تحلى بالقناعة كي تكتسب المناعة
صوت المدينة - باسـم القليطي
تملّكتنا الحياة الاستهلاكية وأصبحت محور اهتماماتنا, وهاجمتنا بإعلاناتها التجارية حتى صارت هي من يُحدد احتياجاتنا, فلا تكاد تشاهد قناةً تلفازية, أو تستمع لمحطةٍ إذاعية, إلا ووجدتها تغصُّ بالإعلانات, وتهاجمك حتى في الشوارع والطرقات, وفي مواقع الشبكة العنكبوتية, وعلى صفحات المطبوعات الورقية, اعلانات في اعلانات, وما لهذا خُلقت الحياة, لكنها تجارة, وكما يُقال (التجارة فنٌ وشطارة), غير أنها أحدثت خللاً في حياة الناس, وارتبطت بالمشاعر والإحساس, فصار من يحصل على كل ما يريد هو السعيد, ومن لم يستطع فعل ذلك هو التعيس البليد, لذلك إن كنا لا نستطيع تغيير الأشياء من حولنا, فإننا بالتأكيد نستطيع تغيير أفكارنا, لذا وجب علينا اكتساب المناعة, لأن الاستهلاك صار من الأمراض, اللهم لا اعتراض, وأن نجعل شعارنا: (بالقناعة نتغلب على سطوة البضاعة) .
أن تشتري كل ما يُعجِبك فذلك ليس بالإمكان, وإن طاوعت رغباتك الاستهلاكية أصبحت في خبر كان, وأكبر المتضررين هو الأب المسكين, صاحب القلب الكبير والجيب الصغير, فهو من يلبي احتياجات زوجته وأبنائه, ولو فعل المطلوب إلا قليل قاموا بهجائه, وإن استطاع بأعجوبة أن يرضي الجميع, فلا تكاد تمر أسابيع, إلا ويكافئوه بالجحود السريع, فما اشتراه لهم بالأمس صار قديماً اليوم, وتتجدد المطالب ويزداد اللوم, فإذا لم يضع الأب الحدود, أهلكوه بالديون وألبسوه القيود .
يُحكى أن ملكاً من ملوك الصين, أراد أن يكافئ أحد المواطنين, فقال له : سأمنحك مقدار ما تقطعه سيراً على الأرض, فانطلق الرجل يعدو فرحاً بهذا العرض, وابتعد كثيراً جداً حتى أنهكه الركض, وتذكّر أن ما قطعه من مسافة هو الطول ويتبقى العرض, وابتعد كثيراً أيضاً ولم يقنع بما جمع, وكلما أراد التوقف ليرجِع غلبه الطمع, حتى انهارت قواه وأضناه التعب, فخرّ صريعاً ليحصد ما زرع, فلو أنه تحلى بالقناعةِ وعاد, وترك طمعه وتوقف عن الابتعاد, لوجد أرضاً تكفيه وزيادة, وعاش فيها مع أولاده بسعادة .
لذلك قالوا في المثل : القناعة كنزُ لا يفنى , لأنها تعني الرضا بالموجود , والاستغناء عن المفقود , وتحديد الألويات , وتحقيق الرغبات بحدود .
والقناعة لا تعني الخنوع والخضوع وترك الطموح, بل على العكس, هي تجلب الرضا, والرضا يجلب السعادة, والسعادة تجلب الحمد والشكر لله عز وجل, قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أصبَحَ منكمْ آمنًا في سِرْبِهِ ، معافًى فِي جَسَدِهِ ، عندَهُ ، قوتُ يومِهِ ، فكأنَّما حِيزَتْ لَهُ الدنيا بحذافِيرِهَا ) (صحيح الجامع) .
وأختم بأبيات الشافعي رحمه الله وهو يصف القناعة :
رَأَيـتُ القَنـاعَـةَ رَأسَ الغِنـى فَصِــرتُ بِأَذيـالِهـا مُمْتَسِـكْ
فَـلا ذا يَــرانـي عَلـى بابِــهِ وَلا ذا يَـرانـي بِـــهِ مُنهَمِــكْ
فَصِـرتُ غَنيّـًا بِـلا دِرهَــمٍ أَمُـرُّ عَلى النـاسِ شِبـهَ المَـلِكْ
تملّكتنا الحياة الاستهلاكية وأصبحت محور اهتماماتنا, وهاجمتنا بإعلاناتها التجارية حتى صارت هي من يُحدد احتياجاتنا, فلا تكاد تشاهد قناةً تلفازية, أو تستمع لمحطةٍ إذاعية, إلا ووجدتها تغصُّ بالإعلانات, وتهاجمك حتى في الشوارع والطرقات, وفي مواقع الشبكة العنكبوتية, وعلى صفحات المطبوعات الورقية, اعلانات في اعلانات, وما لهذا خُلقت الحياة, لكنها تجارة, وكما يُقال (التجارة فنٌ وشطارة), غير أنها أحدثت خللاً في حياة الناس, وارتبطت بالمشاعر والإحساس, فصار من يحصل على كل ما يريد هو السعيد, ومن لم يستطع فعل ذلك هو التعيس البليد, لذلك إن كنا لا نستطيع تغيير الأشياء من حولنا, فإننا بالتأكيد نستطيع تغيير أفكارنا, لذا وجب علينا اكتساب المناعة, لأن الاستهلاك صار من الأمراض, اللهم لا اعتراض, وأن نجعل شعارنا: (بالقناعة نتغلب على سطوة البضاعة) .
أن تشتري كل ما يُعجِبك فذلك ليس بالإمكان, وإن طاوعت رغباتك الاستهلاكية أصبحت في خبر كان, وأكبر المتضررين هو الأب المسكين, صاحب القلب الكبير والجيب الصغير, فهو من يلبي احتياجات زوجته وأبنائه, ولو فعل المطلوب إلا قليل قاموا بهجائه, وإن استطاع بأعجوبة أن يرضي الجميع, فلا تكاد تمر أسابيع, إلا ويكافئوه بالجحود السريع, فما اشتراه لهم بالأمس صار قديماً اليوم, وتتجدد المطالب ويزداد اللوم, فإذا لم يضع الأب الحدود, أهلكوه بالديون وألبسوه القيود .
يُحكى أن ملكاً من ملوك الصين, أراد أن يكافئ أحد المواطنين, فقال له : سأمنحك مقدار ما تقطعه سيراً على الأرض, فانطلق الرجل يعدو فرحاً بهذا العرض, وابتعد كثيراً جداً حتى أنهكه الركض, وتذكّر أن ما قطعه من مسافة هو الطول ويتبقى العرض, وابتعد كثيراً أيضاً ولم يقنع بما جمع, وكلما أراد التوقف ليرجِع غلبه الطمع, حتى انهارت قواه وأضناه التعب, فخرّ صريعاً ليحصد ما زرع, فلو أنه تحلى بالقناعةِ وعاد, وترك طمعه وتوقف عن الابتعاد, لوجد أرضاً تكفيه وزيادة, وعاش فيها مع أولاده بسعادة .
لذلك قالوا في المثل : القناعة كنزُ لا يفنى , لأنها تعني الرضا بالموجود , والاستغناء عن المفقود , وتحديد الألويات , وتحقيق الرغبات بحدود .
والقناعة لا تعني الخنوع والخضوع وترك الطموح, بل على العكس, هي تجلب الرضا, والرضا يجلب السعادة, والسعادة تجلب الحمد والشكر لله عز وجل, قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أصبَحَ منكمْ آمنًا في سِرْبِهِ ، معافًى فِي جَسَدِهِ ، عندَهُ ، قوتُ يومِهِ ، فكأنَّما حِيزَتْ لَهُ الدنيا بحذافِيرِهَا ) (صحيح الجامع) .
وأختم بأبيات الشافعي رحمه الله وهو يصف القناعة :
رَأَيـتُ القَنـاعَـةَ رَأسَ الغِنـى فَصِــرتُ بِأَذيـالِهـا مُمْتَسِـكْ
فَـلا ذا يَــرانـي عَلـى بابِــهِ وَلا ذا يَـرانـي بِـــهِ مُنهَمِــكْ
فَصِـرتُ غَنيّـًا بِـلا دِرهَــمٍ أَمُـرُّ عَلى النـاسِ شِبـهَ المَـلِكْ