المرأة بين التقديس والتهميش
صوت المدينة / ايمان النجدي
في عصر الثقافة وانتشار العلم والوسائل المطورة ، إلا أن هناك ومضات من جاهلية غابرة ، باتت مترسبة في نفوس أصحابها ، التي لم يخالط شغاف قلوبها حلاوة الإيمان ،فحجبت عنهم الرؤيا ليعاملوا المرأة بإساءة ؛ حتى ظلت تتجرع الألم والأسى لتلك الغلظة والفظاظة.
لقد كانت المرأة في الجاهلية، تعد من سقط المتاع لايقام لها وزن. قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-:" والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسَّم لهن ماقسم".و قال تعالى: "وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ" النحل :58
وكذلك كانت في سائر الأمم الكافرة باختلاف مللهم ،محرومة حق الكرامة الإنسانية، فالمرأة مثلا عند الصينين شبهت بالمياه المؤلمة التي تغسل السعادة و المال، وللصيني الحق في أن يبيع زوجته كالجارية، و المرأة عند الهنود في مرتبة الخدم ، وعند الإغريق هي أكبر منشأ، ومصدر للأزمة،والانهيار في العالم ، تشبه شجرة مسمومة حيث يكون ظاهرها جميل ، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالا .
و عند مجيء الإسلام ، نالت المرأة مالم تنله في أي عصر من حقوق، و في جميع أحوالها بلا استثناء، سواء كانت أما، أو بنتا، أو زوجة ،أو أختا . فعن أبي رمثةَ- رضي الله عنه- قال: "انتهيتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-فسمعتهُ يقول :" برَّ أمكَ وأباك، وأختكَ وأخاك، ثُمَّ أدناك أدناك". أخرجه الحاكم والإمام أحمد وصححه الألباني).
كما أثبت الله-عزوجل- لها الحقوق إن كانت زوجة بقاعدة تشريعية دقيقة وَلَهُنَّ قال تعالى "مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ" (البقرة:228).
وفي مقابل هذا التوضيح والإكرام، إلا أن هناك من ظل يتذبذب بمفاهيمه نحوالتعامل مع المرأة بلا توازن، أو بتناقض بَيّن ، فبات يتعامل معها بصور مختلفة، من شأنها إما أن تجعلها من ضحايا الوأد في الجاهلية الأولى بشكل جديد، أو تصبح مقدسة من قبل الرجل ، كونه متعبد لها بفكره الخاطىء .
فمنهم من يراها كيان ناقص تابع للرجل ، لا تتجاوز مهمتها عن إنتاج الأبناء والخدمة في المنزل، بدون أي حق أقره الله لها .
وآخر يبدي انصياعا لأوامر زوجته ، سواء كانت عدلا أوظلما ، بلا تفكيركأنما غاب عقله عنه، فيضر فلذات أكباده الذين باتوا حيارى بعد فقد أمهم إما بالطلاق أو الموت.
و زوج هَامَ بزوجته الثانية، متنكرا لزوجته الأولى وأم أبنائه ،وربما ظلم الثانية خاصة إن كانت مطلقة!
و هناك من لم يتفهم البر بمعانيه الحقيقية، فجفى زوجته ،محتدا و مشتدا بالقول والفعل ، وبات يستشهد في كل صغيرة وكبيرة بكلام والدته ذما وتجريحا لزوجته الأسيرة للهوان، والذل ، والحساب حتى للقيمات يقمن صلبها.
وفي زواية أخرى ليست بعيدة عن هؤلاء،أبٌ تخلى عن مسؤوليته تجاه أبنائه ، فضاعت حقوقهم ، فانتظر أول طارق لبابه؛ ليلقي بابنته بضاعة كاسدة ؛ للتخلص من ذلك العبء الثقيل ، فلا وقت لديه أن يوصلها للمدرسة التي بجوار البيت ، أو يتحمل مسؤوليتها طالبة جامعية، والأفضل أن يرميها لأغنى زوج، وإن كان في عمر جدها حتى يكفيه أمرها.
و قد تُظلم المرأة إذا لم تُطق الزواج برجل لم تختره شريك حياتها ، فتستسلم و تعيش معه صابرة حتى لا تكون مطلقة ، أو راضية إن وجدت منه الرجل المكرم لها ،التقي في معاملتها.
و أما الفتاة التي لم تتزوج بعد ، من الآباء من يوكلها إلى أخوها ذلك المراهق ، فيمحصها بأنظمته التسلطية ؛إثباتا لرجولته ، و في حضور الأب الشاخص كالتمثال ،جسد بلا روح ولا دور ، أو غيابه فهو مشغول بلا مهمة. وقد يحبسهاأبوها عن الزواج إن كانت موظفة؛ رغبة في مالها، متجاهلافطرة الأمومة، تلك الوظيفة الحيوية التي أُعدت لها .
ونرى ذلك الزوج الوديع ، المتغاضي عن لباس زوجته المخالف للشرع ، هو ذات الرجل الذي يرقب أخته متلمسا عثراتها إن وقعت، ومحصيا لأنفاسها إن خرجت، مضيقا عليها في كل أمر، مستهزئا في خطابه وحواره، وإن كان أصغر منها في العمر.
و إذا حضر زائرا لأمه ، فليس لأمه نصيب من تلك الزيارة إلا الحروف ، و في الحقيقة هو في صحبة بنيه ، كأنه لقيهم بعد سفر طويل، واشتاق لرؤيتهم ، والأم إما قابعة في غرفتها تتحاشى ضجيج الأطفال، أو جالسة كقطعة أثاث لايكلمها ، ولا يتفقد أحوالها أحد.
فتلك الصور السابقة لاسيما المسيئة للمرأة، ينتج عنها آثار عديدة، لايمكن تجاهلها؛ كون المرأة تشكل جزءا مهما وحيويا في بناء المجتمع، ولها أسباب منها أسباب تربوية ،حيث إن الأسرة أول مؤسسة اجتماعية ،تنقل خبراتها المختلفة من خلال التنشئة .
فأي طارئ يعوق عملية التنشئة، يبدو أثره جليا على الأبناء ، مثل الصراع الذي يواجه الأولاد في الدور الذي يتمثلهمستقبلا، والنموذج الأبوي المتسلط، يجعل الأبناء يتخذون مسلكا غير سويا في حياتهم المستقبلية .كما أن الأسباب المتعلقة بالموروثات الاجتماعية والثقافية ، في التمييز في المعاملة بين الذكور والإناث ، له دور في التأرجح بين تعاليم الدين الإسلامي ، والعادات والتقاليد المتعارفة في الأسرة.ولا يخفى علينا ما تبثه وسائل الإعلام من ثقافات إلى جميع المجتمعات سلبا ،أو إيجابا .
ولا شك أن الحل يكمن في الرجوع إلى الشريعة الإسلاميةوتعاليمها، وتأمل نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع النساء ، أختا ، أو زوجة، او ابنة ، بتوازن ،وإحسان تجاه الجميع ، المتمثل في وصيته قبل مماته :"واستوصوا بالنساء خيرا".
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي
في عصر الثقافة وانتشار العلم والوسائل المطورة ، إلا أن هناك ومضات من جاهلية غابرة ، باتت مترسبة في نفوس أصحابها ، التي لم يخالط شغاف قلوبها حلاوة الإيمان ،فحجبت عنهم الرؤيا ليعاملوا المرأة بإساءة ؛ حتى ظلت تتجرع الألم والأسى لتلك الغلظة والفظاظة.
لقد كانت المرأة في الجاهلية، تعد من سقط المتاع لايقام لها وزن. قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-:" والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسَّم لهن ماقسم".و قال تعالى: "وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ" النحل :58
وكذلك كانت في سائر الأمم الكافرة باختلاف مللهم ،محرومة حق الكرامة الإنسانية، فالمرأة مثلا عند الصينين شبهت بالمياه المؤلمة التي تغسل السعادة و المال، وللصيني الحق في أن يبيع زوجته كالجارية، و المرأة عند الهنود في مرتبة الخدم ، وعند الإغريق هي أكبر منشأ، ومصدر للأزمة،والانهيار في العالم ، تشبه شجرة مسمومة حيث يكون ظاهرها جميل ، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالا .
و عند مجيء الإسلام ، نالت المرأة مالم تنله في أي عصر من حقوق، و في جميع أحوالها بلا استثناء، سواء كانت أما، أو بنتا، أو زوجة ،أو أختا . فعن أبي رمثةَ- رضي الله عنه- قال: "انتهيتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-فسمعتهُ يقول :" برَّ أمكَ وأباك، وأختكَ وأخاك، ثُمَّ أدناك أدناك". أخرجه الحاكم والإمام أحمد وصححه الألباني).
كما أثبت الله-عزوجل- لها الحقوق إن كانت زوجة بقاعدة تشريعية دقيقة وَلَهُنَّ قال تعالى "مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ" (البقرة:228).
وفي مقابل هذا التوضيح والإكرام، إلا أن هناك من ظل يتذبذب بمفاهيمه نحوالتعامل مع المرأة بلا توازن، أو بتناقض بَيّن ، فبات يتعامل معها بصور مختلفة، من شأنها إما أن تجعلها من ضحايا الوأد في الجاهلية الأولى بشكل جديد، أو تصبح مقدسة من قبل الرجل ، كونه متعبد لها بفكره الخاطىء .
