لو أبصرت ثلاثة أيام
11 يوليو 2019
صوت المدينة - فوزية الشيخي
في حياتنا الكثير من النعم التي حبانا الله بها وميزنا بها عن غيرنا، مثال الصحة، المال، العيش الرغيد، الأمن، الأمان، أشياء عديدة جدا لا أستطيع حصرها ببضعة أسطر لِعظم تلك النعم، ولكن هناك
من يجحد تلك النعم بشكل أو بآخر قد يكون طمعًا وجشعًا وفراغة عين إذا صح التعبير، كالذي يتمتع بصحة جيدة جدًا وعندما تسأله عن حاله يجيب بأنه يعاني من علل وأمراض، وأن صحته
لا تساعده على فعل شيء بالحياة مع أن العكس صحيح.
وأيضًا كشخص يمتلك سيارة فارهة ويطمع أن يمتلك أخرى كالتي يمتلكها جاره، مع أنه أفضل حالًا من ذاك الجار. أو كتلك المرأة التي عادت من سفرتها الى أحد الدول الأجنبية، وعندما
سُئلت عن مدى استمتاعها بالرحلة أجابت نافيه بأن السفر ليس جميلًا، وأنها لم تستمتع بسفرتها تلك بأي شكلٍ من الأشكال.
نغفل عما بأيدينا وننظر أحياناً إلى ما في أيدي الغير، وأحيانًا أخرى ننفي نعم أمتن الله بها علينا نحن دون غيرنا، وميّزنا عن الكثير؛ بأن هيأ للبعض منا سبل عيشٍ أفضل من آخرين قد يكونون
يعانون من شظف العيش، والشح والفاقة والبؤس والمرض، أيضًا قد نغفل عن حياة أخرى غير تلك المادية، الحياة النفسية والروحية التي قد تجلب لنا السعادة والسرور، ولكننا أيضًا نفينا ذلك
دون أن ندرك عظمة أثرها على قلوبنا وحياتنا بصفة عامة، ربما هذه هي طبيعة الإنسان لا يشعر بجمال الشيء ما دام يمتلكه، فإذا فقده استشعر تلك النعمة وأهميتها.
قرات يومًا عن حياة "هيلين كيلر"، وهي أديبة ومحاضرة وناشطة أمريكية، تعتبر قصة حياتها رمزاً إنسانياً بالغ الأهمية في الإرادة والتحدي، حيث كانت فاقدة للسمع والبصر وتمكنت
من التغلب على إعاقتها ومقاومة ظروفها الحالكة، كتبت في مقالة لها حملت عنوان: "لو كان لي أن أرى ثلاثة أيام"، تقول: «اعتدت من وقت إلى آخر أن أختبر أصدقائي المبصرين لأكتشف ماذا يشاهدون.
كنت مؤخراً في زيارة لإحدى صديقاتي التي كانت عائدة لتوها من أحد الحقول، وعندما سألتها ماذا شاهدت؟ أجابتني لا شيء على وجه التحديد، كدت لا أصدقها لو أنني لم أعتد سماع هذا الجواب من غيرها، فقد توصلت منذ وقت طويل إلى قناعة بأن المبصرين لا يرون إلا القليل. دائماً أتساءل كيف يمكن أن نمشي مدة ساعة بين الحقول ثم لا نشاهد شيئاً جديراً بالملاحظة؟!
أنا الإنسانة العمياء أجد مئات الأشياء التي تشد انتباهي من خلال حاسة اللمس فقط. وأحياناً يقفز قلبي شوقاً لمشاهدة هذه الأشياء!
إذا كنت أحصل على متعة من مجرد اللمس فأي جمال سيتكشف لي من حاسة اللمس فقط. ولكن الأشخاص المبصرين مع الأسف لا يرون إلا القليل.
ربما هي صفة بشرية ألا نشعر بأهمية ما نملك ونتوق لما لا نملك! من الخسارة أن تستخدم نعمة البصر في عالم النور كمجرد وسيلة لتسهيل المعيشة وليس أداة لإضافة بهجة للحياة».
بهذه الكلمات لهذه الإنسانة العظيمة والتي أحث الجميع على الاطلاع على سيرة حياتها، كل سطر في تلك المقالة يدعو للتأمل ولإعادة التفكير في ذواتنا، في تصرفاتنا وانشغالنا عن آلاف النعم التي حولنا وفينا بالتذمر والشكوى.
عند قراءة هذه المقالة القليلة بسطورها والعظيمة بفحواها، أتمنى أن تبصر بقلبك قبل عينيك وأن تعتذر لله عن كل لحظة قضيتها في إحصاء ما ينقصك وما كنت تريده وتحلم به،
ناسيا أن ترفع يديك بالشكر قبل الشكوى، شكرًا لـ"هيلين" التي تبصر وتسمع وتشعر أكثر منا نحن من يمتلك جميع هذه الحواس ولا يستشعر عظيم تلك النعم.
لنحمد الله على ما نملكه وما هو بين أيدينا، وأخيراً هنيئا لمن يرى الحقيقة في بصيرته قبل أن تراها عيناه.
