• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

كبار قدر لا كبار سن

بواسطة إيمان الحماد 10-22-2023 08:25 صباحاً 74 زيارات
في حقيقة الأمر هم كبار قدر لا كبار سن

هم بعضنا ، ومنهم نشأ جذرنا ، وبهم مبدأ أمرنا ، ولهم يعود خيرنا إن كنا أخيارا ، وبهم يؤثر شرنا إن غدونا أشرارا ، وعنهم سيتحدث فعلنا وإن فعلناه مرارا ، وبهم سيتأثر قولنا وكأنه لصوتهم تكرارا ،
فلن ننفصل عنهم ، وكأن الأمر حصارا ، فارتباطنا بهم فرض ما كان فيه اختيارا ... .
فليس للفضل منهم حدود فهم للفضل بدارا ، فبهم آباء وجدود وهم للفخر منارا ، والحبل سيظل بذكرهم موجود وليس مجرد إشارة ، ولوصلهم بالحب والعطاء ممدود ، وسيحدث في القلوب شرارة ، ووجودهم يضع للهموم سدود ، ويعطي الحياة إثارة ، دون ضوابط وقيود ، فهو سيفعل عن قدرة وجدارة ... .

كبار قدر ، أكثر من كونهم كبار سن ، وولاة أمر وإن كان القلب لهم دوما يحن ، ولهم من الفضل ما يجعل الأمر أسمى من حدود حق ودين ، ومهما فعلنا سنظل مقصرين ، فلا مجال لمن بالعطاء يمن .. .

فهم منهل وردناه في طفولتنا ، فما أغلق دوننا رواؤه ، وبحر قصدناه عونا في شبابنا ، فأغدق علينا عطاؤه ، وسدا منيعا أردناه لحمايتنا ، فما أمنع حصنه ، وما أصفى ولاؤه ، وبئرا ألقينا به دلاءنا وقد خلت ، فعادت وقد أثقلها سخاؤه ، وعطرا وددناه نطيب به ذكرنا ، فما غادرنا إلا وقد لحقنا من ثنائهم ثناؤه ، وبنا سيبقى ذكرهم ، ويا فخرنا إن كان بقائي لوالدي يعني بقاؤه .. .

أياديهم ممتدة ، وإن عجزوا ، وبرهم موصول وإن رحلوا ، وبصماتهم واضحة وإن جهلوا ، تذكرنا مواقفهم معنا وإن نسوا ، وتصنعنا جهودهم وإن قسوا ، وتبحر بنا مراكبهم إن معنا أمسوا ولرغبتنا لمسوا ،
وتريحنا شواطئهم إن لحاجتنا توقفوا فرسوا ، وتنير حياتنا بسماتهم إن ابتسموا ، وتشرق شمسها بضحكاتهم وكأنهم حرس ...
حتى نشعر وكأن غيابها نحس .. .
فما زال الطهر ديدنهم ، ولا يَدُل قلوبهم يأس ، ولم يغمض على هم لهم رمس ... .
فالثقة بالله في حياتهم أسُ ، وقيمة الحياة بأعيانهم رخص ، فما ذلت لها نفس ، وما طأطأ بها رأس ... .
هم العز كما عرفناه ، والفخر كما ألفناه ، والسمو الذي عنهم ورثناه ... .
وليتنا حفظنا ما سمعناه ، وفعلنا ما رأيناه ..
تضعف أجسادهم ، ولكن تظل تدفعنا قوة أنفاسهم ...
وتخور قوتهم ، ونظل نقوى بعزمهم وشكيمتهم ..
وتتيه عقولهم في زحمة الذكريات ، ولكنها تظل تهدينا لسبيلهم ، فحكمتهم على الصواب دليلنا ودليلهم ، وهمتهم أصابتنا بسهمها ، حتى استمات بها الأخير من تفريعهم ، فلهم نعود ، وإن اتسع الفارق بيننا واختلفت ملامح جيلنا عن جيلهم ... .
حتى الأحفاد ، أصبحوا كالأصفاد التي تشد الوثاق فيما بيننا ، فما قصرنا به نحوهم ، ناب عنا أبناؤنا في سداده ، وما تأخرنا عنه ، قام أحفادهم بإمداده ، فالبر باق بأبنائهم وممتد إليهم بامتداده ، والخير دائم طالما الهداية تساعدنا على تحقيق مراده ... .
ونستعيذ بالله من فئة غلبت عليها شقوتها ، فتاهت بها شهوتها ، وعن مفاتيح الجنان صرفتها ، ومن دعوة آبائها حرمتها ، حتى أنها عن حلقة البر أخرجتها ، لما الحياة عنهم أعمت بصيرتهم ، وسلبت عقولهم وشغلتها ، فلا الدنيا كسبوا ، ولا الآخرة طلبوا ، فكانوا هم الأخسرين لما على أعقابهم قلبوا ...

اللهم لا تجعلنا منهم ، فلا يدخل الجنة عاق ..
وأبعدنا عنهم ، ولا تجعلنا لهم ننساق .. .
وأعنا على هدايتهم ، إن كان للهداية مساق ، وألن قلوبهم إن كانت للجنة تطلب ولريحها تشتاق ... .
فبرضاهم والله ، ولا غير رضاهم بعد رضا الله تذاق ... .
فعليكم بأهليكم فهم عند الهرم لكم أحوج ..
الزموا أقدامهم ، فبها من الهم ألف مخرج ..
واطلبوا رضاهم ، فلعل ضيقتكم بفرحهم تفرج ... .
ولعلكم ببرهم ، تكسبوا أبناءكم إن كنتم لهم منهج ... .
فما تقدموه لأنفسكم من خير ، هو ملتقيكم إذا نزعت أرواحكم ولها ملك الموت أخرج ... .
فهو بعقوقه للنفس أحرج ، ولاسمه في الخاسرين أدرج ، ولجسده في النار دحرج ، وإن سلمت أقدامه سيظل أعرج ،
وليس بدونهم ذا القلب يبهج ...
فعليك بهم إن كنت تعقل ، ولا تكن بالعند أهوج ، فحقهم كالصبح أفلج ، ورضاهم للنور أسرج ، فكن بدعوة منهم متوّج ، فهم جذرك وأنت منهم كالفرع تُخرج ، وهم أصلك ، وأنت في الحقيقة منتج ،
فإن خرجت من حلقتهم ، فحاول إيجاد مولج ، وإلا سيظل جوك معجج ، والقلب بالهموم مدجج ، فخيرهم والله أبلج ... .

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر