بعثرة
فوزية الشيخي - صوت المدينة
مررت يوماً بطرقات وعرة وشديدة الخطورة، تهت في سراديب تلك الطرق لشدة تعرجاتها وانعطافاتها المتكررة، لم أرى أي بوادر نور ترشدني لأسلك طريقا آمناً.
وجدت خلال مروري أطياف أشخاص لهم وجوه بلا معالم واضحة، كانوا يمرون بجانبي، حاولت الاستنجاد بهم لمساعدتي وإرشادي للطريق الصحيح، ولكن لم أجد منهم إجابة، كانوا ينظرون لي بوجوههم تلك ولا أرى منهم شيئاً ، فقط أسمع همساتهم وضحكاتهم الساخرة التي تمر على مسامعي وكأنها دوي رصاص في ساحة حرب. تركوني بعدها لوحدي بذلك الطريق ومن ثم غادروا دون حتى أن يلتفتوا.
نظرت أمامي لا شيء واضح، لا شيء يدل على أنني سأنجو من ذاك الطريق، ظننت أنها النهاية لا محالة، استسلمت لواقعي وجلست على حافة الطريق أنتظر مصيري المجهول الذي لا أعلمه. أخذت أنتظر وأنتظر لوقت طويل جداً، لا أعلم كم مر من الوقت وأنا أنتظر على حالي ذاك.
رفعت رأسي حينها نحو السماء وكان هناك من يرسل لي رسالة ماء. رأيت سماء صافية والشمس تنير المكان برمته فكرت قليلاً ، لعل شروق الشمس وإنارتها تدلني على المسار الصحيح، لعلها ترشدني إلى سلوك دروبٍ ممهدة أكثر أماناً مما أنا به. نهضت ونفضت ترددي ويأسي وبدأت أسير بين تلك الطرق، التي كلما تعمقت بالمسير بها كانت تزداد خطورة وضيقاً ، ولكنني استمريت بالسير لم أستسلم لذلك الصوت الخافت الذي كان يهمس برأسي: "توقفي لن تنجي، توقفي هنا لا تكملي السير." ولكنني كنت أحاول تجاهل ذلك الصوت إلى أن تجاوزت بعض العقبات والمنحدرات التي كادت أن تودي بي.
سقطت ونهضت مراراً وتكراراً نتاج التعثر بتلك العقبات، ولكن كل مرة أسقط كنت أنهض بجراحات غائرة أخذت مني كل مأخذ، لا زلت صامدة وأسير دون أن أتوقف. رغم كل تلك الجراحات أُنهكت وخارت قواي وأيضاً لا زلت مستمرة بالسير إلى أن وصلت إلى مكان ممهد مملوء بحقول مزهرة وأرض خضراء، تفوح منها رائحة الأمل المختبئ هناك بين جنبات تلك الأرض. سقطت مغشياً علي من شدة الذبول الذي اعتراني وأنا أسير كل تلك المسافات الموحشة لوحدي، دون رفيق ولا دليل ولا حتى بوصلة توجهني للمسار الصحيح.
قاومت كل ذلك بفردي وعايشت كل ذلك بدون الاستناد على أحد، أنا فقط من وقفت مع نفسي لا أحد سواها أنقذني من تلك الطرقات الوعرة والخطرة والمعوجة.
لم أستسلم ولن أستسلم لذلك. تجاربي الحياتية البائسة علمتني ألا أعتمد على أي مخلوق وألا أثق بأصحاب الوجوه المتعددة، وأن أقاوم كل منعطفات الحياة بقلب وروح صلبة تأبى الانكسار أو الخضوع أو الاستسلام.
كل تجربة علمتني أن أقبل ذبولي وأفهم خفوتي وأعتني بجراحي وأن أتعاطف مع ضعفي.
علمتني ألا أنسى حقي في الانطفاء، وأيضاً علمتني أن اتصالح مع بصيص نوري، الذي لابد أن يسطع بقوة بيوم ما ويصبح مبهراً نيّراً مضيء في كل جنبات روحي.
