• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

بخل ولكن بشكل أخر!

بواسطة الكاتبة : فوزية الشيخي 12-29-2018 02:23 مساءً 587 زيارات
البخل هو كلمة وصفة ذميمة في حدّ ذاتها فكيف لو كانت صفة ملازمة لنا؟!
أنا أتكلم هنا عن بخل الكلمة يا سادة، فللأسف أصبحنا بخلاء حتى بالكلمة التي ننطق بها، أو بإظهار مشاعرنا للآخرين. أصبحت القلوب تعاني من التصحر الفظيع، لدرجة أنها تبخل حتى بلطف العبارة وحلاوة الكلمة.

من الرسائل الإلكترونية التي وصلتني؛ هذه الخاطرة وأعرضها لمناسبتها لموضوعي المطروح: «من حق من حولك أن يشاركوك في مشاعرك وإلا لماذا يشاركونك معنى الحياة؟ لا تلبس قناعًا بلاستيكيًا جامدًا، يخفي رقة قلبك وشفافيتك، ألا تعرف أن الأقنعة تُميت القلب قبل الوجه؟ حتى وإن كانت هناك مشاعر داخلك تجاه الآخرين وتكتفي بذلك فهذا عين الخطأ؛ لأنه إن كنت لبيبًا وتفهمها وهي "طايرة" فليس الآخرون جميعًا بالإشارة يفهمون. لماذا نستكثر على أنفسنا أن نُظهر مشاعرنا ونعبّر لمن حولنا مادام ذلك في حدود العقل والدين؟ دع عنك الجمود وكن كريمًا في مشاعرك مع كل من حولك دون تحفّظ أو توفير، واختزن مشاعرك داخلك إن شئت، لكن لا تلم أحدًا بعد ذلك على جموده معك.»

جودوا بالكلمة الطيبة... لا تكونوا بخلاء... نحن لا نحتاج أكثر من أن نحسن بالكلام، فشكوى أحدهم إلينا همّه وهو يعلم أننا لا نملك له شيئًا، ولكنه يتمنى أن يعود من عندنا طيّب الخاطر بالكلمة الطيبة. تذكّر أن الكلمة الطيّبة من الإحسان، فأنت حينما تواسي تحسن، وحينما تهنئ تحسن، وحينما تمدح تحسن، وحينما تشجع تحسن "‏والله يحب المحسنين". تذكر كم كلمة قيلت لك وشعرت أنها مسحت على قلبك، أو رفعت من همتك، أو أوقدت فيك حلما؟

‏الكلمة الطيبة تفعل ما لا تفعله المادة. الكلمة الطيبة أمرٌ يملكه الغنيّ والفقير، فإذا أراد أعطى، وإذا لم يرد بخل، ولا يعذر فاقدها إلا لشحّ نفسه!
‏لا تنقص الكلمة من مالك شيئًا، ولكنك تقطع ببذلها مسافاتٍ إلى قلوب الآخرين، وترتفع درجات عند الله إن احتسبت. يشهد التاريخ أن هناك أناس أذابوا القلوب بمعسول كلامهم، وأناس تلقوا كلمة جميلة في لحظة ما واختفى صاحب الكلمة، وبقيت الكلمة تتربع في ذاكرتهم وبين أجمل ذكرياتهم يشتمون من رحيق رقتها كلما تنفست في ذاكرتهم.

حريّ بنا أن نجعل الكلمة الجميلة الطيبة هي لبنة بناء ألفاظنا في تعاملاتنا مع بعضنا البعض؛ فلنسطرها ونبوح بها، وكم هو جميل أن نجعل الكلمات الرقراقة تشفِ ما في أنفسنا من مشاعر نحو من نحب، وأن نروض أنفسنا وندرّب ألسنتنا لنترجم مشاعر الحب والاحترام بأحلى الكلمات والألفاظ.

إلى كل من يشعر بالتصحر الرهيب يسري في أعماقه رويدا رويدا، ويغتال عاطفته ويحولها إلى جفاف قاسٍ في اللفظ والعبارة والسلوك، فيغمر بها روحه لتصل إلى الآخرين فتحرقهم وتسبب لهم الألم والحيرة والقلق والحزن، فتغتال كلمته ولا تخرج من صدره، أدعوك إلى هذه المساحة لقراءتها قراءة متأنية، ثم ابحث عن البشر من حولك وأسمعهم صوت إنسانيتك، بعبارات تطفئ ظمأهم وقحط مشاعرهم في جمود وقسوة هذه الحياة.

المشاعر تتجسد في كلمة جميلة بداخلنا نبوح بها للآخرين ونجرؤ على قولها، فتدخل أعماق الآخرين، لتعود علينا وتستوطن أرواحنا ومشاعرنا وتعبر عن حقيقتنا البشرية.
الكلمة الطيبة صدقة، والابتسامة صدقة، وكلها رحمات إنسانية متبادلة بيننا، فلا تتهاون في المشاعر حتى مع الأطفال وملاطفتهم، ولا يغيب عنك شكر من عمل لك معروفًا أو صنيعًا، لأننا كبشر ومن نسل بني آدم تؤثر فينا الكلمة، فإن كانت طيبة تصفو بها النفس، وإن كانت خبيثة أشعلت نارًا وأقامت حربًا، وجميل أن الناس تسعد بالكلمة الجميلة المواسية المذكِّرة والنصيحة الطيبة، وتذكّروا ما قاله الشاعر: "اقبل من الناس ما تيسّر * ودع من الناس ما تعسّر".
اشكر الناس على أي شيء تستمل قلوبهم وأنفسهم، وتجاوزعن الهفوات تأسر القلوب.

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر