(اليوم الوطني) وأما بعد ...
وأما بعد ...
هو يوم وننتظره في كل عام ، لنعبر عن حبنا وانتمائنا لوطننا ، مع أنه إحساس قائم على الدوام ، ودائم ، فلا علاقة له بتواريخ وأيام ...
وإن كنا ننتظره فعلا ، فليس لنخصه بما نفتقده في غيره ، ولا لنظهر مشاعرا وهي التي تشاركه سيره ، وترافقه في سماه كطيره ... .
ومع ذلك نحن نبتهج بهذا اليوم ، ونترقب حضوره ، ليحيي في عقولنا ذكرى البدايات ، ويغذي قلوبنا بروعة الإنجازات ، التي ربما تكون تداخلت مع كثرتها ، وضاعت من البعض مع شاكلتها ، وتاهت من آخرين لعظمتها ، وصعوبة حصرها في الذاكرة لضيق أفقها ، ومحدودية مخيلتها ...
فهي أكبر من أن ترى ، وأعظم من أن تروى ، وأكثر من أن تحصى ...
فنستغل هذا اليوم ونفرغ الذهن لأجله ، ونوجد المساحة فيه لتستوعب مجده ، فتروى لنا أمجاده ، وتعرض علينا جهود أجداده ، التي بدأت بهم وأكملها من بعدهم أولاده ، فنكمل دائرة المجد بذكرها ، وتشتد اليد بسردها ، ونتجاوز الحد لصيدها ، ونتعلم فنون الرد فنذود عن قيدها ، ونرد على كل نفس تسول لها كيدها ... .
وبه تقوم كل جهة بدورها في إيضاح الصورة ، وليست تلك الجهود على جهة واحدة مقصورة ، حتى أنها ليس بالكيانات محصورة ، وليست وحدها به مأمورة ، فحتى الأفراد يسيروا نفس المسيرة ، كل حسب مجاله يثبت حضوره ، ويظهر الجانب الذي يخصه وتظل جهوده مشكورة ، وبصمته على اللوحة محفورة ، حسب ما يبدع به ، وما تنقضي به أموره ، فيعكس بطريقته سروره ... .
ولكن وللأسف الشديد ، ما رأيناه من تجاوزات لدى البعض ، أزعجتنا ، وما رصدناه من سلوكيات يندى لها الجبين حتى أحرجتنا ، وعن نطاق الاحتفالات البريئة أخرجتنا ، وعن الهدف المنشود أبعدتنا ، ويتطلب الأمر جهودا كبيرة لتجاوزها ، حتى عن الفرح الذي ننتظر أخرجتنا ، ومن السعادة التي نبغي حرمتنا ، وعن الاستمتاع بأجوائه منعتنا ، وبتحقيق أهدافه حالت بيننا لما أرهقتنا ...
فأين من الوطنية إغلاق الطرقات ، فتعطل أصحاب المصالح عن قضاء مصالحهم ، وتبدل الفرح في نفوس ذوي الحاجات في إمضاء حاجتهم ، فهذا مريض لم يصل فالوضع فيه تدهور ، وهذا مسافر لم يدرك رحلته إذ تأخر ، وهذا مسالم أراد الفرح ولكنه من الزحام تضرر ، وهذا ، وهذا ، وذاك ...
وأين من الحميّة هتك العورات ، إذ اختلط البنين مع البنات ، ولم يعرف الصالح منهم فلم تظهر النيات ، وتفشى الفساد في الطرقات ، وتعالت الأصوات بأسوأ الألفاظ ، وأردى العبارات ، وتحول الأمر إلى عناد حتى فقدنا السيطرة ، لكثرة ما رصدنا من تجاوزات ...
وأين من النفس الأبية تخريب الممتلكات ، وتشويه البنايات بصور فاضحات ، وعبارات نابيات ، وتصرفات بعيدة عن الغايات ، وسلوكيات وكأننا نعيش في الغابات ، ولا تصدر إلا عن ذوي العاهات ، من كانوا على مجتمعهم عالات ، عاشوا بعقول فارغات ، وعاثوا بأفكار مهلكات ، وكانوا كالبذور المفسدات والتي تلحق الضرر بالصالحات ، فشرهم يَعُم ، وحضورهم يَغُم ، وسوءهم للفساد يَضُم ، وكل مُهِم بنظرهم لا يهم ... .
وأين من البراءة إهدار الساعات ، وإضاعة الأوقات ، وتفريغ الطاقات ، وتبديد القدرات ، بأمور لا خير فيها ، ولا عائد منها ، فتغدوا بسلبيتها عقبات فوق عقبات ، تهدم جبالا من الأمنيات ، إذ تعيق أصحاب الهمم العاليات ، وتغلق أبواب القمم في وجوه العاديات ...
وغيرها الكثير من الصور التي لا تشرح خاطرا ولا نظرا تسر ، فالوطن منهم بريء وهو منهم في خطر ، والأمر بهم متروك لولاة الأمر و أصحاب النظر ، وليعتبر من يعتبر ، وليبتعد على الضر أصر ، فوجودهم أضحى خطر ، ولنبقهم تحت البصر ، فالنار يضرمها الشرر ، والدار تحمي من شكر ، كالظل يأتي من شجر ، نقطة ونبدأ من صفر ، لنعود مبتدأ السطر ، افرح بأرضك وافتخر ، واترك بها طيب الأثر .
هذا رجاء ليس أمر ، فالصفو ماء ليس جمرا ، والطيب أصل إن سما فالجني خيرا فلنحلق في سماء المجد طيرا ، أو نخوض الأرض كالآساد سيرا ... .
