بر الأبنـاء
صوت المدينة / انتصار عبدالله
يعد الابتزاز العاطفي شكل بارز من أشكال الاستغلال البشري ، يمارسه علينا أشخاص أثيرون علينا في نمط تهديدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
ويتشكل هذا التهديد في صور مختلفة ، ترتكز في مجملها على المد العاطفي، فالمبتزون لعواطفنا يعرفون مدى
تقديرنا لهم وحرصنا على ديمومة صفاء علاقتنا بهم ،
وبالفعل هم بارعون في الاحتيال علينا بطرائقهم الخفية المقنّعة .
قد يخلقون جوا من الضباب يخفي جميع أفعالهم .
تجبرنا على القيام بطقوس الدفاع عن أنفسنا، ولكنهم يعلمون أننا لا نستطيع رؤية مايحاك لنا خلف ستارة ضبابية تدخلنا في حالة من الارتباك النفسي.
ويمكن اختزال المسألة في ثلاث كلمات ( الخوف ، الالتزام ، الذنب ) وهي الأدوات التي يوظفها المبتزون في حيلهم.
فالمبتزون يقومون بضخ كمية كبيرة من الضباب في علاقتهم بنا،وذلك لعلمهم المسبق بأننا سنشعر بالخوف اذا تركناهم أو بالجرح .
اذا شعروا بحاجتنا الى الحب واننا مجبرون على تلبية ما يريدون وأننا مذنبون اذا لم نقم بذلك وأي علاقة قوية يوجد بها هذا الابتزاز، ولا نستطيع أن نحكم عليها بالهلاك وانما هي بحاجة الى التعديل من حيث السلوك الذي يسبب حدوث الألم النفسي من هذا الابتزاز، وجعل تلك العلاقة أكثرصلابة....!!
هم يعلمون أننا نريد الحب والعاطفة الجياشة ويعلمون أسرارنا الدفينة.
ولكن...!
يعيشون في عالم اللامبالاة وإجبارنا في معظم الأوقات على تلبية متطلباتهم المستمرة ومعنى ذلك إعانتنا المطلقة لهم بصورة كاملة !
لنجد أنفسنا وهذه الحال في حفلة رقص نتوشح الابتزاز وفق خطوات وأشكال ونماذج وافرة !
ومن خلال هذه النافذة المتواضعة أحببت أن نكتب كلمات صادقة مع انفسناحول (الإبتزاز العاطفي )
حتى نبث شعاعا من نور حول دواخل نفوسنا والذي عن طريقه ننفذ الى حل سريع لتحسين الموقف وتعديل المنهجية التي نستشعر بها من أجل من نحب ومن أجل أنفسنا أيضا ، وحتى نستطيع متابعة ما بدأنا !
حيث أن الغاية ليست ( التضحية ) أو ( العطاء) و
(تحسبا للأجر من الله تعالى)وانما لحظة يشعر فيها الانسان بالضعف تجاه أبويه والحيرة أيطالب بأستقرارة النفسي؟
أو البر المقترن بالابتزاز، متناسياً متخليا كرها عن حقه بالأستقرار والراحة دون أن يملك المجابهة ؟
هل للطيبة دور أوعدم امتلاك ناصية التصرف الحكيم ؟
او لضعف الشخصية والتسليم والتخلي من قبل الأضعف ؟
أم هناك مسببات أخرى ؟
الابتزاز العاطفي للأسف اكثر من يستخدمه الاهل، وخاصة مع اولادهم، ولكنهم يستعملونه من مصطلح اخر، وهو مصطلح ديني بر الوالدين او عقوقهم.
فالاهل يستغلون مشاعر اولادهم بشكل غير واعٍ لتنفيذ ما يريدونه، حتى لو كان غير مناسب للابن.
فالابن هنا في صراع نفسي بين تلبية حاجات الاهل واطاعتهم وبرهم وإحساسه بالذنب، وبين تلبية حاجاته ومايراه مناسبا له.
والاستغلال العاطفي من قبل الاهل ياتي ايضا بصورة امراض نفسية مختلفة منها الحسد وحمل الغيرة التي لامعنى لها او الحب للأبناء الذي يطال سعادته واستقراره دون أدراك.
يجب التفريق بين بر الوالدين واطاعتهم والابتزاز العاطفي،
والفارق بينهما خيط رفيع، خاصة إذا لم يكن الابن على وعي وعلم بما يحاك له،فالصراع موجود لكن يجب التفريق بين متى اطيع ومتى اتحاشى الوقوع في شراك الابتزاز العاطفي أذكر هاتين القصتين لأخذ العبرة ، لعل الله ينير بصائرنـا و يلهمنا الحكمة في تربية أولادنا .
( جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر الولد ، و أنبه على عقوقه لأبيه ، و تغافله عن حقوقه ، فقال الولد : يا أمير المؤمنين ، أليس للولد حقوقٌ على أبيه ؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أن ينتقي أمَّه ، و يحسن اسمَـه ، و يعلمه الكتاب ـ إي القرآن - قال الولد : يا أمير المؤمنين ، إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ، أمّا أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ، و قد سماني جُعَلاً ـ أي خنفساء - ، و لم يعلمني من الكتاب حرفاً واحــداً . فالتفت عمر إلى الرجل و قال له : جئت إلي تشكو عقوق ابنك و قد عققته قبل أن يعقـــك ، و أسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟ )
و مما يذكر في كتب السِّيَر : (( أن معاوية ابن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ غضب على ابنه يزيد مرة ، فأرسل إلى الأحنف بن قيس ليسأله عن رأيه في البنين ، فقال : هم ثمارُ قلوبنا ، و عمادُ ظهورنا ، و نحن لهم أرضٌ ذليلة ، و سماءٌ ظليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، و إن غضبوا فأرضهم ، فإنهم يمنحوك ودَّهم ، و يحبونك جهدهم ، و لا تكن عليهم ثقيلاً فيملّوا حياتك ، و يتمنوا وفاتك )) .
وهذه القصص تقاس عليها الكثير من أساليب حياتنا بمختلف الحالات.
وحتى يطيب العطاءُ لله ، لا بد أن يطيب الغرس لله و بصدق ، و مَن أدَّب ابنَه صغيراً ، قرَّت عينُه كبيراً ، وكما يريد الآباءُ من أولادهم أن يبرّوهم ، فليكونوا هم على مستـوى ذلك الــبر ،بعدم انتزاع الشيء بالقوة وخلف الأبصار التي لايدكها الكثير من الوالدين نعيش ونتصنع بأننا صم بكم عمي، أي حياة تلك التي يحاول فيها كل ذي علم ومعرفة أن يطلب من الأبناء البر بوالديهما وحثهم على إرضائهما وعدم عقوقهما والأخذ المؤلم ؟
أي حياة تلك التي يمارس فيها بعض الآباء والأمهات ابتزاز أبنائهم موجهين إليهم سلاح عدم الرضا، والدعاء عليهم!، وعدم التوفيق اذا لم يخضعوا لأنتزاع حقهم وسعادتهم !
العجب كل العجب من هؤلاء الأبناء، وهؤلاء الآباء والأمهات!
بر وطاعة الأبوين حق على المسلمين وغير المسلمين وأُشيرَ إلى هذا الحق في جميع الأديان السماوية فجاء في القرآن الكريم "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" وذُكر في الإنجيل "أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ، التي هي أوَّلُ وصيَّةٍ بوَعدٍ، لكَيْ يكونَ لَكُمْ خَيرٌ."
وعلي الرغم من وجود العديد من الآيات الربانية، التي تحث على البر والطاعة فإن ما يحدث من استخفاف الأبناء بآبائهم وأمهاتهم، واستخدام الوالدين أساليب السلخ والجَلد والحرق، بـألفاظ وأفعال كاوية بالخضوع لهم بالطاعة المبتزة والبر المؤلم للنفس الانسانية مما يدعونا إلى طرح بعض التساؤلات خاصة في حياتنا ومطالبتنا بحقنا كمسلمين ومؤمنين والتي نحاول منها الوصول إلى ما خلف الأبصار.