لم ينتهي المسير بعد لا زال للطريق بقية، وسوف أكمل السير إلى نهاية الطريق بتجلّد وصبر وبعزيمة أكبر مما مضى، وحتماً سوف أصل إلى بر الأمان الذي كنت أنشده، فلن أدع الحياة تجف بداخلي.
وجدت خلال مروري أطياف أشخاص لهم وجوه بلا معالم واضحة، كانوا يمرون بجانبي، حاولت الاستنجاد بهم لمساعدتي وإرشادي للطريق الصحيح، ولكن لم أجد منهم إجابة، كانوا ينظرون لي بوجوههم تلك ولا أرى منهم شيئاً ، فقط أسمع همساتهم وضحكاتهم الساخرة التي تمر على مسامعي وكأنها دوي رصاص في ساحة حرب. تركوني بعدها لوحدي بذلك الطريق ومن ثم غادروا دون حتى أن يلتفتوا.
نظرت أمامي لا شيء واضح، لا شيء يدل على أنني سأنجو من ذاك الطريق، ظننت أنها النهاية لا محالة، استسلمت لواقعي وجلست على حافة الطريق أنتظر مصيري المجهول الذي لا أعلمه. أخذت أنتظر وأنتظر لوقت طويل جداً، لا أعلم كم مر من الوقت وأنا أنتظر على حالي ذاك.
رفعت رأسي حينها نحو السماء وكان هناك من يرسل لي رسالة ماء. رأيت سماء صافية والشمس تنير المكان برمته فكرت قليلاً ، لعل شروق الشمس وإنارتها تدلني على المسار الصحيح، لعلها ترشدني إلى سلوك دروبٍ ممهدة أكثر أماناً مما أنا به. نهضت ونفضت ترددي ويأسي وبدأت أسير بين تلك الطرق، التي كلما تعمقت بالمسير بها كانت تزداد خطورة وضيقاً ، ولكنني استمريت بالسير لم أستسلم لذلك الصوت الخافت الذي كان يهمس برأسي: "توقفي لن تنجي، توقفي هنا لا تكملي السير." ولكنني كنت أحاول تجاهل ذلك الصوت إلى أن تجاوزت بعض العقبات والمنحدرات التي كادت أن تودي بي.
سقطت ونهضت مراراً وتكراراً نتاج التعثر بتلك العقبات، ولكن كل مرة أسقط كنت أنهض بجراحات غائرة أخذت مني كل مأخذ، لا زلت صامدة وأسير دون أن أتوقف. رغم كل تلك الجراحات أُنهكت وخارت قواي وأيضاً لا زلت مستمرة بالسير إلى أن وصلت إلى مكان ممهد مملوء بحقول مزهرة وأرض خضراء، تفوح منها رائحة الأمل المختبئ هناك بين جنبات تلك الأرض. سقطت مغشياً علي من شدة الذبول الذي اعتراني وأنا أسير كل تلك المسافات الموحشة لوحدي، دون رفيق ولا دليل ولا حتى بوصلة توجهني للمسار الصحيح.
قاومت كل ذلك بفردي وعايشت كل ذلك بدون الاستناد على أحد، أنا فقط من وقفت مع نفسي لا أحد سواها أنقذني من تلك الطرقات الوعرة والخطرة والمعوجة.
لم أستسلم ولن أستسلم لذلك. تجاربي الحياتية البائسة علمتني ألا أعتمد على أي مخلوق وألا أثق بأصحاب الوجوه المتعددة، وأن أقاوم كل منعطفات الحياة بقلب وروح صلبة تأبى الانكسار أو الخضوع أو الاستسلام.
كل تجربة علمتني أن أقبل ذبولي وأفهم خفوتي وأعتني بجراحي وأن أتعاطف مع ضعفي.
علمتني ألا أنسى حقي في الانطفاء، وأيضاً علمتني أن اتصالح مع بصيص نوري، الذي لابد أن يسطع بقوة بيوم ما ويصبح مبهراً نيّراً مضيء في كل جنبات روحي.
لم ينتهي المسير بعد لا زال للطريق بقية، وسوف أكمل السير إلى نهاية الطريق بتجلّد وصبر وبعزيمة أكبر مما مضى، وحتماً سوف أصل إلى بر الأمان الذي كنت أنشده، فلن أدع الحياة تجف بداخلي.