هو يوم وننتظره في كل عام ، لنعبر عن حبنا وانتمائنا لوطننا ، مع أنه إحساس قائم على الدوام ، ودائم ، فلا علاقة له بتواريخ وأيام ...
وإن كنا ننتظره فعلا ، فليس لنخصه بما نفتقده في غيره ، ولا لنظهر مشاعرا وهي التي تشاركه سيره ، وترافقه في سماه كطيره ... .
ومع ذلك نحن نبتهج بهذا اليوم ، ونترقب حضوره ، ليحيي في عقولنا ذكرى البدايات ، ويغذي قلوبنا بروعة الإنجازات ، التي ربما تكون تداخلت مع كثرتها ، وضاعت من البعض مع شاكلتها ، وتاهت من آخرين لعظمتها ، وصعوبة حصرها في الذاكرة لضيق أفقها ، ومحدودية مخيلتها ...
فهي أكبر من أن ترى ، وأعظم من أن تروى ، وأكثر من أن تحصى ...
فنستغل هذا اليوم ونفرغ الذهن لأجله ، ونوجد المساحة فيه لتستوعب مجده ، فتروى لنا أمجاده ، وتعرض علينا جهود أجداده ، التي بدأت بهم وأكملها من بعدهم أولاده ، فنكمل دائرة المجد بذكرها ، وتشتد اليد بسردها ، ونتجاوز الحد لصيدها ، ونتعلم فنون الرد فنذود عن قيدها ، ونرد على كل نفس تسول لها كيدها ... .
وبه تقوم كل جهة بدورها في إيضاح الصورة ، وليست تلك الجهود على جهة واحدة مقصورة ، حتى أنها ليس بالكيانات محصورة ، وليست وحدها به مأمورة ، فحتى الأفراد يسيروا نفس المسيرة ، كل حسب مجاله يثبت حضوره ، ويظهر الجانب الذي يخصه وتظل جهوده مشكورة ، وبصمته على اللوحة محفورة ، حسب ما يبدع به ، وما تنقضي به أموره ، فيعكس بطريقته سروره ... .
ولكن وللأسف الشديد ، ما رأيناه من تجاوزات لدى البعض ، أزعجتنا ، وما رصدناه من سلوكيات يندى لها الجبين حتى أحرجتنا ، وعن نطاق الاحتفالات البريئة أخرجتنا ، وعن الهدف المنشود أبعدتنا ، ويتطلب الأمر جهودا كبيرة لتجاوزها ، حتى عن الفرح الذي ننتظر أخرجتنا ، ومن السعادة التي نبغي حرمتنا ، وعن الاستمتاع بأجوائه منعتنا ، وبتحقيق أهدافه حالت بيننا لما أرهقتنا ...
فأين من الوطنية إغلاق الطرقات ، فتعطل أصحاب المصالح عن قضاء مصالحهم ، وتبدل الفرح في نفوس ذوي الحاجات في إمضاء حاجتهم ، فهذا مريض لم يصل فالوضع فيه تدهور ، وهذا مسافر لم يدرك رحلته إذ تأخر ، وهذا مسالم أراد الفرح ولكنه من الزحام تضرر ، وهذا ، وهذا ، وذاك ...
وأين من الحميّة هتك العورات ، إذ اختلط البنين مع البنات ، ولم يعرف الصالح منهم فلم تظهر النيات ، وتفشى الفساد في الطرقات ، وتعالت الأصوات بأسوأ الألفاظ ، وأردى العبارات ، وتحول الأمر إلى عناد حتى فقدنا السيطرة ، لكثرة ما رصدنا من تجاوزات ...
وأين من النفس الأبية تخريب الممتلكات ، وتشويه البنايات بصور فاضحات ، وعبارات نابيات ، وتصرفات بعيدة عن الغايات ، وسلوكيات وكأننا نعيش في الغابات ، ولا تصدر إلا عن ذوي العاهات ، من كانوا على مجتمعهم عالات ، عاشوا بعقول فارغات ، وعاثوا بأفكار مهلكات ، وكانوا كالبذور المفسدات والتي تلحق الضرر بالصالحات ، فشرهم يَعُم ، وحضورهم يَغُم ، وسوءهم للفساد يَضُم ، وكل مُهِم بنظرهم لا يهم ... .
وأين من البراءة إهدار الساعات ، وإضاعة الأوقات ، وتفريغ الطاقات ، وتبديد القدرات ، بأمور لا خير فيها ، ولا عائد منها ، فتغدوا بسلبيتها عقبات فوق عقبات ، تهدم جبالا من الأمنيات ، إذ تعيق أصحاب الهمم العاليات ، وتغلق أبواب القمم في وجوه العاديات ...
وغيرها الكثير من الصور التي لا تشرح خاطرا ولا نظرا تسر ، فالوطن منهم بريء وهو منهم في خطر ، والأمر بهم متروك لولاة الأمر و أصحاب النظر ، وليعتبر من يعتبر ، وليبتعد على الضر أصر ، فوجودهم أضحى خطر ، ولنبقهم تحت البصر ، فالنار يضرمها الشرر ، والدار تحمي من شكر ، كالظل يأتي من شجر ، نقطة ونبدأ من صفر ، لنعود مبتدأ السطر ، افرح بأرضك وافتخر ، واترك بها طيب الأثر .
هذا رجاء ليس أمر ، فالصفو ماء ليس جمرا ، والطيب أصل إن سما فالجني خيرا فلنحلق في سماء المجد طيرا ، أو نخوض الأرض كالآساد سيرا ... .