبوها براحة ومراح ، وعادت لهم الأرواح ، وانتهت ظلمة ليلهم ، فقد أشرق برمضان الصباح ، وما إن انتهى وغادرناه ، حتى عاد الجميع للصياح ، ونتوقع ارتفاح النياح ، فلم يعد الأمن بمتاح ، وكأن قبطاننا نسي المهارة في القيادة والملاحة ، فهو اليوم ليس بملّاح ، ولن ينجو إلا من جمع من رمضان غنيمته ، وشحذ طاقته ، وعلت همتّه ، وكان ممن يجيدون في الحياة السباحة ، وهنا يكون النجاح ...

وهكذا هو حالنا مع رمضان والحياة بكل صراحة ، وبلا مزاح ...
فإن كانت الحياة أزمة ، فرمضان كان انفراجها ...
وإن كانت عاصفة ، فهو هدوؤها وجمع خراجها ...
وإن كانت رحلة ، فهو مستقرها و مستودعها ، ومحطة نتزود بها ليحلو لنا إنتاجها ...
وإن كانت حربا ، فهو هدنتها وإيقاف جولاتها ، وحقن دمائنا من سلاحها ، وبانتهائه سنعود لاستئنافها ، وإثارة عجاجها ...

فأحسنوا اختيار المفردات عند صوغ العبارات ...
ووظفوها توظيفا صحيحا في التعليقات ...
وانصفوا رمضان ، - وهيهات أن ننصفه هيهات - ...
فقد مضى ، وليته كان آت ...
فقد انتقلنا من سعة إلى ضيق ...
ومن برد وسلام ، إلى نار وحريق ..
وعاد إلينا الضغط والتخنيق ...
ودخلنا المتاهة من جديد ، وسنضيع بين تغريب وتشريق ، فلم نعد نعرف انتماءنا لأي فريق ، وسنرى ما يعجز العقل عن تحمله ، والقلب عن التصديق ...
وما كل ذلك بوصف رمضان يليق ..

فانظروا لكل شيء بمنظاره ، وضعوه في إطاره ، ولا تخرجوه عن مساره ، وتخرجوا العقل عن أطواره ، وتطيعوا الهوى بقضاء أوطاره ، فليس ذاك يليق بالأمر ومداره ، وكأنكم تخلطون بين جنة القلب وناره ، فلا تميزون بين دقاته التي تدل على زواله ، من تلك التي تشير لاستقراره ...
فقد عادت الحرب لحياتكم ، فاستعدوا لها وهيؤوا القلب للذنب وحصاره ، والجسد في الشهوات سيكون إساره ..
ويا لعظيم الخسارة ...

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر