تجلّدًا واصطبارًا
نهضت متثاقلة، بعد ليلة طويلة من عناء الفكر، ومرور شريط الذكرى بذهني. كان مرورًا بطيئًا جدًا ومؤلمًا للغاية. تجرّعت بليلتي تلك أقسى صنوف الوجع، مرارة فقدٍ لا زالت حتى هذه اللحظة أتجرّع علقمها.
كنت أحاول كل يوم أن أثبت لنفسي أنني قوية، رغم ذلك الألم الذي يسكن أعماقي، ويكاد يفتت كل أجزاء قلبي المتهالك. أحاول النهوض كل يوم، ململمةً شتات حزني وفيض دموعي التي خلّفها ذلك الليل الطويل، ذلك الليل الذي ما لبث أن يحلّ فتحلّ معه كل آلامي وأوجاعي.
فقدُ شخصٍ عزيز ليس بالأمر الهين ولا السهل على النفس، ولن يشعر بنزف أحرفي هذه إلا من تجرَّع وتذوَّق ذلك، هم فقط من سيشعرون بمعنى أحرفي.
لقد عاهدت فقيدتي بأحد الأيام قبيل رحيلها، بأن أكون قوية كما طلبت مني بإحدى جلساتنا، عندما حادثتني قائلة لي: "يا ابنتي عندما أرحل ويواري الثرى جسدي لا أريدك أن تحزني عليّ، بل أريد منك أن تكوني صامدة قوية صابرة محتسبة... لا أريد أن تكوني هشَّة ضعيفة منكسرة... لا أريد أن تنهشك الآلام... أريدك دائمًا كما عهدتك، صلبة وذات عزيمة قوية لا تضعف أبداً".
انزعجت من حديثها في ذلك اليوم، وحاولت أن أغيّر مجرى الحديث، ولكنها قاطعتني وأردفت قائلة: "تأكدي يا ابنتي أنني سأرحل إلى من هو ألطف وأرحم منك ومن العالم بأسره... سأرحل إلى البارئ الكريم، العطوف الحنّان المنّان الذي ليس هناك أكرم منه، لذلك أكررها عليك مرارًا وتكرارًا، يا ابنتي لا تحزني وتجلدي بالصبر".
آلمني حديثها بتلك اللحظة، وخرجت مسرعة لأتوارى عنها بأحد زوايا المنزل؛ لأمسح آثار ما خلّفه حديثها لي. كنت أعتصر من صدق وبراءة حديثها العفوي الصادق، والذي لم أقوَ على تحملّه. بعدها خرجت لها بوجهٍ باسمٍ ظاهريًا فقط، ولكن داخلي كان كبركانٍ ثائر، فقد كان ألمي لا يكاد يُطاق من مجرّد كلمات بسيطة ألقتها والدتي على مسامعي حينها، ولكم أن تتخيلوا وقع ذلك الألم لو تم معايشته بالواقع، فسيكون الألم أشد نكاية، وأعظم وقعًا من مجرّد حديث، وها هي أمي ترحل عن دنيانا ولن أملك إلا أن أقول:
عذرا أمي سأعيش ألم رحيلك إلى أن يأذن الله لي بالفرج...
عذرًا أمي، لأول مرّة لن أستمع لكلماتك، ولن أنفِّذ طلبك لأنه فوق احتمالي وفوق مقدرتي... لم أستطع الصمود والتجلّد فداخلي متهاوٍ ومنهار للغاية، ولا أعلم متى يرزقني الله تلك الصلابة والقوة التي أمرتِني أن أكون عليها، ولكن دائمًا هناك الثقة بالله، والتي تنير لنا كل طرقنا المزدحمة بكل منغّصات الحياة من ألمٍ وحزن وانكسارات، فالله عند حسن ظن عبده به، والله لا يضيع من التجأ واعتصم بحبله وتعلّق برجائه.
اللهم إنني ألتجئ إليك، فأخرجني من ضيق الحياة إلى بحبوحتها، وأزهِر أيامي القادمة بما يرضيك، إنك أنت القادر على ذلك.
كنت أحاول كل يوم أن أثبت لنفسي أنني قوية، رغم ذلك الألم الذي يسكن أعماقي، ويكاد يفتت كل أجزاء قلبي المتهالك. أحاول النهوض كل يوم، ململمةً شتات حزني وفيض دموعي التي خلّفها ذلك الليل الطويل، ذلك الليل الذي ما لبث أن يحلّ فتحلّ معه كل آلامي وأوجاعي.
فقدُ شخصٍ عزيز ليس بالأمر الهين ولا السهل على النفس، ولن يشعر بنزف أحرفي هذه إلا من تجرَّع وتذوَّق ذلك، هم فقط من سيشعرون بمعنى أحرفي.
لقد عاهدت فقيدتي بأحد الأيام قبيل رحيلها، بأن أكون قوية كما طلبت مني بإحدى جلساتنا، عندما حادثتني قائلة لي: "يا ابنتي عندما أرحل ويواري الثرى جسدي لا أريدك أن تحزني عليّ، بل أريد منك أن تكوني صامدة قوية صابرة محتسبة... لا أريد أن تكوني هشَّة ضعيفة منكسرة... لا أريد أن تنهشك الآلام... أريدك دائمًا كما عهدتك، صلبة وذات عزيمة قوية لا تضعف أبداً".
انزعجت من حديثها في ذلك اليوم، وحاولت أن أغيّر مجرى الحديث، ولكنها قاطعتني وأردفت قائلة: "تأكدي يا ابنتي أنني سأرحل إلى من هو ألطف وأرحم منك ومن العالم بأسره... سأرحل إلى البارئ الكريم، العطوف الحنّان المنّان الذي ليس هناك أكرم منه، لذلك أكررها عليك مرارًا وتكرارًا، يا ابنتي لا تحزني وتجلدي بالصبر".
آلمني حديثها بتلك اللحظة، وخرجت مسرعة لأتوارى عنها بأحد زوايا المنزل؛ لأمسح آثار ما خلّفه حديثها لي. كنت أعتصر من صدق وبراءة حديثها العفوي الصادق، والذي لم أقوَ على تحملّه. بعدها خرجت لها بوجهٍ باسمٍ ظاهريًا فقط، ولكن داخلي كان كبركانٍ ثائر، فقد كان ألمي لا يكاد يُطاق من مجرّد كلمات بسيطة ألقتها والدتي على مسامعي حينها، ولكم أن تتخيلوا وقع ذلك الألم لو تم معايشته بالواقع، فسيكون الألم أشد نكاية، وأعظم وقعًا من مجرّد حديث، وها هي أمي ترحل عن دنيانا ولن أملك إلا أن أقول:
عذرا أمي سأعيش ألم رحيلك إلى أن يأذن الله لي بالفرج...
عذرًا أمي، لأول مرّة لن أستمع لكلماتك، ولن أنفِّذ طلبك لأنه فوق احتمالي وفوق مقدرتي... لم أستطع الصمود والتجلّد فداخلي متهاوٍ ومنهار للغاية، ولا أعلم متى يرزقني الله تلك الصلابة والقوة التي أمرتِني أن أكون عليها، ولكن دائمًا هناك الثقة بالله، والتي تنير لنا كل طرقنا المزدحمة بكل منغّصات الحياة من ألمٍ وحزن وانكسارات، فالله عند حسن ظن عبده به، والله لا يضيع من التجأ واعتصم بحبله وتعلّق برجائه.
اللهم إنني ألتجئ إليك، فأخرجني من ضيق الحياة إلى بحبوحتها، وأزهِر أيامي القادمة بما يرضيك، إنك أنت القادر على ذلك.
عيشي حياتك برا بوالدتك وهناك لقاء جميل وعناق عند باب الجنه فااشتغلي لذلك اليوم اطرحي الحزن جانبا قومي ببرها ميته كما كنت حيه بالدعاء والصدقه والتعامل الحسن مع صديقاتها فكلنا نسير على نفس الطريق وهو الحق