اللغة العربية وأصالتها !
صوت المدينة / ندى الأحمد
النُّطق سيّد، واللسانُ حاكم، والإنسان ثمل ٌمن الاحتياج للبوح، للّغة! بها يتعايش، وعند محطات الإتقان تنولدُ شخوص سليمة من اللحن!
تعرف القول فتُبرزه بقدر ما يتطلبه الموقف الحياتي، إذ كيف ستكون المعيشة لو سادها صمتٌ مُطبق، واقتصرت على إيماءات محصورة؟
(المرء مخبوء تحت طيّات لسانه) به يُعرف صلاحه من فساده، أصله، طبعه، مروءته، لؤمه... فالكلام يطوي مسافات، والطيّبُ منه يختزل الأجر والثواب! ونحن في شبه الجزيرة العربية حينما نتكلم اللغة الأم، نحوزها سيادة، وننالها قداسة، إذ بها نزل الإعجاز، بلسان عربي مبين، وصارت الإرث الذي انتقلت على كفوفه الحضارة، وُلدنا نحمل كرامة العربية، وسُقينا بها إذ جفّ الأعاجم منها، ما زالت دخيلة عليهم، يتعلمونها ما استطاعوا ليقرأوا القرآن، ليتمّوا ركعة الصلاة!
هي إحدى أكثر اللغات انتشارا في العالم، واليوم؛ إذ نفخر ونتباهى بها على سائر اللغات؛ نزفّ آدم(ع) أو إسماعيل(ع)، لا فرق، على منصّة الامتنان، إذ كان أول من نطق بها، فخلّفها للعقول الصادية للثراء! اختُلف في النبيين وتم الاتفاق على غزارتها، ويعرب بن قحطان يندسّ هو الآخر بين الأوائل، على قول، وربما الأصح أن الصدارة كانت لقريش، بدلالة العروبة المحمدية، ورغم أن القرآن الكريم تحداهم بأن يأتوا بمثله؛ إلا أن هذا لا ينفي تكلمهم بها وإن عجزوا عن قمة البلاغة والفصاحة. والعربية لغة السياسة والأدب والعلم، وهي لغة رسمية في دول الوطن العربي وبعض الدول الأخرى، والاحتفاء بعالميتها في الثامن عشر من ديسمبر إنما هو لرسميتها واعتمادها كلغة عمل أصيلة في منظمة الأمم.
نسيج اللغة هو 29 حرفا، مع الإقرار بالهمزة كحرف أيضا، وسطورها تكتب من اليمين إلى اليسار بخلاف بقية اللغات كالفارسية والعبرية، والأرقام كذلك، عدا أرقام الهاتف تُكتب من اليسار إلى اليمين، وأرقام أخرى مثل 1954إن قُرأت من الجهتين فصحيح. واللغة الإنجليزية فقيرة من بعض الحروف فعند كتابة اسم عربي بالإنجليزي تستبدل هذه الحروف بالأرقام مثل(هـ/2 ع/3 ح/7)، ومازالت العربية تترنح على قريناتها بحرفها الضادي الأميز، الذي تخلو منه البقية، وإن حاول البعض أن يقدح في هذه الصفة ويقول : الضاد هو نفسه ذال مفخمة، كما ينطقها المصريون، نرد عليه: الذال تبقى ذالًا سواء مرققة أو مفخمة، ومخرجها معروف ومُقارب للظاء، أما حرف الضاد فمخرجها بين الظاء واللام، وممكن تجربة النطق هكذا: ( أظ أض أل)، وأنصف أبو الطيب حينما قال: (وبهم فخر كل من نطق الضا .. د وعوذ الجاني وغوث الطريدِ).
الحجازيون هم أول من حرر العربية من الخط النبطي السابق حتى عهد الإمام علي(ع)، والفضل عوّاد لابنة أبو الأسود الدؤلي، إذ حررتْ خوف والدها ذات يوم، عندما جاءته في مساء منير وقالت: ما أجملُ السماء، قال لها: نجومها المتلألئة، قالت: ما قصدت الاستفهام إنما التعجب، قال لها: كان الأجدر بك أن تقولي: ما أجمل السماءَ! فذهب للإمام علي يستأذنه في كتابة قواعد نحوية لنجاة اللغة! فكتب له ورقة فيها بعضها وقال له: انحُ نحوه، فسمي العلم التصويبي للكلمات نحوا.
وأمر عبد الملك بن مروان بعملية التشكيل، فبدأ بعمل نقطة فوق الحرف تدل على الفتحة، وتحته لتدل على الكسرة، وعن شماله لتدل على الضمه، ثم استخدمت الألف الصغيرة المائلة للتشكيل إلى أن صار التشكيل كما هو معروف اليوم. كان ترتيب الحروف سابقا بطريقة أبجد هوز، ثم بعد إعجامها(تنقيطها) صارت بالترتيب المعروف، وأُدخلت اللغة العربية في الإنترنت كرابع لغة حسب الأهمية والاستخدام بعد الإنجليزية والصينية. تُكمل رونقَ اللغة علاماتُ الترقيم، فتمكّن الكاتب من الإفهام وتريح القارئ بوصول الفكرة سريعا، فحين الوقف التام تعترضنا (النقطة)، وحين الوقف المتوسط تأتي (الفاصلة)، وحين الوقف القصير الذي يعقبه تعليل أو إيضاح تبرز (الفاصلة المنقوطة)، والجمال يتّقد من علامة تعجب واستفهام، إذ بها تصلنا الانفعالات، ونسمع النبرات والأجراس، وفي الأقواس فائدة الحصر والتنظيم.
اللغة العربية تنبسط على أوسع نطاق صوتي بين اللغات، تتنوع فيها المخارج والصفات للحروف، ورغم توسط عددها إلا أن لها رنين، ينتج من توزع المخارج في الكلمة الواحدة ليتم التناغم الموسيقي، ولا يجتمع عصوان في كلمة أبدا، ولا مخارج متقاربة كالزاء والسين، أو الحاء والهاء. بعض الحروف تدل على بعض المعنى، مثلا حرف الغين يدل على الغيبة والاستتار، فنجده في كلمات مثل: غاب، غار، غام، غاص، وحرف الحاء يدل على الحب، فنجده في كلمات مثل: حب، حنان، حياة، حاجة، وهكذا...
والموسيقى الهادئة تميّز اللغة، نثرها وشعرها، فيطرب لها السامع، وتهمة الشاعر التي أحاطت بسيدنا محمد - صلى الله عليه وآله- خير شاهد.
ورغم كل ما فيها من لذة تذوقها لسان العربي؛ إلا أنها تشتكيه أحيانا، وتلومه على (ازدواجية اللغة) وهي النطق بالفصيح والعامي في آن واحد، لهذا بدأت بعض الحلول وبدت اليقظة، ففي شركة ديزني للأطفال بدأت ترجمة أفلام الأطفال من اللغة المصرية إلى الفصحى، ويدافع العربي عن نفسه في وجهها، ويذكّرها أن بعض ألفاظه التي تحسبها عامية إنما هي فصيحة مثل: أزّ، كثيرا مانقول: فلان وزّ فلان، يعني هيّجه وأغراه، وقد ورد في القرآن الكريم) ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّا) باستبدال الهمزة واوا، وغيرها الكثير من الشواهد...
وتتعدد اللّكنات، وينحدر منها الكثير من العامي، وذلك بسبب اتساع رقعة البلاد العربية بعد انتشار الإسلام، وكذلك كثرة الرحلات والتجارة والاختلاط، فالأجانب وإن تعلموا العربية إلا أن لهجتهم ليست رصينة، بل بها بعض الركاكة، وإن قُلتَ التواء فصحّ.
اللغة العربية لا تقتصر على الحسيات فقط؛ بل تزخر بالمشاعر، تلدها من رحم موسيقاها، تنعم بكمٍّ هادرٍ من المعاني، فنجد في المعاجم اللغوية كلمة واحدة لها أكثر من دلالة، أكثر من صياغة وسياق، تُذهلك إلى حدّ عدم الاكتفاء، يرشح القارئ من بنات الشفة، ويستريح عند مرافئ الإدراك.
لغتنا مُعلّلة بألفاظها أيضا، مراعية للصفات، فمثلا لفظ(درّاجة) عند وضعه لتلك الآلة لاحظوا مناسبته للحركة، ولفظ(مصباح) عند وضعه راعى الواضعون صفة الإشراق، و(المرأ)،(المرأة) راعوا فيهما صفة المرؤة في الإنسان ذكرا وأنثى، وهكذا...
ومن أمثال اللغة الجميلة: (خير الكلام ما قلّ ودلّ)، وأنا أقول: (أوجز تصل) فليس بالضرورة أن يصل الإنسان لمرامه بالإطناب، فإن الإيجاز ميزة إبداعية غالبا، فلغتنا الذكية تفجّر الفكرة بانصهار الحروف في قوالب المعاني المقتضبة، وفي المقابل، اللغات الأخرى كالانجليزية تحتاج أحيانا لحرفين مكان الحرف الواحد مثل(خ/kh)، أو تكتب فيها حروف لا تُنطق مثل (right)، وكذ الشّدة والتضعيف تختصر عندنا الحرفين في حرف واحد! وعندما نريد التثنية أو الجمع فقط نضيف حرفين، أما هناك فنضطر لذكر العدد وعلامة الجمع مثل (قلمين/ the tow pens)، وفروقات عدة في الإضافة والإسناد وغيرها.
هكذا تربّعتْ اللغة العربية على عرش العزّة والقوة، وتدثّرتْ بالمثالية، حتى حيكت حولها -عبر التاريخ- مؤامرات لاندثارها بعد التفوق، والاستعمار الفرنسي في الجزائر آنذاك منعَ العربية والحديث بها، وحاول تغييبها عن الساحة المستوطنة! لكن البطل عبدالجليل باديس قالها: الإسلام ديننا، والعربية لغتنا. ومثّلَ الحب مع الصدق والإخلاص للغة الدين الخاتِم، مثّلَ الانتماء الحقيقي وحماها من الغزو الثقافي كما حرروا كل شيء! ونبقى نحن نحرر في ذواتنا هذا الانتماء، ونزفّها أقلامنا لنصرة اللغة دائما، والإفادة منها في شتّى المجالات، ونطلّ على كل العوالم وبلاهوادة من ثقب كلمة عندما نقرأ، ونجاهد بالكلمة وبلا فرّ عندما نكتب.
#اليوم_العالمي_للغة_العربية
18 ديسمبر
النُّطق سيّد، واللسانُ حاكم، والإنسان ثمل ٌمن الاحتياج للبوح، للّغة! بها يتعايش، وعند محطات الإتقان تنولدُ شخوص سليمة من اللحن!
تعرف القول فتُبرزه بقدر ما يتطلبه الموقف الحياتي، إذ كيف ستكون المعيشة لو سادها صمتٌ مُطبق، واقتصرت على إيماءات محصورة؟
(المرء مخبوء تحت طيّات لسانه) به يُعرف صلاحه من فساده، أصله، طبعه، مروءته، لؤمه... فالكلام يطوي مسافات، والطيّبُ منه يختزل الأجر والثواب! ونحن في شبه الجزيرة العربية حينما نتكلم اللغة الأم، نحوزها سيادة، وننالها قداسة، إذ بها نزل الإعجاز، بلسان عربي مبين، وصارت الإرث الذي انتقلت على كفوفه الحضارة، وُلدنا نحمل كرامة العربية، وسُقينا بها إذ جفّ الأعاجم منها، ما زالت دخيلة عليهم، يتعلمونها ما استطاعوا ليقرأوا القرآن، ليتمّوا ركعة الصلاة!
هي إحدى أكثر اللغات انتشارا في العالم، واليوم؛ إذ نفخر ونتباهى بها على سائر اللغات؛ نزفّ آدم(ع) أو إسماعيل(ع)، لا فرق، على منصّة الامتنان، إذ كان أول من نطق بها، فخلّفها للعقول الصادية للثراء! اختُلف في النبيين وتم الاتفاق على غزارتها، ويعرب بن قحطان يندسّ هو الآخر بين الأوائل، على قول، وربما الأصح أن الصدارة كانت لقريش، بدلالة العروبة المحمدية، ورغم أن القرآن الكريم تحداهم بأن يأتوا بمثله؛ إلا أن هذا لا ينفي تكلمهم بها وإن عجزوا عن قمة البلاغة والفصاحة. والعربية لغة السياسة والأدب والعلم، وهي لغة رسمية في دول الوطن العربي وبعض الدول الأخرى، والاحتفاء بعالميتها في الثامن عشر من ديسمبر إنما هو لرسميتها واعتمادها كلغة عمل أصيلة في منظمة الأمم.
نسيج اللغة هو 29 حرفا، مع الإقرار بالهمزة كحرف أيضا، وسطورها تكتب من اليمين إلى اليسار بخلاف بقية اللغات كالفارسية والعبرية، والأرقام كذلك، عدا أرقام الهاتف تُكتب من اليسار إلى اليمين، وأرقام أخرى مثل 1954إن قُرأت من الجهتين فصحيح. واللغة الإنجليزية فقيرة من بعض الحروف فعند كتابة اسم عربي بالإنجليزي تستبدل هذه الحروف بالأرقام مثل(هـ/2 ع/3 ح/7)، ومازالت العربية تترنح على قريناتها بحرفها الضادي الأميز، الذي تخلو منه البقية، وإن حاول البعض أن يقدح في هذه الصفة ويقول : الضاد هو نفسه ذال مفخمة، كما ينطقها المصريون، نرد عليه: الذال تبقى ذالًا سواء مرققة أو مفخمة، ومخرجها معروف ومُقارب للظاء، أما حرف الضاد فمخرجها بين الظاء واللام، وممكن تجربة النطق هكذا: ( أظ أض أل)، وأنصف أبو الطيب حينما قال: (وبهم فخر كل من نطق الضا .. د وعوذ الجاني وغوث الطريدِ).
الحجازيون هم أول من حرر العربية من الخط النبطي السابق حتى عهد الإمام علي(ع)، والفضل عوّاد لابنة أبو الأسود الدؤلي، إذ حررتْ خوف والدها ذات يوم، عندما جاءته في مساء منير وقالت: ما أجملُ السماء، قال لها: نجومها المتلألئة، قالت: ما قصدت الاستفهام إنما التعجب، قال لها: كان الأجدر بك أن تقولي: ما أجمل السماءَ! فذهب للإمام علي يستأذنه في كتابة قواعد نحوية لنجاة اللغة! فكتب له ورقة فيها بعضها وقال له: انحُ نحوه، فسمي العلم التصويبي للكلمات نحوا.
وأمر عبد الملك بن مروان بعملية التشكيل، فبدأ بعمل نقطة فوق الحرف تدل على الفتحة، وتحته لتدل على الكسرة، وعن شماله لتدل على الضمه، ثم استخدمت الألف الصغيرة المائلة للتشكيل إلى أن صار التشكيل كما هو معروف اليوم. كان ترتيب الحروف سابقا بطريقة أبجد هوز، ثم بعد إعجامها(تنقيطها) صارت بالترتيب المعروف، وأُدخلت اللغة العربية في الإنترنت كرابع لغة حسب الأهمية والاستخدام بعد الإنجليزية والصينية. تُكمل رونقَ اللغة علاماتُ الترقيم، فتمكّن الكاتب من الإفهام وتريح القارئ بوصول الفكرة سريعا، فحين الوقف التام تعترضنا (النقطة)، وحين الوقف المتوسط تأتي (الفاصلة)، وحين الوقف القصير الذي يعقبه تعليل أو إيضاح تبرز (الفاصلة المنقوطة)، والجمال يتّقد من علامة تعجب واستفهام، إذ بها تصلنا الانفعالات، ونسمع النبرات والأجراس، وفي الأقواس فائدة الحصر والتنظيم.
اللغة العربية تنبسط على أوسع نطاق صوتي بين اللغات، تتنوع فيها المخارج والصفات للحروف، ورغم توسط عددها إلا أن لها رنين، ينتج من توزع المخارج في الكلمة الواحدة ليتم التناغم الموسيقي، ولا يجتمع عصوان في كلمة أبدا، ولا مخارج متقاربة كالزاء والسين، أو الحاء والهاء. بعض الحروف تدل على بعض المعنى، مثلا حرف الغين يدل على الغيبة والاستتار، فنجده في كلمات مثل: غاب، غار، غام، غاص، وحرف الحاء يدل على الحب، فنجده في كلمات مثل: حب، حنان، حياة، حاجة، وهكذا...
