فضفضة
فوزية الشيخي - صوت المدينة
قبل عدة أيام وأنا في العمل، اضطررت لتغيير مكان جلوسي، وتركت الغرفة التي بها مكتبي؛ نظرا لإصابة بعض الزميلات اللائي يشاطرنني الغرفة بكورونا.
فغيرت المكان مجبرة لتحقيق عملية التباعد. جلست على طاولة مستطيلة كانت موجودة بردهة ذلك المكان، هذه الطاولة تحيط بها مجموعة مصطفة من الكراسي، سحبت كرسيًا وجلست في مقدمة الطاولة، وأخذت معي بعض أوراقي وجهازي المحمول لإنجاز أعمالي بهدوء.
وأثناء انشغالي بعملي وانهماكي به، إذا بي أشعر بأحد الموظفات تسحب كرسيًا من تلك الكراسي المصطفة وتجلس أمامي مباشرة، لم أرفع رأسي حينها وأكملت ما كنت منشغلة به دون أن أعيرها أي اهتمام. وبلحظات فقط بدأت تتحدث، للوهلة الأولى لم أكن أدرك أنها توجه حديثها لي، اعتقدت أنها تحدث أحدًا غيري؛ لأني أصنف نفسي بأني غير اجتماعية، ولم أُعطي أي شخص قبل ذلك أي اهتمام حتى يرفع سقف العزلة التي كنت فيها ويأتيني متحدثًا، وليس أي حديث ولكن حديثًا شخصيًا جدًا.
لم ألاحظ ذلك إلا عندما رفعت رأسي ونظرت إليها، حينها تأكدت أنها توجه حديثها إليّ. بعد أن تأكدت من ذلك، وضعت القلم الذي كنت ممسكة به جانبًا، وأبعدت كل ما كان أمامي من أوراق وملفات، واعتدلت بجلستي، وجهت نظري نحوها منصتة لأحاديثها باهتمام بالغ. عندما لاحظت تلك الموظفة ما قمت به، شعرت بها وكأنها اطمأنّت، وبدأ ذلك واضحاََ عندما أخذت تسترسل في حديثها بسعاة دون تقف، وكأنها قد شحنت ببطارية غير قابلة للإنتهاء والاضمحلال.
جعلتها تتحدث دون أن أقاطعها أبدًا، وكنت اتجاوب مع حديثها ببعض الإيماءات البسيطة كان حديثها عن أمورها الحياتية المتعددة.
تيقنت بعد إنصاتي واستماعي لتلك الموظفة أنها تعاني من ضيقٍ واختناقٍ، وهي بأمس الحاجة إلى من ينصت لها ولكنها لم تجد آذان صاغية تحتوي قولها ، ومن حسن الحظ أني أنا من فزت بتلك الثقة.
احياناََ لا يكون الغرض من الفضفضة مع الآخرين إيجاد الحلول للمشكلة او المساعدة في ذلك بل للشعور بالارتياح فقط
عندما يتحدث الشخص ويخرج ما بداخله، فهي بمثابة العلاج النفسي تمامًا فبعد الحديث والفضفضة يشعر ذلك الشخص بتحسن في حالته النفسية.
وكم من انصاتٍ يفضله الكثير عن اقتراح الحلول
أهم شيء أن تكون الفضفضة مع شخص نرتاح له ونثق به، نفرغ همومنا ومشاكلنا، أحلامنا وأمنياتنا، قد يكون هذا الشخص أخًا أو صديقا أو زميلًا أو قد يكون الورقة والقلم.
لذلك نرتاح أحيانًا عندما تضيق بنا الدنيا، ونذهب لمقابلة صديق قد لا نراه كثيراً، لكن هذه اللحظة هي الإحتياج الحقيقي له. نفضفض، نفتح كل الأبواب المغلقة، نتحدث، ويساعد هو أيضاً بإستماعه، واستيعابه لكل ما نقول من منطلق المحبة والإهتمام.
البسطاء من البشر يقولون عندما يتحدثون، أخرجنا كل ما لدينا وارتحنا سواء كانت هذه الحكايات حزينة أو مفرحة أو نحتاج لمن يسمعها معنا.
عندما نفضفض لا نحتاج إلى فرز ما نقول، أو تصفيته أو تشكيله أو إعادة تركيبه، فقط نحتاج أن نتحدث، ومن يستمع يعيد تركيب هذه الصور التي سترمى أمامه.
الفضفضة تكون لمن نحبهم ويحبوننا لأن بها جزءًا من تعرية الذات من وجهة نظري ، والإنسان السوي لا يتعرى أمام الغرباء.