ماذا لو لم يحثنا ويوصينا رب العالمين ورسولنا الكريم على بر الوالدين؟
هناك عقد وعهد بين الأبناء وبين من جعلهم الله سببا في وجودهم يدفع كل ابن وابنة إلى البر دون تفكير، والطاعة بكل تمعن ألا وهو الرباط العاطفي بين الأبناء والوالدين، والذي ينمو مع نمو إدراكهم الحسي، (المشاعر، والأفكار) تتكون منذ لحظة الإدراك.
فالإنسان الطبيعي لا يحتاج إلى فقيه أو عالم ليُعرفه قدر أمه وأبيه فمنذ اللحظات الأولى للنمو ينشأ ما يُسمي بالتعلق بين الأطفال وأبويهم وهو ما يؤدي إلى تفاعل نسيج القرابة.
من خلال تلك الروابط الطبيعية منذ لحظة الإدراك فإن الإجابة الحقيقية الواقعية "هي أن بر الأبوين دون أي أوامر أو وصايا هو أمر حتمي، روحيًا، طبيعيًا، تلقائيًا منا جميعًا".
هل عدم حدوث هذا التفاعل الطبيعي، وعقوق الوالدين مردّه للأبناء ؟ هل هذه حقيقة أم عذر وهمي يتهرب به الوالدان من المسؤولية ؟
علاقة الأبناء بالوالدين أشبه برحلة طويلة يتخطي فيها الأبناء محطات عديدة وفي كل محطة يأخذ الابن تذكرة في الذاكرة، مكونًا بها وثاقا جديدا بينه وبين والديه محطات تبادلية ينقل فيها الأب، والأم حصيلة من التعاليم الدينية، والأخلاقية، والبيئية لتنشأ معه مدى الحياة.
فهل يستغل البر بتربية القهر والتخويف التي تحمل الذل أم تربية العدل والتنشئة على الثقة بالنفس واتخاذ القرارات الحكيمة ووضع كل شيء في مكانه الصحيح ومعرفة الحقوق بشكل جليّ؟
هل يُعقل عندما يزرع كل أب وأم في أولادهم برًا، وطاعة، وخلقًا. أن يحصدوا من ذلك عقوقًا!.
"بذر الحب، والخلق في الأرض يُنبت سنابل من وصال المودة، والرحمة".
لا من الذل والتخويف والأطاعة الأجبارية والرضوخ والتي يستجيب بها الأبناء لكل ما هو غير مألوف ؟
لا داعي أبدا أن نصف أبناءنا في ظل هذه المرحلة بالعاقين.. رفقا، ولينًا في حبل المعاملة معهم .
أستغلال بعض الآباء والأمهات خوف أبنائهم من سخطهم
الفارق بين البر والطاعة كبير، بر الوالدين شعور وسلوك أخلاقي في كل ما يوجه للأبوين، طاعة الوالدين هي تلبية مطالبهم، والانقياد لإرادتهم بكل حكمة.
وهو ما يعاني منه العديد من شباب هذا الجيل من تهديد معلن للأبناء بالغضب والسخط في حالة عدم تنفيذ أوامر يصعب على كل عاقل أداؤها.
كم من الأمور التي واجهت الأبناء بمسألة البر الخاطئ والذي بسببه تهدّمت الاسر وتشتت الأطفال وتفرقت الأزواج وسلبت السعادة وانعدمت الراحة والاستقرار وأقفلت منازل وتبددت الاحلام .
كم من طالب سلب منه طموحه بسبب الخضوع لبر خاطئ وتقبله مستقبل لا يحلم به ؟
او انتزع من شاب زوجة ارادها وبالبر الخاطئ فرط وخضع
يا من برضاكم الجنة كفاكم ابتزازا لعواطف وحب أبنائكم، فتلك الأساليب تُميت قلوبهم. دون إدراك منكم بذلك.
ولحين وصول كل شاب وفتاة إلى درجة اليقين بأن جنة الدنيا والآخرة في رضا الوالدين، وبأن "الوالدين كنز تصل به إلى العلو والرفعة"، وإدراك كل أب وأم أنهم نور الشمس وطريق البر في قلوب أبنائهم والتي إن غابت فقدت القلوب حياتها.فلتعينوهم على البر الصحيح لكم
"أولادنا كنوز بين أيدينا".
وآخر المطاف لا يسعني إلا أن أوجه بعض الكلمات لكل الأبناء والاباء والامهات: "بكبر سن والديك تختلف الكثير من الأمور دع عنك رداء الكِبر والجهل بأمور معاملة أبويك ودمار نفسك ومنزلك وحقوق غيرك،
فدمار العالم مقابل خدش في إصبع أمك وأبيك فما بالك إن كان خدشك لغيرك سلسلة من ذبح قاس للكثيرين وخسارة البر الخاطئ لوالديك المسبب لكوارثك في التعامل بغير حكمة!
إن كان في بعض أوامرهم بعض الرفض فهذا يكون بالبر أي "حسن الرفض منك حتى لاتخسر البر والاستقرار سويا فتكن الخاسر الأكبر ولانتناسى ابدا أن بموتهم يغُلق دونك باب من أبواب الجنة..وان نبقيه مفتوحا دون ان يفتح باب أخر للظلم . .فلاطاعة لمخلوق في معصية الله
ولا تنس أن الجزاء من جنس العمل".
وان بر الوالدين قصة تكتبها انت ويرويها ابناؤك.
فلتتمهلوا ولتحسنوا ايها الوالدين في بر ابنائكم ولتعطوا لهم الفرصة بأن يعيشوا حياة فيها ملاذهم بتقبل حسن ووعي لأحقية كل منهم ، فأبنائكم أمانة بين أيديكم ..لاتجبروهم على عقوق لم يتعمدوا له ولم يقصدوه ..وهبوا لهم السعادة التي يستحقوها ولاتنتزعوا حقوقهم لتنالوا البر الخاطئ بهدم سعادة وحق غيركم .
أنتم حق علينا ونحن حق عليكم فلتتسع صدوركم لنا ولتهبوا لنا احلامنا التي باتت على مشارف الموت بين أيديكم فلا فرحة دونكم ولاسعادة نستحقها عنكم، فلا تجعلوا خيارنا بين من نحب ومانحب أنتم ورضاكم لتنزعوا حيرة الأبناء ولترسموا أبتسامة رضا دائمة معهم.
يعد الابتزاز العاطفي شكل بارز من أشكال الاستغلال البشري ، يمارسه علينا أشخاص أثيرون علينا في نمط تهديدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
ويتشكل هذا التهديد في صور مختلفة ، ترتكز في مجملها على المد العاطفي، فالمبتزون لعواطفنا يعرفون مدى
تقديرنا لهم وحرصنا على ديمومة صفاء علاقتنا بهم ،
وبالفعل هم بارعون في الاحتيال علينا بطرائقهم الخفية المقنّعة .
قد يخلقون جوا من الضباب يخفي جميع أفعالهم .
تجبرنا على القيام بطقوس الدفاع عن أنفسنا، ولكنهم يعلمون أننا لا نستطيع رؤية مايحاك لنا خلف ستارة ضبابية تدخلنا في حالة من الارتباك النفسي.
ويمكن اختزال المسألة في ثلاث كلمات ( الخوف ، الالتزام ، الذنب ) وهي الأدوات التي يوظفها المبتزون في حيلهم.
فالمبتزون يقومون بضخ كمية كبيرة من الضباب في علاقتهم بنا،وذلك لعلمهم المسبق بأننا سنشعر بالخوف اذا تركناهم أو بالجرح .
اذا شعروا بحاجتنا الى الحب واننا مجبرون على تلبية ما يريدون وأننا مذنبون اذا لم نقم بذلك وأي علاقة قوية يوجد بها هذا الابتزاز، ولا نستطيع أن نحكم عليها بالهلاك وانما هي بحاجة الى التعديل من حيث السلوك الذي يسبب حدوث الألم النفسي من هذا الابتزاز، وجعل تلك العلاقة أكثرصلابة....!!
هم يعلمون أننا نريد الحب والعاطفة الجياشة ويعلمون أسرارنا الدفينة.
ولكن...!
يعيشون في عالم اللامبالاة وإجبارنا في معظم الأوقات على تلبية متطلباتهم المستمرة ومعنى ذلك إعانتنا المطلقة لهم بصورة كاملة !
لنجد أنفسنا وهذه الحال في حفلة رقص نتوشح الابتزاز وفق خطوات وأشكال ونماذج وافرة !
ومن خلال هذه النافذة المتواضعة أحببت أن نكتب كلمات صادقة مع انفسناحول (الإبتزاز العاطفي )
حتى نبث شعاعا من نور حول دواخل نفوسنا والذي عن طريقه ننفذ الى حل سريع لتحسين الموقف وتعديل المنهجية التي نستشعر بها من أجل من نحب ومن أجل أنفسنا أيضا ، وحتى نستطيع متابعة ما بدأنا !
حيث أن الغاية ليست ( التضحية ) أو ( العطاء) و
(تحسبا للأجر من الله تعالى)وانما لحظة يشعر فيها الانسان بالضعف تجاه أبويه والحيرة أيطالب بأستقرارة النفسي؟
أو البر المقترن بالابتزاز، متناسياً متخليا كرها عن حقه بالأستقرار والراحة دون أن يملك المجابهة ؟
هل للطيبة دور أوعدم امتلاك ناصية التصرف الحكيم ؟
او لضعف الشخصية والتسليم والتخلي من قبل الأضعف ؟
أم هناك مسببات أخرى ؟
الابتزاز العاطفي للأسف اكثر من يستخدمه الاهل، وخاصة مع اولادهم، ولكنهم يستعملونه من مصطلح اخر، وهو مصطلح ديني بر الوالدين او عقوقهم.
فالاهل يستغلون مشاعر اولادهم بشكل غير واعٍ لتنفيذ ما يريدونه، حتى لو كان غير مناسب للابن.
فالابن هنا في صراع نفسي بين تلبية حاجات الاهل واطاعتهم وبرهم وإحساسه بالذنب، وبين تلبية حاجاته ومايراه مناسبا له.
والاستغلال العاطفي من قبل الاهل ياتي ايضا بصورة امراض نفسية مختلفة منها الحسد وحمل الغيرة التي لامعنى لها او الحب للأبناء الذي يطال سعادته واستقراره دون أدراك.
يجب التفريق بين بر الوالدين واطاعتهم والابتزاز العاطفي،
والفارق بينهما خيط رفيع، خاصة إذا لم يكن الابن على وعي وعلم بما يحاك له،فالصراع موجود لكن يجب التفريق بين متى اطيع ومتى اتحاشى الوقوع في شراك الابتزاز العاطفي أذكر هاتين القصتين لأخذ العبرة ، لعل الله ينير بصائرنـا و يلهمنا الحكمة في تربية أولادنا .
( جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر الولد ، و أنبه على عقوقه لأبيه ، و تغافله عن حقوقه ، فقال الولد : يا أمير المؤمنين ، أليس للولد حقوقٌ على أبيه ؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أن ينتقي أمَّه ، و يحسن اسمَـه ، و يعلمه الكتاب ـ إي القرآن - قال الولد : يا أمير المؤمنين ، إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ، أمّا أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ، و قد سماني جُعَلاً ـ أي خنفساء - ، و لم يعلمني من الكتاب حرفاً واحــداً . فالتفت عمر إلى الرجل و قال له : جئت إلي تشكو عقوق ابنك و قد عققته قبل أن يعقـــك ، و أسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟ )
و مما يذكر في كتب السِّيَر : (( أن معاوية ابن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ غضب على ابنه يزيد مرة ، فأرسل إلى الأحنف بن قيس ليسأله عن رأيه في البنين ، فقال : هم ثمارُ قلوبنا ، و عمادُ ظهورنا ، و نحن لهم أرضٌ ذليلة ، و سماءٌ ظليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، و إن غضبوا فأرضهم ، فإنهم يمنحوك ودَّهم ، و يحبونك جهدهم ، و لا تكن عليهم ثقيلاً فيملّوا حياتك ، و يتمنوا وفاتك )) .
وهذه القصص تقاس عليها الكثير من أساليب حياتنا بمختلف الحالات.
وحتى يطيب العطاءُ لله ، لا بد أن يطيب الغرس لله و بصدق ، و مَن أدَّب ابنَه صغيراً ، قرَّت عينُه كبيراً ، وكما يريد الآباءُ من أولادهم أن يبرّوهم ، فليكونوا هم على مستـوى ذلك الــبر ،بعدم انتزاع الشيء بالقوة وخلف الأبصار التي لايدكها الكثير من الوالدين نعيش ونتصنع بأننا صم بكم عمي، أي حياة تلك التي يحاول فيها كل ذي علم ومعرفة أن يطلب من الأبناء البر بوالديهما وحثهم على إرضائهما وعدم عقوقهما والأخذ المؤلم ؟
أي حياة تلك التي يمارس فيها بعض الآباء والأمهات ابتزاز أبنائهم موجهين إليهم سلاح عدم الرضا، والدعاء عليهم!، وعدم التوفيق اذا لم يخضعوا لأنتزاع حقهم وسعادتهم !
العجب كل العجب من هؤلاء الأبناء، وهؤلاء الآباء والأمهات!
بر وطاعة الأبوين حق على المسلمين وغير المسلمين وأُشيرَ إلى هذا الحق في جميع الأديان السماوية فجاء في القرآن الكريم "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" وذُكر في الإنجيل "أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ، التي هي أوَّلُ وصيَّةٍ بوَعدٍ، لكَيْ يكونَ لَكُمْ خَيرٌ."
وعلي الرغم من وجود العديد من الآيات الربانية، التي تحث على البر والطاعة فإن ما يحدث من استخفاف الأبناء بآبائهم وأمهاتهم، واستخدام الوالدين أساليب السلخ والجَلد والحرق، بـألفاظ وأفعال كاوية بالخضوع لهم بالطاعة المبتزة والبر المؤلم للنفس الانسانية مما يدعونا إلى طرح بعض التساؤلات خاصة في حياتنا ومطالبتنا بحقنا كمسلمين ومؤمنين والتي نحاول منها الوصول إلى ما خلف الأبصار.
ماذا لو لم يحثنا ويوصينا رب العالمين ورسولنا الكريم على بر الوالدين؟
هناك عقد وعهد بين الأبناء وبين من جعلهم الله سببا في وجودهم يدفع كل ابن وابنة إلى البر دون تفكير، والطاعة بكل تمعن ألا وهو الرباط العاطفي بين الأبناء والوالدين، والذي ينمو مع نمو إدراكهم الحسي، (المشاعر، والأفكار) تتكون منذ لحظة الإدراك.
فالإنسان الطبيعي لا يحتاج إلى فقيه أو عالم ليُعرفه قدر أمه وأبيه فمنذ اللحظات الأولى للنمو ينشأ ما يُسمي بالتعلق بين الأطفال وأبويهم وهو ما يؤدي إلى تفاعل نسيج القرابة.
من خلال تلك الروابط الطبيعية منذ لحظة الإدراك فإن الإجابة الحقيقية الواقعية "هي أن بر الأبوين دون أي أوامر أو وصايا هو أمر حتمي، روحيًا، طبيعيًا، تلقائيًا منا جميعًا".
هل عدم حدوث هذا التفاعل الطبيعي، وعقوق الوالدين مردّه للأبناء ؟ هل هذه حقيقة أم عذر وهمي يتهرب به الوالدان من المسؤولية ؟
علاقة الأبناء بالوالدين أشبه برحلة طويلة يتخطي فيها الأبناء محطات عديدة وفي كل محطة يأخذ الابن تذكرة في الذاكرة، مكونًا بها وثاقا جديدا بينه وبين والديه محطات تبادلية ينقل فيها الأب، والأم حصيلة من التعاليم الدينية، والأخلاقية، والبيئية لتنشأ معه مدى الحياة.
فهل يستغل البر بتربية القهر والتخويف التي تحمل الذل أم تربية العدل والتنشئة على الثقة بالنفس واتخاذ القرارات الحكيمة ووضع كل شيء في مكانه الصحيح ومعرفة الحقوق بشكل جليّ؟
هل يُعقل عندما يزرع كل أب وأم في أولادهم برًا، وطاعة، وخلقًا. أن يحصدوا من ذلك عقوقًا!.
"بذر الحب، والخلق في الأرض يُنبت سنابل من وصال المودة، والرحمة".
