شعرة معاوية
صوت المدينة / مروان المزيني
جاء في (عيون الأخبار) لابن قتيبة (1/62) ما نصه : قال معاوية : «لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني ، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت , قيل : وكيف ذلك ؟ قال : كنت إذا مدوها خليتها ، وإذا خلوها مددتها» .
شعرة معاوية .. حكايات كاملة تسكن في هذه الشعرة يختلف أفرادها باختلاف الحكايات .
كثيرٌ من أمور حياتنا توجد فيها هذه الشعرة عَلِمَها من عَلِمَها وجَهِلَها مَنْ جَهِلَها ولكنها تبقى موجودة لمن توقف لحظة ونظر بعين واعية .
فإن بين الغضبِ والحزم شعرة ، وبين الضعفِ والحِلم شعرة ، وبين المجاملة والنفاق شعرة ، وبين الشفاعة الحسنة والواسطة (المحسوبية ) شعرة ، وبين النصيحة والفضيحة شعرة ، وبين الليل والفجر شعرة .
الحكمة ضالة المؤمن لذلك فإنّ الحكيم هو الذي يستطيع أن يتحكم في أمور حياته ولا تتحكم فيه الطباع والأهواء . فهو يعرف متى يتكلم ومتى يسكت ومتى يمكث ومتى يخرج ومتى ينفق المال ومتى يُمسكه وغير ذلك من أمور الحياة .
الشواهد في الحياة كثيرة فكم من مشكلات كان بالإمكان تلافيها بحكمة بسيطة وكم من عقبات كان من الممكن تحاشيها بحكمة يسيرة . فهذا أبٌ غضب على ولده بسبب صلافته (جلافته) ، وهذه أمّ دعَتْ على ابنتها بسبب سوء ردِّها (كلامها) وذاك صديق هجر صديقه بسبب فكاهة غير مقبولة .
عندما يدرك المرء المعنى الحقيقي لشعرة معاوية فإنه يستطيع أن يجعلها شعاراً يفصل به بين الأمور ليحمي نفسه من السقوط في عثرات لم يكن لها من داع.
شعرة معاوية تعتبر من الأمثال الموروثة من الأجيال السابقة والتي بدأتْ رحلة الغربة في جيل لا يعرف تلك الأمثال ولا يستخدمها فعندما تتحدث مع أحدهم وتأتي في معرِض حديثك بمَثَلٍ فإنك تندهش من ردة فعل من أمامك من هذا الجيل وقد جاوز عمره العشرين وهو يسألك : " يعني إيش ؟ ! "
طبعاً أنت مضطر للخروج عن صلب الموضوع الذي كنتَ تتحدث فيه لتشرح لهذا الجيل قصة المثل والمقصود منه . وتكون محظوظاً عندما تعود للموضوع الأصلي وتجد من تحادثه يتذكر الموضوع الأساسي .
الهوية ليست كتباً تُزيّنُ المكتبة التي ترتكز على الجدار كلوحة تراثية تتساقط عليها أشعة الإضاءات الخافتة والتي لا تلبث أن تتراكم عليها صفحات من غبار الهجر والنسيان وكأنها تُضيف مؤلفاً جديداً لتلك المكتبة بعنوان " ارحمني يرحم أمك " .
تاريخ الأمم تصنعه الإنجازات .. فماذا أنجزتَ أنتَ ؟ !
هناك شعرة بين التوكل والتواكل ، فإذا كنّا متواكلين فسوف نبقى دائماً أسفل الجبل في الوادي ننتظر ما يجود به علينا المبدعون والمبتكرون والمخترعون والمصنعون ومتى ما جاء الطوفان نكون أول من يغرق .
علموا أولادكم كيفية التعامل مع تلك الشعرة ، فلم يكن معاوية رضي الله عنه إنساناً عادياً بل كان رجلاً ذكياً حكيماً وما كانت كلماته بالتي تمر دونما أن نتوقف عندها ونعي معناها ومن الكياسة (شدة الذكاء) أن يقتنص المرء الجواهر من الكلام كما يقتنص الغالي من الأثمان .
شعرة معاوية حكمة على رأس كل ذي .. بصيرة .
نُتْفَةٌ شِعْرِيَّةٌ
تُصَاحِبُ في الحَيَاةِ وَلَسْتَ تَدْري
أَيَبْقَى بِالوَفَاءَ لَكَ المُرَادُ
وَإِنْ زَلَّ اللّسَانُ بِلا رَقِيبِ
تَظَلُّ بِوَحْشَةٍ فِيهَا انْفِرَادُ
وَإِنْ تَزْرَعْ شِرَاكَ المَكْرِ جَهْلاً
فَيَوْماً سَوْفَ يَجْنِيْكَ اصْطِيَادَ
***
جاء في (عيون الأخبار) لابن قتيبة (1/62) ما نصه : قال معاوية : «لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني ، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت , قيل : وكيف ذلك ؟ قال : كنت إذا مدوها خليتها ، وإذا خلوها مددتها» .
