• ×
الخميس 19 يونيو 2025

ذاتَ بُعدين

بواسطة الكاتبة : هاجر محسن 11-17-2017 12:44 مساءً 3037 زيارات
صوت المدينة - هاجر محسن

إنَّنا حين نذكر الإنسان، أين هو؟! يظل السؤال دائرًا في معركةِ النسيانِ ذاتها منذ زمن طنطاوي جوهري حين قال: "لمْ يقرأ النَّاس إلَّا سطرًا واحدًا، وحفظوا منه "يغلب الأقوى الأضعف"." فبات الإنسان "أيُّ إنسانٍ" لا يتوَّرع عن إظهار الهشاشة.. هشاشة الهُويّة، والأخلاق، والمبادئ، ولا سيَّما الذوقيات طالها المرض واستفحل!

معتقدًا بذلك أنها جسارة حين يقلل من شأن المبادئ الإنسانية في المجتمع، عندما لا يحترم أخلاق المهنة وذوقيّاتها، وحين يُهرِّج بأفعالٍ تتنافى والذوق العام.
فالسؤال الآن: أين أنت ؟! هل تنتمي إلى التُخُوم أم الحدود ؟

في مقارنة تتعدّى النقاش الجيوسياسي لتخترق عُمق إنسان التُخُوم وإنسان الحدود، موضحين بذلك أنَّ إنسان التُخُوم إنما يُجسِّد البُعدين (الطول والعرض) ونضيف لهما بُعدًا ثالثًا وهو الارتفاع، يجسِّد الطبيعة الإنسانية المتغيّرة داخل حدود الثبات الأخلاقي حيثُ من المرفوض أنْ يقتات شخصٌ على آخر، ويحصل ذلك من خلال التنمّر والتحقير أو التشهير.. إلخ.

كذلك يتميّز إنسان التُخُوم بأنَّه مَعلَم يُهتدَى بهِ في مجالهِ أو وظيفته، في شغفه وإبداعه، في أيّ مكانٍ ينتقل منه وإليه. إنسان التُخُوم هو إنسانٌ دفاعي! لا نظن أنَّه سيرضخ للظلم وإن لم يقع عليه، ويتقبّل كل فعلٍ خارج حدود الأخلاق والقيّم الثابتة، ويرضى بالتبريرات السطحية التي تنم عن جهلٍ فادح وقلّةِ دراية، هو ثروة بحدِّ ذاته. إنسان التُخُوم هو الإنسان الذي أدرك أنَّ للحقيقة عدّة وجوه.

أمَّا إنسان الحدود، إنَّما هو الذي لا ينفك ينظر بشكلٍ طولي فلا يرى إلَّا الهاتف في يده ورقم فلانٍ من النَّاس، فيتصل بهِ دون أنْ يكلف نفسه عناء الالتفات إلى ساعةِ الحائط، وأنَّ الذوق العام يحتم عليه التراجع؛ لأنَّ الوقت متأخر جدًا.. هذا مثالٌ بسيط على هشاشةِ إنسان الحدود والأمثلة تطول. إنَّ إنسان الحدود يضع الآخرين في حالةٍ حَرِجة خصوصًا إذا كان لا مفر من الاحتكاك بهِ في بيئة العمل أو البيئة الاجتماعية، دون أن يستوعب مدى تجاوزاتهِ رغم تنبيهات الآخرين؛ ليدفعهم بذلك إلى وضع حدود أشد حُمرة. والجدير بالذكر أنَّ إنسان الحدود يدرك تمامًا هشاشة أفعاله؛ لكنه بتبريره لها وانتقاده للآخرين، لا يختلف عن أنصارِ الفوضوية في معاداتهم للمبادئ الأخلاقية.

أخيرًا، إنَّما هذهِ التفرقة ليدرك الإنسان حيثما وُجِد أين هو ! ثمَّ كم بُعدًا في داخله !

جديد المقالات

رُبا العامودي الثابت الوحيد في هذه الحياة هو التغيير ، طبيعة الحياة لا تسير على وتيرة واحدة...

عيد الأضحى … تقاليد عامرة بالبركة والتواصل عيد الأضحى العيد الذي تنتظره القلوب بفرح وبهجة....

يا نفسُ، هبِّي نحوَ فجرِ طهارةٍ واخلعي رداءَ الذنب واطلبي الأجرا هذي المواسمُ للقلوبِ مناهلٌ...

غياب حس المسؤولية: ظاهرة تهدد كفاءة المؤسسات تُعد المسؤولية المهنية من أهم القيم التي يقوم...

في عالم يتسم بالتغيرات السريعة والتحديات المستمرة، أصبحت الاستشارات أداة محورية لتحقيق النجاح...

أكثر