والموسيقى الهادئة تميّز اللغة، نثرها وشعرها، فيطرب لها السامع، وتهمة الشاعر التي أحاطت بسيدنا محمد - صلى الله عليه وآله- خير شاهد.
ورغم كل ما فيها من لذة تذوقها لسان العربي؛ إلا أنها تشتكيه أحيانا، وتلومه على (ازدواجية اللغة) وهي النطق بالفصيح والعامي في آن واحد، لهذا بدأت بعض الحلول وبدت اليقظة، ففي شركة ديزني للأطفال بدأت ترجمة أفلام الأطفال من اللغة المصرية إلى الفصحى، ويدافع العربي عن نفسه في وجهها، ويذكّرها أن بعض ألفاظه التي تحسبها عامية إنما هي فصيحة مثل: أزّ، كثيرا مانقول: فلان وزّ فلان، يعني هيّجه وأغراه، وقد ورد في القرآن الكريم) ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّا) باستبدال الهمزة واوا، وغيرها الكثير من الشواهد...
وتتعدد اللّكنات، وينحدر منها الكثير من العامي، وذلك بسبب اتساع رقعة البلاد العربية بعد انتشار الإسلام، وكذلك كثرة الرحلات والتجارة والاختلاط، فالأجانب وإن تعلموا العربية إلا أن لهجتهم ليست رصينة، بل بها بعض الركاكة، وإن قُلتَ التواء فصحّ.
اللغة العربية لا تقتصر على الحسيات فقط؛ بل تزخر بالمشاعر، تلدها من رحم موسيقاها، تنعم بكمٍّ هادرٍ من المعاني، فنجد في المعاجم اللغوية كلمة واحدة لها أكثر من دلالة، أكثر من صياغة وسياق، تُذهلك إلى حدّ عدم الاكتفاء، يرشح القارئ من بنات الشفة، ويستريح عند مرافئ الإدراك.
لغتنا مُعلّلة بألفاظها أيضا، مراعية للصفات، فمثلا لفظ(درّاجة) عند وضعه لتلك الآلة لاحظوا مناسبته للحركة، ولفظ(مصباح) عند وضعه راعى الواضعون صفة الإشراق، و(المرأ)،(المرأة) راعوا فيهما صفة المرؤة في الإنسان ذكرا وأنثى، وهكذا...
ومن أمثال اللغة الجميلة: (خير الكلام ما قلّ ودلّ)، وأنا أقول: (أوجز تصل) فليس بالضرورة أن يصل الإنسان لمرامه بالإطناب، فإن الإيجاز ميزة إبداعية غالبا، فلغتنا الذكية تفجّر الفكرة بانصهار الحروف في قوالب المعاني المقتضبة، وفي المقابل، اللغات الأخرى كالانجليزية تحتاج أحيانا لحرفين مكان الحرف الواحد مثل(خ/kh)، أو تكتب فيها حروف لا تُنطق مثل (right)، وكذ الشّدة والتضعيف تختصر عندنا الحرفين في حرف واحد! وعندما نريد التثنية أو الجمع فقط نضيف حرفين، أما هناك فنضطر لذكر العدد وعلامة الجمع مثل (قلمين/ the tow pens)، وفروقات عدة في الإضافة والإسناد وغيرها.
هكذا تربّعتْ اللغة العربية على عرش العزّة والقوة، وتدثّرتْ بالمثالية، حتى حيكت حولها -عبر التاريخ- مؤامرات لاندثارها بعد التفوق، والاستعمار الفرنسي في الجزائر آنذاك منعَ العربية والحديث بها، وحاول تغييبها عن الساحة المستوطنة! لكن البطل عبدالجليل باديس قالها: الإسلام ديننا، والعربية لغتنا. ومثّلَ الحب مع الصدق والإخلاص للغة الدين الخاتِم، مثّلَ الانتماء الحقيقي وحماها من الغزو الثقافي كما حرروا كل شيء! ونبقى نحن نحرر في ذواتنا هذا الانتماء، ونزفّها أقلامنا لنصرة اللغة دائما، والإفادة منها في شتّى المجالات، ونطلّ على كل العوالم وبلاهوادة من ثقب كلمة عندما نقرأ، ونجاهد بالكلمة وبلا فرّ عندما نكتب.
#اليوم_العالمي_للغة_العربية
18 ديسمبر