شعرة معاوية .. حكايات كاملة تسكن في هذه الشعرة يختلف أفرادها باختلاف الحكايات .
كثيرٌ من أمور حياتنا توجد فيها هذه الشعرة عَلِمَها من عَلِمَها وجَهِلَها مَنْ جَهِلَها ولكنها تبقى موجودة لمن توقف لحظة ونظر بعين واعية .
فإن بين الغضبِ والحزم شعرة ، وبين الضعفِ والحِلم شعرة ، وبين المجاملة والنفاق شعرة ، وبين الشفاعة الحسنة والواسطة (المحسوبية ) شعرة ، وبين النصيحة والفضيحة شعرة ، وبين الليل والفجر شعرة .
الحكمة ضالة المؤمن لذلك فإنّ الحكيم هو الذي يستطيع أن يتحكم في أمور حياته ولا تتحكم فيه الطباع والأهواء . فهو يعرف متى يتكلم ومتى يسكت ومتى يمكث ومتى يخرج ومتى ينفق المال ومتى يُمسكه وغير ذلك من أمور الحياة .
الشواهد في الحياة كثيرة فكم من مشكلات كان بالإمكان تلافيها بحكمة بسيطة وكم من عقبات كان من الممكن تحاشيها بحكمة يسيرة . فهذا أبٌ غضب على ولده بسبب صلافته (جلافته) ، وهذه أمّ دعَتْ على ابنتها بسبب سوء ردِّها (كلامها) وذاك صديق هجر صديقه بسبب فكاهة غير مقبولة .
عندما يدرك المرء المعنى الحقيقي لشعرة معاوية فإنه يستطيع أن يجعلها شعاراً يفصل به بين الأمور ليحمي نفسه من السقوط في عثرات لم يكن لها من داع.
شعرة معاوية تعتبر من الأمثال الموروثة من الأجيال السابقة والتي بدأتْ رحلة الغربة في جيل لا يعرف تلك الأمثال ولا يستخدمها فعندما تتحدث مع أحدهم وتأتي في معرِض حديثك بمَثَلٍ فإنك تندهش من ردة فعل من أمامك من هذا الجيل وقد جاوز عمره العشرين وهو يسألك : " يعني إيش ؟ ! "
طبعاً أنت مضطر للخروج عن صلب الموضوع الذي كنتَ تتحدث فيه لتشرح لهذا الجيل قصة المثل والمقصود منه . وتكون محظوظاً عندما تعود للموضوع الأصلي وتجد من تحادثه يتذكر الموضوع الأساسي .
الهوية ليست كتباً تُزيّنُ المكتبة التي ترتكز على الجدار كلوحة تراثية تتساقط عليها أشعة الإضاءات الخافتة والتي لا تلبث أن تتراكم عليها صفحات من غبار الهجر والنسيان وكأنها تُضيف مؤلفاً جديداً لتلك المكتبة بعنوان " ارحمني يرحم أمك " .
تاريخ الأمم تصنعه الإنجازات .. فماذا أنجزتَ أنتَ ؟ !
هناك شعرة بين التوكل والتواكل ، فإذا كنّا متواكلين فسوف نبقى دائماً أسفل الجبل في الوادي ننتظر ما يجود به علينا المبدعون والمبتكرون والمخترعون والمصنعون ومتى ما جاء الطوفان نكون أول من يغرق .
علموا أولادكم كيفية التعامل مع تلك الشعرة ، فلم يكن معاوية رضي الله عنه إنساناً عادياً بل كان رجلاً ذكياً حكيماً وما كانت كلماته بالتي تمر دونما أن نتوقف عندها ونعي معناها ومن الكياسة (شدة الذكاء) أن يقتنص المرء الجواهر من الكلام كما يقتنص الغالي من الأثمان .
شعرة معاوية حكمة على رأس كل ذي .. بصيرة .
نُتْفَةٌ شِعْرِيَّةٌ
تُصَاحِبُ في الحَيَاةِ وَلَسْتَ تَدْري
أَيَبْقَى بِالوَفَاءَ لَكَ المُرَادُ
وَإِنْ زَلَّ اللّسَانُ بِلا رَقِيبِ
تَظَلُّ بِوَحْشَةٍ فِيهَا انْفِرَادُ
وَإِنْ تَزْرَعْ شِرَاكَ المَكْرِ جَهْلاً
فَيَوْماً سَوْفَ يَجْنِيْكَ اصْطِيَادَ
***