قبل عدة أيام وأنا في العمل، اضطررت لتغيير مكان جلوسي، وتركت الغرفة التي بها مكتبي؛ نظرا لإصابة بعض الزميلات اللائي يشاطرنني الغرفة بكورونا.
فغيرت المكان مجبرة لتحقيق عملية التباعد. جلست على طاولة مستطيلة كانت موجودة بردهة ذلك المكان، هذه الطاولة تحيط بها مجموعة مصطفة من الكراسي، سحبت كرسيًا وجلست في مقدمة الطاولة، وأخذت معي بعض أوراقي وجهازي المحمول لإنجاز أعمالي بهدوء.
وأثناء انشغالي بعملي وانهماكي به، إذا بي أشعر بأحد الموظفات تسحب كرسيًا من تلك الكراسي المصطفة وتجلس أمامي مباشرة، لم أرفع رأسي حينها وأكملت ما كنت منشغلة به دون أن أعيرها أي اهتمام. وبلحظات فقط بدأت تتحدث، للوهلة الأولى لم أكن أدرك أنها توجه حديثها لي، اعتقدت أنها تحدث أحدًا غيري؛ لأني أصنف نفسي بأني غير اجتماعية، ولم أُعطي أي شخص قبل ذلك أي اهتمام حتى يرفع سقف العزلة التي كنت فيها ويأتيني متحدثًا، وليس أي حديث ولكن حديثًا شخصيًا جدًا.
لم ألاحظ ذلك إلا عندما رفعت رأسي ونظرت إليها، حينها تأكدت أنها توجه حديثها إليّ. بعد أن تأكدت من ذلك، وضعت القلم الذي كنت ممسكة به جانبًا، وأبعدت كل ما كان أمامي من أوراق وملفات، واعتدلت بجلستي، وجهت نظري نحوها منصتة لأحاديثها باهتمام بالغ. عندما لاحظت تلك الموظفة ما قمت به، شعرت بها وكأنها اطمأنّت، وبدأ ذلك واضحاََ عندما أخذت تسترسل في حديثها بسعاة دون تقف، وكأنها قد شحنت ببطارية غير قابلة للإنتهاء والاضمحلال.
جعلتها تتحدث دون أن أقاطعها أبدًا، وكنت اتجاوب مع حديثها ببعض الإيماءات البسيطة كان حديثها عن أمورها الحياتية المتعددة.
تيقنت بعد إنصاتي واستماعي لتلك الموظفة أنها تعاني من ضيقٍ واختناقٍ، وهي بأمس الحاجة إلى من ينصت لها ولكنها لم تجد آذان صاغية تحتوي قولها ، ومن حسن الحظ أني أنا من فزت بتلك الثقة.
احياناََ لا يكون الغرض من الفضفضة مع الآخرين إيجاد الحلول للمشكلة او المساعدة في ذلك بل للشعور بالارتياح فقط
عندما يتحدث الشخص ويخرج ما بداخله، فهي بمثابة العلاج النفسي تمامًا فبعد الحديث والفضفضة يشعر ذلك الشخص بتحسن في حالته النفسية.
وكم من انصاتٍ يفضله الكثير عن اقتراح الحلول
أهم شيء أن تكون الفضفضة مع شخص نرتاح له ونثق به، نفرغ همومنا ومشاكلنا، أحلامنا وأمنياتنا، قد يكون هذا الشخص أخًا أو صديقا أو زميلًا أو قد يكون الورقة والقلم.
لذلك نرتاح أحيانًا عندما تضيق بنا الدنيا، ونذهب لمقابلة صديق قد لا نراه كثيراً، لكن هذه اللحظة هي الإحتياج الحقيقي له. نفضفض، نفتح كل الأبواب المغلقة، نتحدث، ويساعد هو أيضاً بإستماعه، واستيعابه لكل ما نقول من منطلق المحبة والإهتمام.
البسطاء من البشر يقولون عندما يتحدثون، أخرجنا كل ما لدينا وارتحنا سواء كانت هذه الحكايات حزينة أو مفرحة أو نحتاج لمن يسمعها معنا.
عندما نفضفض لا نحتاج إلى فرز ما نقول، أو تصفيته أو تشكيله أو إعادة تركيبه، فقط نحتاج أن نتحدث، ومن يستمع يعيد تركيب هذه الصور التي سترمى أمامه.
الفضفضة تكون لمن نحبهم ويحبوننا لأن بها جزءًا من تعرية الذات من وجهة نظري ، والإنسان السوي لا يتعرى أمام الغرباء.
بارك الله جهودك ونفع بك