همّة حتى القمّة
23 سبتمبر 2019 - اليوم الوطني 89
صوت المدينة - باسم القليطـي
قبل الحديث عن الوطن، دعونا نفهم أولاً ما هو الوطن؟
أهو الأرض والبناء، أهو السكن والمأوى، أهو المُستقر والانتماء، أهو التعايش والولاء، أهو النظام والالتزام، أهو التسامح والاحترام، أهو الأمن والسلام، أهو التطور والازدهار، أهو العزّ والافتخار، أهو الإنتاج والإعمار، أم هو التحدي والتصدي، أم هو الكفاح والنجاح، أم هو النزاهة والأمانة، أم هو الهوى والهوية، أم هو العلم والعمل، أم هو التفاؤل والأمل، والحقيقة أن الوطن جميع ما سبق، وما يلحق من معانٍ جميلة، تمتزجُ جميعها في فضاء الحياة، فيظهر لنا هذا الكيان، الذي لا يستغني عنه إنسان.
يروي عبدالله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة قال: (واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ، وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، ولولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خرجتُ). وفي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم حبِب إلينا المدينة كحُبنا مكة أو أشد).
ابتدأ الحديث عن الوطن وبالطبع لن ينتهي، لأن الوطن جسدٌ ثانٍ للروح، إن ابتعدت عنه ذبِلت وحنت، وإن عادت إليه فرِحت وأشرقت، فلا مكان يشبه أرض الوطن، وعشقه يزداد بالبعد وطول الزمن، فالإنسان بلا وطن، كذهبٍ مبخوس الثمن.
وحبب أوطان الرجالِ إليهمُ مآربُ قضّاها الشبابُ هنالكـا
إذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهُمُ عهودَ الصبا فيها فحنوا لذلكـا
صحيح أن جميع أفراد الوطن مواطنون، ولكن صفة الوطنية لا ينالها إلا من دفع مهرها، فالوطنية مسؤولية وتضحية والتزام، يدٌ تبني وعينٌ تتطلع إلى الأمام، وقلبٌ عاشق يترجم العشق إلى اهتمام، وعقلٌ واثق يسعى إلى التطور والسلام، ومن كانت هذه صفاته، فالوطنية أمرٌ أصيل في حياته.
ومن لم تكن أوطانهُ مفخراً لهُ فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن كان في أوطانهِ حامياً لها فذكراهُ مسـكٌ في الأنـامِ وعنبرُ