ولادة الرأي والمعتقد !
صوت المدينة / فواز ناصر
في 258 صفحة تجلت لنا فلسفة غوستاف لوبون حول تأثر المرء بمعتقداته وآراءه وكيف تسيطر عليه وتوجهه ، وكيف تنتهي من الوجود أو تتحول؛ فبنظره أن المعتقد يتحول ولا يموت ، يتعمق دواخل النفس وتبقى آثاره ، وتتتفجر كالبراكين متى ما أحست بالضعف الذاتي.
فالمعتقد دون شعور المرء - كونه لا شعوري ، بخلاف المعرفة العلمية - يرسم وجهة الأفكار ومن ثمّ وجهة المسير .
فالإنسان بطبيعته التي ترتعب من تسلل الشك الى روحه ؛ يحتاج للمعتقدات لتكفيه عناء البحث والتفكير!
وكون أغلب المعتقدات في أصلها عبارة عن أفكار ، والأفكار بطبيعتها تكون بشكلها الأولي ضعيفة لرفض الاغلبية لها ، ثم متسللة ، ثم قوية لإعتناق الاغلبية لها ؛ إذن فللمعتقدات - ولادة وقوة فموت .
فما هو المعتقد بنظر غوستاف لوبون ؟
المعتقد هو إيمان ناشئ عن مصدر لا شعوري يُكره الإنسان على تصديق فكر أو تأويل أو مذهب.
وإطلاق مصطلح أو كلمة ( معتقد ) ليس حِكراً على المعتقد الديني ، بل هناك المعتقد السياسي والإجتماعي والأخلاقي والإقتصادي... وتختلف قوة سيطرتها على المرء باختلاف المرء ذاته وبإختلاف الأزمنة.
فمتى يولد المعتقد ؟
يحاول المؤمنون بمعتقداتهم وآراءهم أن يقيموا مكاناً صغيراً ، فإذا نجحوا في مسعاهم يكونون قد أسسوا فرقة جديدة ومعتقد جديد لا يلبث أن ينتقل بالعدوى النفسية والتكرار والتأكيد .. فتبدأ حينها عبقرية الاستقطاب!
يُعد المعتقد أحد قطوب الجذب ، ويتم الإتكال هنا على ذوات الكاريزما والمكانه الآجتماعية والسياسسة ؛ فيتم استقطابهم اولا بالتلقين والتكرار ؛ لنشره بين عامة الناس ، وتلقينهم مكوناته ، والتبشير به .
ومتى ما صار المعتقد متمكناً ؛ صار أحد عوامل التغيير ، لأن الحياة الاجتماعية تصبح رهينة تحت تصرفه ؛ فيحولها كيفما يريد !
أيضا تتم ولادة المعتقد والرأي بنشوء المذهب السياسي ، فالتاريخ السياسي حافل - كما هو رأي غوستاف - بالمعتقدات التي كانت لها الحاضنة الأولى والمربية لها عبر وسائل التشريع ( القوة ، والتلقين ، والتكرار ، والتأكيد ).
ثم يأتي دور العدوى النفسية فهي أمر روحي ينشأ عنه التسليم ببعض الآراء والمعتقدات تسليماً غير إرادي ، ومصدرها دائرة اللاشعور .
وقد تنتشر هذه العدوى دون تماس مع الأفراد، عبر الكتب والجرائد والحوادث والشائعات والمحاضرات والمنتديات ، وكلما زادت وسائل النشر انتشر المعتقد ، وتلاشت النفسية الفردية ، لتأخذ شكل الجمع.فالمعتقد لا يلبث أن يصبح قوياً بعد أن يكتسب الأفراد الذين يعتنقونه صفة الجماعة.
والجماعة بدورها تعتبر أقوى أشكال العدوى النفسية تاثيراً ؛ فالمعتقد الذي تؤمن به الجماعة يصبح في نظرها حقيقة ناصعة ، لا تحتمل أن ترى غيرها على غيره ؛ ومن هناك تتفجر أشد المظالم والمذابح !
فبعدما ينتصر المعتقد ويقوى ، ينقسم إلى فرق ومذاهب لا يحافظ كل منها على المبادئ الأساسية للمعتقد ؛ فيطمع كل معتقد ومذهب بالهيمنة على الاخرين ؛ فتكون هذه بداية نهاية المعتقد!
فكيف يموت المعتقد ؟
ما إن ينقسم المعتقد؛ حتى تنشأ الفرق والمذاهب ، التي بدورها تفقد كل قوة يوماً بعد يوم ، بفعل الزمان. فيظهر هنا دور الفردية ؛ لتتمكن بعبقريتها من مسآلة المعتقد ومناقشته.
إذن فأول عوامل هدم المعتقد ، هي : المناقشة ؛ فمن السهل أن تتلف المعتقد بالمناقشة والمجادلة، ولكن بطريقة بطيئة ؛ كونه متعمّق في اللاشعور .
ومتى ما استعان المرء في تحقيق صحة المعتقد بالتأمل والتجربة تتلاشى عنه صفة الاعتقاد ليدخل ضمن دائرة المعرفة. وكلما تقدم المرء في علم المعرفة تكشّفت له حقائق المعتقدات والآراء التي كان يعتنقها دون شعورٍ منه .
ومن هنا تبزغ شمسُ معتقدٍ جديد ، يتشكل حسب احتياجات زمانه ، ويمر بكل ما مر به المعتقد الآفل!
ومن هنا يظهر لنا بأن كتاب غوستاف لوبون ( الآراء والمعتقدات ) هو كتاب بسيط فلسفي ، يأخذك برحلة قصيرة مثيرة ثرية داخل أعماق معتقداتك ، ويخبرك كيف تكوّنت وهيمنة عليك.
