• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

طيف أمي ، ضيف يومي

بواسطة إيمان الحماد 03-22-2024 07:15 صباحاً 84 زيارات
إن كانت استراتيجية العالم اليوم ، أن يَخُصّ كل أمر بيوم ، فيسلط الأضواء عليه ، ويلفت الأنظار إليه ، وتدور الأحداث حواليه ، إلا أننا نظلم بعض الأمور حين نحصرها ، وعلى أيامها نقصرها ، ونكاد في غيره لا نذكرها ، وكان حقا لها أن ننصرها ، وفي يومها وغيره نُظهِرها ...
وليس أعظم من الأم كي نشكرها ، وفي كل لحظاتنا نكرمها ...
هي نبع الحياة ، فكيف لا نحسن رفدها ، ونرفدها ...
وهي صدر الحنان ، فكيف لا نهرب لها ، ونقصدها ..
وهي أرض الأمان ، فكيف لا نهنأ بها ، براحة من بذرها نحصدها ..
وهي لحن الوجود ، فكيف لا نطرب بها ، حين نتغنى لِنُطرِبها ...
وهي قصيدة حب ، فكيف لا نطلب سماعها ، وننشدها ...
وهي حكاية عشق ، فكيف لا نكتب أحداثها ، ونرويها ...
وهي غيمة عطاء ، فكيف لا نستمطرها ، ونُجرِيها ..
وهي روضةٌ غنّاء ، فكيف لا نزرعها حبا ، ونسقيها ...
لننعم في أحضانها ، ونكبر في روابيها ...

ويا لهناء من كان نهرها حوله جاري ، وخيرها بين يديه ساري ، وصوتها في أذنيه يصدح ، وحسُّها لكل حياته يشرح ، ووجهها برؤيته يفرح ، وهو يلهو حولها ويمرح ، ويراها كلما الوقت يسمح ، وعلى يديها طلبا للرضا يمسح ، ولكل أوجه البرّ إن جاد يمنح ، وبكل مكان حوله لِطَيْفِها يلمح ، وكأن ظلالها بالكون تسرح ..

وعزائي لمن يتجدد إحساسه بفقدها مع كل ذكرى ، وفي يومها تأتي الذكريات تَترى ، وهي بالذكر أحرى ، وهو بالفقد أدرى ، فكيف لجرحه أن يبرأ ، وكيف لفرحه أن يبدأ ، وكيف لطرحه أن يُقرأ ، وقد سبقه حزنه وعمّا فيه أنبأ ، فبات القلب بدمعه يصدأ...

ولا لوم عليه ، فهو بفقدها قد فقد ناظِرَيه ، وبِبُعدِها ابتعد النور عن جانِبَيه ...

ولكن ...
هل موتها حقا يقطع معه حبلها ، ويمنع عنه خيرها ، ويُنسيه أمرها ، ويحرمه برّها ..
وهل هذا اليوم لهم دونه ، وهل سيذكرهم وينسونه ، ومن الاحتفال بها بذكرها ، أو برّها سيحرمونه ، وكأنهم بذلك فوق موته يقتلونه ، وفي ضيقه يحبسونه ، وفي همّه يتركونه ، ومن ذكرى أمه فوق حرمانها يحرمونه ...

لا والله ..
بل إن الأموات من أمهاتنا أولى بالذكر ، فموتها لم يقطع حبال الأجر ، وذكرها لا يمنع سؤال الصبر ، وفقدها لا يشفع بترك البرّ ، وهو مازال متاحا بأوجه كُثر ، ولا يخفى على المؤمن الأمر ...
فالعلاقة بها لا تنتهي بغُسلها ، ولا زيارة قبرها ...
فعطاؤنا ينفعها ، وصدقاتنا ترفعها ، ودعاؤنا يصلها ...
فحافظوا على وصلها ، وأسكنوها بالجنة بقصرها ، فاجعل من وقتك نصيبا لها ، واجعل خيرك يشملها ، وبرّك لأعلى منزلة يحملها ، وجميل فعلك يجبر صحيفتها ويكملها ، فتلك أفضل طريقة لتعالج آلام فقدها وتدملها ، وتشارك غيرك بالاحتفال بيومها ، فهي ذكرى وحرّيٌ بك ألا تُهمِلها ، وسيظل معك طيفها ، وستظل تراقبك وتحميك ، وكأنها تركت لك مع حبها قوّة سيفها ..

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر