• ×
الأربعاء 20 أغسطس 2025

( دائرة الحياة )

بواسطة إيمان الحماد 09-08-2023 03:32 صباحاً 154 زيارات
هكذا هي الحياة.
دائرة وبنا تدور ، ومحطات نمرُّ بها فنرتاح ، وقد نطيل المكوث في بعضها إن أعجبتنا ، فنتزود بالوقود ، ونجدد النشاط ، ونستجمع القوى ، ونصفي الذهن ، ونصلح ما أفسده المسير ، ونعالج العيوب ، ونستدرك الأخطاء ، ونكمل النواقص ، ونتحدث عن المزايا ، ونفخر بالإنجازات ، ثم ننطلق لنكمل مسيرنا نحو وجهتنا .
وفي كل محطة نترك لنا بعض الذكريات ، وتترك هي فينا بعض البصمات ، فقد تتغير وجهتنا ، وقد نستبدل رفقتنا ، وقد تتبدل طريقتنا ، وقد تتضح فكرتنا ، وقد تنفضح علتنا ، وقد تكون تلك المحطة هي منتهى غايتنا ، وفي بعض الأحيان تصبح منها بدايتنا ، أو فيها نهايتنا .
ولا يوجد شيء مؤكد ، ولا نجد ما عليه نعتمد .
فبين ليلة وضحاها ، يغير الله من حال إلى حال ، فقد تتغير الأفكار ، وتتبدل الأحوال ، فنرفع سقف الآمال ، أو نهبط لأقصى مجال ، فقد تنقلب الظروف وتتلاعب بنا الصروف ، فتجبرنا على التوقف تارة ، وقد تدفعنا إلى المواصلة تارة أخرى .
ففي نهاية كل عام هناك من يتقاعد من عمله، فيكون هذا العام هو محطة النهاية في هذا المجال بالنسبة له إن تعب ، ولكن قد يكون انطلاقته وبدايته في مجال آخر إن رغب ، وفي نفس الوقت ينضم الكثيرون للعمل في مجاله فيكون عامهم هذا هو البداية لهم .
هو نفس العام ، ولكنه اختلف من شخص لآخر حسب موقعه من دائرة الحياة ، وحسب قدرته في دفعها ، أو عجزه الذي يجبره على إيقافها .
وفي كل يوم نسمع بأسماء الوفيات الذين غادرونا وخرجوا من دائرة الحياة ، وفي نفس الوقت نسمع عن المواليد الذين حلوا محلهم ودخلوا الدائرة ليملؤوا فراغهم ، فيحافظوا على توازنها وعدم اختلالها بفقدهم .
هي نفسها دائرة الحياة تستبدل من فيها ، ونراها تقوى على البعض فتزداد حدتها وقوة دورانها ودفعها ، وتتضاعف سرعة مسيرتها ، على حسب عزيمتهم وقوتهم ، وتضعف على البعض وقد تتباطأ بهم لضعفهم ، وانهزامهم ، وقد يخيل إليهم أنها توقفت بهم لثقلها عليهم فيروا أنهم لم يبرحوا مكانهم ، فلا هم واصلوا رحلتهم حتى يصلوا إلى غايتهم ، ولا هي دفعتهم خارجها إذ لم تحن ساعتهم ، فهم بها مجرد حمل ، وعليها وعلى من فيها عبء ، أثقلوها وعطلوا مسيرتها ، دون جهد منهم لدفعها ، أو عون منهم لاستمرار حركتها ، ودون يد لهم في دوران عجلتها ، فهم يسيرون بجهد غيرهم ، ويعيشون على أكتافهم .
وهذه هي الحياة ، وتلك هي الدائرة .
لا تتوقف لأجل أحد ، ولا نعلم لها بداية ولم نرَ لها نهاية ، ونحن فيها سواء.
دخلناها إجباراً ، ولا نتركها اختيارا .
ولكننا نستطيع أن نتعايش معها وننعم بها ، ونحدد موقعنا فيها ، ونثبت قدرتنا على دفعها وزيادة وتيرتها ، وسرعة وصولها بنا إلى محطات نختارها ، ويحق لنا فيها أن نتجاوز محطات فنجتازها ، فنحن فيها ومنها ولها وسنبقى بها حتى نموت .
نعطيها فتعطينا ، ندفعها فتنقلنا ، ونوصلها فترفعنا ، وقد تقتلنا فنغادرها ، ولكن الأكيد أنها لن تتوقف لأجلنا ، ولن تنتهي بدوننا ، لأن محركها يسير بقدرة الله ، وهي سائرة بإذن الله ، ولن يوقفها إلاه .
فهذه هي الحياة ، وتلك هي الدائرة .
ليست ظالمة ، وليست جائرة ..
ولكن مازالت العقول بأمرها حائرة ..
وستظل بها ثائرة ، ولن تهدأ حتى ننتقل منها للحياة الآخرة ...

جديد المقالات

أصبح الذكاء الاصطناعي في مقدمة التحولات التقنية التي أعادت رسم ملامح العصر الرقمي، حيث يقدّم...

‎ ‎"من الإدارة إلى القيادة: كيف تطور أسلوبك لتنجح في إدارة الفريق؟" ‎في عالم الأعمال والمؤسسات،...

في عالم الإدارة، تتباين الأساليب وتختلف المدارس، لكنّ ما يجمع عليه الخبراء أن القيادة الناجحة هي...

الأخلاق.. السلاح الأول وقيمة الإنسان العليا الأخلاق هي السلاح الأول الذي نتعامل به مع القريب...

بمناسبة معرض الكتاب بالمدينة المنورة " افتحوا الأبواب ، فقد حضر الكتاب " يا حامل الأقلام...

أكثر