لا من الذل والتخويف والأطاعة الأجبارية والرضوخ والتي يستجيب بها الأبناء لكل ما هو غير مألوف ؟
لا داعي أبدا أن نصف أبناءنا في ظل هذه المرحلة بالعاقين.. رفقا، ولينًا في حبل المعاملة معهم .
أستغلال بعض الآباء والأمهات خوف أبنائهم من سخطهم
الفارق بين البر والطاعة كبير، بر الوالدين شعور وسلوك أخلاقي في كل ما يوجه للأبوين، طاعة الوالدين هي تلبية مطالبهم، والانقياد لإرادتهم بكل حكمة.
وهو ما يعاني منه العديد من شباب هذا الجيل من تهديد معلن للأبناء بالغضب والسخط في حالة عدم تنفيذ أوامر يصعب على كل عاقل أداؤها.
كم من الأمور التي واجهت الأبناء بمسألة البر الخاطئ والذي بسببه تهدّمت الاسر وتشتت الأطفال وتفرقت الأزواج وسلبت السعادة وانعدمت الراحة والاستقرار وأقفلت منازل وتبددت الاحلام .
كم من طالب سلب منه طموحه بسبب الخضوع لبر خاطئ وتقبله مستقبل لا يحلم به ؟
او انتزع من شاب زوجة ارادها وبالبر الخاطئ فرط وخضع
يا من برضاكم الجنة كفاكم ابتزازا لعواطف وحب أبنائكم، فتلك الأساليب تُميت قلوبهم. دون إدراك منكم بذلك.
ولحين وصول كل شاب وفتاة إلى درجة اليقين بأن جنة الدنيا والآخرة في رضا الوالدين، وبأن "الوالدين كنز تصل به إلى العلو والرفعة"، وإدراك كل أب وأم أنهم نور الشمس وطريق البر في قلوب أبنائهم والتي إن غابت فقدت القلوب حياتها.فلتعينوهم على البر الصحيح لكم
"أولادنا كنوز بين أيدينا".
وآخر المطاف لا يسعني إلا أن أوجه بعض الكلمات لكل الأبناء والاباء والامهات: "بكبر سن والديك تختلف الكثير من الأمور دع عنك رداء الكِبر والجهل بأمور معاملة أبويك ودمار نفسك ومنزلك وحقوق غيرك،
فدمار العالم مقابل خدش في إصبع أمك وأبيك فما بالك إن كان خدشك لغيرك سلسلة من ذبح قاس للكثيرين وخسارة البر الخاطئ لوالديك المسبب لكوارثك في التعامل بغير حكمة!
إن كان في بعض أوامرهم بعض الرفض فهذا يكون بالبر أي "حسن الرفض منك حتى لاتخسر البر والاستقرار سويا فتكن الخاسر الأكبر ولانتناسى ابدا أن بموتهم يغُلق دونك باب من أبواب الجنة..وان نبقيه مفتوحا دون ان يفتح باب أخر للظلم . .فلاطاعة لمخلوق في معصية الله
ولا تنس أن الجزاء من جنس العمل".
وان بر الوالدين قصة تكتبها انت ويرويها ابناؤك.
فلتتمهلوا ولتحسنوا ايها الوالدين في بر ابنائكم ولتعطوا لهم الفرصة بأن يعيشوا حياة فيها ملاذهم بتقبل حسن ووعي لأحقية كل منهم ، فأبنائكم أمانة بين أيديكم ..لاتجبروهم على عقوق لم يتعمدوا له ولم يقصدوه ..وهبوا لهم السعادة التي يستحقوها ولاتنتزعوا حقوقهم لتنالوا البر الخاطئ بهدم سعادة وحق غيركم .
أنتم حق علينا ونحن حق عليكم فلتتسع صدوركم لنا ولتهبوا لنا احلامنا التي باتت على مشارف الموت بين أيديكم فلا فرحة دونكم ولاسعادة نستحقها عنكم، فلا تجعلوا خيارنا بين من نحب ومانحب أنتم ورضاكم لتنزعوا حيرة الأبناء ولترسموا أبتسامة رضا دائمة معهم.