صوت المدينة - فوزية الشيخي
في حياتنا الكثير من النعم التي حبانا الله بها وميزنا بها عن غيرنا، مثال الصحة، المال، العيش الرغيد، الأمن، الأمان، أشياء عديدة جدا لا أستطيع حصرها ببضعة أسطر لِعظم تلك النعم، ولكن هناك
من يجحد تلك النعم بشكل أو بآخر قد يكون طمعًا وجشعًا وفراغة عين إذا صح التعبير، كالذي يتمتع بصحة جيدة جدًا وعندما تسأله عن حاله يجيب بأنه يعاني من علل وأمراض، وأن صحته
لا تساعده على فعل شيء بالحياة مع أن العكس صحيح.
وأيضًا كشخص يمتلك سيارة فارهة ويطمع أن يمتلك أخرى كالتي يمتلكها جاره، مع أنه أفضل حالًا من ذاك الجار. أو كتلك المرأة التي عادت من سفرتها الى أحد الدول الأجنبية، وعندما
سُئلت عن مدى استمتاعها بالرحلة أجابت نافيه بأن السفر ليس جميلًا، وأنها لم تستمتع بسفرتها تلك بأي شكلٍ من الأشكال.
نغفل عما بأيدينا وننظر أحياناً إلى ما في أيدي الغير، وأحيانًا أخرى ننفي نعم أمتن الله بها علينا نحن دون غيرنا، وميّزنا عن الكثير؛ بأن هيأ للبعض منا سبل عيشٍ أفضل من آخرين قد يكونون
يعانون من شظف العيش، والشح والفاقة والبؤس والمرض، أيضًا قد نغفل عن حياة أخرى غير تلك المادية، الحياة النفسية والروحية التي قد تجلب لنا السعادة والسرور، ولكننا أيضًا نفينا ذلك
دون أن ندرك عظمة أثرها على قلوبنا وحياتنا بصفة عامة، ربما هذه هي طبيعة الإنسان لا يشعر بجمال الشيء ما دام يمتلكه، فإذا فقده استشعر تلك النعمة وأهميتها.
قرات يومًا عن حياة "هيلين كيلر"، وهي أديبة ومحاضرة وناشطة أمريكية، تعتبر قصة حياتها رمزاً إنسانياً بالغ الأهمية في الإرادة والتحدي، حيث كانت فاقدة للسمع والبصر وتمكنت
من التغلب على إعاقتها ومقاومة ظروفها الحالكة، كتبت في مقالة لها حملت عنوان: "لو كان لي أن أرى ثلاثة أيام"، تقول: «اعتدت من وقت إلى آخر أن أختبر أصدقائي المبصرين لأكتشف ماذا يشاهدون.
كنت مؤخراً في زيارة لإحدى صديقاتي التي كانت عائدة لتوها من أحد الحقول، وعندما سألتها ماذا شاهدت؟ أجابتني لا شيء على وجه التحديد، كدت لا أصدقها لو أنني لم أعتد سماع هذا الجواب من غيرها، فقد توصلت منذ وقت طويل إلى قناعة بأن المبصرين لا يرون إلا القليل. دائماً أتساءل كيف يمكن أن نمشي مدة ساعة بين الحقول ثم لا نشاهد شيئاً جديراً بالملاحظة؟!
أنا الإنسانة العمياء أجد مئات الأشياء التي تشد انتباهي من خلال حاسة اللمس فقط. وأحياناً يقفز قلبي شوقاً لمشاهدة هذه الأشياء!
إذا كنت أحصل على متعة من مجرد اللمس فأي جمال سيتكشف لي من حاسة اللمس فقط. ولكن الأشخاص المبصرين مع الأسف لا يرون إلا القليل.
ربما هي صفة بشرية ألا نشعر بأهمية ما نملك ونتوق لما لا نملك! من الخسارة أن تستخدم نعمة البصر في عالم النور كمجرد وسيلة لتسهيل المعيشة وليس أداة لإضافة بهجة للحياة».
بهذه الكلمات لهذه الإنسانة العظيمة والتي أحث الجميع على الاطلاع على سيرة حياتها، كل سطر في تلك المقالة يدعو للتأمل ولإعادة التفكير في ذواتنا، في تصرفاتنا وانشغالنا عن آلاف النعم التي حولنا وفينا بالتذمر والشكوى.
عند قراءة هذه المقالة القليلة بسطورها والعظيمة بفحواها، أتمنى أن تبصر بقلبك قبل عينيك وأن تعتذر لله عن كل لحظة قضيتها في إحصاء ما ينقصك وما كنت تريده وتحلم به،
ناسيا أن ترفع يديك بالشكر قبل الشكوى، شكرًا لـ"هيلين" التي تبصر وتسمع وتشعر أكثر منا نحن من يمتلك جميع هذه الحواس ولا يستشعر عظيم تلك النعم.
لنحمد الله على ما نملكه وما هو بين أيدينا، وأخيراً هنيئا لمن يرى الحقيقة في بصيرته قبل أن تراها عيناه.
لن تدوم النعم الا بشكر الله (ولئن شكرتم لأزيدنكم )
مقال رائع جدا ..
نتطلع للمزيد .