• ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024

معلمي ، وكفى ...

بواسطة إيمان الحماد 10-05-2023 01:03 مساءً 55 زيارات
معلمي ، وكفى ...

مما لا شك فيه أن أبرز وأهم مقومات النجاح بالنسبة للمعلم بصورة خاصة ، أو لأي عامل في أي مجال بصورة عامة ، هو مدى إلمام الشخص بطبيعة عمله ، وتمكنه من تفاصيله الصغيرة قبل دعائمه الكبيرة ، وبراعته في تقديمه وتعليمه ، وأن يجعل الآخرين يدركون تميزه وانفراده بطريقته وأسلوبه .
ونحن وإن كنا نجزم بأهمية كل ذلك ، وأنه لا غنى عنه لكل معلم ، وهو بدونه لا محالة هالك ، إلا أننا أيضاً نعرف أنه وحده لا يكفي ليكون المعلم ناجحاً ، وبطريقة تدريسه مفهوماً وواضحاً .
فالمعرفة بالأمر شيْ ، وتطبيقه ونقله وتعليمه شيء آخر ، وهما يرتبطان بالأصل ، ولكنهما مختلفان بالفصل .
فكم من معلم بحر في مادته ، ونابغة في معرفته ، وقد يكون مرجعاً في ذلك للحريصين من طلبته .
ولكننا بالمقابل قد نجده عاجزاً عن شرح فكرته ، أو نقل معرفته .
فلا يحسن التصرف في حصته ، ولا يتمكن من جذب تلامذته ، ولا إظهار قوته في مادته ، وبالتالي سيفشل الأمر برمته ، ولن ينفعه وقتها علمه ولا تفيد شهادته ، فأين تكمن علته ؟؟!!
وحتى يحل مشكلته ، عليه أن يشحذ همته ، ويسترجع قوته ، ليعطر سيرته ، ويمارس بأفضل طريقة مهنته .
من كل ذلك نستنتج أن التعليم معرفة ومهارة ، وأن التدريس يحتاج بجانب العلم إلى أكثر من جدارة ، ليتسلق جداره ، ويتجاوز أسواره ، ويصبح بالنسبة له موهبة ، وليس مجرد وظيفة مرعبة .
وحتى يحقق كل ذلك ، ويجنب نفسه الوقوع في المهالك ، عليه أن يتفنن في اختيار طريقته ، ويبدع في نقل فكرته ، وينوع بين أساليبه ويختار منها ما يناسب قدرته ، فالكتب مليئة بطرائق التدريس ، والميدان يزخر بكل غالٍ ونفيس ، ولكن المهارة أن يحسن الاختيار ، وعلى طبيعة درسه يقيس ، وبما يتلاءم مع طلابه ومستواهم عليه أن يكون أكثر من حريص .
فهو إن جمع الأمرين ، كان بتلك المهمة جدير ، وعلى أدائها قادر وبها خبير ، بل وقد يصبح في المستقبل لنقلها خير سفير .
وعليه أن يدرك في طلابه مواطن القوة فيدعمها ، ونقاط الضعف فيجمعها ، ثم بِفَنِّه يقويها و يرفعها ، وعليه كذلك ألا يهمل أنماط الشخصيات ، ويوظفها في توزيع المهمات ، ويستغلها في حل الأنشطة والواجبات ، فهو إن فعل حقق النتائج بلا عقبات ، وأصبحت دقائق الحصة بين يده ساعات ، وتحولت بقدرته الحصة من عبء ثقيل على طلابه ، لمطلب نبيل ولن يتوقفوا عن طرق بابه، أو التجول في رحابه .

فهو الآن بنظرهم المعلم المحبوب ، وهو المدرس المطلوب ، والنجاح بعطائه ملموس ، وعلى جبينه مكتوب .
وهو أيضاً لا يبخل بما لديه على زملائه ، حريص على الاجتماع بهم ، ونفعهم والأخذ منهم ، لأنه مدرك تماماً لدور تناقل الخبرات ، وتبادل الزيارات ، في رفع الكفاءات ، وحل المشكلات ، وتجاوز الأزمات ، فهو لهم عضو في جسد ، وكله سيفسد إن أحدهم فسد ، ولا يخفى دور التعاون ، وأثره الإيجابي على أحد .
ونراه أيضاً حريصاً على الاستزادة ، فلا يكتفي بما لديه ، فهو دوماً طامح بالزيادة ، لأنه يبحث عن الريادة ، وكل نجاح يحققه يشعر معه بسعادة ، تدفعه بكل همة لدفع عجلة القيادة ، بسرعة وبلا هوادة .
فهاهو بين الدورات متنقلاً ، ولمهاراته مطوراً ، ولقدراته مختبراً ، وبحاجته للمزيد معترفاً ، فعن الجديد يبحث باستمرار ، ولكل مفيد يسعى، وسعيه ليل نهار ، وجهده لا يخفى عن الأنظار .
يحب أن يعمل بروح الفريق ، متعاون مع الجميع ، وهو للجميع صديق ، لا يتصرف إلا بمَ يليق ، ولا ينطق إلا بالكلام الرقيق، ناجح في علاقاته ، كما هو ناجح في مهماته ، وقائم بمسؤولياته ، فلا يتأخر عن أدائها ، ولا يقصر في طريقة إنجازها .
يعامل الطلاب كأبنائه ، وهم بالنسبة له صرح هو مكلف ببنائه ، فيرتاحون لوجوده ، كما يسعدون بثنائه ، وهو يسعد بهم ، ونجاحهم ينسيه مُرَّ عنائه ، بهم يشعر بكيانه ، فلا يحرمهم من عطفه وحنانه ، ولا يتركهم يطيلون الانتظار على بابه ، فيستقبلهم بحبه وترحابه ، ولا ينطلق إلا وهم بركابه ، ففي الحصة هم كأبنائه ، وفي رحلة التعليم يراهم بعضاً من أصحابه .
فهو بكل ذلك للنجاح أهل ، والحصول على التميز له ولأمثاله سهل ،
فكما يقرأ الكتاب من عنوانه ، يُعرف الجواب من طريقة إتقانه .
علم وإتقان ، تجديد وابتكار ، شدة في حكمة ، ولين مع رحمة ، وثقة دون غرور ، متعاون في طبعه ، وليس حباً في الظهور ، يملأ مكانه دون قصور ، قليل الغياب ، فهو حريص على الحضور ، لا تكفي لإنصافه المئات من السطور ، فهو لوطنه فخر كما هو بوطنه دوماً فخور .

جديد المقالات

الإداري الناجح اليوم يجب أن يتمتع بعدة مهارات وخصائص. أولاً : القدرة على التكيف مع التغيرات...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني السعودي من يلمني في هواه أَأُلام بعشقي لترابِه زاد أمني في...

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني يا وطني يا تاج العز علا هامي والكل يراه يا وطني أفديك بروحي...

تلعب الإدارة الناجحة دورًا حاسمًا في نمو ونجاح أي منظمة. لأنها تنطوي على مزيج من التواصل الفعال ،...

لم تخلق الجهات الأربع عبثاً؟! إنها إشارة إلى حرية أن يكون لنا خيارات في هذه الوسيعه حين نقف...

أكثر