• ×
السبت 23 أغسطس 2025

أهل القرية و زوال النعم

بواسطة الكاتبة : مريم جمال الحارثي 01-28-2015 05:58 مساءً 2286 زيارات
صوت المدينة / مريم الحارثي

القصص من الوسائل الناجحة في سرد المعلومات و استنباط العبر و الأحداث ، و قد ذكر الله سبحانه و تعالى في محكم كتابه القصص و نوه إليها ذوي الألباب لتكون لهم مصدر تعلم و عظة. الأسلوب القصصي في القرآن الكريم يذكر الحدث و يحث عقل القارئ و التالي لكتاب الله أن يمعن النظر فيما قرأ ويعمل عقله فيما جرى في قرون خلت و لا يستأنس بالقصة و أحداثها فحسب بل يتدبر في معانيها و يدرس مضمونها ، و في كثير من الأحيان سيجد المتدبر لكلام الله أن ما أشكل عليه من أمور و أحداث يرى في القرآن حلا يضئ الدرب و يسكن الوجد.

و قد يجد المرء أحيانا أن إحدى الآيات و الصور لا تبرح مغادرة وجدانه و تخالج دوما أفكاره لا سيما و إن كانت الأحداث التي تدور من حوله تجعله دوما يتأمل في تلك الآيات أو الصور بالتحديد . ومن بين كلام الله العظيم أجد نفسا دوما أتأمل في أحوالنا و أحوال أهل القرى الذين ذكرهم الله في كتابه و أدعو الله ألا نكون منهم . في صورة القصص بعد أن سرد الله لنا قصة سيدنا موسى عليه السلام مذ كان طفلا رضيعا رُمي في اليم إلى أن بعثه الله نبيا ورسولا ، و كيف أن الله بعث للعرب منهم رسولا يذكرهم بالله و يقص عليهم خبر القرون من قبلهم ، يأتي ذكر القرية التي لم تشكر الله على النعم فزالت النعم بكفرانها قال تعالى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ) سورة القصص ٥٨.

كثير منا يتناسى أن يحمد الله على نعمه و جزيل فضله و عطائه و يسارع في تعداد ما ينقصه من نعيم الدنيا و زخرفها، و لو نظرنا بعين الإنصاف لما وهبنا الله من نعم و شكرناها حق الشكر بالعمل قبل القول و بأداء حقها بعمارة الأرض و الإصلاح فيها بدلا من الانغماس في النقد أو البطر ، لأدركنا نعم الله و آلاءه التي لا تحصي .و من نعمه التي تستوجب منا الحمد نعمة الأمن التي أكرمنا الله بها و أنعم بها علينا، و لاعتيادنا عليها باتت أمرا مسلما به، بتنا نتجاهله أحيانا و نؤمن بوجوده كثابت لا يقبل التغيير . ولأن نواميس الكون متغيرة و أحداثه متقلبة ، لا بد لنا من أن نعي أن الأمن نعمة من الله كثيرا ما تزول بجحد النعم و زوال الحمد
قال تعالى : ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
[ سورة النحل: 112] .

لا توجد على الأرض مدينة أفلاطونية أو مجتمع مثالي خالٍ من العيوب و لكن هناك مجتمعات تسعى للتطوير و إثبات وجودها على هذه الأرض بالعمل و العلم ، و السعي لإعمار هذه الأرض بما ينفع الإنسان ويعود على البشرية بالخير و الفائدة. شكر النعم لا يقتصر على تمتمات حمد سريعة لا يستشعر المرء حلاوتها و لكن تتطلب عملا من الشخص ليظهر الحمد بطريقة تعود بالنفع عليه و على مجتمعه من حوله. حمد النعم يكون بحفظها وحسن استغلالها و استثمارها ، حمد النعم في العلم يكون بنشره و في المال بإنفاقه بحقه على النفس و ذوي القربي و المجتمع و في كل مجال من مجالات النعم حق الشكر و الحمد.

اللهم أوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا .

جديد المقالات

أصبح الذكاء الاصطناعي في مقدمة التحولات التقنية التي أعادت رسم ملامح العصر الرقمي، حيث يقدّم...

‎ ‎"من الإدارة إلى القيادة: كيف تطور أسلوبك لتنجح في إدارة الفريق؟" ‎في عالم الأعمال والمؤسسات،...

في عالم الإدارة، تتباين الأساليب وتختلف المدارس، لكنّ ما يجمع عليه الخبراء أن القيادة الناجحة هي...

الأخلاق.. السلاح الأول وقيمة الإنسان العليا الأخلاق هي السلاح الأول الذي نتعامل به مع القريب...

بمناسبة معرض الكتاب بالمدينة المنورة " افتحوا الأبواب ، فقد حضر الكتاب " يا حامل الأقلام...

أكثر