صورة الحالة الشخصية
صوت المدينة / مروان المزيني
منذ ظهور الكمبيوتر المكتبي ومن بعده اللاب توب وأعقبته الجولات ووصولاً إلى برامج التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها كان هناك ما يُسمى بـ (تعيين الصورة خلفية للشاشة أو صورة الحالة الشخصية ) وهي كلها تدل على شيء واحد وهو حالة الشخص المستخدم .
فهل هناك علاقة بين تلك الصور وبين أولئك الغارقين في العوالم الرقمية الالكترونية الافتراضية ؟
بلا شك أنه لابد من وجود علاقة ولكن ما مدى حقيقة هذه العلاقة وذلك الارتباط وما مدى تأثيره على الحالة الإنسانية ؟
يقع المتعاطون مع هذه الخاصية تحت أحد أمرين : إما أن تكون واقعية وإما أن تكون وهمية . فإن كانت صورة الحالة الشخصية تعبر عن حقيقة الشخص المستخدِم فهو بدون وعي وإدراك يفضح شيئاً من حياته الخاصة لكل مَن يطَّلِعُ على تلك الصورة ويعرف ما لا ينبغي له أن يعرفه لأن صورة الحالة ستظهر لكل المضافين وقد يقود ذلك بعض المتطفلين للبحث عن أسباب هذا الشخص لاختيار الصورة وما تدل عليه كما يعتبر البعض الآخر أن صورة الحالة هي رسالة من الشخص المستخدم رداً على أحدهم فيظن أنه هو المقصود بها فتنشأ مشكلة وربما تصل للقطيعة والهجران بين الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل .
وإن كانت صورة الحالة الشخصية تعبر عن وَهمٍ يعيش فيه المستخدِم فسوف يجد أن ذلك الوهم مع الأيام يسيطر على حياته وانفعالاته وقراراته لدرجة أنه يعتقد أن الصورة هي حقيقته فعلاً فمن يضع مثلاً صورة تدل على الحزن تجده يحيط نفسه بالحزن ويبدأ يحوِّل كل شيءٍ حوله إلى حالة استنفارية لتتلاءم من مدلول تلك الصورة مع أنه ليس في حياته ما يستحق كل ذلك الحزن المفتعل والمبالغ فيه .
الملاحظ في غالبية الجوانب الأدبية والفنية عند العرب أنهم يميلون إلى الحزن وذلك لأن الحزن أسهل الطرق للتأثير على المشاعر والأحاسيس والعواطف كما أن رغبة البعض في كسب التعاطف يجعله يسلك هذا الطريق لينال مراده . ولو نظرنا إلى الفطرة في الأطفال نجدهم عند رغبتهم في شيء بشده يستخدمون البكاء كوسيلة لجلب العطف والموافقة على طلباتهم .
القضية تحتاج لنضج نفسي وفكري وثقافي . لم تعد المراهقة تلك التي اشتهرتْ في الكتب بأنها فترة تبدأ من سن الحادية عشرة إلى الثامنة عشرة فقط . فالتخبط السلوكي التربوي الذي يتعرض له الناشئة والهجمات الإعلامية السامة والتشاغل الاجتماعي تسببتْ في خلخلتْ الموازين السلوكية وأساليب التعاطي مع الذات ومع الآخرين سواءً كان تعاطياً مباشراً أو من خلال وسائل التواصل المختلفة .
وينسحب ما تسببه صورة الحالة الشخصية على الألقاب التي يتخذها البعض لوصف أنفسهم بأسماء ذات دلالات موغلة في الحزن والهم وكل أولئك لم تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين وغالبيتهم لازال يتناول مصروفه من والديه .
تلك الصور والأسماء والألقاب ما هي إلا سجون وهمية يختارها التائهون ليعيشوا فيها تحت تأثير مشاعر مزيفة تولدتْ من خلال العوالم الافتراضية والقصص الخيالية التي لم تجد رقيباً يمنعها من الوصول إلى عقول أبنائنا البريئة الغضة الطاهرة لتتحول إلى صناديق مغلقة مليئة بالحزن ويحيط بها الشتات العاطفي دون توجيه وإرشاد فينساقون من ظلام إلى ظلام حتى تظهر عليهم علامات التأثر في وقت لا ينفع معه النصح والإرشاد والتوجيه ويكون قد .. سبق السيف العذل .
***
نُتْفَةٌ شِعْرِيَّةٌ
يَا صَاحِبي لا تَخْدَعِ النَّفسَ التي
قَدْ أمتَعتكَ وكنتمَا أصْحَابا
ولتحْذرِ الأيَّامَ إِنَّ دُروبَها
ليْسَتْ على مَرِّ الزَّمَانِ رِحَابا
مَنْ يَأْمَنِ الأزْمَانَ في سَكنَاتِها
سَتُذِقْهُ مِنْ بَعْدِ السُّكونِ عِقَابا
***
منذ ظهور الكمبيوتر المكتبي ومن بعده اللاب توب وأعقبته الجولات ووصولاً إلى برامج التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها كان هناك ما يُسمى بـ (تعيين الصورة خلفية للشاشة أو صورة الحالة الشخصية ) وهي كلها تدل على شيء واحد وهو حالة الشخص المستخدم .
فهل هناك علاقة بين تلك الصور وبين أولئك الغارقين في العوالم الرقمية الالكترونية الافتراضية ؟
بلا شك أنه لابد من وجود علاقة ولكن ما مدى حقيقة هذه العلاقة وذلك الارتباط وما مدى تأثيره على الحالة الإنسانية ؟
يقع المتعاطون مع هذه الخاصية تحت أحد أمرين : إما أن تكون واقعية وإما أن تكون وهمية . فإن كانت صورة الحالة الشخصية تعبر عن حقيقة الشخص المستخدِم فهو بدون وعي وإدراك يفضح شيئاً من حياته الخاصة لكل مَن يطَّلِعُ على تلك الصورة ويعرف ما لا ينبغي له أن يعرفه لأن صورة الحالة ستظهر لكل المضافين وقد يقود ذلك بعض المتطفلين للبحث عن أسباب هذا الشخص لاختيار الصورة وما تدل عليه كما يعتبر البعض الآخر أن صورة الحالة هي رسالة من الشخص المستخدم رداً على أحدهم فيظن أنه هو المقصود بها فتنشأ مشكلة وربما تصل للقطيعة والهجران بين الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل .
وإن كانت صورة الحالة الشخصية تعبر عن وَهمٍ يعيش فيه المستخدِم فسوف يجد أن ذلك الوهم مع الأيام يسيطر على حياته وانفعالاته وقراراته لدرجة أنه يعتقد أن الصورة هي حقيقته فعلاً فمن يضع مثلاً صورة تدل على الحزن تجده يحيط نفسه بالحزن ويبدأ يحوِّل كل شيءٍ حوله إلى حالة استنفارية لتتلاءم من مدلول تلك الصورة مع أنه ليس في حياته ما يستحق كل ذلك الحزن المفتعل والمبالغ فيه .
الملاحظ في غالبية الجوانب الأدبية والفنية عند العرب أنهم يميلون إلى الحزن وذلك لأن الحزن أسهل الطرق للتأثير على المشاعر والأحاسيس والعواطف كما أن رغبة البعض في كسب التعاطف يجعله يسلك هذا الطريق لينال مراده . ولو نظرنا إلى الفطرة في الأطفال نجدهم عند رغبتهم في شيء بشده يستخدمون البكاء كوسيلة لجلب العطف والموافقة على طلباتهم .
القضية تحتاج لنضج نفسي وفكري وثقافي . لم تعد المراهقة تلك التي اشتهرتْ في الكتب بأنها فترة تبدأ من سن الحادية عشرة إلى الثامنة عشرة فقط . فالتخبط السلوكي التربوي الذي يتعرض له الناشئة والهجمات الإعلامية السامة والتشاغل الاجتماعي تسببتْ في خلخلتْ الموازين السلوكية وأساليب التعاطي مع الذات ومع الآخرين سواءً كان تعاطياً مباشراً أو من خلال وسائل التواصل المختلفة .
وينسحب ما تسببه صورة الحالة الشخصية على الألقاب التي يتخذها البعض لوصف أنفسهم بأسماء ذات دلالات موغلة في الحزن والهم وكل أولئك لم تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين وغالبيتهم لازال يتناول مصروفه من والديه .
تلك الصور والأسماء والألقاب ما هي إلا سجون وهمية يختارها التائهون ليعيشوا فيها تحت تأثير مشاعر مزيفة تولدتْ من خلال العوالم الافتراضية والقصص الخيالية التي لم تجد رقيباً يمنعها من الوصول إلى عقول أبنائنا البريئة الغضة الطاهرة لتتحول إلى صناديق مغلقة مليئة بالحزن ويحيط بها الشتات العاطفي دون توجيه وإرشاد فينساقون من ظلام إلى ظلام حتى تظهر عليهم علامات التأثر في وقت لا ينفع معه النصح والإرشاد والتوجيه ويكون قد .. سبق السيف العذل .
***
نُتْفَةٌ شِعْرِيَّةٌ
يَا صَاحِبي لا تَخْدَعِ النَّفسَ التي
قَدْ أمتَعتكَ وكنتمَا أصْحَابا
ولتحْذرِ الأيَّامَ إِنَّ دُروبَها
ليْسَتْ على مَرِّ الزَّمَانِ رِحَابا
مَنْ يَأْمَنِ الأزْمَانَ في سَكنَاتِها
سَتُذِقْهُ مِنْ بَعْدِ السُّكونِ عِقَابا
***