بين أحلامنا الوردية وإخفاقاتنا الواقعية
ثمّة عقبات صعبة، وغايات شاقة، تكتنف طريق الناس في سعيهم الدؤوب، فتبعث في نفوسهم اليأس، وتتركهم حيارى تائهين في منتصف الطريق، والحق أن هذا الكفاح المرّ الذي تنطوي عليه التجربة الإنسانية، له أثر خصب في صحة التصورات والنظريات التي يبدعها الفلاسفة والمفكرون، وآية ذلك أننا نجد المثقف المنعزل في كهفه النائي، قد لا يرى -حين يَحدِس ويُنظّر- أبعد من أرنبه أنفه، فإذا ما أرغمته أعباء الحياة على الخروج من ذلك الكهف، ودفعته الظروف المختلفة إلى السعي في مناكب الأرض، وخالط الناس وداخلهم، وخَبرَ معادن الأمور وطبائعها، عاد على نفسه باللوم من سذاجة تصوراته الحالمة، التي كان يذيعها بين قرّائه وهو مقيم في عزلته، وذاك لأن بعض معاني الحياة ومناحي المعرفة، لا تُلتمس في الكتب بمنأى عن الخبرة والتجربة، والأمثلة حول هذا الأمر أكثر من أن تحصى، ولكن هب أن جرَّاحًا قرأ مئة كتابٍ في التَّشريح، فهل تغنيه تلك القراءة عن مباشرة العملية بالمبضع والمشرط؟ وماذا يفيد المعماري إحاطته التامة بقياس المساحات الرياضية إذا لم ينقلها من الورقة إلى أرض العمل؟ على أنني أحترز قليلا وأنوه القارئ، بأن هذه ليست دعوة حماسية لنبذ الأفكار وهجر النظريات، إذ لا يلزم من إثبات أهمية التجربة، الحطّ من قيمة النظريّة، والخير هو أن تستقيم الأمور بميزان صحيح، فلا تشيل كفة ولا ترجح أخرى.
ربما كان من الأهمية بمكان، أن نوطئ السبيل للقصة القادمة بهذه المقدمة، فمن أغرب الشواهد الدالة على التباين بين التنظير والتطبيق لدى بعض المفكرين، هو أنّ الفيلسوف الفرنسي، جان جاك روسو- وهو ممن يُعزى إليهم الفضل مع فلاسفة آخرين، في قيام النهضة الأوروبية الحديثة- قد وضع كتابًا عنوانه: تربية الطّفل من المهد إلى اللَّحد، شرح فيه أساليب التربيّة من منظوره الفلسفي الخاص، وقد عاش روسو ردحًا من الزمن، ثم تزوج وأنجب بعد زواجه ستة أبناء، وهنا امُتحن الفيلسوف الكبير في مبادئه، حين صارت نظرياته في التربية على محكّ التجربة الواقعية، فروسو الفيلسوف والمنظّر بالأمس هو اليوم روسو الأب والمربّي، وإذا ما أنسنا إلى صوت التاريخ قليلا، فإنه يخبرنا بشيء من الصراحة المرّة، أن هذا الأب الفيلسوف قد أخفق إخفاقا ذريعا في احتواء أبنائه منذ قدومهم إلى الحياة، وكان قاسيًا معهم أشد ما تكون القسوة، إذ كان يقصد في كلّ مرة ملجأ للقطاء، ليودع فيه طفلًا من أطفاله الجدد، دون أن يترك أثرًا يدلّه عليهم، أو يدلّهم عليه، فمات ولم يُعرف مصيرهم، وحول هذا التناقض الحاد بين فكره وسلوكه نقلوا عنه تلك العبارة الشهيرة:
"قبل أن أتزوج كان لدي ست نظريات في تربية الأطفال، أما الآن فعندي ستة أطفال ليس عندي نظريات لهم".
ربما كان من الأهمية بمكان، أن نوطئ السبيل للقصة القادمة بهذه المقدمة، فمن أغرب الشواهد الدالة على التباين بين التنظير والتطبيق لدى بعض المفكرين، هو أنّ الفيلسوف الفرنسي، جان جاك روسو- وهو ممن يُعزى إليهم الفضل مع فلاسفة آخرين، في قيام النهضة الأوروبية الحديثة- قد وضع كتابًا عنوانه: تربية الطّفل من المهد إلى اللَّحد، شرح فيه أساليب التربيّة من منظوره الفلسفي الخاص، وقد عاش روسو ردحًا من الزمن، ثم تزوج وأنجب بعد زواجه ستة أبناء، وهنا امُتحن الفيلسوف الكبير في مبادئه، حين صارت نظرياته في التربية على محكّ التجربة الواقعية، فروسو الفيلسوف والمنظّر بالأمس هو اليوم روسو الأب والمربّي، وإذا ما أنسنا إلى صوت التاريخ قليلا، فإنه يخبرنا بشيء من الصراحة المرّة، أن هذا الأب الفيلسوف قد أخفق إخفاقا ذريعا في احتواء أبنائه منذ قدومهم إلى الحياة، وكان قاسيًا معهم أشد ما تكون القسوة، إذ كان يقصد في كلّ مرة ملجأ للقطاء، ليودع فيه طفلًا من أطفاله الجدد، دون أن يترك أثرًا يدلّه عليهم، أو يدلّهم عليه، فمات ولم يُعرف مصيرهم، وحول هذا التناقض الحاد بين فكره وسلوكه نقلوا عنه تلك العبارة الشهيرة:
"قبل أن أتزوج كان لدي ست نظريات في تربية الأطفال، أما الآن فعندي ستة أطفال ليس عندي نظريات لهم".
ابدعت في نقل واقع يعيشه الكثير من الناس
بس لأتزوج وأنجب أولاد ساعتها بقلك شو الوضع،، بس بما أني أثق بما تكتب "صدقتك"
لكن أرجو الله أن تكون أحلامنا الوردية واقعاً