في 258 صفحة تجلت لنا فلسفة غوستاف لوبون حول تأثر المرء بمعتقداته وآراءه وكيف تسيطر عليه وتوجهه ، وكيف تنتهي من الوجود أو تتحول؛ فبنظره أن المعتقد يتحول ولا يموت ، يتعمق دواخل النفس وتبقى آثاره ، وتتتفجر كالبراكين متى ما أحست بالضعف الذاتي.
فالمعتقد دون شعور المرء - كونه لا شعوري ، بخلاف المعرفة العلمية - يرسم وجهة الأفكار ومن ثمّ وجهة المسير .
فالإنسان بطبيعته التي ترتعب من تسلل الشك الى روحه ؛ يحتاج للمعتقدات لتكفيه عناء البحث والتفكير!
وكون أغلب المعتقدات في أصلها عبارة عن أفكار ، والأفكار بطبيعتها تكون بشكلها الأولي ضعيفة لرفض الاغلبية لها ، ثم متسللة ، ثم قوية لإعتناق الاغلبية لها ؛ إذن فللمعتقدات - ولادة وقوة فموت .
فما هو المعتقد بنظر غوستاف لوبون ؟
المعتقد هو إيمان ناشئ عن مصدر لا شعوري يُكره الإنسان على تصديق فكر أو تأويل أو مذهب.
وإطلاق مصطلح أو كلمة ( معتقد ) ليس حِكراً على المعتقد الديني ، بل هناك المعتقد السياسي والإجتماعي والأخلاقي والإقتصادي... وتختلف قوة سيطرتها على المرء باختلاف المرء ذاته وبإختلاف الأزمنة.
فمتى يولد المعتقد ؟
يحاول المؤمنون بمعتقداتهم وآراءهم أن يقيموا مكاناً صغيراً ، فإذا نجحوا في مسعاهم يكونون قد أسسوا فرقة جديدة ومعتقد جديد لا يلبث أن ينتقل بالعدوى النفسية والتكرار والتأكيد .. فتبدأ حينها عبقرية الاستقطاب!
يُعد المعتقد أحد قطوب الجذب ، ويتم الإتكال هنا على ذوات الكاريزما والمكانه الآجتماعية والسياسسة ؛ فيتم استقطابهم اولا بالتلقين والتكرار ؛ لنشره بين عامة الناس ، وتلقينهم مكوناته ، والتبشير به .
ومتى ما صار المعتقد متمكناً ؛ صار أحد عوامل التغيير ، لأن الحياة الاجتماعية تصبح رهينة تحت تصرفه ؛ فيحولها كيفما يريد !
أيضا تتم ولادة المعتقد والرأي بنشوء المذهب السياسي ، فالتاريخ السياسي حافل - كما هو رأي غوستاف - بالمعتقدات التي كانت لها الحاضنة الأولى والمربية لها عبر وسائل التشريع ( القوة ، والتلقين ، والتكرار ، والتأكيد ).
ثم يأتي دور العدوى النفسية فهي أمر روحي ينشأ عنه التسليم ببعض الآراء والمعتقدات تسليماً غير إرادي ، ومصدرها دائرة اللاشعور .
وقد تنتشر هذه العدوى دون تماس مع الأفراد، عبر الكتب والجرائد والحوادث والشائعات والمحاضرات والمنتديات ، وكلما زادت وسائل النشر انتشر المعتقد ، وتلاشت النفسية الفردية ، لتأخذ شكل الجمع.فالمعتقد لا يلبث أن يصبح قوياً بعد أن يكتسب الأفراد الذين يعتنقونه صفة الجماعة.
والجماعة بدورها تعتبر أقوى أشكال العدوى النفسية تاثيراً ؛ فالمعتقد الذي تؤمن به الجماعة يصبح في نظرها حقيقة ناصعة ، لا تحتمل أن ترى غيرها على غيره ؛ ومن هناك تتفجر أشد المظالم والمذابح !
فبعدما ينتصر المعتقد ويقوى ، ينقسم إلى فرق ومذاهب لا يحافظ كل منها على المبادئ الأساسية للمعتقد ؛ فيطمع كل معتقد ومذهب بالهيمنة على الاخرين ؛ فتكون هذه بداية نهاية المعتقد!
فكيف يموت المعتقد ؟
ما إن ينقسم المعتقد؛ حتى تنشأ الفرق والمذاهب ، التي بدورها تفقد كل قوة يوماً بعد يوم ، بفعل الزمان. فيظهر هنا دور الفردية ؛ لتتمكن بعبقريتها من مسآلة المعتقد ومناقشته.
إذن فأول عوامل هدم المعتقد ، هي : المناقشة ؛ فمن السهل أن تتلف المعتقد بالمناقشة والمجادلة، ولكن بطريقة بطيئة ؛ كونه متعمّق في اللاشعور .
ومتى ما استعان المرء في تحقيق صحة المعتقد بالتأمل والتجربة تتلاشى عنه صفة الاعتقاد ليدخل ضمن دائرة المعرفة. وكلما تقدم المرء في علم المعرفة تكشّفت له حقائق المعتقدات والآراء التي كان يعتنقها دون شعورٍ منه .
ومن هنا تبزغ شمسُ معتقدٍ جديد ، يتشكل حسب احتياجات زمانه ، ويمر بكل ما مر به المعتقد الآفل!
ومن هنا يظهر لنا بأن كتاب غوستاف لوبون ( الآراء والمعتقدات ) هو كتاب بسيط فلسفي ، يأخذك برحلة قصيرة مثيرة ثرية داخل أعماق معتقداتك ، ويخبرك كيف تكوّنت وهيمنة عليك.