فمنهم من يراها كيان ناقص تابع للرجل ، لا تتجاوز مهمتها عن إنتاج الأبناء والخدمة في المنزل، بدون أي حق أقره الله لها .
وآخر يبدي انصياعا لأوامر زوجته ، سواء كانت عدلا أوظلما ، بلا تفكيركأنما غاب عقله عنه، فيضر فلذات أكباده الذين باتوا حيارى بعد فقد أمهم إما بالطلاق أو الموت.
و زوج هَامَ بزوجته الثانية، متنكرا لزوجته الأولى وأم أبنائه ،وربما ظلم الثانية خاصة إن كانت مطلقة!
و هناك من لم يتفهم البر بمعانيه الحقيقية، فجفى زوجته ،محتدا و مشتدا بالقول والفعل ، وبات يستشهد في كل صغيرة وكبيرة بكلام والدته ذما وتجريحا لزوجته الأسيرة للهوان، والذل ، والحساب حتى للقيمات يقمن صلبها.
وفي زواية أخرى ليست بعيدة عن هؤلاء،أبٌ تخلى عن مسؤوليته تجاه أبنائه ، فضاعت حقوقهم ، فانتظر أول طارق لبابه؛ ليلقي بابنته بضاعة كاسدة ؛ للتخلص من ذلك العبء الثقيل ، فلا وقت لديه أن يوصلها للمدرسة التي بجوار البيت ، أو يتحمل مسؤوليتها طالبة جامعية، والأفضل أن يرميها لأغنى زوج، وإن كان في عمر جدها حتى يكفيه أمرها.
و قد تُظلم المرأة إذا لم تُطق الزواج برجل لم تختره شريك حياتها ، فتستسلم و تعيش معه صابرة حتى لا تكون مطلقة ، أو راضية إن وجدت منه الرجل المكرم لها ،التقي في معاملتها.
و أما الفتاة التي لم تتزوج بعد ، من الآباء من يوكلها إلى أخوها ذلك المراهق ، فيمحصها بأنظمته التسلطية ؛إثباتا لرجولته ، و في حضور الأب الشاخص كالتمثال ،جسد بلا روح ولا دور ، أو غيابه فهو مشغول بلا مهمة. وقد يحبسهاأبوها عن الزواج إن كانت موظفة؛ رغبة في مالها، متجاهلافطرة الأمومة، تلك الوظيفة الحيوية التي أُعدت لها .
ونرى ذلك الزوج الوديع ، المتغاضي عن لباس زوجته المخالف للشرع ، هو ذات الرجل الذي يرقب أخته متلمسا عثراتها إن وقعت، ومحصيا لأنفاسها إن خرجت، مضيقا عليها في كل أمر، مستهزئا في خطابه وحواره، وإن كان أصغر منها في العمر.
و إذا حضر زائرا لأمه ، فليس لأمه نصيب من تلك الزيارة إلا الحروف ، و في الحقيقة هو في صحبة بنيه ، كأنه لقيهم بعد سفر طويل، واشتاق لرؤيتهم ، والأم إما قابعة في غرفتها تتحاشى ضجيج الأطفال، أو جالسة كقطعة أثاث لايكلمها ، ولا يتفقد أحوالها أحد.
فتلك الصور السابقة لاسيما المسيئة للمرأة، ينتج عنها آثار عديدة، لايمكن تجاهلها؛ كون المرأة تشكل جزءا مهما وحيويا في بناء المجتمع، ولها أسباب منها أسباب تربوية ،حيث إن الأسرة أول مؤسسة اجتماعية ،تنقل خبراتها المختلفة من خلال التنشئة .
فأي طارئ يعوق عملية التنشئة، يبدو أثره جليا على الأبناء ، مثل الصراع الذي يواجه الأولاد في الدور الذي يتمثلهمستقبلا، والنموذج الأبوي المتسلط، يجعل الأبناء يتخذون مسلكا غير سويا في حياتهم المستقبلية .كما أن الأسباب المتعلقة بالموروثات الاجتماعية والثقافية ، في التمييز في المعاملة بين الذكور والإناث ، له دور في التأرجح بين تعاليم الدين الإسلامي ، والعادات والتقاليد المتعارفة في الأسرة.ولا يخفى علينا ما تبثه وسائل الإعلام من ثقافات إلى جميع المجتمعات سلبا ،أو إيجابا .
ولا شك أن الحل يكمن في الرجوع إلى الشريعة الإسلاميةوتعاليمها، وتأمل نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع النساء ، أختا ، أو زوجة، او ابنة ، بتوازن ،وإحسان تجاه الجميع ، المتمثل في وصيته قبل مماته :"واستوصوا بالنساء خيرا".
للتصويت للمقال الذهاب الرئيسية واتباع التالي